توصَّل باحثون بريطانيون إلى أن المراهقين الذين يمارسون ألعاب الفيديو العنيفة ليسوا أكثر عرضة لممارسة سلوكيات عدوانية في العالم الحقيقي من أقرانهم، وقال الباحثون إن الآثار السلبية لهذه الألعاب مبالغ فيها.
التخوف من أن الألعاب الدموية مثل Grand Theft Auto وCall of Duty، قد تجعل الأطفال يعتقدون أن السلوكيات التي تظهر على الشاشة مقبولة، كان مصدر قلق كبير للآباء وصانعي السياسات لسنوات.
ترامب يخطيء في هذا أيضاًَ!
وفي العام الماضي قال الرئيس دونالد ترامب إن الألعاب العنيفة "تشكل أفكار الشباب"، في أعقاب إطلاق النار على مدرسة Marjory Stoneman Douglas الثانوية في باركلاندز بولاية فلوريدا.
بحسب ما نُشر في موقع صحيفة The Independent البريطانية؛ واحدة من أشمل الدراسات حتى الآن، قادها باحثو جامعة أكسفورد، لم تجد أي دليل على ازدياد العدوانية بين المراهقين الذين قضوا وقتاً أطول يلعبون ألعاباً عنيفة خلال الشهر الماضي.
يقول الباحث الرئيسي البروفيسور أندرو برزيبيلسكي، مدير الأبحاث في معهد أوكسفورد للإنترنت: "فكرة أن ألعاب الفيديو العنيفة توجه السلوك العدواني في العالم الحقيقي، هي فكرة شائعة، لكنها لم تختبر جيداً مع الوقت".
ويضيف: "مع أن الموضوع ينال اهتماماً من الآباء وصانعي السياسات، لم يثبت البحث أن هناك ما يدعو للقلق".
لكنه قال إن الألعاب يمكن أن تثير نوبات غضب أثناء اللعب على الإنترنت. وأضاف: "من المشاهدات العشوائية ترى أشياءً، مثل تبادل السباب، والتنافس الحاد، والسخرية، توجد في مجتمعات الألعاب، ويمكن عدها سلوكيات غير اجتماعية".
الإثباتات ليست قاطعة
استطلعت الدراسة عينة تمثيلية من 1000 بريطاني، أعمارهم 14 و15 سنة، حول عاداتهم وسلوكهم في الألعاب، ووجدوا أن نصف الفتيات تقريباً وثلثي الأولاد لعبوا ألعاب فيديو.
لأنها تستخدم على نطاق واسع للغاية، فإن أي تأثير صغير يمكن أن تكون له عواقب كبيرة، وقد أدى هذا إلى مطالبة بعض المجموعات الموثوق فيها، مثل جمعية علم النفس الأمريكية، بفرض قيود على الوقت الذي يقضيه الشباب في لعب الألعاب العنيفة.
ومع ذلك، توصلت الحكومتان الأسترالية والسويدية إلى أن الإثباتات ليست قاطعة بما يكفي للدعوة إلى فرض حدود.
قياس أكثر موضوعية
وقال فريق البحث من جامعة أكسفورد وجامعة كارديف، إن الدراسات السابقة التي وجدت صلة بين الألعاب والعنف قد اعتمدت أكثر مما ينبغي على اللاعبين المراهقين للحصول على معلومات حول ما يلعبونه وسلوكهم.
ولمعالجة ذلك في دراستهم التي نُشرت في مجلة Royal Society Open Science، أجروا مقابلات مع أولياء الأمور والمشرفين، لمعرفة ما إذا كانوا يعتقدون أن طفلهم أصبح غير اجتماعي أكثر.
وساعد هذا في تقييم العنف داخل اللعبة بالمقابلة مع أنظمة التصنيف في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لتوفير قياس أكثر موضوعية، وقد أعلن الفريق عن طريقته البطيئة المقصودة لمعالجة بياناتهم قبل بدء الدراسة، إذ يقلل هذا من خطر اختيار أجزاء معينة من البيانات بشكل تفضيلي، للحصول على نتائج أكثر إثارة، وهو أمر عانت منه الأبحاث الأخرى في هذا المجال.
تحيزات مسبقة
وتقول المؤلفة المشاركة في البحث، الدكتورة نيتا واينشتاين من جامعة كارديف: "النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن تحيزات الباحثين قد أثرت على الدراسات السابقة حول هذا الموضوع، وشوهت فهمنا لآثار ألعاب الفيديو".
ويقول الفريق إن طريقتهم لمنع انتقاء النتائج يجب أن تُستخدم في مجالات أخرى من الأبحاث التكنولوجية، التي تكون عرضة لقلق أخلاقي، مثل الحكايات المنتشرة عن أثر وسائل التواصل الاجتماعي، أو الوقت الذي يُقضى أمام الشاشات، في حدوث الاكتئاب.