إن كنت سمعت بمقولة "همم الرجال تزيل الجبال"، فـ"داشراث مانجي" تجسيد حرفي لهذه المقولة. وهو رجل هندي نحت الجبل بيديه واستخدم أدوات بدائية خلال 22 عاماً، بهدف أن يستخدمه أهل قريته حتى لا تتكرر المأساة التي عاشها.
قصة "داشراث مانجي" هي قصة حقيقية عن الإصرار والمأساة في نفس الوقت، فحب رجل لزوجته دفعه لنحت الجبل وشق طريق عندما تشاهده لن تستطيع التصديق أن رجلاً مسناً حفره بيديه.
قصة حب وسط الجبال المعزولة
وُلد "داشراث مانجي" في عائلة ضمن أدنى رتبة في النظام الطبقي الاجتماعي في الهند. في سن مبكرة عمل في مناجم الفحم، تزوّج داشراث من فتاة في قريته، التي كانت في منطقة دون خدمات.
مع أن المنطقة التي تقع فيها القرية توجد حولها أراض زراعية، لكنها كانت وسط مجموعة من الجبال والتلال الصخرية الوعرة للغاية.
كان الوصول إليها بالسيارات يتطلب وقتاً طويلاً، ولذلك كان أهل القرية إذا كانوا بحاجة لزيارة المستشفى أو الذهاب لطبيب في المدينة، أن يقطعوا مسافة طويلة بين الطرق الصخرية الوعرة سيراً على الأقدام، ثم يركبوا سيارة لمسافة طويلة.
كان الوصول إلى أقرب مدينة يتطلب التجول حول الجبل، وهي رحلة طولها 55 كيلومتراً، وعلى الرغم من مناشدات سكان القرية المستمرة للسلطات بشق طريق مختصر في أحد الجبال الصخرية، لكن دون جدوى.
أحب داشراث زوجته للغاية، وكانت تبادله الحب، عمل داشرات لاحقاً في الزراعة في أرض قريبة من القرية، وكانت زوجته تضطر للذهاب إلى نهر قريب لجلب المياه، سالكة طريقاً منحدرة صخرية وزلقة للغاية، حتى أن زوجته كادت أن تسقط أكثر من مرة.
مأساة داشراث مانجي تدفعه لنحت الجبل
في أحد الأيام من عام 1959، كانت زوجة داشراث في طريقها لجلب الماء مثل كل مرة، وفي طريق عودتها زلت قدمها وسقطت من ارتفاع شاهق، هرع بها سكان القرية للمنزل واتصلوا بالمستشفى؛ طالبين سيارة إسعاف لتأتي وتنقلها.
لسوء الحظ بسبب الطريق الوعرة لم تستطع سيارة الإسعاف أن تصل في الوقت المناسب لإنقاذ حياتها، توفيت الزوجة متاثرة بجراحها، وبقي زوجها وحيداً، ولم يستطع أن ينسى الألم الذي أحس به.
يقول مانجي إنه في إحدى الليالي، سمع "صوتاً من السماء" يأمره بتحطيم الجبل، فأحضر أدواته وبدأ ينحت طريقاً وسط الجبل، ظن الناس أن حزنه على زوجته افقده عقله، لكنه كان مصمماً على ألا تتكرر المأساة التي حدثت له لأي شخص آخر من قريته.
محطم القلب لكن عزيمته لا تكسر، بدأ مانجي بمهاجمة صخرة صغيرة في كل مرة بمطرقة وإزميل ومعول، كان أهل قريته يظنون أن قد أصابه الجنون أو الحزن بسبب فقدان زوجته وأنه سيهدأ خلال يوم أو يومين ويعود لرشده. لكن عزيمته لم تكن تلين، وكان مصمماً على ألا تتكرر المأساة لشخص آخر من قريته.
استمر في عمله ليلاً ونهاراً دون توقف ودون راحة لمدة 22 عاماً، فكانت النتيجة طريقاً طوله 110 أمتار، بعرض 9 أمتار، وبارتفاع 7 أمتار، اختصر هذا الممر مسافة العبور بين المدينة والحقول على أهل قريته، من 55 كيلومتراً إلى 8 كم.
أصبح الممر واسعاً جداً بحيث يمكن للسيارات المرور من خلاله بسهولة. ومن المأساوي أن زوجته ماتت قبل أن تتمكن من رؤية المعجزة التي صنعها زوجها. وأصبح بطلاً قومياً بعدها ويلقب بـ"رجل الجبل"
توفي مانجي بسبب سرطان المرارة في عام 2007، عن عمر يناهز 73 عاماً، وتم تشييعه بجنازة رسمية في ولاية بيهار. وحتى بعد انتهاء مانجي من مهمته، استغرق الأمر من الحكومة المحلية 3 عقود أخرى لتحويل الطريق الذي نحته مانجي إلى طريق مرصوف.