يبدو أن ما نراه في أفلام الخيال العلمي سيصير واقعاً، المنافسة بين الإنسان الآلي والبشري على وشك أن تحتدم مما سيجعلنا أمام ثورة تكنولوجية لم يسبق لها مثيلٌ من قبل.
في آخر ما توصّل إليه فريق شركة "غوغل" المسئول عن الذكاء الاصطناعي، تمّ عقد مُباراة بين الحاسوب الذي طوره الفريق والسيد "لي سيدول" في لعبة تُدعى "غو" وهي لعبة تُشبه الشطرنج إلى حد كبير خاصةً وأنها تعتمد على التفكير الاستراتيجي وابتكار الخُطط، موطنها هو الصين، كما أنه جدير بالذكر أن السيد "لي سيدول" هو أفضل لاعب للعبة "الغو" عرفته البشرية.
على عكس المتوقع، اكتسح الحاسوب السيد "لي" في جولتهما الأولى معاً من أصل خمسة جولات، لكن من ربح جولة لم يربح الحرب، إلّا أن هذه الجولة تعني الكثير لفريق "الفا غو" فريق شركة "غوغل" المطور للحاسوب، وفقاً لما نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
ما هو الجديد؟
البعض قد يتساءل عن مدى أهمية الأمر، فهناك العديد من الألعاب تغلّب فيها الحاسوب على الجنس البشري من قبل مثل الشطرنج وغيرها، لكن المفاجأة تكمن فيما لا يعرفه البعض عن لعبة "غو"، لعبة "غو" هي أكثر الألعاب الاستراتيجية تعقيداً خاصةً لأنها تتكون من عدد لا نهائي من التحرّكات حتى يتمكن أحد الخصمين من الإطاحة بخصمه والتغلّب عليه، وهذا يعني أن اللعبة في الأساس تعتمد على الحدس أكثر من الحساب، وتتطلب اللعبة الذكاء والموهبة وليس أحدهما فقط.
عمر اللعبة يعود إلى 3000 عام أثناء الحضارة الصينية القديمة، وكانت تمثل تحدياً هائلاً آنذاك، على الرغم من بساطة اللعبة حيث أنها تعتمد على بعضٍ من القواعد البسيطة إلا أنها تظل الأكثر تعقيداً على الإطلاق، خاصةً بسبب كمية الاحتمالات الهائلة للتحركات بين الخصمين فلا يُمكنك الفوز بمُجرد التوقع كما نفعل في الشطرنج.
بعيداً عمّا أثاره الأمر من حماسة بالنسبة لهواة اللعبة، لكن للأمر بعداً آخر غاية في الأهمية، هل وصلت قُدرة الذكاء الاصطناعي إلى هذا الحد؟ لعبة مثل تلك تحتاج إلى كم هائل من الخبرة والمهارة والذكاء والموهبة مُجتمعة في آن واحد، كيف تمكن الحاسوب من جمعهم بهذا الشكل؟ كانت إجابة فريق شركة "غوغل" عن الأمر موضحةً أن برمجة الحاسوب تعتمد في الأساس على التعليم الذاتي حيث المنافس الأول والأخير للحاسوب هو الحاسوب ويظل يلاعب نفسه محللاً الأخطاء والخطط وجميع الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة مُحسِّناً من أدائه حتى يُصبح مُلماً بجميع الحركات والألعاب.
لكن ما فائدة الأمر للجنس البشري في النهاية إذاً؟
الفائدة عظيمة، مثل هذه الطُرق في البرمجة طورت شيئاً لم يسبق لأي حاسوب التعرف عليه، وهو الحدس وتلك الصفة هي الصفة الأساسية والمميزة للجنس البشري.
كان التحدي كبيراً أمام المطورين، كيف يمكنهم أن يجعلوا من الحاسوب إنساناً آلياً حقاً، يُمكنه التفكير والتعلّم والإدراك كما يفعل الإنسان البشري تماماً.
لكن التحدي كانت له نتائج مُبهرة لا شك، حيث استطاع فريق غوغل أن يجعل الحاسوب يتفوق في العديد من المراكز الحسية الهامة في الإنسان، مما بدوره سيؤدي إلى إحداث ثورة تكنولوجية هائلة كما نرى في الأفلام أو فيلم Her على سبيل المثال حيث كان النظام الإلكتروني الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي يستطيع القيام بالعديد من الأمور التي يقوم بها الإنسان البشري بل ويستطيع الشعور مثله أيضاً.
كل هذا من شأنه أن يصنع عصراً تكنولوجياً لم يشهده العالم من قبل، على الرغم من أن التطبيقات التي نراها الآن هي تطبيقات بسيطة نوعاً ما لكن خلال فترة زمنية وجيزة ستتمكن بالفعل من التحدّث إلى حاسوبك كما تفعل مع أقرب صديق لك.
خاصةً وأن الطريقة التي يقوم عليها تطوير تلك الحواسيب هي طريقة "التعليم الذاتي" كما ذكرنا من قبل وهذا سيُمكن الحاسوب من جمع المعلومات وإدراكها كما يفعل العقل البشري، هذا يعني أن الحاسوب يُصبح أكثر مهارة وذكاء مع مرور كل ثانية.
على الرغم من مخاوف العديد من الناس من ضرر ذلك التطور التكنولوجي، إلا أننا لا نستطيع أن نُنكر دور الذكاء الاصطناعي في حياتنا الآن سواءً في دراستنا أو مساعدتنا في عمليات البحث أو التواصل الاجتماعي.
هذه المادة مترجمة من صحيفة الإندبندت البريطانية، للاطلاع على النسخة الأصلية يرجى الضغط هنا.