بلغت أوامر الإخلاء الإسرائيلية ذروتها خلال الشهرين الماضيين، منذ استئنافه الحرب في غزة في 18 مارس/آذار 2025، وزاد من توغلاته البرية داخل القطاع، محاولاً حشر سكانه المدنيين في 3 قطاعات في غزة فقط.
رصد "عربي بوست" أماكن أوامر الإخلاء الإسرائيلية منذ 18 مارس/آذار – 20 مايو/أيار 2025، وهي المناطق التي وصفها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بأنها باتت تمثل 70% من مساحة قطاع غزة، التي تشملها الآن أوامر تهجير قسري وإعلانها مناطق محظورة.
ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المرصودة، نحو 30 إنذاراً، مع إخلاء مدينة رفح بالكامل، وإعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية عسكرية أطلق عليها اسم "عربات جدعون"، التي تركزت حتى الآن بشكل رئيسي في شمال قطاع غزة.

مناطق أوامر الإخلاء الإسرائيلية في غزة
بناء على الإنذارات التي أعلنها جيش الاحتلال، فإن المساحة شملتها تبلغ نحو 260 كيلومتراً مربعاً، بمساحة تقدر نحو 70% من مساحة غزة.
وتظهر الخريطة المتحركة التالية أدناه، كيف وسع الجيش الإسرائيلي أوامر التهجير القسري منذ خرقه وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار 2025، وزاد عليها منذ إعلانه بدء عمليته التي أطلق عليها اسم "عربات جدعون" في شمال قطاع غزة.
مناطق الإخلاء
مناطق النشاط العسكري للاحتلال
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في 19 مايو/أيار 2025، أن "هجوماً برياً جديداً سيتم على إثره نقل سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة"، وفق قوله.
وأكد أن الهجوم البري الجديد "سيتضمن احتفاظ القوات الإسرائيلية بالأراضي التي استولت عليها"، الأمر الذي يثير مخاوف من أن يؤدي إلى إنشاء "وجود مستدام" في غزة.
ومنذ خرق جيش الاحتلال وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار 2025، عمل الجيش الإسرائيلي على توسيع المناطق العسكرية التي ينشط فيها براً، إذ بدء على الأطراف الحدودية، بالإضافة إلى الممرين في نتساريم (في محافظة غزة)، وموراج (شمالي رفح).

وسبق أن أعلنت حكومة نتنياهو بعدها، استدعاء 60 ألف جندي من قوات الاحتياط.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أكد أن الجيش الإسرائيلي يستهدف بشكل مباشر وممنهج كل ما يتحرك في شمال غزة، من أفراد ومركبات وطواقم إنقاذ، محولاً المنطقة إلى ساحة قتل مفتوح.
حشر المدنيين في 3 قطاعات في غزة
في خريطة نشرتها صحيفة صنداي تايمز، قالت إن دبلوماسيين مطلعون سربوها، تظهر المناطق العسكرية المغلقة التي يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بحشر سكان غزة فيها.
والمناطق هي واحدة في الشمال وأخرى في الوسط والأخيرة في الجنوب.
تسعى الخطة الإسرائيلية بحسب الصحيفة البريطانية، إلى إجبار المدنيين في غزة على البقاء في ثلاثة قطاعات من الأرض خاضعة لسيطرة مشددة، تفصل بينها أربع مناطق محتلة.

إخلاء شمال غزة بالكامل
أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء 21 مايو/أيار 2025، بأن الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة تهدف لتحويل شمال القطاع إلى منطقة "خالية تماماً من السكان"، حيث تستغل حاجة الفلسطينيين هناك إلى الطعام من أجل تهجيرهم ومنع عودتهم.
المراسل العسكري في الإذاعة دورون كادوش تفاصيل هذه الآلية، في تقرير بعنوان "الخطة الإسرائيلية لتفريغ شمال قطاع غزة: كيف ستعمل آلية توزيع المساعدات الإنسانية الجديدة على تحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة خالية من السكان تماما؟".
وقال إن جيش الاحتلال يقوم بإنشاء 4 مراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية عبر "شركات أمريكية"، في مناطق رفح جنوب القطاع، ومحور "موراج" الفاصل بين رفح وخان يونس، ومحور "نتساريم" الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه.
وأوضح المراسل العسكري أن مركز توزيع المساعدات الذي يعكف الجيش الإسرائيلي على إنشائه في محور "نتساريم" يقع في شارع صلاح الدين شرق غزة.

وذكر أن إنشاء مركز توزيع للمساعدات في "نتساريم" يأتي ضمن خطة إسرائيلية تسعى لاستغلال حاجة الفلسطينيين في شمال القطاع إلى الغذاء من أجل تهجيرهم ومنع عودتهم إلى مناطق سكنهم ونزوحهم.
وقال عن هذه الخطة: "الفكرة من وراء إنشاء المركز جنوب ممر نتساريم تنص على أن أي شخص يأتي من شمال قطاع غزة إلى المركز الفاصل لن يتمكن من العودة شمال ممر نتساريم، بل سيضطر إلى البقاء جنوب الممر".
وتابع: "سيكون هذا بمثابة تذكرة في اتجاه واحد"، ومن شأنه أن "يرغم سكان غزة على النزول إلى جنوب محور نتساريم إذا كانوا يريدون الحصول على الغذاء".
وفي 23 أبريل/ نيسان الماضي، أعرب متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن رفض المنظمة الدولية للخطة الإسرائيلية بشأن توزيع المساعدات في غزة.
وشدد على أن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية.
في حين حذرت الأمم المتحدة من استخدام الاحتلال الإسرائيلي المساعدات في غزة "طُعماً" لإجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإنه رصد نزوح 300 ألف فلسطيني من شمال غزة نتيجة العمليات الإسرائيلية الأخيرة.
لكن أهالي من شمالي غزة، أكدوا لـ"عربي بوست"، أن الاحتلال لم ينجح مطلقاً في إخلاء المنطقة الشمالية بالكامل من السكان".
يأتي ذلك رغم ذروة عمليات الاحتلال العسكرية في مدينة غزة ومناطق أخرى في شمال القطاع، وصدور عشرات الإخطارات بالإخلاء.
وبحسب مراسل "عربي بوست" في شمالي غزة، فإن تقديرات من بقي في الشمال نحو 200 إلى 300 ألف فلسطيني، يرفضون الخروج جنوب محور نتساريم.
آخر إحصائيات الشهداء والجرحى والإصابات
ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين إلى 53,762 شهيداً، و122,197 إصابة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
وأفادت بأن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس/آذار 2025، بلغت 3,613 شهيداً، 10,156 إصابة.
وأضافت الأربعاء 22 مايو/أيار 2025، بأنه وصل مستشفيات قطاع غزة 107 شهداء، و247 إصابة خلال 24 ساعة الماضية.
وأشارت إلى أنه "ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".
غزة تواجه "خطر المجاعة الشديد"
حذرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من أن قطاع غزة يواجه "خطر المجاعة الشديد" مع عدم بقاء أي طعام في الأسواق ومراكز توزيع المساعدات.
وأضافت أن "هناك عجزاً في تلبية حتى الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية لأكثر من مليون نازح".
في حين اتهمت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إسرائيل، بـ"استخدام التجويع كأسلوب حرب" في غزة، مؤكدة أن نصف من يعانون من الجوع على يد إسرائيل هم من الأطفال.
مرحلة جديدة من الحرب بدأت في 18 مارس
منذ مارس/آذار 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية وإشراف أمريكي.
بينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من بدء مرحلته الثانية، استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق تقارير الإعلام العبري.
ليستأنف الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 مارس/آذار 2025 حربه في غزة، عبر شن غارات عنيفة على نطاق واسع، استهدفت مدنيين بمنازل وخيام تؤوي نازحين فلسطينيين، في جرائم إبادة جماعية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال الإسرائيلي مجازر متتالية، وتدميراً ممنهجاً للأراض والحياة عليها في قطاع غزة، تترافق مع حصار خانق، أدخل القطاع في ظروف إنسانية متردية غير مسبوقة.