لفهم التعليمات التي تجعل البطارية آمنة، من المفيد أن تتعرَّف على كيفية عملها.
تحتوي البطارية على اثنين من الأقطاب الكهربائية "الإلكترودات"، أو الموصلات الكهربائية، على كلا الطرفين. يحمل واحدٌ منها الأيونات الموجبة (ذات الشحنات الكهربائية الموجبة) ويُسمى "الكاثود" أو "المهبط". يُملأ الكاثود بالليثيوم ويعمل بمثابة مكان تخزين "الطاقة"، ويحمل الإلكترود المعاكس أيونات ذات شحنات سالبة، ويُسمى "الأنود" أو "المصعد"، حسب موقع The Verge الأميركي.
كيف تتحرك الأيونات؟
يحدث في أثناء عملية شحن البطارية أن تتحرك أيونات الليثيوم من الكاثود إلى الأنود، وحين تكون البطارية قيد الاستخدام يتحرَّك الليثيوم في الاتجاه المعاكس، وتوجد فيما بينهما مواد كيميائية تُسمى "الإلكتروليت" من شأنها أن تُسهِّل عملية الانتقال تلك عن طريق مساعدة الأيونات على التحرك بسهولة أكبر بين الطرفين، ولكن رغم أنَّ الأيونات تحتاج إلى الانتقال من جانبٍ إلى آخر، ينبغي ألا يتلامس الأنود والكاثود مُطلقاً؛ لأنَّ تلامسهما سيُعيد توجيه الطاقة إلى الإليكتروليت. ولمنع حدوث هذا يدرج صانعو البطاريات مواد فاصلة بينهما.
وهنا تحدث المشكلة!
كان هذا بالتحديد هو موضع المشكلة التي ظهرت في هواتف Galaxy Note 7: فالفواصل كان بها خللٌ، وتسمح للقطبين بالتلامس. يقول ليندن آرتشر، عالم الكيمياء في جامعة كورنيل الأميركية: "يُعد هذا الخلل هو أسوأ إخفاق ممكن، لأنَّه سيؤدي بالتأكيد إلى احتراق البطارية، أو ربما حتى انفجارها". فحين تحتك الإلكترودات ببعضها يحدث أن تتجه كل الطاقة التي تُضَخ في البطارية إلى الإلكتروليت في المنتصف، عوضاً عن الإلكترودات على الطرفين.
عدم الاستقرار له أسباب
الإلكتروليت ليس مستقراً تماماً لتُضَخ إليه الطاقة، والحركة السريعة التي تُسيره تؤدي أيضاً إلى عدم استقراره أكثر. وحين تكون الحرارة عالية –سواء كان من خلال تلامس كلا الإلكترودين أو بسبب أمرٍ بسيط كارتفاع حرارة الجو- يمكن أن يتسبَّب هذا في تفاعل الإلكتروليت مع المواد الكيميائية الأخرى، لينتج غازاً من شأنه أن يزيد من الحرارة. في كل مرة تتفاعل فيها المواد الكيميائية، تُطلَق الغازات المزيد والمزيد من الحرارة بوتيرةٍ أسرع وأسرع. ينتج عن هذا حلقة من ردود الفعل الخارجة عن السيطرة تُسمى "هروب حراري"، يمكن أن تنتهي باشتعال نار.
لهذا تنفجر!
هذا هو السبب وراء أن العديد من الهواتف يتوقَّف تشغيلها تلقائياً حين تشتد السخونة، لكنَّ هناك أسباباً أخرى وراء حدوث انفجار البطارية؛ إذ يُمكن أن تتلف البطاريات أيضاً حين يجري شحنها بشكلٍ زائد عن الحد، أو بوتيرةٍ سريعة.
تشبه عملية الشحن الزائد ملء دلو بالكثير من الماء
فلا يهم في هذه الحالة سرعة تلك العملية أو بطئها؛ لأنَّه إذا سكبت كمية أكبر من اللازم فسوف يفيض الدلو. وفي حالة البطاريات تحدث عملية الشحن الزائد حين تنتقل كمية كبيرة من الليثيوم إلى الأنود، لا داعي لأن تشعر بالخطر حيال إبقائك الهاتف موصلاً بالكهرباء طوال الليل، معظم البطاريات صُمِّمَت بخاصية منع الشحن الزائد تلقائياً. وبالتأكيد يمكن أن يحدث خللٌ في التصنيع، حيث تكون الدوائر الكهربية التي تمنع حدوث هذه المشكلة معيبة.
تشبه البطارية الرباط المطاطي
على حد قول دان ستاينغارت، العالم المختص في المواد الكيميائية في جامعة برنستون الأميركية، فعند شحن البطارية أنت بذلك تمط الشريط المطاطي، وحين تستخدم الهاتف فأنت تُطلِقه. ومثلما يمكن أن ينقطع الرباط حين تمطه أكثر من اللازم، فإنَّ ضخَّ الكثير من الطاقة في جانبٍ واحد من البطارية سيُتلِفها.
ثم إنَّ هناك مشكلة الشحن السريع
ويعني هذا محاولة دفع كمية كبيرة من التيار داخل البطارية، وهو ما يُمثِّل خطراً على ما يُطلق عليه "تقنية الشحن السريع" (رغم أنَّها لم تكن سبب المشكلة بالتحديد في حالة سامسونغ، فهواتف سامسونغ توفر تقنية الشحن السريع). وفي حال كان الشاحن المُستَخدَم غير متوافق مع البطارية لأي سبب، يُمكن أن يتسبب هذا في تلفها. يمكن تجنُّب هذه المشكلة بالتأكُّد من أنَّ الشاحن والبطارية مُصمَّمان للعمل معاً.
وهناك "التصفيح"
يمكن أن يؤدي الشحن الزائد عن الحد أو الشحن السريع جداً إلى حدوث مشكلة تُسمى "التصفيح"، تخيَّل أنَّ البطارية مثل وعاءين بهما بيض. تحتاج أيونات الليثيوم للتنقُّل بين المساحات الموجودة بينهما لتستقر بأمانٍ في الداخل، حسبما يقول ستاينغارت. إذا قمت بشحن البطارية ببطءٍ يكون لدى الليثيوم وقتٌ للعثور على موقعه داخل وعاء البيض ذهاباً وإياباً، ولكنَّ في حالة الشحن السريع أو الشحن الزائد عن الحد، سيستقر الليثيوم على السطح الخارجي لوعاء البيض ومن ثمَّ حول نفسه، بعدها في كل مرة تُعيد فيها شحن البطارية تنمو أيونات الليثيوم وتُشكل تراكيب تُشبه الإبرة، ويُطلق عليها "تشعُّبات" يُمكنها أن تتسبَّب في إتلاف البطارية.
وزيادة الجهد أيضاً مشكلة
السبب الشائع الأخير في تلف البطارية هو محاولة الشركات تصنيع بطاريات تُخزِّن المزيد من الطاقة عن طريق زيادة الجهد الكهربائي، وهو وسيلة لقياس القوة. تخيَّل أنَّ الجهد الكهربائي مثل قمة شلال، بينما التيار هو مقدار الماء المُتدفِّق، كلما زاد الجهد زادت الطاقة داخل البطارية؛ لذا يحاول المُصنعون ملء البطاريات بإضافة عناصر مثل النيكل إلى الليثيوم. ولكن، مُجدداً، كلما زاد الجهد زادت احتمالية حدوث دمج للإلكتروليت بطريقةٍ تؤدي لحدوث اشتعال.
ويحاولون تجنب المشكلة
يحاول بعض العلماء تطوير نوع من الإلكتروليت لا يشتعل بهذه السهولة. تحتاج مواد الإلكتروليت، التي يُطلق عليها "السوائل الأيونية" إلى مزيدٍ من الحرارة لتكوين غاز قابل للاشتعال، حسبما يقول سوريا موغانتي، المهندس الكيميائي الذي يترأس قسم التكنولوجيا في شركة Nohms Technology. وأردف أنَّها غالباً ما تكون أكثر أماناً، ولكن قد تضر بعمر البطارية.
إنها أعجوبة هندسية
حتى هذه اللحظة، يستخدم غالبيتنا بطاريات أيون الليثيوم. والحقيقة أنَّها تُعد "أعجوبة هندسية" كما وصفها ستاينغارت، لكنَّ هذا لا ينفي عدم استقرار الأجهزة. وأردف ستاينغارت: "أيُّ شيءٍ يُمكنه أن يحوي كل هذا القدر من الطاقة، مع إمكانية استخراج كل الطاقة في بضع دقائق، يتوَّجب عليك أن تتعامل معه باعتباره قنبلةً مُحتَمَلة بغضّ النظر عمّا صُنِعَت منه". تتقدَّم تكنولوجيا البطاريات بوتيرة مستمرة، ولكن ليس بمعدل يُرضي رغبتنا في الشحن الأسرع مع ضمان الحفاظ على عمر أطول للبطارية. الأمر متروك للمُصنعين ليأخذوه بعين الاعتبار، والعمل على حمايتنا.