ريشة وألوان وقطعة قماش كبيرة بحجم مخيّم، لا ألوان قاتمة ولا رسومات حزينة أو معقدة، بل تقتصر على فنّ بسيط من شمس وغيمة وفضاء جميل يخلق داخل كلّ خيمة عالماً بريئاً يشبه أطفال مخيمات سورية.
هو مشروع فني بدأت به شابة سورية منذ أكثر من عام، نقلت رسوماتها الفنية من كتب الرسوم المتحركة إلى جدران بعض المخيمات في كل من لبنان وتركيا.
ديالا برصلي حملت معها عدّة الرسم لإضفاء السعادة بألوانها على المخيمات، فالمشروع الذي انطلقت فكرته من عرسال اللبنانية كان سبباً في إلهام الأطفال على الرسم والتعبير عما يجول في خواطرهم، وحول ذلك تقول برصلي لـ "عربي بوست" إن "الفكرة وما خلقته من جو لاقى إقبالاً كبيراً لدى الأطفال لأنهم وجدوا فيها ما يشبه المنزل الذي غادروه والحديقة التي كانوا يلعبون بها".
منطاد يطير فوق البلد المدمّر
بسيطة في تكوينها وعميقة في معناها هي تلك اللوحة التي رسمتها الفنانة مؤخراً في إحدى الخيم بلبنان، عبرّت من خلالها عن واقع اللاجئ السوري. وعن هذه اللوحة تقول لـ "عربي بوست" إنّ "هذه اللوحة هي عبارة عن منطاد يطير فوق بلد تدمّرت معالمه، حيث يشير الطيران إلى الشخص اللاجئ الذي لا هوية له، يقطن على أرض ليست أرضه، وكلّ ما يحيط به غير حقيقي ومؤقت مهما طال الزمن".
العمل الذي تقوم به برصلي تطوّعي لا تنتظر منه عائداً مادياً، بل هو مشروعها الخاص الذي بدأته على صفحات الفيس بوك، حيث كانت ترسم ما تشعر به وتحاول أن تعبّر عن نفسها من خلال تحويل صفحة بيضاء إلى عمل فني، لأن الرسم من وجهة نظرها "له تأثير كبير، ولكنّ المشكلة تكمن في ثقافة مجتمعاتنا التي تعتبره رفاهية في الوقت الذي يلعب دوراً كبيراُ في دعم قضايا كبيرة".
ذاكرة جديدة ملوّنة
الخيمة بالنسبة لبرصلي قطعة قماش ممدودة يمكن من خلالها "خلق ذاكرة جديدة للأطفال النازحين وإخراجهم من حالة المخيم البائسة" على حدّ وصفها، وحول ذلك أضافت "المخيم بلا لون، حتى أجواء الأطفال خلال اللعب لا لون لها، فهم محرومون من الدراسة ومجبرون على العمل بمهن صعبة لإعالة أهاليهم".
كلما كانت الرسومات بسيطة كلما اقتربت من الأطفال، هذه القاعدة التي تعتمدها الشابة السورية في رسوماتها وذلك حتى تكون ملهمة للأطفال ويسهل عليهم تقليدها ورسمها بطرقهم الخاصة، حتى أنهم سبق وشاركوا في أحد مشاريعها، وحول ذلك تقول برصلي لـ "عربي بوست" أنه "في مخيم السعادة في البقاع اللبناني كان للأطفال دور في المشروع من خلال أفكار رسموها، ثم قمت أنا بتطبيقها على الجدران وقماش الخيم".
هي مجرّد ديكور!
تحرص الفنانة تطبيق أفكارها على الخيم التي تحوّلت مدارساً للأطفال النازحين، كي تشجعهم على الدراسة وتجذبهم لارتياد هذه المدارس في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها، ولكن معظم الأهالي لا يؤيدونها في هذه الفكرة، وحول ذلك توضّح بقولها "الكبار القاطنون في المخيمات يعتبرون الرسومات مجرد ديكور وشيء جمالي دون الوقوف عند أبعاد هذا المشروع، ولكن ردود أفعال الأطفال تختلف عنهم بشكل كبير، وتأثرهم يبدو واضحاً بتلك الرسومات؛ باختصار عيونهم تلمع لما يشاهدونه".
هي ليست وحدها من بادر إلى الرسم على الخيم، ولكنّ ما يميز أعمالها هي تلك الألوان الزاهية التي تبعث على السرور في الأجواء على عكس المشروع الذي تمّ تطبيقه في مخيم الزعتري والذي اعتبرته برصلي "جميلاً من الناحية الفنية، لكنه يركز على الجوانب السلبية والقصص الحزينة، بالنسبة لي شخصياً الفن شيء جميل للخروج من الجو الحزين الذي يعيشه أهالي المخيم".