إذا كانت قد تسنت لك الفرصة في أي وقت مضى في زيارة أحد المنازل التي تم بناؤها قبل الحرب العالمية الثانية، ستلاحظ على الأرجح السقوف المزخرفة، والأبواب الشراعية، ناهيك عن التلفزيون الكبير الذي وضع بشكل محرج.
في حين أن التلفزيون كان متاحاً بصورة فعلية منذ عشرينات القرن الماضي، إلا أنه لم يصل إلى هنا في أستراليا حتى عام 1956 عندما نطق بروس جينجيل هذه الجملة الخالدة: "مساء الخير، ومرحباً بكم في التلفزيون".
في تلك المنازل القديمة أصبح الجدار المخصص لوضع التلفزيون في نهاية المطاف نوعاً من الديكور، حيث إن معظم المنازل التي تدخلها ذي الديكور الجميل قد وضعوا جهاز التلفزيون في إحدى الزوايا، مع أريكة وضعت أمامه بصورة قطرية؛ إذ لم يخلد ببال المهندس المعماري أو المقاول الذي قام بتصميم المنزل في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي أن صندوقاً مربعاً واحداً سيصبح الآلة المهيمنة على الأسرة، حيث يجتمعون ويمضون أمامه أمسيتهم.
لذلك، مع الزيادة الكبيرة في تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز، علينا أن نتساءل عن مدى أهمية الأثاث في الغرفة التي يوضع بها وسائل الإعلام في السنوات المقبلة.
إذ إن تخصيص مساحة لأجهزة الواقع الافتراضي يبدو وكأنه بذخ لا داعي منه، تماماً كما كان التلفزيون في الأيام الأولى.
الآن كل ما تحتاج إليه هو سماعة رأس فقط!
خلال هذا الأسبوع تم عرض نظرة خاطفة على مستقبل الواقع الافتراضي الذي يبدو في متناول الجميع، خصوصاً مع إعلان مارك زوكربيرغ عن سماعة لا سلكية مستقلة – حيث تعمل هذه السماعة بصورة مستقلة ولا تتطلب الاتصال بأي جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكي – وجاء إعلان مارك في مؤتمر شركة أوكولوس للاتصالات والبرمجة.
كتبت شركة أوكولوس من خلال مدونتها "كائن مستقل هو فئة جديدة تهدف إلى تحقيق المزيد من الحرية وإمكانية الوصول إلى الواقع الافتراضي".
وأضافت: "بدون كابل أو الحاجة إلى الاتصال بالهاتف المحمول، سماعات مستقلة تمثل مرحلة جديدة تماماً من أجهزة الواقع الافتراضي".
في حين لم تذكر الشركة الكثير من التفاصيل عن عمر البطارية ودقة الرؤية، إلا أن الشركة وعدت بتوفير "شاشة LCD سريعة التبديل بدقة عالية" بالإضافة إلى عدسات، وعدت الشركة بأنها ستكون الأفضل على الإطلاق.
تبدأ التكلفة من 199 دولاراً أميركياً وهو ما يعدل حوالي 250 دولاراً أسترالياً.
وهذا أقل من نصف تكلفة سماعة الرأس التي أصدرتها الشركة، والتي لا تزال تتطلب أيضاً الاتصال بجهاز الكمبيوتر الشخصي، مما يجعلها مجرد ديكور عديم الفائدة. وتزيد سماعة أوكولوس الجديدة حوالي 100 دولار أميركي فقط عن سماعة سامسونغ للواقع الافتراضي، وهي السماعة التي ما زالت تتطلب الاتصال بهاتف ذكي بقيمة 500 دولار على الأقل للعمل.
عزز عرض أوكولوس وزوكربيرغ من التزام شركة أوكولوس وفيسبوك بدعم الواقع الافتراضي، بالإضافة إلى البيان الجريء الذي صدر عن الرئيس التنفيذي، والذي قال فيه: "نريد إيصال الواقع الافتراضي إلى مليار شخص".
لا يمكنك أن تكون سعيداً بدون محتوى.
وبطبيعة الحال، على افتراض السماعة الجديدة غو هي قطعة مذهلة كما وعدت شركة أوكولوس، فإن حتى أفضل سماعات الواقع الافتراضي ذات الأسعار المعقولة، ليست جيدة بما فيه الكفاية إذا لم يكن بها مكتبة من المحتوى جديرة بالاهتمام.
وهذا هو الجانب الآخر من مؤتمر هذا الأسبوع الذي سعت الشركة لتسليط الضوء عليه: دعم المزيد من المحتوى الممكن في هذا العالم المتمدد.
منذ أن اشترت فيسبوك شركة أوكولوس في عام 2014، أشار زوكربيرغ مراراً إلى أنه يرى منصة تلك الشركة أكثر بكثير من مجرد تحديث لبعض الألعاب. وقد أظهر بالفعل هذا الأسبوع جانباً من الجوانب الممكنة، من خلال أخذ جولة في الإعصار الذي ضرب بورتوريكو مستخدماً تكنولوجيا الواقع الافتراضي.
الآن، كان هناك عرض لا يصدق – "يمكنك التحقق من كل هذا البؤس الذي يمكنك رؤيته عن قرب من خلال تلك التكنولوجيا المذهلة!" – ولكن إذا حذفت الفكرة الخاصة بالتسويق خلف هذا العرض، فسترى أن هذه التكنولوجيا ربما تكون نوعاً من الإغاثة في حالات الكوارث في المستقبل.
الصور أبلغ من 1000 كلمة ولكن حتى الصور لا يمكنها توضيح مستوى الدمار الذي يمكن أن تحدثه بعض الكوارث الطبيعية.
إن قيام زعماء العالم بجولة سيراً على الأقدام في مدينة أو بلدة مزقتها مثل هذه الكوارث يمكن أن يدفعهم على الفور لإدراك خطورة الموقف، في حين أن تنظيم جولة في الوقت الراهن قد يستغرق أياماً – في الوقت الذي تحمل فيه كل ساعة المزيد من الدمار لأولئك الأشخاص اليائسين.
مرة أخرى، قام زوكربيرغ بعمل ربما يكون محدوداً، ولكن هذه هي الإمكانيات التي تصورها للواقع الافتراضي – الذي يأمل في أن يكون وسيلة لتحسين التعليم، والاتصالات، وحتى الإغاثة الإنسانية.
إنه الوقت المناسب للتفكير في التجديد.
سنعرف ما هو المقصود بذلك عندما يتم إصدار سماعات غو في أوائل عام 2018، ولكن يبدو أن شركة أوكولوس قد ألقت بتحد جديد للشركات الأخرى المهتمة بتكنولوجيا الواقع الافتراضي.
ولكن إذا افترضنا أن هذه الأجهزة سوف تصبح مألوفة، فما الداعي من الجلوس في غرفة مليئة بالأثاث الضخم؟
كنت تريد أن تزج بنفسك في هذا الكون الافتراضي الذي يمكنك من خلاله الانطلاق في ذلك الفضاء الفسيح. وإذا كنت تريد التمتع بتجربة الواقع الافتراضي، فأنت تحتاج إلى مساحة كبيرة نسبياً ومفتوحة يمكنك فيها القيام بذلك.
كما هو مذكور في احتياطات السلامة المنشورة من خلال شركة أوكولوس: "يمكن أن تحدث إصابات خطيرة من التعثر، والجري في أو الاصطدام بالجدران والأثاث أو غيرها من الأشياء؛ لذلك تأكد من إزالة أي عوائق في المنطقة المحيطة بك للحصول على تجربة آمنة من استخدام سماعات الواقع الافتراضي".
تنصح الشركات القائمة على صناعة سماعات الواقع الافتراضي من البقاء جالساً خلال استخدام تلك السماعات، ولكن أي شخص جرب المشي خلال استخدام ذلك النوع من السماعات سيخبرك أن التجربة مختلفة تماماً عما إذا ظللت جالساً.
والسؤال الآن: هل تريد حقاً سحب الأريكة بالإضافة إلى طاولة القهوة والتلفزيون الموجودة في غرفة وسائل الإعلام الخاصة بك في كل مرة ترغب في ارتداء سماعة الواقع الافتراضي؟
حسناً، لن يتم إصدار هذه السماعات غداً، فليس هناك حاجة بعد من تبديد وإزالة الأثاث من غرفة المعيشة الآن، ولكن إذا كانت سماعة الواقع الافتراضي ستصبح جزءاً أساسياً من الأدوات المنزلية – مثل التلفزيون أو الهاتف في وقتنا الحالي -فسيكون هناك بالتأكيد مضاعفات أوسع لهذا الوضع الجديد.
ولعل البعض منا سيلجأ للاتصال ببعض المتخصصين للقيام ببعض التجديدات في منازلنا.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية من "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.