متى كانت آخر مرة كتبت فيها شيئاً ما باستخدام القلم والورقة؟ نعتقد أنك قد تجد صعوبة في تذكر ذلك وإن كنت تستخدمهما في أوقات نادرة فعلى الأغلب أنك قد تجد ذلك غير طبيعي وصعباً.
على الرغم من أنك قمت بكتابة الكثير من الواجبات والفروض المدرسية ورسمت الكثير من اللوحات لسنوات طويلة في المدرسة والمرحلة الجامعية حتى وعملك القديم.
ماذا إذاً عن الأجيال الجديدة التي نشأت في عصر التكنولوجيا والآيباد والحواسب المحمولة والتعليم عن بعد؟ مع وجود عدد هائل من التطبيقات والبرامج التي يمكن للطفل من خلالها الرسم والكتابة بإصبعه، أصبحت المنافسة بين هذه التطبيقات والأقلام شديدة. لم يعد هناك حاجة أو رغبة أو حافز لدى الطفل لاستخدام القلم الرصاص وأقلام التلوين والورق.
عدا عن أن الأهالي قد يلجؤون لإعطاء الأجهزة الإلكترونية للأطفال بشكل دائم ولأوقات طويلة لأنهم بحاجة لوقت لإتمام عملهم أو القيام بالأعمال المنزلية. كما أن هذه التطبيقات لا تحتاج أي تحضير أو مواد مثل النشاطات الأخرى الحقيقية.
لهذا النوع من التعرض الطويل والمستمر آثار سلبية إن لم يتم باعتدال وليس كبديل دائم لاستخدام الورقة والقلم والألوان، لنتعرف أكثر في هذا التقرير.
الاستخدام المفرط للآيباد يضعف عضلات اليد والأصابع
وفقاً لصحيفة The Guardian يحذر الأطباء من أن الأطفال يبدؤون المدرسة بقوة يد غير كافية لاستخدام قلم رصاص بشكل صحيح، لأنهم يكبرون باستخدام الكثير من التكنولوجيا مما يضعف عضلات اليد والأصابع عندهم. ولذا يحتاجون إلى مساعدة إضافية عندما يتعلمون الكتابة.
فقد وجدت دراسة أجرتها مؤسسة Heart of England Foundation NHS Trust أن الاستخدام المفرط للهواتف والأجهزة اللوحية التي تعمل باللمس يمنع عضلات أصابع الأطفال من النمو حتى يتمكنوا من إمساك القلم الرصاص بشكل صحيح.
أشارت سالي باين، رئيسة المعالجين المهنيين للأطفال في المؤسسة المعنية، إلى أن الأطفال لم يعد لديهم قوة اليد والبراعة التي كانوا يتمتعون بها قبل عقد من الزمان.
وأضافت: "يتم إعطاء الأطفال الذين يأتون إلى المدرسة قلم الرصاص ولكنهم لا يستطيعون حمله بشكل كافٍ؛ لأنهم لا يمتلكون المهارات الحركية الأساسية". "لتتمكن من الإمساك بالقلم الرصاص وتحريكه، تحتاج إلى تحكم قوي في العضلات الدقيقة في أصابعك. يحتاج الأطفال إلى الكثير من التدريب لتنمية هذه المهارات".
من الأسهل إعطاء جهاز iPad للطفل بدلاً من تشجيعه على القيام بلعبة بناء العضلات مثل اللبنات، والقطع واللصق، أو سحب الألعاب والحبال. ولهذا السبب، فهم لا يطورون المهارات التي يحتاجون إليها لإمساك قلم الرصاص.
ضعف في شدة قبضة اليد في الألفية الثانية
وجدت ورقة بحثية من عام 2016، نُشرت في Journal of Hand Therapy، أن قبضة اليد لدى الشباب والشابات أضعف بكثير مما كانت عليه في عام 1985.
جمع الباحثون بيانات من 237 متطوعاً ومتطوعة تتراوح أعمارهم بين 20 و34 عاماً. كان عليهم الضغط على مقياس ديناميكي يدوي، والذي يشبه عصا التحكم، ثم تم قياس قوة قبضتهم بالجنيه.
أظهرت النتائج أنه في عام 1985، كان متوسط قبضة الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً يبلغ 121 رطلاً على اليد اليمنى و105 أرطال على اليسار. في الدراسة، كان لدى الرجال من نفس العمر قوة قبضة تبلغ 101 و99 رطلاً فقط. الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 فقدوا 26 و19 رطلاً من القوة في كلتا اليدين. كما أظهرت النساء خسارة في القوة بنحو 10 أرطال.
قالت إليزابيث فاين، أستاذة العلاج المهني في جامعة ولاية وينستون سالم والمؤلفة الرئيسية للدراسة لموقع NPR: "لقد تغيرت أنماط العمل بشكل كبير منذ عام 1985، عندما تم وضع المعايير الأولى. كمجتمع، لم نعد زراعيين أو صناعيين… ما نقوم به الآن أكثر هو متعلق بالتكنولوجيا، خاصة لجيل الألفية الثانية".
المهم أن تكون كتابة الطفل مقروءة
وجدت دراسة من عام 2012 نُشرت في المجلة الأمريكية للعلاج المهني أنه قد لا تكون هناك طريقة مثلى لحمل قلم الرصاص على أي حال. وخلصت الدراسة إلى أن هناك أربع طرق أساسية "ناضجة" لحمل قلم الرصاص، ولم يكن أي منها متفوقاً على الآخر.
وكتب الباحثون في الورقة البحثية: "أنماط فهم قلم الرصاص لم تؤثر على سرعة الكتابة اليدوية أو وضوحها في هذه العينة من الأطفال الذين يتطورون عادةً". "يضيف هذا الاكتشاف إلى مجموعة الأدلة المتزايدة على أن المقابض البديلة قد تكون مقبولة للكتابة اليدوية السريعة والمقروءة".
بعبارة أخرى، حتى لو كان الطفل يحمل أقلام الرصاص مثل رجل الكهف، فقد لا يهم ما دمت تستطيع قراءة ما كتبه وطالما أنه يستطيع التحكم بعضلات أصابعه وتحريكها لرسم أشكال الحروف وكتابتها.
ما الذي يمكن فعله؟
دعونا نعترف أن التكنولوجيا نعمة في الكثير من جوانب الحياة وهناك الكثير من التطبيقات والبرامج التعليمية المفيدة حقاً. إن استخدام هذه التطبيقات باعتدال وبالشكل المناسب والمدة المناسبة لكل مرحلة عمرية مهم جداً. كما أنه يجب عدم النظر لهذه البرامج كبديل للأنشطة الحقيقية التي تتطلب نشاطاً جسدياً وفيزيائياً ولكنها رديف ثانوي من باب التنوع والتسلية المفيدة.
لذلك من المهم وجود أقلام التلوين المناسبة لعمر الطفل في متناول يده وتدريبه على استخدامها عن طريق نشاطات رسم وكتابة مختلفة ممتعة ومناسبة لمرحلته العمرية.