منذ ظهورها أول مرة، حُظرت أعداد كبيرة من ألعاب الفيديو في العالم؛ لأسباب كثيرة، أهمها احتواء هذه الألعاب على قدر مبالغ فيه من العنف، أو المشاهد الإباحية، أو بسبب استعمال المخدرات كأحد العناصر القائمة على أساسها اللعبة.
وفي أحيان أخرى فإن السبب يعود لترويجها أفكاراً تخالف مبادئ دولة معينة، إلا أن هناك بعض الألعاب التي واجهت المنع لأسباب غريبة تختلف تماماً عن الأسباب المذكورة، سنتعرف عليها في هذا التقرير.
1- لعبة Marc Ecko's Getting Up: Contents Under Pressure
يتمثل مبدأ لعبة "Marc Ecko's Getting Up: Contents Under Pressure"، التي أُصدرت عام 2006، في تقمص اللاعب شخصية شاب يدعى "ترين"، الذي يعيش وسط مدينة تدعى "نيو راديوس"، في زمن مستقبلي تسود فيه "الديستوبيا"، وتُقمع فيه جميع أنواع الحريات، وعلى رأسها حرية التعبير، وهو الأمر الذي دفع بـ"ترين"، إلى أن يقرر تحدي دولته، وقوانينها، من خلال أسلوب رفض مسالم، يتمثل في ممارسته لهوايته المتمثلة في رسم "الغرافيتي".
يتنقل اللاعب بين الأماكن المختلفة داخل اللعبة، ويجتاز العقبات التي تقابله، من أجل الوصول إلى جدران محددة؛ للرسم عليها، مع الحرص على ألا يُقبض عليه، وعلى الرغم من أن اللعبة لا تحتوي على أي من أشكال العنف، إلا أن العثور عليها في المتاجر الأسترالية يعتبر أمراً مستحيلاً؛ وذلك لأن أستراليا حظرت اللعبة، ومنعت دخولها إلى أراضيها.
والسبب الرسمي الذي أعلنت عنه السلطات هو كون اللعبة تروج للرسم على الجدران العامة بشكل غير قانوني، وأن السماح للأطفال والمراهقين بلعبها بشكل دوري يشجعهم على القيام بنفس ما يقوم به البطل داخل اللعبة.
2- لعبة Sonic Blast Man
يعود سبب منع لعبة "Sonic Blast Man" بالأساس إلى اللاعبين، وليس إلى اللعبة نفسها التي أُصدرت عام 1991، وكانت ضمن آلات الألعاب التي كانت موجودة داخل النوادي والمقاهي ومحلات الألعاب، أو ما يسمى باللغة الإنكليزية بـ"Arcade Game"؛ إذ كانت اللعبة تتمثل في تجسيد اللاعب لبطل خارق، يحمل نفس اسم اللعبة، ويتجول لينقذ الأشخاص الآخرين من إيذاء الأشرار.
وكل ما كان مطلوباً من اللاعب حينها في ظل بدائية التكنولوجيا، هو ارتداء قفازي ملاكمة معلقين على جانب الآلة، ثم لكم منطقة محددة بكل ما أوتي من قوة، فيوجه البطل الخارق هذه اللكمات إلى الشرير، وبعد التغلب عليه يتمكن اللاعب من الانتقال إلى المستوى التالي.
لكن الولايات المتحدة الأميركية حظرت اللعبة بعد ثلاث سنوات من إصدارها، على الرغم من انتشارها، وشعبيتها العالية بين المراهقين، أما السبب فيعود لبعض الحمقى الذين قرروا إبهار أصدقائهم، أو اختبار قدراتهم عن طريق الفوز في اللعبة دون استخدام القفازات، وهو الأمر الذي أدى خلال ثلاث سنوات إلى إصابة ما يقارب 70 شخصاً بكسور في اليد والأصابع.
3- لعبة EA Sports MMA
ننتقل إلى الدنمارك، حيث حُظرت لعبة "EA Sports MMA" عام 2015، وهي لعبة كما يدل اسمها تمكن اللاعب من ممارسة المصارعة الحرة، مما يجعلها لعبة تحتوي على كم هائل من العنف، لكن هذا ليس سبب منعها.
ويعود سبب منع اللعبة إلى القدر الكبير من الإعلانات الترويجية، لمشروبات الطاقة المتواجدة داخلها، وهو ما يخالف القانون الدنماركي، الذي يمنع الترويج لهذا النوع من المشروبات.
4- جميع الألعاب العنيفة
اتخذت إحدى الدول قراراً عام 2010، بمنع بيع جميع ألعاب الفيديو العنيفة، دون ذكر أي معايير تحدد نوع العنف المستهدف أو قوته، ربما قد تفكر عند قراءتك لهذه الكلمات بأن القرار صدر عن إحدى الدول الإسكندنافية المناهضة للعنف بجميع أشكاله، وربما تظن أيضاً أنه صدر من إحدى الدول الديكتاتورية التي تملك قوانين صارمة بشكل مبالغ فيه، إلا أنه في الحقيقة فإن البلد الذي اتخذ هذه الخطوة، هو أحد البلدان التي تُسجل فيها أعلى نسب الجريمة وحوادث القتل في العالم، نتحدث هنا عن فنزويلا.
وضعت فنزويلا قانوناً يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات، لكل من يستورد أو يبيع أو يُصنع أو يُوزع أو يُؤجر أي لعبة فيديو عنيفة، وقد يبدو الأمر منطقيا شيئاً ما إذا توقعنا أن فنزويلا تريد بذلك الحد من أي سبب من الممكن أن يكون وراء زرع العنف في نفوس الفنزويليين، لكن هذا ليس السبب الوحيد، فالسبب الأساسي الذي دفع بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، إلى اتخاذ هذه الخطوة هو اعتبار هذه الألعاب وسيلة ترويجية للسياسات الرأسمالية للولايات المتحدة، تروج من خلالها لمنتجاتها وتزرع الغريزة الاستهلاكية لأنواع من المنتجات غير القانونية عن طريقها، قبل بيعها للشعب الفنزويلي.
5- لعبة Homefront
تدور أحداث لعبة Homefront، التي أُصدرت عام 2011، في زمن مستقبلي يستحوذ فيه ابن الزعيم الحالي لكوريا الشمالية على كوريا الجنوبية، ومن ثم يوحد الدولتين ليغزو الولايات المتحدة الأميركية، ويتمثل دور اللاعبين في حماية بلدهم والتصدي للقوات الكورية.
وقد نتوقع بالتأكيد أن تحظر دولة ككوريا الشمالية لعبة كهذه؛ نظراً لقوانينها الصارمة، وقمعها لأغلب الحريات بمبررات غير مفهومة، لكن غير المتوقع هو أن تأتي خطوة كهذه من دولة ديمقراطية ككوريا الجنوبية، بل ويبدو الأمر أكثر غرابة عندما نعرف أن السبب الذي دفعها لاتخاذ هذا القرار، هو خوفها من أن يسبب انتشار اللعبة في البلد في إساءة إلى الجارة كوريا الشمالية، التي قد تتخذ قراراً بغزوها بالفعل، أما السبب الثاني فيعود لخوفها من أن تشكل اللعبة المصنوعة بإتقان إلهاماً للكوريين الشماليين، لاتباع الاستراتيجيات الموجودة بها من أجل غزو الجارة الجنوبية.