منذ إطلاقه في عام 2016 تحول تيك توك، تطبيق التواصل الاجتماعي الترفيهي الصيني، إلى واحد من أكثر التطبيقات جذباً للمستخدمين، خاصة صغار السن من الجيل الذي يطلَق عليه Generation z، أي مواليد نهايات التسعينيات إلى أول عقد في الألفية.
ووصل تيك توك اليوم إلى أكثر من 2.5 مليار مرة تحميل وتثبيت، والذي جعل أنظار العالم تلتفت إليه، بمن فيهم الساسة أيضاً، وليس عمالقة التكنولوجيا فقط، وعلى الرغم من أن التحذيرات من انتشار التطبيق السريع بدأت قبل عدة سنوات، فإن بعض عمالقة التكنولوجيا اليوم لم يستعدوا جيداً لهذه التحذيرات، والآن تحول تيك توك من مجرد "تطبيق سوشيال ميديا عالمي" إلى تهديد وجودي لبعض الأسماء الرائدة في عالم التواصل الاجتماعي، بجوار كونه -بحسب البعض في الحكومة الأمريكية- واحداً من التهديدات غير المباشرة لأمن البيانات في أمريكا والعالم.
جوجل تعترف بالهزيمة
بحسب موقع بيزنس إنسايدر الأمريكي الشهير، في قسمه المتخصص في الشؤون التكنولوجية، أن "ألفابيت" الشركة الأم التي تتبعها جوجل أعلنت في 13 يوليو/تموز 2022 أن قرابة نصف (نسبة 40% تحديداً) مستخدميها من جيل Z (مواليد نهايات التسعينيات إلى أول عقد في الألفية) توقفوا عن استخدام محرك بحث جوجل، واستبدلوه بالبحث على تطبيق تيك توك، ويليه تطبيق إنستغرام.
ولم تفصح "ألفابيت" بعد عن آخر تحديث للعدد الكلي وشرائح الأعمار لمستخدميها، ولكن بحسب آخر النتائج فإن ما يقرب من 8.5 مليار عملية بحث تتم يومياً على محرك جوجل من قرابة مليار مستخدم.
وفي إعلانها قالت جوجل إنها تتوجه بخطط جديدة للتغلب على هذه المشكلة، وتوفير خواص جديدة وإمكانات في محرك بحثها لجذب عدد أكبر من شريحة جيل Z من المستخدمين، ولجعل محرك بحثها الشهير أكثر تناسباً مع الشباب الصغار.
تيك توك وابتلاع فيسبوك
بصفتها واحدة من أكبر منصات أو تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم؛ لم تبتعد شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، كثيراً عن مدار التطبيق الصيني الشهير، فقد نشر أكثر من مصدر خلال السنوات الماضية عزم فيسبوك (كأكبر منتجات شركة ميتا وأشهرها) على محاولة جذب مزيد من المستخدمين الصغار الذين خسرهم فيسبوك لصالح تيك توك والذين وصل عددهم إلى 1.5 مليون مراهق أقل من 19 في شهر مايو\آيار 2022.
هذا بجوار إعلان تيك توك عن استهدافه للاستحواذ على مزيد من إجمالي حصة الإعلانات الرقمية لفيسبوك من خلال طرح منصة إعلانية ملحقة بتطبيق تيك توك باسم "تيك توك بلس"، وبخلاف طرحها العديد من الخواص لمنافسة منتج "ميتا" الشهير الآخر "إنستغرام" عن طريق نشر صور بطريقة "القصص البصرية"، التي تختفي بعد 24 ساعة، والمقاطع القصيرة التي لا تتعدى 15 ثانية، وهو ما دفع إنستغرام وفيسبوك لطرح طريقة عرض المقاطع بشكل متتالٍ بخاصية سُميت بـ Reel، والتي بدأها تيك توك بالأساس قبل عامين.
كما كان قد تسرب خبر عن فيسبوك خلال شهر يونيو/حزيران يفيد بعزم فيسبوك على تغيير أنماط رئيسية في تطبيقها لتتحول حرفياً إلى نسخة من تيك توك، وكان قد نشر أيضاً على لسان متحدث باسم فيسبوك أن شركة "ميتا" قد "أدركت ببطء التهديد الذي تشكله تيك توك عليها" وتعمل جاهدة للتخلص منه.
إزاحة يوتيوب من على عرش المحتوى البصري
الأمر لم يتوقف عند مستخدمي محرك جوجل أو إعلانات فيسبوك، ولكن تيك توك، التطبيق الصيني الصاعد بشدة، يستهدف الآن المنصة الاجتماعية البصرية الأشهر في العالم: يوتيوب.
فبحسب موقع بيزنس إنسايدر، وتحديداً المنصة التابعة له Insider intelligence والمتخصصة في أبحاث التكنولوجيا أن تطبيق تيك توك يستهدف صناع المحتوى البصرى على يوتيوب، ويرغب في جذب أكبر عدد منهم من خلال استهداف أحد أهم أسباب إقبال صُناع المحتوى على يوتيوب، وهو الأرباح المادية من الإعلانات التجارية التي تشاركها يوتيوب مع مستخدميها من صناع المحتوى.
وتوقع البحث المتخصص أن أرباح تيك توك من الإعلانات سوف ترتفع لتصل إلى مبلغ 11.6 مليار دولار خلال 2022، وبحلول 2024 سوف تصل أرباح تيك توك على مقاطع الفيديو إلى مبلغ 50 مليار دولار، وهو ما يهدد عرش يوتيوب من أرباح الإعلانات التي بلغت 28.8 مليار دولار لعام 2021.
محاذير أمنية أمريكية
ليست السوق الرقمية فقط هي ما يثير تيك توك رعبه؛ فمنذ أن انطلق عام 2016 وهو محل جدل في عالم السياسة والأمن الرقمي أيضاً، فبخلاف القصة المعروفة لتمسك الرئيس الأمريكي الجمهوري السابق دونالد ترامب بصفقة شرائه التي رفضتها الصين، جاءت أيضاً عدة تحذيرات ومخاوف أمنية تمثلت في تصريحات السيناتور الأمريكي وعضو اللجنة الفيدرالية للاتصالات، بريندان كار، الذي حذر من خطورة تصوير الجنود الأمريكان لمقاطع ونشرها من هواتفهم الخاصة على تيك توك، خوفاً من انتقال بعض البيانات إلى إدارة التطبيق التي قد تستغل حساسية أي معلومة لصالح حكومة الصين.
وتسببت دعوات مشابهة بالفعل في حجب التطبيق بشكل كامل من كل هواتف الخدمة الرسمية للجيش الأمريكي، إثر هذا جدد بريندان كار الدعوة هذه المرة إلى عمالقة التكنولوجيا "أبل" و"ألفابيت" لحجب تطبيق تيك توك رسمياً من متاجر تطبيقاتهم أو التعهد بأن بيانات المستخدمين الأمريكيين لن تكون عرضة للوقوع في يد الحكومة الصينية عبر تيك توك، وهو الاتهام الذي يرمي بشكل مباشر إلى تآمر إدارة تيك توك مع الحكومة الصينية للتجسس على مواطني الدول المعادية أو المنافسة لها مثل أمريكا.