في خضم المعركة بعرض السماء، استغناء الطيار عن إحدى يديه للنقر على أزرار طائرته العسكرية المتعددة قد يكون قراراً بين الموت والحياة. هذا ما يريد سلاح الجو الهندي تغييره عبر تطوير تقنية تتبع حركة العين.
ووفقاً للمعهد الهندي للعلوم في بنغالو، تساعد الأجهزة المعتمدة على تقنية تتبع حركة العين للطيارين على التحكم بشكل أفضل في الطائرات.
إذ يحتاج الطيارون إلى القيام بكثير من مهام التحكم بدرجة ثانوية لمهام الطيران الأساسية. وفي بعض الحالات كروتين الهجوم الأرضي، تصبح هذه المهام الثانوية أكثر إلزامية من مهمة الطيران.
كيف تعمل تقنية تتبع حركة العين؟
وبحسب ما نشره موقع NewScientist، فإن الطيارين في الهند يختبرون أنظمة عرض بقمرات قيادة الطائرات تعمل بتقنية تتبُّع تحركات العين والاستجابة لها، من شأنها أن تسمح للطياريين العسكريين بإبقاء أيديهم على أنظمة التحكم بالطائرات لوقت أطول من السابق في أثناء تحليقهم.
ولكن بما أن الطائرات الحديثة تملك أنظمة عرض إلكترونية تعرض مؤشرات الطائرة مثل مستوى الوقود، أو نظام التصوير أو الموقع الجغرافي، يحتاج الطيارون الضغط على الشاشة للوصول إلى المعلومة المرجوة.
هذا الفعل يتطلب رفع إحدى أيديهم عن مقابض الدفع أو ذراع التوجيه.
يقول متحدث باسم المعهد الهندي للعلوم في بنغالو براديبتا بيسواس: "الطيار ليس بحاجة لكل هذه المعلومات في آن معاً".
وساهم بيسواس مع زملائه في تطوير تقنية تتبُّع حركة العين التي تم دمجها في حاسوب قُمرة القيادة وتسمح للطيار باختيار الشاشة المرغوب في قراءة مؤشراتها ببساطة عن طريق النظر إليها، وبعدها يؤكد الطيار اختياره عن طريق الضغط على زر بذراع التوجيه.
يشبه الأمر إلى حد بسيط للإنسان المدني تأكيد اختيار أغنية مثلاً من جهاز الراديو في سيارته عبر النقر على زر مقود السيارة.
تقليل مدة تنفيذ الأمر
وأضاف بيسواس أنه في محاكاة لرحلة طيران تجريبية، قلل النظام الجديد الوقت المُستغرق في إتمام تلك المهمة إلى النصف.
واختبر 9 مشاركين النظام وأكملوا نحو 600 مَهمة عبر تقنية تتبُّع حركات العين، للوصول للشاشات المرغوب في مطالعتها بنظام عرض قمرة القيادة.
كما ابتكر الفريق أيضاً نظاماً آخر لتتبع حركة العين يُثبَّت على رؤوس الطيارين، يستجيب لحركات الرأس والعينين.
تم اختباره عبر الطلب من المشاركين التركيز على زر يقع في الزجاج الأمامي لطائرة المحاكاة، ليتم تنفيذ الأمر بمجرد النظر إليه.
وفي أجواء قتالية عسكرية، يمكن استخدام النظام الذي يُثبَّت على الرأس لعرض المعلومات عن هدف من بُعد تلقائياً، بمجرد أن يركز الطيار عينيه على الهدف.
وحالياً، لا تُستخدم تقنية تتبع حركة عين في رحلات الركاب التجارية، وهي تقنية قيد الدرس بشأن إمكانية استخدامها بدقة من قِبل الطيارين.
استخدم الباحثون النظارات التجارية التي تعمل بتقنية تتبُّع حركة العين لتتبُّع حركات أعين 3 طيارين في سلاح الجو الهندي، فيما كان كل منهم يقود طائرة نقل ركاب وينفذ بعض المهام بواسطة تقنية الاستجابة لحركة العين.
كان متوسط وقت الاستجابة لكل مَهمة ثانيتين، وهو أقل من نصف الوقت المُستغرق لتنفيذ المهمة من دون النظارات.
كلما زادت السرعة قلَّت الدقة
كما اختبر الباحثون دقة تقنية تتبع حركة العين عند مختلف قياسات قوة التسارع، إذ تستطيع الطائرات العسكرية أن تصل لسرعات تفوق قوة التسارع عندها الجاذبية على سطح الأرض بعدة مرات.
وقوة التسارع أو القوة جي هي قوة تأثر جسم بالتسريع، وضمن ذلك جسم الإنسان، كمعاناة رائد الفضاء مثلاً في أثناء تسريع انطلاق الصاروخ، أو معاناة الطيار عندما تنحرف به الطائرة بشدة عن الاتجاه المستقيم.
وبالنسبة للإنسان المدني، يمكن اختبار هذه القوة خلال عملية كبح السيارة، التي تجعلنا تحت تأثير القوة جي لفترة وجيزة حتى تتوقف السيارة.
تتراوح هذه القوة بين -1 g، و1 g، و3 g، و5 g، علماً بأن الشخص العادي قد يفقد وعيه تحت قوة تسارع تصل إلى نحو 5 g.
ولاختبار تقنية تتبع حركة العين، انطوت التجربة على تحليق طيار بطائرة من طراز "بي إيه إي هوك"، مسجلاً قراءات مختلفة لقوة التسارع.
وعندما نظر الطيار إلى هدفه، كانت الأجهزة التي تستجيب لحركة العين دقيقة إلى ما يصل إلى أربع درجات في نطاق الهدف من زاوية الرؤية حتى قوة تسارع 3 g، لكن عند قوة تسارع 5 g انخفضت الدقة.
وأخيراً تتحدى هذه التقنية "الطريقة الحالية" التي تعتمد على حاسة النظر وتنقلها إلى مستوى أكثر تطوراً، وتوفر منظوراً جديداً للطيارين وغيرهم من المستخدمين العاديين مستقبلاً.