بعد إطلاق النسخة الأولى من لعبة "تومب رايدر Tomb Raider" في العام 1996، كان انتشار شخصية لارا كروفت التي قدّمتها اللعبة، أمراً حتميّاً لا بد منه. تعاقبت الشركات ونضجت تجربة الألعاب الإلكترونية، وتبدَّلت شخصية البطلة من رمز إغراء إلى مغامرة تشبه البشر العاديين.
تتمتع كروفت بمزيج من الجاذبية والشخصية الحركية الحاملة لسلاح ناري، التي وُجهت مباشرة إلى جيل متلهف للألعاب الإلكترونية، في إثبات أن هذه الألعاب ليست فقط للأطفال.
باحتوائها على مشاهد محذوفة سبق إصدارها، وأداء صوتي رائع، وقدر لا بأس به من العنف، أصبحت لعبة تومب رايدر واحدة من الألعاب الإلكترونية التي حافظت على النضج والحس السينمائي الجمالي. حتى يومنا هذا ما زال للعبة بصمة مؤثرة في كثير من الألعاب الإلكترونية الحركية حتى الآن.
إلا أن الأذواق تغيَّرت منذ تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى تزايد هواة الألعاب من الإناث، اللاتي كانت لهن نظرة مختلفة للسلسلة.
والآن، تصدر أحدث نسخة من اللعبة بعنوان Shadow of the Tomb Raider للكمبيوترات، وبلاي ستيشن 4، وإكس بوكس وان.
وتزامناً مع خروج اللعبة الجديدة فيما يلي عرض موقع Business Insider الأميركي لتسلسل تطور لارا كروفت على مدار أكثر من عقدين منذ انطلاقتها الأولى:
Tomb Raider Gold :1996 – الظهور الأول للارا كروفت
يُعزى نجاح النسخة الأولى من لعبة تومب رايدر، التي صدرت في العام 1996 إلى فكرة إظهارها القوة الحقيقية لأجهزة سوني بلاي ستيشن، وسيغا ساتورن التي انتشرت في جميع أنحاء العالم قبل ذلك بعام واحد فقط.
قُدمت لارا كروفت، بالإضافة إلى المحيط الذي انبثقت من خلاله في اللعبة، في صورة ثلاثية الأبعاد كاملة بدرجة متناسقة بشكل كبير، ما ساعد في خلق بيئة محببة أكثر بكثير مما كان ممكناً في التكنولوجيا السابقة.
Tomb Raider :1996
على الرغم من ذلك، ظلَّت النسخ الأولى للعبة تومب رايدر متأثرة بشكل كبير بمنصات جيل ألعاب 16-بت، وهو الجيل الذي هيمنت عليه ألعاب ماريو، والقنفذ سونيك، لكن لارا كروفت كانت دائماً أكثر اهتماماً بحل الألغاز وتجنب الأفخاخ، من تفجير الأعداء الذين تقابلهم في طريقها عبر الآثار القديمة.
صدرت نسخ تكميلية للعبة خلال السنوات الأربع التالية، إذ طُرحت "Tomb Raider II" عام 1997، ثم "Tomb Raider III: Adventures of Lara Croft" عام 1998، ثم صدرت " Tomb Raider: The Last Revelation" عام 1999، وأخيراً "Tomb Raider Chronicles" عام 2000. لم يطرأ تغيير كبير على شكل لارا كروفت في ذلك الوقت؛ أصبحت الرسوم أكثر دقةً بعض الشيء، لكن لارا ظلت كما هي.
فيلم: Lara Croft Tomb Raider من بطولة أنجلينا جولي
مع ازدياد شهرة الشخصية واكتسابها زخماً كبيراً، بدأ إنتاج فيلم تومب رايدر في وقت مبكر من عام 1998، واختيرت أنجلينا جولي في نهاية المطاف للعب دور البطولة.
وعلى الرغم من المكانة الكبيرة التي تتمتع بها جولي في أوساط المشاهير، إلا أن بعض هواة الألعاب أشاروا إلى أنها لا يمكن مضاهاتها ببطلة اللعبة.
وبغضّ النظر عن كل ذلك، عُرض فيلم: Lara Croft Tomb Raider عام 2001، وحقق إيرادات تخطَّت 270 مليون دولار في شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم (ما يقارب 380 مليون دولار اليوم)، بميزانية قدرها 115 مليون دولار.
Tomb Raider Angel of Darkness :2003 – نقطة إخفاق من تومب رايدر
طرح الإصدار السادس من سلسلة ألعاب تومب رايدر، في يونيو/حزيران من عام 2003، باسم "Tomb Raider Angel of Darkness"، وكان ذلك أول ظهور للارا كروفت على أجهزة بلاي ستيشن 2.
بحلول عام 2003، أصبحت النواحي الجمالية التي ميّزت لعبة "تومب رايدر"، عادية إلى حدٍّ ما. وأصبحت المشاهد المجتزأة، والحركة السينمائية أقل إبهاراً.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها فريق التصميم الجديد، والمظهر الجديد للارا كروفت؛ أخفقت نسخة Angel of Darkness تماماً في إحداث الأثر السردي أو البصري الذي أحدثته النسخ السابقة من سلسلة تومب رايدر، حتى مع إضافة فقرات تقع أحداثها في مناطق حضرية في أجزاء كثيرة من اللعبة.
واجهت اللعبة أيضاً صعوبة الانتقال إلى وحدة التحكم الجديدة، في ظل سعي شركة Core Design لتطبيق عدد من الأفكار الطموحة.
علق النقاد فيما يتعلق بنسخة Angel of Darkness من اللعبة على خلل وعدم اكتمال عناصر اللعبة، بالإضافة إلى العثرات والأخطاء الواضحة باللعبة.
بعد شهر واحد من ذلك، طُرح فيلم "Lara Croft Tomb Raider The Cradle of Life"، الذي جاء بتقييمات متدنية أيضاً، على الرغم من نجاحه مالياً.
وفي ظل ازدهار مسيرتها المهنية، قررت جولي عدم تمثيل دور لارا كروفت للمرة الثالثة.
Tomb Raider Legend :2006 – رجوع لارا عن الأساسيات
في أعقاب الإخفاق الذي حققته نسخة Angel of Darkness، قررت شركة Eidos Interactive تحويل الامتياز إلى مطور آخر؛ شركة Crystal Dynamics، استناداً إلى شهرتها الواسعة في أوساط هواة الألعاب بعد تقديمها لعبة Legacy of Kain الشهيرة.
أعادت شركة Crystal Dynamics صياغة اللعبة من جذورها، وأضافت المزيد من الألغاز والاستكشافات، كما أعادت تنظيم أساليب التحكم وفقاً للمعايير الحديثة.
وفي الوقت نفسه، حولت شركة Eidos Interactive سياستها التسويقية إلى التركيز بشكل أقل على الجاذبية الجنسية للارا كروفت.
Tomb Raider Legend :2006
طرح فريق شركة Crystal Dynamics ثلاث نسخ من لعبة تومب رايدر، بداية من عام 2006 إلى عام 2008، وهي على الترتيب: "Tomb Raider Legend"، و "Tomb Raider Anniversary" (والتي تُعد نسخة جديدة من الإصدار الأصلي)، و "Tomb Raider: Underworld".
ساعدت تلك النسخ الثلاث على استعادة السلسلة لسمعتها الطيبة، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات حاسمة في اتجاه إرساء صورة أكثر استدامة لشخصية لارا كروفت. وبينما كانت لا تزال تظهر في سروالها القصير المميز، وملابسها العلوية القصيرة، عُدل شكل جسمها ليتناسب بشكل أفضل مع شكل المرأة الحقيقية، وتم إكسابها مزيداً من قوة الشخصية.
Tomb Raider :2013 – أكبر إعادة تصميم تحظى به لارا كروفت حتى الآن
اشترت شركة Square Enix شركة Eidos عام 2009، وفي ديسمبر/كانون الأول من عام 2010، أُعلن عن إعادة إطلاق نسخة أخرى من تومب رايدر عندما كان العمل مُسنداً إلى شركة Crystal Dynamics.
أعادت نسخة تومب رايدر لعام 2013 السلسلة إلى المربع الأول، مقدمة بذلك للجيل الجديد من هواة الألعاب، لارا كروفت الشابة في أول مغامراتها.
إلى جانب عناصر الاستكشاف والألغاز المألوفة في اللعبة، ركز الطرح الجديد على غريزة البقاء لدى لارا كروفت، كما ركزت القصة على كيفية مساعدة البيئة القاسية للجزيرة النائية في تطوير وترقية لارا كروفت من كونها مجرد ناجية إلى محاربة.
Tomb Raider :2013
استطاع الطرح الجديد للعبة تلبية المتطلبات الأساسية المعاصرة للألعاب الإلكترونية، وركز بشكل كثيف على الخط القصصي السينمائي، كما زود اللعبة بجزيرة كاملة لاجتيازها واستكشافها، بدلاً من مجموعة من المقابر الضيقة.
وفي ظل التحول إلى مزيد من الحركة، ركزت اللعبة بشكل كبير على القتال، مانحةً لارا بذلك عشرات الطرق للتغلب على أعدائها، سواء كان ذلك بشكل صريح أم لا.
Tomb Raider :2018 – أليسيا فيكاندير بطلة النسخة الجديدة من الفيلم
على الرغم من أن لارا كروفت الأصلية كانت فوق الوصف خلال مغامراتها، إلا أن لارا الجديدة التي تظهر في النسخة الأخيرة من الفيلم أصغر سناً، وأكثر رقة، وأكثر قابلية للارتباط بشيء آخر.
ثقتها بنفسها تتذبذب، وقوتها الجسدية تخور في بعض الأحيان، إلا أن ذلك يجعل من الشخصية تبدو أكثر واقعية في بيئة غالباً تجعل اللاعبين يشعرون وكأنهم لا يُقهرون.
كان التصميم الجديد للارا كروفت جيداً بما فيه الكفاية ليكون دافعاً قوياً لفيلم تومب رايدر لعام 2018.
Shadow of the Tomb Raider :2018 – ما زالت لارا على قيد الحياة
تنهي شركة Eidos Montreal بإصدار عام 2018 من اللعبة، الذي يأتي باسم Shadow of the Tomb Raider، ثلاثية المجموعة الجديدة من خلال الغوص في أعماق لارا كروفت. ومن المقرر أن يكون مُتاحاً في الأسواق العادية والإلكترونية في الوقت الذي تقرأ فيه هذا التقرير.
من خلال اضطرار لارا للنجاة في أدغال أميركا الجنوبية، تساعد اللعبة على سد الهوة بين لارا كروفت الهشة وقليلة الخبرة التي ظهرت عام 2013، والمغامرة المتنقلة التي ظهرت طوال تلك السنوات منذ عام 1996.