الاسترخاء أمام التلفاز.. ربما يُغريك الأمر، ولكن عليك أولاً معرفة ما يعنيه لصحة قلبك

يُظهر بحثٌ جديدٌ أن سلوك الجلوس السلبي لمشاهدة قدرٍ كبيرٍ ومستمرٍ من برامج التلفزيون قد يشكل خطورةً كبيرةً على القلب والأوعية الدموية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/26 الساعة 11:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/26 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
الاسترخاء أمام التلفاز.. ربما يُغريك الأمر، ولكن عليك أولاً معرفة ما يعنيه لصحة قلبك

فخٌّ يسهل الوقوع فيه، يومٌ صيفيٌّ حارٌّ، وبدلاً من التسكع في الخارج تُقرر تشغيل مكيف الهواء والتلفاز.

وتجرُّ حلقةٌ من مسلسلك المفضل حلقاتٍ أخرياتٍ، وقبل أن تدرك، تكون قد أمضيت اليوم بأكمله على الأريكة وأنت "تسترخي وتشاهد Netflix".

لكن مع كون الانغماس في "مشاهدة" مسلسلك المفضل ممتعةً، يُظهر بحثٌ جديدٌ أن سلوك الجلوس السلبي لمشاهدة قدرٍ كبيرٍ ومستمرٍ من برامج التلفزيون قد يشكل خطورةً كبيرةً على القلب والأوعية الدموية.

بحسب موقع health line الأمريكي، وجدت دراسةٌ نُشرت في دورية جمعية القلب الأمريكية أن البالغين من الأمريكيين الأفارقة الذين شاهدوا أكثر من 4 ساعاتٍ من البرامج يومياً أصبحوا أكثر عرضةً بنسبة 50% للموت المبكّر وأمراض القلب من نظرائهم الذين أمضوا ساعتين فقط يومياً أمام التلفاز.

غير أن هذا لا يعني أنك لا تستطيع الاستمتاع بعدة حلقاتٍ بشكلٍ متتالٍ من المسلسل الجديد الذي تحبه إن كنت تمارس التمارين بانتظامٍ.

وأوضحت نتائج الدراسة أن أولئك الذين التزموا بممارسة نشاطاتٍ بدنيةٍ قويةٍ لنحو 150 دقيقةً أسبوعياً فيما ظلوا يقضون أوقاتاً معتدلةً في مشاهدة التلفاز خلال أيامهم، لم يواجهوا نفس الزيادة في مخاطر التعرض لأمراض القلب.

لماذا قد يكون الإكثار من مشاهدة Netflix سيئاً لقلبك؟

قالت د. جانيت غارسيا، الكاتبة الرئيسة للبحث أستاذة علم الحركة والعلاج الطبيعي بجامعة سنترال فلوريدا في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية، في بيانٍ صحفيٍ: "قد تكون مشاهدة التلفاز مرتبطةً بمخاطر أمراض القلب أكثر من الجلوس في العمل أو غيرها من عادات الحياة القريبة منها".

ليست الحكاية أن مشاهدة التلفاز في حد ذاتها تمثل خطراً على الصحة، ولكن لأن هذا النوع من سلوكيات الاستقرار المزمن قد يؤدي إلى حالاتٍ أشد حدةً من السمنة، والسكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم.

وفي النهاية فإن جلوسك السلبي طوال ساعاتٍ لمشاهدة المسلسلات يعني قيامك بنشاطاتٍ بدنيةٍ أقل، وهو مرتبطٌ بسلوكيات نمط حياةٍ إشكاليةٍ أخرى.

وقالت د. جانيت في البيان كذلك: "تأتي مشاهدة التلفاز في نهاية اليوم بعد أن يكون الفرد قد تناول وجبته الكبيرة، وقد يجلس الناس في سباتٍ تامٍ ودون انقطاعٍ لساعاتٍ حتى ينامون. يمكن أن يكون تناول وجبةٍ رئيسيةٍ ثم الجلوس لساعاتٍ طوالٍ مزيجاً مؤذياً للغاية".

بحثت جانيت وفريقها في بيانات 3592 بالغاً إفريقياً كانوا جزءاً من دراسة جاكسون للقلب، وهي دراسةٌ واسعة النطاق تدرس مجتمعات الأفارقة الأمريكيين في مدينة جاكسون بولاية ميسيسيبي.

بلَّغ المشاركون في الدراسة بأنفسهم عن عدد الساعات التي يقضونها في التمرين، والجلوس على المكتب للعمل، ومشاهدة التلفاز. وقد وجدت متابعةٌ بعد ثماني سنواتٍ 129 حالة إصابةٍ بأمراض القلب، و205 وفياتٍ بين المشاركين في الدراسة.

الخطر الكبير المحدق بالأفارقة الأمريكيين البالغين

وصفت د. لابرينسيس بريور، أستاذة الصحة العامة أستاذة الطب المساعدة في مستشفى مايو كلينيك، الدراسة بأنها "عبقريةٌ" وتسلط الضوء على أهمية الحركة والإبقاء على مستوى نشاطٍ بدنيٍّ.

وقالت: "هذا مهمٌّ بشكلٍ خاصٍ بين الأفارقة الأمريكيين، وبالأخص بين النساء منهم؛ لأنهن أقل المجموعات نشاطاً بدنياً في الولايات المتحدة".

وقالت لابرينسيس، التي لم تشارك في الدراسة، لموقع Healthline: "جميعنا يستمتع بمشاهدة برامجه المفضلة على التلفاز من وقتٍ لآخر، سواءٌ مع عائلاتنا، أو أصدقائنا، أو وحدنا، للتخلص من الضغط. غير أنه من المهم للغاية أن نتجنب تحويل تلك الممارسة إلى روتينٍ لأوقاتٍ ممتدةٍ".

وأضافت أنه من المهم أن "يوازن" الناس بين عادات مشاهدتهم للتلفاز وقيامهم بأنشطةٍ بدنيةٍ كما تقترح الدراسة.

وتؤكد أنه، ومع كون مشاهدة التلفاز أمراً ممتعاً ومسبباً للإدمان، يجدر بالناس إيجاد "طرقٍ ممتعةٍ ومبتكرةٍ، ومستمرةٍ" لتضمين النشاطات البدنية في روتينهم اليومي.

وتقول: "هذا لا يعني بالضرورة الذهاب للصالة الرياضية، لكن قد يتضمن الصعود على السلم، وركن السيارة بعيداً قليلاً عن باب مكان عملك أو المتجر الذي تزوره، أو بعض المشي ببساطةٍ".

تسلط الدراسة الضوء على المخاوف الصحية الملحة التي تمثلها أمراض القلب والأوعية الدموية على الأفارقة الأمريكيين.

وقد أوردت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن الأمريكيين يعانون من نحو 1.5 مليون أزمةٍ قلبيةٍ أو جلطةٍ كل عامٍ.

ويعيش تقريباً نحو 44% من الرجال الأفارقة الأمريكيين، و48% من نسائهم بنوعٍ من أمراض القلب.

يتفق د. لوك لافين من معهد القلب والأوعية الدموية بمستشفى كليفلاند كلينيك مع د. لابرينسيس في ملاحظة أن قضاء ساعاتٍ في مشاهدة التلفاز يأتي على حساب ممارسة التمارين وعادات الغذاء الصحية، التي يمكن أن تكون وسيلةً سهلةً للحد من العديد المخاطر على صحة القلب.

ويقول لافين، الذي لم يشارك هو الآخر في تلك الدراسة، لموقع Healthline: "أولئك الذين يشاهدون التلفاز بهذا القدر لا يفعلون ذلك على الأغلب وهم يأكلون الجزر، أو الكرفس، أو يشربون الماء. من الأرجح أنهم يتخذون خياراتٍ أسوأ فيما يتعلق بحمياتهم، وينامون أقل من غيرهم. هم كذلك ليسوا الأشخاص الذين يلتزمون بممارسة التمارين بانتظامٍ".

وأضاف: "في الواقع، في هذه الدراسة تقل حدة الارتباط بين مشاهدة التلفاز وارتفاع مخاطر التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية عند أولئك الذين يلتزمون بأداء نشاطاتٍ بدنيةٍ شديدةٍ بشكلٍ يوميٍ".

وبغض النظر عن تلك الآثار البدنية، فقد يكون لمشاهدة التلفاز أضرار نفسية كذلك.

يوضح لافين وجود رابطٍ بين العزلة النفسية والوحدة وبين ارتفاع مخاطر التعرض للجلطات والأزمات القلبية. 

وقال: "قد يكون لأولئك الذين يجدون أنفسهم يقضون ما يزيد على 4 ساعاتٍ يومياً في مشاهدة التلفاز شبكاتٍ اجتماعيةً وصداقاتٍ أضعف من غيرهم".

نصائح للحفاظ على صحة القلب

هل تسببت التكنولوجيا، مثل خيارات المشاهدة الكثيرة تلك، في زيادة كل تلك السلوكيات غير الصحية؟

يقول لافين إنه لم ير ذلك الرابط بالضرورة في مرضاه. بدلاً من ذلك، وجد أن العكس هو الصحيح، فكلما زادت خيارات المطالعة المتاحة للمريض كان أكثر نشاطاً.

وأضاف: "إن مشاهدة التلفاز عبر جهاز iPad أو ما شابهه أو مطالعة فيلمٍ أثناء التمرن على جهاز المشي أو العجلة الثابتة جعلت من الصالة الرياضية وممارسة التمارين أمراً أكثر إمتاعاً للكثير من مرضاي. وربما يحصرون مشاهدة حلقةٍ من مسلسلٍ تلفزيونيٍ على الوقت الذي يتمرنون فيه فقط، هم بذلك يحولونه إلى عاملٍ دافعٍ".

بقول هذا، فإن الدراسة تسلط الضوء على مخاوف واقعيةً، خاصةً بين الأفارقة الأمريكيين القلقين حيال الإحصائيات المرتفعة لأمراض القلب والأوعية الدموية في عائلاتهم ومجتمعاتهم.

وتقول د. لابرينسيس: "يقترح كتّاب الدراسة أن هناك حاجةً للتدخلات التي تحد من مخاطر نمط الحياة؛ لتخفيف عبء عامل خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين الأفارقة الأمريكيين، بهدف تحقيق مساواةٍ فيما يتعلق بصحة القلب. ولا يسعني التأكيد كفايةً على الأمر، بل لقد اتخذته هدفاً لحياتي كدراسةٍ وبرنامجٍ قاد إلى تأسيس برنامج FAITH! (تعزيز تحسن الأفارقة الأمريكيين في الصحة الشاملة) لتصميم وتضمين تدخلات تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية المصممة من أجل الأفارقة الأمريكيين.

وقالت إن برنامجها يستهدف زيادة الوعي بالإرشادات السبعة البسيطة لجمعية القلب الأمريكية بين الأفارقة الأمريكيين، فيما يمنحهم "استراتيجياتٍ عمليةً لتجاوز العقبات التي تحول بينهم وبين التغيير لنمط حياةٍ صحيٍّ".

وقدمت د. لابرينسيس للمشاركين خلال برنامجها تطبيق هاتفٍ ذكيٍّ يمكنهم من البقاء في أوج نشاطهم البدني. وقالت إنهم ضاعفوا بعد إنهاء البرنامج كمية النشاط البدني اليومي المعتدل.

وقالت، مثلما تُوضح تلك الدراسة، إن هذا النوع من النشاطات حيويٌّ لتحسين صحة القلب، وبالتبعية إطالة أمد الحياة.

خلاصة القول

وجدت دراسةٌ حديثةٌ للجمعية الأمريكية للقلب أن الجلوس لساعاتٍ أثناء مشاهدة التلفزيون تؤدي إلى زيادةٍ في مخاطر التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية.

استندت الدراسة إلى بيانات 3592 أمريكياً من أصلٍ إفريقيٍ، ووجدت أن أولئك الذين شاهدوا التلفاز لأكثر من أربع ساعاتٍ يومياً كانوا أكثر عرضةً بنسبة 50% لأمراض القلب والموت المبكر من نظرائهم الذين شاهدوا التلفاز لأقل من ساعتين يومياً.

لا يُطالب أطباء القلب والأوعية الدموية الناس بالتوقف عن مشاهدة التلفاز. يمكنك أن تستمتع ببرامجك المفضلة، لكن حاول أن تملأ يومك بالمزيد من الأنشطة البدنية.

بدلاً من تناول أطعمةٍ غير صحيةٍ أثناء الجلوس لساعاتٍ، اختر بعض الخيارات الصحية لتتناولها أثناء استرخائك أمام Netflix.

قد يكون من المفيد الجمع بين مشاهدة التلفاز وأداء التمارين. جرب أن تحضر جهازاً لوحياً معك للصالة الرياضية، وأن تشاهد عليه مسلسلاً فيما تمشي على آلة المشي.

تحميل المزيد