يخشى كثيرون من انتهاك مواقع التواصل الاجتماعي لبياناتهم وتسريب خصوصياتهم، كيف لا وقد كشف قبل أيام حصول شركة Cambridge Analytica على بيانات 50 مليون مستخدم للفيسبوك لاستخدامها في تصميم برامج بإمكانها التنبؤ بخيارات الناخبين والتأثير عليها في صناديق الاقتراع في الانتخابات الأميركية الأخيرة
لكن ما يستحق أن تخشاه فعلاً يتجاوز بكثير ما قام به فيسبوك.
لماذا؟ لأن ما تعرفه عنك شبكاتك الاجتماعية المفضلة كفيسبوك وإنستغرام يعد قليلاً جداً بالمقارنة مع ما تعرفه تكنولوجيا VR التي شهدت تزايداً في الإقبال عليها مؤخراً مع طرح نظارتي جوجل كاردبورد وأوكولوس ريفت.
ما المعلومات التي تحصل عليها أجهزة VR وماذا تفعل الشركات بها؟
لاستخدام تقنية VR في اللعب، يجب أن تكون مستعداً لمشاركة بعض بياناتك الخاصة. هذا ليس مفهوماً جديداً؛ إذ تأتي أجهزتنا وتطبيقاتنا دائماً بسياسة خصوصية (يتصفحها معظمنا ويوافقون عليها دون قراءة فعلية). لكن، ما هي بالضبط المعلومات التي تحصل عليها أجهزة VR والألعاب، وماذا تفعل الشركات بهذه البيانات؟ سؤال جيد.
تستخدم المعلومات بشكل عام في تخصيص الإعلانات حسب تفضيلاتك الخاصة؛ هذا ما تفعله مواقع التواصل الاجتماعي، وVR ليس استثناءً. لكن معرفة المزيد عنك من خلال جهاز VR ستكون أكثر إفادة لأي شخص يقوم بقياس جمهور وبيع المنتجات أو الخدمات.
على سبيل المثال، تملك شركة Oculus Rift المصنعة لتكنولوجيا الـ VR سجلات لأي معاملات عبر الإنترنت، وأنماط استخدام موقع الويب والتطبيقات. وهذا قد يعني صورة أكثر دقة لحياتنا اليومية أكثر من أي وقت مضى.
إضافة لذلك تتطلب أجهزة VR القدرة على تتبع وتسجيل حركاتك، بما في ذلك الأماكن التي توجد بها، ما الذي تبحث عنه، وكيف تتفاعل مع الأشياء من حولك، كيف تتحرك جسدياً ومن حولك، هذه هي الطريقة التي سنتفاعل بها مع الألعاب، ويمكن لمثل هذه المعلومات تحسين طريقة اللعب، أو استخدامها للتجسس علينا!
والأكثر مدعاةً للقلق، هو الكاميرا والميكرفون اللذين يستخدمان لتفاعل أفضل مع الألعاب، وإذا كنت تشعر بالقلق حين تعرض على مواقع التواصل إعلانات تتطابق مع ما كنت تتحدث عنه، فأجهزة VR لديها المزيد من المعلومات المرئية والصوتية مقارنة بمنصات التواصل الاجتماعي.
بيانات أكثر شخصية بكثير
سيتمكن VR من جمع البيانات على مستوى جديد تماماً. يمكن لأجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء المصممة للمساعدة في الحركة التقاط صور شبه مثالية لمحيط المستخدمين في العالم الحقيقي.
علاوة على ذلك، يمكن استخدام البيانات والتفاعلات التي تمنح VR القدرة على علاج وتشخيص حالات الصحة الجسدية والعقلية لإضفاء طابع شخصي جداً على الخبرات والمعلومات ومعرفة نقاط الضعف للمستخدمين.
إضافة لذلك فإن شدة الغمر في تجارب الواقع الافتراضي قد تقنع المستخدمين بوقائع بديلة تماماً، وتؤثر أكثر بكثير من التعرض للأخبار المزيفة، لأنها لا تعتمد على المقالات النصية، بل الغمر الذي يخدع الذاكرة، سيكون المستخدمين عرضة لإعلانات VR، التي ستكون موجهة لهم بناءً على بيانات وانطباعات شخصية جداً، أكثر بكثير مما يفعل فيسبوك أو أي منصة أخرى.
ما هي سياسات الخصوصية لـ VR ؟
لنركز على اللاعبين الكبار الآن: HTC Vive و Oculus Rift و PlayStation VR و Google Daydream و Samsung Gear VR. كل منهم لديه سياسات خصوصية متاحة للمستخدمين على مواقعهم الإلكترونية، وليس من المستغرب أن جميعهم لديهم بنود مشابهة جداً. قد تتغير اللغة قليلاً من علامة تجارية واحدة إلى أخرى، لكنها تقول نفس الشيء تقريباً.
– تستخدم الشركات ملفات تعريف الارتباط (التي تقوم بتخزين معلومات تسجيل الدخول والإعلانات وتعتبر وسيلة اتصالك بخادم الإنترنت عبر جهازك).
– تجمع جميع الشركات معلومات عن موقعك ومنطقتك الزمنية والبلد الذي تعيش فيه.
– ستشارك الشركات البيانات المجتمعة مع شركات خارجية ولا يفترض أن يشمل ذلك بياناتك الشخصية ولكن بيانات مثل إحصاءات وقت اللعب اليومي وعدد المستخدمين.
– ستحصل الشركات بيانات حول عنوان IP الخاص بك، والمتصفح الذي تستخدمه، وجهازك، وسيستخدم الجميع المعلومات التي يجمعونها عنك لتوجيه استراتيجيات التسويق الخاصة بهم.
"من الصحيح القول بأن أجهزة VR لديها القدرة على جمع كمية غير مسبوقة من البيانات"، كما يقول إريك موجنييه، نائب شركة M & C للتسويق المحمول في لندن . ساتشي موبايل . "وقد يكون ذلك ضاراً لخصوصية المستخدمين إذا تم استخدامه بشكل ضار."
إمكانات كبيرة لـ VR هل تستخدم لصالحك أم ضدك؟
من ناحية تتميز العوالم الافتراضية بإمكانات لا حدود لها تقريباً، ألعاب VR يمكنها علاج إدمان المخدرات، وربما يساعد في حل جرعات الأفيون والمخدرات الزائدة. ويمكن لنزلاء السجن استخدام محاكاة الواقع الافتراضي للتحضير للحياة بعد إطلاق سراحهم، وغير ذلك من التطبيقات المتنوعة التي يتسابق الناس لدخولها كتجربة جديدة ومغامرة، لكن هذه التقنيات لديها القدرة على التأثير النفسي أكثر من أي تكنولوجيا أخرى حتى الآن، ومن ناحية أخرى تواجه تكنولوجيا الواقع الافتراضي عدداً من التحديات، ويمكن أن تشكل خرقاً غير مسبوق للخصوصية والصحة والسلامة الشخصية.
والواقع الافتراضي VR هي تقنية تعتمد على دمج الواقع بالخيال، وتستخدم نظارات خاصة لخلق بيئة محاكاة حقيقية أو ثلاثية الأبعاد، تعمل على غمس اللاعب في تلك البيئة، ليشعر أنه يعيش فيها ويتفاعل معها، وتتوفر ألعاب وأفلام سينمائية ثلاثية الأبعاد وتجارب محاكاة تستخدم للتعليم أو العلاج، ضمن تطبيقات الواقع الافتراضي التي تدعمها جوجل وشركات أخرى.
كثافة وحميمية VR لا يمكن تصديقها! كيف ذلك؟
"الواقع الافتراضي هو وضع شخصي وحميم للغاية". يقول أحد المطورين لتطبيقات الواقع الافتراضي: عندما ترتدي سماعة رأس VR فأنت تصدقها حقاً، أنت مغمور فيها حقاً!. إذا كان شخص ما يؤذيك في الواقع الافتراضي، فستشعر به، وإذا قام شخص ما بالتلاعب بك بخصوص شيء ما، فسيصعب عليك تجاوز ذلك.
هذا الانغماس هو ما يريده المستخدمون، "فالواقع الافتراضي هو أن تكون مغموراً بالكامل في اللعبة.. على عكس التلفزيون، حيث يمكنك دائماً تشتيت الانتباه"، أخبرنا أحد المستخدمين. هذا الغمر هو ما يمنح VR قوة غير مسبوقة: "في الواقع، ما تحاول VR فعله هنا هو الغمس في وجود واقع مكرر يخدع عقلك".
هذه الحيل يمكن أن تكون ممتعة – السماح للناس بالطيران بالمروحيات أو رحلة العودة إلى مصر القديمة. يمكن أن تكون مفيدة، وتقدم تحكماً في الألم أو علاجاً للظروف النفسية.
لكن يمكن أن تكون خبيثة أيضاً، حتى المزحة الشائعة التي يلعبها الأصدقاء على بعضهم البعض عبر الإنترنت -تسجيل الدخول والنشر كجانب- يمكن أن تأخذ بعداً جديداً تماماً. يشرح أحد مستخدمي VR، "يمكن لأحد الأشخاص وضع وحدة رأس VR والدخول في عالم افتراضي يفترض هويتك. أعتقد أن سرقة الهوية، إذا أصبح الواقع الافتراضي سائداً، سوف تصبح متفشية".
كيف تحمي نفسك؟
كن على علم بالبيانات التي يتم تجميعها عنك، إقرأ سياسة الخصوصية لجهاز الواقع الافتراضي، وللتطبيقات التي تستخدمها عليه، وقم بتغيير الإعدادت الافتراضية عندما يتوفر ذلك لتحمي خصوصيتك أكثر.
استخدم عنوان بريد إلكتروني وكلمات مرور منفصلة لVR غير الذي تستخدمه للمعاملات المالية ومواقع التسوق الخاصة بك.
ورغم ذلك لا يقتصر الأمر على المعلنين والمتسللين الذين قد يرغبون في تتبع سلوكك الافتراضي لأغراض تسويقية أو سرقة بل قد تحصل عليها الوكالات الحكومية أيضاً في يوم من الأيام كما تقول مونولينا سين المحللة بشركة ABC للأبحاث الأميركية.
تعتقد سين أن "مستقبل المراقبة الحكومية سيتكيف ويستفيد من VR " و"تعمل وكالة الأمن القومي على إيجاد طرق جديدة لتخزين السجلات، ومواصلة مراقبة المواطنين".