تحتل الألعاب مساحة كبيرة من وقت كثير منّا، وتضرب الألعاب بجذورها في تاريخنا وثقافتنا ممتدة عبر الأجيال، فمن منا لم يلعب الورق (الشدة) أو ألعاب النرد وغيرها من ألعاب الطاولة، التي تحتل جزءاً غير يسير في المقاهي الشعبية في عالمنا المعاصر.
ومع التطور التقني الهائل في عصرنا الحالي، بقيت الألعاب محتفظةً بقيمتها مع اختلاف أشكالها اليوم، فتطورت الألعاب البسيطة لتصبح أكثر تعقيداً، ويدل حلها على ذكاء اللاعب ومدى مهارته، كما فتح هذا التطور الباب لألعاب جديدة أكثر احترافية، وباتت تحتل الترتيب الأول في نشاط الشباب على الإنترنت عالمياً.
أرباح ضخمة وملايين المتنافسين
يتجه الكثير من الناس إلى سوق التطبيقات لشراء الألعاب، خاصة ألعاب الفيديو. وتستقطب هذه الألعاب أكثر من نصف مستخدمي الهواتف الجوالة، إذ إن 50% من مستخدمي الهواتف الجوالة لديهم على الأقل تطبيق واحد خاص بالألعاب على هواتفهم. فخلال عام 2017، تمكنت ألعاب "Pokémon GO" و"Candy Crush Saga" و"Clash Royale" من جمع نحو مليار دولار على شكل عائدات مالية لمتاجر بيعها.
وتخطى عدد مستخدمي "Pokémon GO" الـ500 مليون مستخدم بعد 35 يوماً من إطلاقها فقط، بينما حصدت لعبتا "Candy Crush Saga" و"Clash Royale" نحو 100 مليون مستخدم لكل منهما.
أما "Rise of the Kings" فقد حصدت 5 ملايين مستخدم، ولعبة "Football Strike"ر10 ملايين مستخدم، ولعبة "Sniper 3D" ر 10 ملايين مستخدم، ولعبة "Revenge of Sultans" نحو 7 ملايين مستخدم، أما لعبة "Zynga Poker فقد حصدت نحو 10 ملايين مستخدم.
ووفقًا لشركة الأبحاث Newzoo ، فمع نهاية عام 2018، سيشهد سوق ألعاب الفيديو نمواً هائلاً مع توقعاتٍ بإجمالي إيراداتٍ يصل إلى 70.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن تأخذ ألعاب الهاتف الجوال حصة الأسد من دخل صناعة الألعاب- أي نحو 51% من إجمالي الإيرادات.
كما أنه من المتوقع أن تنمو عائدات ألعاب الهاتف الجوال لتصل إلى 106.4 مليار دولار عام 2021 لتشكل حينها 59% من إجمالي عائدات الألعاب على كافة المنصات.
عصام الزامل.. ابتكر لعبة شهيرة لكنّه مهدد بالإعدام في السعودية
عند الحديث عن سوق الألعاب الإلكترونية، تتبادر إلى أذهاننا أسماء العديد من المبدعين في مجال التكنولوجيا. من بين هذه الأسماء يبرز اسم المهندس السعودي عصام الزامل، مؤسس موقع (كمّلنا)، وهو أول موقع عربي لألعاب الكوتشينة والتي تشبه لعبة الطرنيب، اللعبة الشعبية المعروفة في بلاد الشام. ويُعتبر هذا الموقع من أكبر مشاريع شركة رمال السعودية المملوكة من قبل الزامل أيضاً.
في عام 2004 أسس عصام شركته الخاصة بالتكنولوجيا والمعلومات، وأطلق عليها اسم "رمال" لتكون أكبر شركة متخصصة في التكنولوجيا والمعلومات في الوطن العربي. وأنشأ عصام الزامل مجموعة مواقع إلكترونية ذات أهمية كبيرة جداً مثل موقع arank الذي يهدف إلى تسويق خدمات الاستضافة المقدمة من شركته. وبعد نجاح هذا الموقع قام بإنشاء مواقع خدمية أخرى كموقع Games4Arab وموقع Linux4arab، ثم قام أيضاً بإنشاء montada.com.
جدير بالذكر أن عصام تعرض للاعتقال في سبتمبر/أيلول 2017، ووُجّهت له عدة تهم من قبل النيابة العامة السعودية قد تعرّضه لعقوبة الإعدام. ومن بين التهم: الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، التخابر مع قطر، والتواصل مع جهات خارجية لزعزعة الأمن الوطني السعودي.
تلبية رغبات العرب من أجل الربح
وفي إطار حديثنا عن السوق العربي للألعاب الالكترونية، فمن المهم أن نشير إلى لعبة (أسياد الشرق) التي تدور أحداثها في حقبةٍ زمنيةٍ هي الأصعب في تاريخ الصين القديم. وتعتبر لعبة أسياد الشرق أول تجربة عربيّة في مجال الألعاب الإلكترونيّة.
جسّدت (أسياد الشرق) قصة من روائع المانغا اليابانية التي رسخت في أذهان الجيل العربيّ عبر أعمال تلفزيونية أشهرها "صقور الأرض" و"صراع الجبابرة"، التي عُرضت لأول مرة في تسعينيات القرن الفائت. واستكملت اللعبة العربية حكاية صراع ليوبيه (عبدالرحمن)، غوانيو (حمزة)، وجانفيه (حكمت) ضد عدوهم الأبرز تسوتسو.
ومنذ عام 2011، قامت EA Sports بترجمة ألعاب الفيفا إلى اللغة العربية (حيث أصبحت تضم الفرق والبطولات المحلية العربية أيضاً) بسبب الأعداد الكبيرة لعشاق Fifa في المنطقة والأرباح التي تجنيها الشركة في الشرق الأوسط. كما أنشأت شركة Ubisoft استديو خاصّاً بها في أبوظبي، للتركيز بشكل خاص على الأسواق العربية.
وفي عام 2013، صدرت ترجمة عربية للعبة Assassin's Creed التي اشتهرت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الشركة الأخطبوط Tencent
وبالعودة للحديث عن السوق العالمية للألعاب والأرباح التي تجنيها، فقد ارتفعت إيرادات شركة تينسينت (Tencent) للألعاب عبر الإنترنت بنسبة 6% مقارنةً بالعام الماضي لتصل إلى 3.69 مليار دولار في الربع الأخير فقط، وهذا المبلغ يُمثل أكثر من ثلث أعلى خط إنتاج الشركة.
كان هذا النمو في الغالب مدعوماً من خلال الألعاب القديمة مثل MOBA (multiplayer online battle arena) و Honor of Kings المعروفة أيضاً باسم (Arena of Valor)، ولعبة السباق الشهيرة QQ Speed.
ومع ذلك، يمثل معدل النمو هذا تباطؤاً كبيراً في معدل نمو مبيعات الشركة مقارنةً بالأرباع السابقة، فقد انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 12% مقارنةً بالربع الذي سبقه، ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض إيرادات ألعاب الهواتف الذكية بنسبة 19% وانخفاض أرباح ألعاب الكمبيوتر بنسبة 8%.
هذه الأرقام كانت مخيّبة للآمال، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الألعاب التي تمتلكها شركة "تينسينت" عادة ما تكون من ضمن أكثر الألعاب تداولاً. فلعبة Honor of Kings دائماً ما تحتلّ المركز الأول في قائمة أكثر الألعاب تداولاً في الصين.
وتمتلك الشركة أيضاً ألعاب مجموعة من ألعاب (Riot Games) الأكثر شهرةً في العالم، مثل League of Legends التي تحتل المرتبة الأولى ضمن قائمة عناوين ألعاب MOBA على أجهزة الكمبيوتر.
علماً أن تينسنت تمتلك أكبر حصّة في شركة Supercell الناشرة للعبة Clash of Clans، ونسبة 40% في شركة Epic Games الصانعة للعبة الأكثر شهرةً Fortnite.
كما تمتلك تينسنت حصصاً أقل في شركة Bluehole المطورة للعبة PUBG، إحدى أشهر ألعاب الباتل رويال الجماعية، والمتوفرة أيضاً على الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى حصصٍ في شركات Activision Blizzard، و Ubisoft، و Glu Mobile.
جدير بالذكر أن شركة تينسينت قامت مؤخراً بالاشتراك مع شركة Nintendo في إطلاق لعبة Arena of Valor على أجهزة نينتيندو سويتش Nintendo Switch .
ومع تنامي العائدات والأرباح، وانتشار الألعاب الجديدة والمثيرة، أصبح من الواضح أن صناعة الألعاب هذه قد وُجدت لتبقى. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ سوق ألعاب الفيديو تفوّق بإيراداته على شبابيك التذاكر السينمائية بـ6 أضعاف تقريباً، وبمعدل إنفاق بلغ 38.6 مليار دولار أميركي في 2016 حسب إحدى الدراسات التي أجرتها موشن بيكتشر الأميركية (MPAA).