مع استعمال حركات العدالة الاجتماعية منصات التواصل مثل تويتر لإيصال أصواتهم، اكتشفت كثير من الحركات أداة جديدة: البتكوين. فالإنترنت في مركز التغيير الاجتماعي، ومن المنطقي أن يضيف النشطاء البتكوين إلى ترسانتهم. في أثناء حملة #EndSARS النيجيرية الأخيرة، تمكنت الناشطات النسويات الشابات من جمع 55 ألف دولارٍ نقداً وفي صورة عملات بتكوين، وهذا مثالٌ على استعمال النشطاء للبتكوين في جمع المبالغ المالية.
لذا، هل يمكن أن توفر العملات المشفرة المستوى نفسه من التأثير في النشاط السياسي والاجتماعي الذي حققته شبكات التواصل الاجتماعي؟ تستكشف هذه المقالة كيف يمكن للنشطاء استعمال البتكوين.
التحديات المالية أمام النشاط
أي ناشط يعتزم الاحتجاج على أي مظلمة ينبغي أن يعرف كيف سيجمع المال. فالمحتجون بحاجة إلى اللافتات والمياه والطعام والرعاية الصحية في حال تعرضهم لإصابات. وهذه المتطلبات لها تكلفتها، وتفرض على الحركات البحث عن مصادر للتمويل.
يمكن أن يجمع النشطاء المال من جيوبهم الشخصية، أو يتواصلوا مع الجهات الخيّرة للحصول على التبرعات. الخيار الأول لا يمكن الاعتماد عليه، ما يعني أن حركات العدالة الاجتماعية عليها الاعتماد بالكامل على التبرعات. ولسوء الحظ، يمكن أن تصعّب الرقابة الحكومية للغاية على هذه الحركات تلقي تبرعات عبر البنوك والمؤسسات المالية التقليدية. علاوة على ذلك، يمكن أن تعاقب الحكومة المتبرعين الذين يدعمون حملات العدالة الاجتماعية.
على سبيل المثال، واجهت حملة #EndSARS تحدياتٍ في جمع التبرعات، لأن روابط خدمة المدفوعات Flutterwave تعطلت فترة. وبحسب تغريدات من حساب "التحالف النسوي" على تويتر، قد يكون البنك المركزي النيجيري خلف تعطل خدمات الدفع عبر Flutterwave. لكن هذا ليس واضحاً. Flutterwave من حلول المدفوعات في نيجيريا، والتحالف النسوي من المنظمات التي نشطت في جمع التبرعات للحملة.
إضافة إلى ذلك، يجد المتبرعون من خارج البلد الذي تدور فيه الحملة صعوبة في إرسال تبرعاتهم، بسبب التكلفة المرتفعة لإرسال الأموال. كما أن منصات المدفوعات الإلكترونية مثل PayPal ليست متاحة في كل بلد. وهذا يمنع الناس من هذه البلدان من التبرع لحملاتٍ تحدث في مناطق أخرى من العالم.
السرعة مهمة أيضاً أثناء جمع التبرعات. فالنشطاء عادة ما يحتاجون هذه المبالغ بصورة فورية؛ لإبقاء الحملة مستمرة وقتاً كافياً لإحداث أثرٍ ملموس. ومن ثم، إن لم تصلهم الأموال مباشرة، فربما يضطرون إلى زيارة بنكٍ وسحب مبالغ ضخمة من المال، ما قد يضيع وقتاً ثميناً.
هل يمكن للنشطاء استعمال البتكوين في حل المشاكل المالية؟
نعم.
إن البتكوين مقاومة للرقابة، ما يعني أن الحكومة لا يمكنها منع النشطاء من تلقي تبرعات بالبتكوين. وهذا يوفر السهولة التي يحتاجها النشطاء لتمويل حملتهم وهي "ساخنة".
ولحل مشكلة تلقي التبرعات عبر Flutterwave، يقبل التحالف النسوي التبرعات بالبتكوين فقط.
وشبكة البتكوين غير معرفة الهوية، ما يعني أن الحكومة لا يمكنها بسهولةٍ تعقُّب معاملات البتكوين ومعرفة هوية المُرسل والمستقبِل. وهذا يوفر حساً بالأمان للمتبرعين والنشطاء على حدٍّ سواء، خاصة في بلادٍ يُعاقب فيها الاحتجاج، بالضرب أو الاعتقال، أو الموت.
وتزداد فائدة الأمر حين تكون الحركات لا مركزية، لأن هذا يعني غياب قادة علنيين يمكن للسلطات ملاحقتهم. على سبيل المثال، نمت حركتا EndSARS و"حياة السود مهمة" بصورة طبيعية على شبكة الإنترنت.
لذا، يمكن للنشطاء استعمال البتكوين في تلقي التبرعات غير معرفة الهوية والمقاومة للرقابة.
علاوة على ذلك، يمكنهم تلقي التبرعات من أي مكانٍ في أي وقت. وهذا لأن البتكوين متاحة على مدار 24 ساعة لسبعة أيام في الأسبوع، لأي شخصٍ يمتلك هاتفاً ذكياً أو حاسوباً واتصالاً بالإنترنت. نتيجةً لذلك، يمكن لمزيد من الناس توجيه الدعم المالي للقضايا التي يؤمنون بها، حتى وإن كانوا يعيشون في قارة أخرى.
وأيضاً لا تمر تحويلات البتكوين بأطراف ثالثة، ما يقلل التكلفة ويزيد من سرعة التحويل. وما إن يُرسل المتبرع عملات البتكوين، فإن يتلقها الناشط يتلقاها في غضون دقائق ويوفر التموير لحملته فورياً.
كما أن شراء الإمدادات للاحتجاجات صار أسهل مع بدء المنتجات المحلية في قبول المدفوعات بالبتكوين. على سبيل المثال بدأت عدة شركات محلية استعمال العملات المشفرة في 2019؛ دعماً لاحتجاجات هونغ كونغ ضد النفوذ الصيني.
سد الفجوة في الثروة
إن محاربة المظالم الاجتماعية المتغلغلة تتطلب سد الفجوة في الثروة بين القامعين والمقموعين.
وفي عالمٍ حيث الأثرياء يؤثرون على القرارات السياسية لتصبَّ في صالحهم، فإنَّ جمع الثروة قد يكون حلاً محتملاً يمكّن المجتمعات المهمشة من محاربة التمييز.
وهنا يأتي دور البتكوين.
بما أن المجتمعات المهمشة تعاني من التمييز من المؤسسات المالية التقليدية، تصير البتكوين بديلاً جذاباً. فكون البتكوين مقاوِمةً للرقابة وسهل الوصول إليها يعني أن المجتمعات المهمشة يمكن أن تستعملها في جني الثروة والحصول على حريتها المالية والقدرة على محاربة الأحكام المسبقة.
على سبيل المثال، يمكن للنشطاء توجيه جزء من التبرعات بالبتكوين لتمويل المشروعات الصغيرة في مجتمعهم. نتيجة لذلك، يمكن أن تخلق الأعمال التجارية الأقوى مالياً وظائف جديدة وتزيد من القوة الشرائية لأعضاء آخرين بالمجتمع.
وهناك وسائل أخرى يمكن للمجتمعات استعمالها لصنع الثروة، تتضمن شراء عملات البتكوين والاحتفاظ بها وتوفير قروض تجارية بالعملات المشفرة.
ويمكن أن يساعد المال في محاربة وحشية الشرطة أفضل من الاحتجاجات في الشوارع. وهذا ما يفعله كتاب "البتكوين وأمريكا السوداء"، لعيسى جاكسون.
قال عيسى جاكسون: "دون قوة اقتصادية، هناك سيارات شرطة ستأتي من خارج المجتمع، وهم لا يقدّرون المجتمع (أو الناس). لا يمكن أن يروك باعتبارك شخصاً، وهذه مشكلة".
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تصنع المجتمعات المهمشة توكنات خاصة بها أو عملات للمجتمع لتحسين مواقفهم المالية.
لقد جعلت مواقع التواصل العالم أكثر وعياً بالمظالم الاجتماعية التي تقع في بقاع مختلفة من العالم. والآن، البتكوين والعملات المشفرة تعطي العالم فرصة لدعم حركات العدالة الاجتماعية مادياً. اليوم، تصنع الأداتان عالماً لا يضطر فيه أحد إلى محاربة الظلم وحده.
- هذا الموضوع مترجم عن موقع BitcoinAfrica.