تقترح دراسة كبيرة أن بإمكان ساعة أبل رصد اضطرابات القلب في بعض، بينما يقول الخبراء إنه لا بد من التأكد أكثر قبل اعتماد هذه التقنية لرصد مشكلات القلب بدقة. وتبين أن ساعة أبل تكشف الرجفان الأذيني للقلب على وجه التحديد، من خلال تعقب دقت القلب المتفاوتة.
وسجل أكثر من 419 ألف مستخدم لساعات أبل للالتحاق بالبرنامج البحثي الاستثنائي الذي بدأ في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ليصبح بذلك أكبر بحث على الإطلاق يتضمن فحص أشخاص أصحاء لاستكشاف إصابتهم بالرجفان الأذيني، وهي الحالة التي إذا لم يجر علاجها قد تؤدي إلى سكتات قلبية.
من خلال شراكتهم مع شركة أبل، أفاد باحثون بجامعة ستانفورد، يوم السبت 16 مارس/آذار 2019، أن الساعة لم تظهر نتائج إيجابية لمعظم الأشخاص، وأن ما يصل إلى نصف بالمئة فقط من المشاركين، حوالي 2100 شخص، كانت لديهم مشكلة.
ويحذّر الدكتور ريتشارد كوفاكس، من الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، الذي لم يشارك بهذه الدراسة، من أنها "ليست مثالية"، حتى بين من أشارت باحتمال وجود مشكلة لديهم.
وقال لصحيفة Daily Mail: "كان يُفترض بمن ظهر لهم هذا التنبيه استشارة طبيب من الدراسة عبر أدوات الطب الإلكتروني، ثم ارتداء رقعة تخطيط القلب لقياس نشاط القلب لمدة أسبوع لتحديد مدى دقة الساعة".
وكان بعضهم قد تخطَّى الفحص الظاهري لاستشارة أطبائهم؛ وبشكل عام سعى حوالي 57% منهم للحصول على رعاية طبية.
ساعة أبل تكشف الرجفان الأذيني للقلب
ومن بين مَن حصلوا على متابعة لتخطيط القلب خلال البحث، أصيب ثلثهم بالرجفان الأذيني، وفقاً للنتائج الأولية التي قُدمت في مؤتمر الجمعية الأمريكية لأمراض القلب المنعقد في نيو أورليانز.
وقال الدكتور مينتو توراخيا، الباحث الرئيسي بفريق جامعة ستانفورد، إن الرجفان الأذيني يذهب ويعود، والمراقبة لمدة أسبوع فقط ربما أغفلت بعض الحالات.
وأضاف: "لكن حين رصدت الساعة اضطرابات أخرى بضربات القلب عند ارتداء شخص ما لرقعة تخطيط القلب، كان الأمر في 84% من الوقت هو إصابة فعلية بالرجفان الأذيني".
وقال الدكتور لويد مينور، عميد كلية الطب بجامعة ستانفورد: "نعتقد أن هذه الدراسة تقدم دليلاً مشجعاً للغاية على أن هذا الجهاز، أي ساعة أبل، يمكن استخدامه لرصد الرجفان الأذيني وتنبيه الأشخاص عندما تكون هناك حاجة للمزيد من المتابعة أو الاختبارات".
وقال خبراء آخرون بأمراض القلب إن هذه الدراسة، التي تمولها أبل، تقترح إمكانية الفحص عبر تقنية قابلة للارتداء، قد يكون ذلك ممكناً تقنياً في نهاية المطاف، لكنها تحتاج للكثير من البحث.
وقال الدكتور فالنتين فوستار، رئيس قسم أمراض القلب بمستشفى ماونت سيناي في نيويورك والرئيس الأسبق للجمعية الأمريكية لأمراض القلب، الذي لم يشترك في هذا البحث: "لن أنصح بهذا الجهاز للجميع".
وبدلاً من ذلك، يود فوستار أن يرى اختبار هذا الجهاز على كبار السن بوجود عوامل خطر مثل ارتفاع ضغط الدم.
ما هو الرجفان الأذيني؟
يحدث الرجفان الأذيني عندما تصبح غرف القلب العلوية، وتسمى الأذينين، غير متزامنة مع عملية ضخ الدم في الغرف السفلية للقلب.
أحياناً يشعر المرضى بما يعرف بالرفرفة أو الاختلال أو تسارع بضربات القلب، ولكن في العديد من الأحيان لا يكونون مدركين لهذه الأعراض.
قد يعود القلب لإيقاعه المنتظم بنفسه، وبعض المرضى يخضعون لصدمات كهربائية لإعادة القلب إلى إيقاعه المنتظم، أو للعلاج بمخففات الدم لمقاومة جلطات الدم المسببة للسكتات، التي قد يتسبب بها الرجفان الأذيني إذا تُرك دون علاج.
ويتسبب الرجفان الأذيني في 130 ألف حالة وفاة و750 ألف حالة يجري علاجها بالمستشفيات كل عام في الولايات المتحدة.
كيف يتحقق الأطباء من إصابة مرضاهم بالرجفان الأذيني؟
الرجفان الأذيني أكثر شيوعاً في كبار السن، مع عوامل خطر أخرى تتضمن ارتفاع ضغط الدم أو وجود تاريخ مرضي عائلي بعدم انتظام ضربات القلب.
ولكن لا ينصح بالفحص الدوري للأشخاص الذين لا يعانون من أي أعراض.
لم تُثبت الدراسات بعدُ أن الاكتشاف المبكر بالفحص قد يمنع بصورة كافية حدوث جلطات للتغلب على المخاطر الناتجة عن إجراء اختبارات غير ضرورية أو علاج غير ضروري.
كيف تتحقق ساعة أبل من الإصابة بالرجفان الأذيني؟
من خلال تطبيق هاتفي، يستخدم مستشعر بصري على إصدارات معينة من الساعة لتحليل بيانات معدل النبض.
إذا رصد المستشعر انحرافاً كافياً بضربات القلب على مدار 48 ساعة، سوف يتسلم المستخدم تنبيهاً بعدم انتظام إيقاع ضربات القلب.
الإصدار الأخير من ساعة أبل يتيح كذلك للمستخدمين الضغطَ على زر لأخذ تخطيط كهربي للقلب ومشاركة النتائج مع الأطباء.
ولكن الدراسة التي ظهرت نتائجها يوم السبت لم تتضمن ساعات بهذه الخاصية.
هل أظهرت الدراسة الجديدة أن الفحص الجماعي فكرة جيدة؟
لا، جرى تصميم الدراسة لمعرفة مدى دقة نتائج الساعة، مقارنة بأسبوع من نتائج تخطيط القلب القياسية، وليس إذا تحسَّنت صحة المستخدم بسبب كشف الفحص عن عدم انتظام ضربات القلب.
وسنحتاج إلى سنوات من المجهود البحثي الإضافي، لإثبات إذا كان اكتشاف الرجفان الأذيني مبكراً يقلل من مخاطر الجلطات والسكتات القلبية.
وقال كوفاكس: "حيث إن البرنامج البحثي لم يتضمن مجموعة مقارنة تحصل على تخطيط قلب منتظم، لا توجد طريقة لمعرفة إذا ما كانت الساعة لم ترصد بعض مشكلات القلب الأخرى، مما يعطي شعوراً زائفاً بالأمان".
وقال إن انخفاض عدد النتائج الإيجابية قد يرجع إلى أن معظم المشاركين من الشباب أو متوسطي العمر، وليس من كبار السن الأكثر عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني.