على مر التاريخ، استطاعت النساء المغاربيات أن يتركن بصماتهن البارزة في تاريخ المنطقة من خلال الكثير من المجالات المتنوعة، كما أنَّ تحدياتهن وإنجازاتهن هذه لم تقتصر على المساهمة في تطوير وتقدم المجتمعات المغاربية وحسب، بل أثرت أيضاً على العالم بأسره.
نساء مغاربيات خُلّدن في التاريخ
وبسبب إنجازاتهن تلك، تم تخليد العديد منهن في التاريخ من خلال وضع صور بعضهن على الطوابع البريدية.
فيما يلي أبرز النساء المغاربيات اللواتي تمّ وضع صورهن على الطوابع البريدية في بلادهن، كنوع من التكريم لما قدمنه خلال حياتهن:
1- الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي
فاطمة المرنيسي هي متحدثة عامة وباحثة ومعلمة وعالمة اجتماع، وشاعرة وكاتبة، وُلدت في مدينة فاس بالمغرب في 27 سبتمبر/أيلول 1940، وتوفيت في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
نشأت المرنيسي في حرملك جدتها الغنية من جهة الأب، مع العديد من الخادمات والأقارب الإناث، كما تلقت تعليمها الابتدائي في مدرسة أنشأتها الحركة القومية المغربية، قبل أن تدرس العلوم السياسية في جامعة السوربون في فرنسا، ولاحقاً الدكتوراه في جامعة برانديز بالولايات المتحدة الأمريكية.
بصفتها ناشطة نسوية إسلامية، كانت المرنيسي مهتمة إلى حدٍّ كبير بالإسلام وأدوار المرأة، حيث قامت بتحليل التطور التاريخي للفكر الإسلامي ومظاهره الحديثة.
كما عُرفت بنهجها السياسي الاجتماعي في مناقشة الجندر والهويات الجنسية، وتحديداً تلك الموجودة في المغرب والدول الإسلامية الأخرى.
كما اهتمت أيضاً بالكتابة في المواضيع المتعلقة بالإطار المدني من أجل المساواة وحقوق النساء .
ألّفت المرنيسي العديد من الكتب باللغة الإنجليزية تُرجمت إلى عدة لُغات عالمية، مثل "الإسلام والديمقراطية"، و"الحريم السياسي"، "النبي والنساء"، و"هل أنتم محصنون ضد الحريم؟".
ووفقاً لما ذكره موقع "الجزيرة نت" حصلت فاطمة المرنيسي في مايو/أيار 2003، على جائزة أمير أستورياس للأدب (أرفع الجوائز الأدبية بإسبانيا) مناصفة مع سوزان سونتاغ.
كما حازت في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، على جائزة "إراسموس" الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة "الدين والحداثة".
في 2022، أصدر المغرب طابعاً بريدياً يحمل صورتها بمناسبة عيد المرأة العالمي في 8 مارس/آذار.
2- المُناضلة المغربية مليكة الفاسي
تعتبر مليكة الفاسي واحدة من أشهر النساء المغربيات خلال الاستعمار الفرنسي؛ بسبب دورها الكبير ومساهمتها -رفقة أعضاء الحركة الوطنية، التي كانت تنتمي لها- في استقلال المغرب، فكانت هي المرأة الوحيدة (بين أزيد من 50 رجلاً) الموقّعة على وثيقة المطالبة بالاستقلال عام 1944.
وُلدت مليكة الفاسي في 19 يناير/كانون الثاني سنة 1919 لعائلة عريقة، إذ كان والدها المهدي الفاسي يعمل قاضياً.
كان لنشأتها في أسرة مهتمة بالشأن السياسي المغربي، والدفاع عن القضايا الوطنية، خلال فترة الحماية الفرنسية، دور في جعلها تهتم بالعديد من قضايا بلادها، أهمها المتعلقة بحقوق المرأة، ودورها في المجتمع.
وفي عام 1937، انضمت الفاسي إلى "كتلة العمل الوطني"، التي ينتمي لها أغلب أفراد عائلتها، والتي كان هدفها مقاومة الاستعمار، فكانت المرأة الوحيدة، ومؤسسة الحركة النسوية داخل الكتلة الوطنية.
في 2022، أصدر المغرب طابعاً بريدياً يحمل صورتها بمناسبة عيد المرأة العالمي في 8 مارس/آذار.
توفيت مليكة الفاسي في 17 مايو/أيار 2007.
3- أول ربانة طائرة في الوطن العربي، المغربية ثريا الشاوي
وُلدت ثريا الشاوي سنة 1936، في مدينة فاس المغربية، الموجودة وسط البلاد، وترعرعت وسط عائلة فنية، فوالدها عبد الواحد الشاوي كان يعتبر من بين أشهر رواد المسرح المغربي آنذاك، فيما امتهن أخوها الأكبر التمثيل في فرنسا.
الشاوي كانت واحدة من عدد قليل من النساء حول العالم اللاتي قدن الطائرة أواسط القرن الماضي، وقد كان سنها لا يتجاوز الـ16 حين نجحت في امتحان الطيران.
بالرغم من مسارها المشرف، ونجاحها المستمر في مجال الطيران، فإنها تعرّضت لـ3 محاولات اغتيال فاشلة من قِبل الفرنسيين، الأولى من خلال وضع قنبلة بجانب باب منزلها، والثانية عندما حاول شخص مجهول قتلها بـ8 طلقات نارية، لكنها نجت بإعجوبة، والثالثة كانت من طرف شرطيين فرنسيين حاولا إطلاق النار عليها داخل سيارة والدها، لكن الناس احتشدوا حولها، ومنعوهما من محاولة قتلها.
في حين لم تستطع الشاوي النجاة من المحاولة الرابعة، إذ تم اغتيالها يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 1956، عندما كانت تبلغ من العمر 19 سنة فقط، وقبل يوم واحد من إعلان استقلال المغرب، من طرف شخص يُدعى أحمد الطويل، ينتمي إلى ميليشيات سرية موالية لفرنسا، بعد أن أفرغ مسدسه بالكامل في رأسها.
تمّ وضع صورة ثريا الشاوي على طابع بريدي خاص في المغرب في عام 2022.
4- المخرجة التونسية كوثر بن هنية
في العام ذاته، قامت تونس أيضاً بوضع صورة المخرجة السينمائية اللامعة كوثر بن هنية على طابع بريدي، نظراً لما قدمته من إنجازات فنية في مجال العمل السينمائي والتمثيل، ورفع اسم بلادها عالياً في جوائز مرموقة مثل الأوسكار ومهرجان كان.
استطاعت بن هنية أن تحقق النجومية بجرأتها في طرح المواضيع، وبأسلوبها الطريف المتفرد في معالجة قضايا المجتمع بواسطة الفن.
أبرز أعمالها فيلم "كف عفريت"، الذي رُشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية عام 2019، و"زينب تكره الثلج"، الذي فاز بالتانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية في 2016، وأيضاً أفلام "بطيخ الشيخ"، و"الرجل الذي باع ظهره"، والفيلم الوثائقي "الأئمة يذهبون إلى المدرس".
5- المعارضة التونسية مية الجريبي
مية الجريبي هي أيضاً امرأة تونسية تم تخليد ذكراها بصورة على طوابع البريد في تونس، إذ كانت أول امرأة في تونس تتزعم حزباً سياسياً قبل إنهاء ثورة الياسمين ضد حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011.
تسلمت في 2006 زعامة الحزب التقدمي الديمقراطي خلفاً لنجيب الشابي. كما نشطت ضمن عدة منظمات حقوقية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
تركت مية الجريبي بصمات قوية في صياغة دستور حداثي لتونس بعد الثورة، بمواقفها القوية الداعمة للحريات ولحقوق المرأة ولمبدأ التناصف وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وهو ما أقره دستور تونس الجديد في انتخابات 2014، وبشكل خاص في الانتخابات البلدية لعام 2018.
توفيت الجريبي في 2018 بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز 58 سنة.
6- اللاعبة التونسية أُنس جابر
التونسية أنس جابر هي واحدة من النساء المغاربيات اللواتي وُضعت صورهن على الطوابع أيضاً، وذلك نظراً لما قدمته من خلال مسيرتها التاريخية في عالم الكرة الصفراء (لا تزال مستمرة حتى الآن)، لا سيما في عام 2022 عندما تُوجت بلقب بطولة مدريد (1000 نقطة)، كما بلغت نهائى بطولة ويمبلدون، إحدى البطولات الكبرى، في إنجاز عربي إفريقي غير مسبوق.
كما حظيت أنس جابر باستقبال شعبي لم يحظ به أي رياضي من قبل، سواء ذلك الذي نظم على شرفها في شارع الحبيب بورقيبة، أو في مسرح قرطاج الأثري.
وُلدت التونسية أنس جابر في 28 أغسطس/آب 1994، بمدينة قصر هلال في ولاية المنستير شمال شرقي تونس، وهي أصغر أبناء عائلتها المؤلفة من شقيقين كبيرين، هما حاتم ومروان، وشقيقة أكبر منها هي ياسمين.
وقعت أنس جابر في حب رياضة التنس منذ أن كانت في الـ3 من عمرها، عندما شجعتها والدتها سميرة على اللعب، والتي كانت لاعبة هاوية.
بدأت أنس جابر، التي بات الناس يلقبونها باسم "وزيرة السعادة"، في ممارسة الرياضة رسمياً عندما تدربت على يد المدرب نبيل مليكة في سن الـ4 من عمرها وحتى سن الـ13.
شهد العام 2009 أول ظهور لأنس جابر في بطولات كرة المضرب الكبرى من خلال بطولة "الغراند سلام" للناشئين، والتي أقيمت حينها في الولايات المتحدة الأمريكية.
واستطاعت أنس جابر في بطولة فرنسا المفتوحة "رولاند جاروس"، التي تعتبر واحدة من بطولات الغراند سلام الـ4، الفوز لتصبح أول امرأة عربية وإفريقية تفوز ببطولة غراند سلام للناشئين.