تفحص حسين سعد (31 عاماً) جهازاً لألعاب الفيديو بسعادة بالغة، منصتاً باهتمام بالغ للموسيقى التصويرية التي اعتاد سماعها خلال طفولته، وهو يلعب لعبة "سوبر ماريو"، وذلك في مركز للتسوق في غرب القاهرة يعيد تقديم "نوستالجيا" ذكريات الطفولة لأطفال تسعينيات القرن الفائت الذين تجاوزوا الآن الثلاثين من عمرهم.
سعد الذي يعمل مندوباً للأدوية لإحدى الشركات، جلس على كرسي اللعبة وأمسك بذراع التحكم ليبدأ جولة جديدة من اللعبة الشهيرة "سوبر ماريو"، التي لعبها للمرة الأخيرة قبل 15 عاماً.
وقال الشاب ممتلىء الجسد الذي يرتدي نظارات طبية، إنه شاهد إعلاناً على فيسبوك يتحدث عن إمكانية لعب ألعاب الأتاري (الفيديو جيم) الشهيرة في فترة التسعينيات من جديد".
الحنين إلى الطفولة يجمع هؤلاء
وتتكرر هذه النوستالجيا مع آخرين غير سعد في الطابق الثاني لأحد المراكز التجارية الشهيرة في ضاحية السادس من أكتوبر جنوب غرب القاهرة، حيث يمتزج الشباب الذي أخذه الحنين إلى ألعاب الطفولة، مع أطفال الجيل الجديد الراغبين في اللعب داخل تلك الملاهي.
تبدأ أسعار الألعاب من 9 جنيهات (حوالي نصف دولار)، وتصل إلى 30 جنيهاً (حوالي دولارين ونصف)، وهي لعبة يظل الطفل بداخلها قرابة ساعة.
لكل جيل التسعينات! شاركنا بصورة أو قصة ليك انت وصاحبك مع لعبة من طفولتكم على هاشتاج #تسعيناتي_في_الألفينات و #ماجيك_بلانيت، والبوست اللي هايجيب أعلى لايكس صاحبه هايكسب يوم كامل لعب مجاناً لفردين في ماجيك بلانيت
Gepostet von Magic Planet Egypt am Sonntag, 25. November 2018
سوبر ماريو.. لكن بمؤثرات مختلفة
بعد أن انتهى سعد من اللعب، أوضح رأيه "التجربة جيدة إلى حد كبير، ولكن ليس كما توقعتها"، موضحاً أنه كان يتصور أنه سيلعب اللعبة نفسها التي كان يلعبها قبل سنوات وهو ما لم يحدث بالضبط.
"هي شخصية ماريو، ولكن في مكان جديد بمؤثرات بصرية جديدة، وتحدٍ جديد، ليس كما السابق إنقاذ الأميرة، ولكن الموسيقى هي ذاتها وهو ما أحببته".
واعتبر الشاب سعد أن تجربة إعادة لعبة كان يلعبها في التسعينيات حتى وإن اختلفت في شكلها عن الماضي "نوستالجيا عظيمة".
المحامي ذو البدلة مع بيبسي مان
من أمام جهاز آخر، كان خالد عبد الرحمن يستعد لبدء جولة جديدة من لعبة "بيبسي مان"، التي كان يلعبها على جهاز "بلاي ستيشن 1" في أحد المحلات المجاورة لمنزله في فترة طفولته خلال تسعينيات القرن الفائت.
قام عبد الرحمن (28 عاماً)، بنفس ما فعله سعد، وضع الكارت داخل الجهاز، وبدأ يلعب مع الأغنية الشهيرة "بيبسي مااااااااان"، وسط صيحاته بالفرح عن تجاوز مرحلة والانتقال إلى أخرى.
يقول الشاب قصير القامة الذي كان يرتدي بدلة كاملة بحكم عمله محامياً، "كان لديّ جلسة في الصباح داخل محكمة 6 أكتوبر، وأنهيت بعدها بعض الأعمال الإدارية الخاصة بي، ثم أتيت خصيصاً إلى المول لتجربة اللعبة".
وأضاف أنه قبل أسبوع، كان صديقه هنا مع زوجته وابنه ذي العامين، وعندما عرف بوجود لعبة بيبسي مان، "أخبرني على الفور، فكان لا بد أن أجربها بنفسي".
استطاع عبد الرحمن اجتياز أكثر من مرحلة في اللعبة الشهيرة، إلا أنه سقط في مرحلة متقدمة ليصيح بأصدقائه "هتمرن تاني وأنزل الملعب"، في إشارة إلى أنه سيكرر الزيارة واللعب من جديد على هذا الجهاز للتدريب على اللعبة.
نوستالجيا التسعينيات
وانتشرت ألعاب الفيديو جيم في مصر مع بداية التسعينيات، خاصة مع عودة كثير من المصريين العاملين في الخليج في فترة الصيف، وهم يحملون تلك الأجهزة معهم.
ومع نهاية التسعينيات وبداية الألفينات، بدأت تلك الأجهزة بالإضافة إلى ظهور "بلاي ستيشن 1" في الانتشار في محلات للعب، ومن ثم مع انخفاض أسعارها، انتشرت في المنازل بعدما استطاعت شريحة كبيرة شراءها بأسعار مناسبة.
إلى جانب ألعاب النوستالجيا، يضم المركز أيضاً حوالي من 30 إلى 40 لعبة تناسب الأطفال والكبار.
تقول نورهان سعيد، مدير مشرف في المركز إن الألعاب الموجود تناسب جميع أفراد الأسرة كباراً أو صغاراً.
وتوضح نورهان الفتاة القصيرة التي ترتدي قميصاً مطبوعاً عليه العلامة التجارية للمركز، ومكتوباً على ظهره Manger (مدير)، أن المركز افتتح قبل حوالي عامين مع افتتاح المركز التجاري في مارس/آذار 2017.
إقبال الناس شجعهم على الاستثمار فيها
وأضافت نورهان أن "فكرة النوستالجيا جاءت عندما رصدنا انتشار تحميل تلك الألعاب بكثرة على أجهزة الحاسب الآلي والتليفونات المحمولة، فقلنا لمَ لا نوفرها عبر أجهزتنا وبالتالي نستقطب تلك الفئة العمرية إلى مركزنا".
يبدأ العمل في المركز من العاشرة صباحاً وحتى منتصف الليل في الشتاء، ويمتد العمل حتى ساعات الفجر في الصيف ونهاية الأسبوع والعطلات الرسمية.
حتى كبار السن سيحضرون
"لا يقتصر الحضور على الأطفال فقط"، لتوضح نورهان "بالعكس، ففي أيام الدراسة يكون طلبة الجامعات هم الفئة الأكثر حضوراً".
وأشارت نورهان إلى زوجين مسنين يتراوح عمراهما ما بين الستين والسبعين سنة، وهما يلعبان لعبة القطار، ثم انتقلا إلى لعبة سيارات التصادم الشهير، قائلة "من الأطفال إلى المسنين، نحن نستقبل جميع الأعمار".
وقال الرجل الستيني الذي كان يتسابق مع زوجته، وهما يلعبان سباق السيارات الشهير خلف مقود حديدي وأمام شاشة ملونة "لعبناها سويا لأول مرة منذ 30 عاماً. يومها غلبتني زوجتي".
وتابع الرجل الذي يغطي الشيب رأسه تماماً "اليوم سأفوز أنا. لن أضيع هذه الفرصة" قبل أن يضحكا سوياً مع انطلاق السباق.