لا تفوّت حكومة اليمين الإسرائيلية فرصة لفرض سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك المقدسات الإسلامية، في إطار سياسة منهجية لتهويدها. وكان آخر هذه التحركات ما أقدمت عليه قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، المسؤولة عن الضفة الغربية، بسحب صلاحيات الإشراف على الحرم الإبراهيمي من بلدية الخليل الفلسطينية.
ويُعد الحرم الإبراهيمي من أكثر المواقع حساسية وتفجراً في الشرق الأوسط، لما له من قدسية دينية ومكانة تاريخية. وقد تقرر نقل صلاحيات الإشراف عليه إلى المجلس الديني في مستوطنة "كريات أربع" اليهودية، في خطوة غير مسبوقة منذ عام 1994، حين نفذ الحاخام المتطرف باروخ غولدشتاين مجزرة داخل الحرم، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين.
قرار "دراماتيكي" يعمّق تهويد الحرم الإبراهيمي
اعتبر حنان غرينوود، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" لشؤون الاستيطان، أن القرار الأخير بشأن الحرم الإبراهيمي يُعد "دراماتيكياً" في سياق عملية التهويد المتواصلة في الأراضي الفلسطينية. ويرى غرينوود أن هذه الخطوة تُشكّل امتداداً مباشراً لتحركات الإدارة المدنية التابعة لوزارة الحرب الإسرائيلية، التي يشرف عليها وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، في إطار سعيه المستمر لإحداث تغييرات جذرية في الحرم.
ومن بين هذه التغييرات، مشروع لإعادة تسقيف الحرم، يتضمن إنشاء سقف مخصص للمستوطنين اليهود في ما يسمى "ساحة يعقوب"، حيث تُقام صلواتهم في ظروف مناخية قاسية على مدار العام. لكن هذه الخطة ليست الوحيدة، إذ يواصل المستوطنون الضغط على الإدارة المدنية لتطبيق سلسلة من الإجراءات الإدارية والتنظيمية من شأنها تعزيز سيطرتهم الكاملة على الحرم.
وفي السياق ذاته، كشف موقع القناة السابعة التابعة للمستوطنين أن اجتماعاً عُقد مؤخراً برئاسة وزير الحرب يسرائيل كاتس، ناقش سحب الصلاحيات من بلدية الخليل الفلسطينية والأوقاف الإسلامية. وتمخض الاجتماع عن قرار رسمي يقضي بمنح صلاحيات الإشراف على الحرم الإبراهيمي إلى المجلس الديني لمستوطنة "كريات أربع"، ما يمثّل سابقة في تحويل المسؤولية من الجهات الفلسطينية إلى مؤسسة استيطانية لأول مرة.
محطات السيطرة الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي: من غورين إلى غليك
قال الباحث الإسرائيلي في شؤون الاستيطان، موشيه أوريئيل، إن محاولات السيطرة على الحرم الإبراهيمي تعود إلى ما بعد احتلال الخليل عام 1967، حين سعى الحاخام شلومو غورين، الحاخام العسكري الرئيسي آنذاك، إلى تغيير وضع الحرم وتحويل جزء منه إلى كنيس يهودي. غير أن وزير الحرب حينها، موشيه ديان، رفض الأمر، وأزال المعدات التي جلبها غورين، مقرراً إبقاء السيطرة على الحرم بيد المسلمين.
وأوضح أوريئيل أنه بعد شهرين فقط من احتلال المدينة، سُمح لليهود بدخول الحرم لأول مرة، ضمن ساعات محددة، كزوار لموقع أثري، لا كمصلين. لكن في عيد الفصح عام 1969، بدأ المستوطنون حملة ضغط لتغيير هذا الوضع، ما أدى إلى صدامات سياسية وميدانية خلال سبعينيات القرن الماضي. وفي عام 1979، قررت الحكومة الإسرائيلية السماح للمستوطنين بالصلاة في جميع قاعات الحرم، وإدخال مقتنيات دينية يهودية، لتبدأ بذلك سياسة التقاسم الديني، حيث يؤدي المسلمون واليهود صلواتهم في الموقع ذاته.
وفي هذا السياق، قال شاي غليك، أحد قادة المستوطنين في الخليل، إنه يعمل منذ سنوات على "استعادة" الحرم الإبراهيمي بزعم أنه "مسجَّل باسم الشعب اليهودي منذ سفر التكوين"، معتبراً القرار الأخير بنقل صلاحيات الإشراف من بلدية الخليل إلى مجلس مستوطنة "كريات أربع" خطوة في اتجاه إعلان "الضم الكامل" لكل المواقع الدينية اليهودية في الأراضي المحتلة.
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية الخليل الموقعة عام 1998 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، نصّت على أن الحرم الإبراهيمي يخضع لإشراف بلدية الخليل، ما يجعل القرار الإسرائيلي الأخير انتهاكاً مباشراً للاتفاقيات الدولية.
وفي عام 2017، أدرجت منظمة "اليونسكو" الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي الإسلامي، ما أثار احتجاجاً إسرائيلياً واسعاً. ورغم توقيعها على اتفاقية اليونسكو بشأن حماية مواقع التراث، انسحبت إسرائيل من المنظمة في 2019، لتتنصل من التزاماتها الدولية، وتواصل سياستها أحادية الجانب تجاه المواقع المقدسة.
المستوطنون يحتفون بـ"تاريخية" القرار وإسرائيل تبدأ تغييرات هيكلية في الحرم الإبراهيمي
وصف المستوطنون اليهود قرار نقل صلاحيات الإشراف على الحرم الإبراهيمي من بلدية الخليل إلى مجلسهم الديني بأنه "تاريخي" وغير مسبوق، معتبرين أنه يمهّد لتغيير جوهري في الوضع القائم، ويدفع نحو تنفيذ تعديلات هيكلية في أحد أبرز المعالم الإسلامية في فلسطين. ويأتي هذا القرار رغم أن الحرم تم تقسيمه فعلياً بعد مجزرة 1994 بنسبة 63% لليهود و37% للمسلمين، في مدينة يسكنها نحو 200 ألف فلسطيني مقابل أقل من 500 مستوطن، تحميهم يومياً قوات عسكرية كثيفة.
ورغم هذا الاختلال العددي، شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً في وتيرة التهويد، عبر تقليص صلاحيات الأوقاف الإسلامية، ومنع رفع الأذان في بعض المناسبات، وتمكين اليهود من التوسع داخل الحرم، الذي يخضع فعلياً لمنطقة H2 الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
القرار الجديد مكّن المستوطنين من إدخال تغييرات كانت محظورة سابقاً، من بينها تركيب سقف ونظام تكييف ووسائل راحة أخرى، تمهيداً لاستقبال مئات آلاف اليهود من داخل إسرائيل وخارجها، دون قيود. ووفقاً لوزارة البنية التحتية الإسرائيلية، يجري تنفيذ خطة متعددة المراحل لتظليل ساحة الحرم، بتمويل وتوجيه من القيادة السياسية الإسرائيلية، "خدمةً للمصلين اليهود"، بحسب زعمها.
من جهتها، نقلت صحيفة هآرتس عن رئيس مديرية التنسيق والارتباط في الخليل، الضابط الدرزي أيمن بيسان، أنه حذر محافظ المدينة من أن صلاحيات بلدية الخليل ستنتقل إلى "مجلس التخطيط الأعلى"، وأنه بموجب القرار الجديد، لن تكون الأوقاف الإسلامية مسؤولة عن مفاتيح كاميرات المراقبة، كما كان الحال في السابق.
ورغم السيطرة الإسرائيلية الأمنية، فإن الحرم الإبراهيمي يبقى من الناحية القانونية تحت إدارة الأوقاف الإسلامية، ويخضع لسلطة المجلس البلدي الفلسطيني في الخليل. غير أن المستوطنين يعتبرونه، إلى جانب المسجد الأقصى في القدس وقبر يوسف في نابلس، جزءاً من "التراث الديني اليهودي"، في تجاهل صريح للحقائق الديمغرافية والقانونية على الأرض.
تكرار لمآساة الأقصى
دفعت القرارات الإسرائيلية الأخيرة بشأن الحرم الإبراهيمي بالفلسطينيين إلى تشكيل فريق قانوني خاص في مدينة الخليل لمواجهة تداعياتها. واعتبر مدير المسجد في الحرم، معتز إبراهيم، أن القرار يمثّل "اعتداءً صارخاً" على معلم ديني وتاريخي يُعدّ جوهرة الخليل وقلبها النابض، مضيفاً: "تفاجأنا بالقرار الذي ينتهك جميع المواثيق والقوانين الدولية، الاحتلال يسعى لفرض واقع جديد والسيطرة على ما تبقى من الحرم، بعدما خصص 63% من مساحته وساعاته للمستوطنين عقب مجزرة عام 1994، وها هو اليوم يحاول إفراغه كلياً من الإشراف والوجود الإسلامي".
وحذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية من "عواقب وخيمة" للقرار، معتبرةً أنه يشكّل سابقة خطيرة في مسار تهويد الحرم وتغيير هويته بالكامل، ودعت منظمة اليونسكو والمجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف تنفيذه، باعتباره خرقاً واضحاً للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
من جانبه، أدان وزير الأوقاف الفلسطيني، حاتم البكري، ما وصفه بالزيارات الاستفزازية التي يقوم بها المستوطنون للحرم، واعتبرها "جريمة وتدنيساً لموقع مقدس"، حيث يدخل المستوطنون لإقامة طقوسهم التلمودية بملابس غير لائقة، وبدعم مباشر من القيادة السياسية الإسرائيلية، في محاولة مكشوفة لبسط السيطرة الكاملة على الحرم.
بدورها، حذّرت منظمة "عيميك شافيه" اليسارية الإسرائيلية من أن القرار الجديد يُعدّ "خرقاً تدريجياً للوضع القائم"، مذكّرة بأن المستوطنين سبق أن انتهكوا الوضع الراهن قبل عامين عبر بناء مصعد خاص للوصول إلى الحرم، رغم اعتراض بلدية الخليل وهيئة الأوقاف الإسلامية. وأوضحت أن القرار الجديد يمثل "المرحلة التالية" من عملية الضغط الممنهج على الفلسطينيين، عبر إضعاف دور البلدية والأوقاف، وصولاً إلى الاستيلاء الكامل على الحرم.
وتخشى منظمات حقوقية فلسطينية ودولية من أن يشكّل هذا القرار سابقة قابلة للتكرار في المسجد الأقصى، من خلال تنفيذ تغييرات أحادية مماثلة، بما يضفي عليها شرعية تدريجية بمرور الوقت. وتؤكد هذه الجهات أن تمرير قرار الحرم الإبراهيمي بصمت، قد يمهد لنقل صلاحيات الإشراف على المسجد الأقصى من الأوقاف الأردنية والسلطة الفلسطينية إلى المجالس الدينية للمستوطنين، ضمن استراتيجية إسرائيلية طويلة المدى لتغيير معالم السيادة الدينية في الأراضي المحتلة.
استغلال للحرب على غزة
يُعد القرار الإسرائيلي الأخير بشأن الحرم الإبراهيمي استغلالاً مباشراً لحرب الإبادة الجارية في غزة، حيث يسعى المستوطنون إلى فرض واقع ميداني جديد يقوم على مصادرة الإشراف الإسلامي على الحرم، وتحويله تدريجياً إلى موقع "تراث يهودي" بالكامل، على غرار حائط البراق في القدس، الذي يسمّيه الإسرائيليون "حائط المبكى".
ويؤكد شالوم يروشالمي، محلل الشؤون السياسية في موقع زمان إسرائيل، أن هذا القرار ليس معزولاً عن تسارع الأنشطة الاستيطانية في الخليل، لاسيما مع توافد عشرات آلاف المستوطنين إلى الحرم، بمشاركة وزراء بارزين في الحكومة الحالية، من بينهم إيتمار بن غفير، وبيتسلئيل سموتريتش، وأوريت ستروك، وميخائيل ملكيلي، وزئيف إلكين، وآخرون. ويشير هذا الحضور الكثيف إلى تبنّي المستوى السياسي الإسرائيلي رسمياً لمسعى تغيير الوضع القائم في الحرم.
من جهته، كشف رئيس مستوطنة "كريات أربع"، يسرائيل رامسون، أن عدداً من الوزراء أبلغوه بوجود "مفاجآت مرتقبة" تخص الحرم الإبراهيمي، مؤكدين له أن الوقت قد حان لتغيير "الوضع العبثي"، بحسب وصفه، الذي يسمح للمسلمين بالصلاة في "قاعة إسحاق"، بينما تُفتح بقية القاعات لليهود على مدار العام.
ويزعم رامسون أن مرور 30 عاماً على الإجراءات التي فرضها رئيس المحكمة العليا الراحل مائير شمغار، بعد مجزرة 1994، يبرر إلغاء الترتيبات الخاصة بتوزيع أوقات الصلاة بين المسلمين واليهود، في قاعات الحرم التي تعرف بأسماء "إبراهيم وسارة" و"يعقوب وليئا"، و"إسحاق ورفقة".
ويكشف التقرير عن تجاوزات عسكرية خطيرة، حيث أقدم قائد لواء "يهودا" في جيش الاحتلال، يشاي روسيليو، على السماح للمستوطنين بتنفيذ أعمال إنشائية داخل الحرم، دون علم قادته في القيادة الوسطى، نظراً لحساسية الموقع. ورغم اعتبار كبار ضباط الجيش هذا التصرف تهديداً أمنياً خطيراً، فإن القرار السياسي الأخير جعل هذه الانتهاكات مقبولة و"شرعية".
ولا تُخفي الأوساط اليمينية في إسرائيل نيتها استغلال المناخ السياسي الراهن، في ظل حكومة وُصفت بـ"الفاشية"، واستمرار الحرب على غزة، بالتوازي مع إمكانية عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى السلطة، لترسيخ السيطرة اليهودية الكاملة على الحرم. ويُذكر أن عدداً من كبار مسؤولي إدارة ترامب أبدوا دعماً واضحاً لهذه التوجهات، من بينهم وزير الخارجية السابق ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، إضافة إلى القس الإنجيلي مايك هاكابي، الذي زعم أن "كل شبر من أرض فلسطين هو وعد إلهي لشعب إسرائيل".
خطة "تأميم" الحرم الإبراهيمي
لم يتردد عضو الكنيست أفيخاي بورون، من حزب الليكود، في الدعوة الصريحة إلى "تأميم" الحرم الإبراهيمي، مستغلّاً ما وصفه بـ"الفرصة التاريخية" في حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وقال بورون إن "قضية الحرم معقدة، وحقوق الملكية فيه تعود للأوقاف الإسلامية، وأي تغيير فيه يشبه إعلان حرب عالمية، حتى أن بناء مصعد صغير بمساحة مترين لا يزال ممنوعاً على اليهود"، مضيفاً: "لقد حان الوقت لمصادرته بالكامل وتحويله إلى موقع تراث يهودي".
أما عضو الكنيست تسفي سوكوت، من حزب "الصهيونية الدينية"، فدعا إلى قلب الطاولة على الترتيبات التي وُضعت بعد مجزرة غولدشتاين عام 1994، مطالباً بتغييرات دراماتيكية على صعيد السيطرة اللوجستية والإدارية على الحرم، رغم طبيعته كوقف إسلامي تاريخي. ومن خلال عضويته في لجنة الشؤون الخارجية والأمن، يترأس سوكوت اللجنة الفرعية الخاصة بالضفة الغربية، التي تشهد مناقشات متفجرة بشأن مستقبل الحرم.
وفي السياق ذاته، لا يخفي المستوطنون أن السيطرة على الحرم الإبراهيمي تشكل خطوة أساسية في تحقيق رؤية وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الذي تعهّد بأن يكون عام 2025 عام "ضمّ الضفة الغربية". واعتبروا أن منحهم صلاحيات إدارة الحرم يمثل محطة مركزية على هذا الطريق.
وأكد ناعوم أرنون، المتحدث باسم الاستيطان اليهودي في الخليل، والذي أجرى أبحاثاً حول الحرم الإبراهيمي لأكثر من ثلاثة عقود، أن "القضية معقدة للغاية، ولا يمكن إحداث تغيير جذري بين ليلة وضحاها، لكن الأمر يستحق المحاولة"، على حد تعبيره.
ولا تقتصر تحركات المستوطنين على الجانب الإداري فحسب، بل تشمل مظاهر استفزازية متكررة، من بينها الاحتفال بالأعياد الدينية، مثل "عيد المساخر" (بوريم)، قرب الحرم الإبراهيمي، وهم يرتدون أزياء تمجّد القاتل باروخ غولدشتاين، ويرددون أغاني تحرّض على العنف والانتقام من الفلسطينيين، وسط حماية مشددة من مئات الجنود والشرطة.
من جانبها، وثّقت منظمة بيتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان أن القيود المشددة التي يفرضها جيش الاحتلال على حركة الفلسطينيين في الخليل، ومنعهم المتكرر من الوصول إلى الحرم، جعلت الحياة في المدينة "مستحيلة"، ما أجبر العديد من السكان على مغادرة منازلهم وأماكن عملهم، خاصة في الأحياء القريبة من الحرم، بسبب الإغلاق المتكرر للشوارع.
وتوسّعت سياسات التهويد لتشمل منازل الفلسطينيين، حيث يسعى المستوطنون للسيطرة عليها بذرائع قانونية وادعاءات شراء. وصرّح الحاخام شلومو ليفينغر، أحد قادة المستوطنين في المدينة، بأن العشرات من عائلاتهم انتقلوا للسكن في منازل فلسطينية، بعدما حصلوا على تصاريح من الإدارة المدنية، في عهد وزير الأمن الداخلي السابق غلعاد أردان.