منذ إخفاق حكومة وجيش الاحتلال في التصدّي لطوفان الأقصى، عكف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تحميل هذا الفشل لكل قادة الأمن وجنرالات الجيش، في محاولة لإبعاد الأنظار عنه في أن يأخذ قسطاً من هذه المسؤولية.
ورغم توالي الاستقالات في أوساط العسكر والأمن، كان آخرهم قائد الجيش هآرتسي هاليفي، لكن نتنياهو يأبى ويرفض الاستجابة لمطالب قطاعات إسرائيلية واسعة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية فيما حصل، لأنه يعلم تماماً أن توصيتها الرئيسية الأولى ستكون إقالته، وتحميله المسؤولية الأساسية في هذا الفشل التاريخي.
في المقابل، لجأ نتنياهو في الآونة الأخيرة إلى عملية منظومة لاستبدال عدد من قادة المنظومتين العسكرية والأمني في محاولة واضحة لإزاحة من يعتبرهم شخصيات "مناوئة" له، والإتيان بآخرين "مطواعين"، لتمرير سياساته الداخلية والخارجية.
למה נתניהו פתח בקמפיין נגד רונן בר בנסיון לפטרו בהמשך ולמנות בובת חוטים מטעמו?!
— בַּז ⩔ Bar Zohar (@israeli_falcon) February 24, 2025
זה מה שאני יודע עד עכשיו בוודאות ובשל כך מכנה את ראש הממשלה בכינוי הראוי לו פעם אחר פעם:
סוכנות הביון האמריקאית ה-NSA פרצה למחשבים של השלטון הקטארי בפרויקט שנקרא "RAVEN" והשיגה מסמכים רבים.
כשהחלו… pic.twitter.com/UXvlyVikkU
استقالة هاليفي
يتهم الإسرائيليون رئيس حكومتهم بتحطيم الأرقام القياسية بـ"الانفصال عن الواقع"، من خلال مواصلته إدارة صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بإلقاء اللوم على الآخرين في إعاقتها.
بل يسعى نتنياهو لمحاولة تشويه سمعة قادة الأمن، واتهامهم بتسريبات أمنية منتظمة متحيزة ضده، بزعم أنها تسبّبت بترسيخ مواقف حماس وتصلّبها، مما يهيّئ الرأي العام الإسرائيلي لإقالتهم.
ويعتبر الإسرائيليون أن بنيامين نتنياهو يكشف نمطاً مألوفاً من عمله والذي يختصر في: تسريب الرسائل، وصرف النظر عن المسؤولية، وفحص ردّ فعل الجمهور، الذي لم يعد يشتري هذه الرواية.
وبعد أن أطاح نتنياهو بقائد الجيش هآرتسي هاليفي، ومارس عليه ضغوطاً كبيرة لتقديم استقالته التي يسري مفعولها في قادم الأيام القليلة، فقد عيّن بدلاً منه آيال زامير، جنراله المفضّل، الذي ينسجم مع العديد من أفكاره ومخططاته.
وسيكون زامير أمام اختبار قاسٍ بين الاستجابة لمطالب رئيسه الذي فضّله على العديد من الجنرالات لاعتبارات شخصية، وبين الالتزام بما تقرّه جهات التخطيط في هيئة الأركان التي لا تبدو على وفاق تام مع نتنياهو، الأمر الذي قد يدفع زامير لإجراء إقالات واسعة في صفوفها، والإتيان بفريق عمل على توافق تام معه.
"بار" التالي في الدور
يأتي الدور اليوم على رونين بار رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، الذي تم تعيينه في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ومن المفترض استكمال ولايته حتى 2026.
ورغم اعترافه بالفشل، والإعلان أن المسؤولية تقع على عاتقه، لكن نتنياهو وفريقه السياسي وضعوا رونين بار نصب أعينهم، ودأبوا على استهدافه ليل نهار، وعلى مدار الساعة، مما زاد من اقتراب استقالته قريباً.
ولقد دأب نتنياهو وما يسميها معارضوه "آلة السم" التي يحوزها على اتباع أسلوب التشهير بقادة الأمن والجيش، بما يسمح له بإخفاء الحقائق حتى يُنسى المتورطون في هذا الإخفاق، ويخترعون رواياتهم الخاصة، بعد أن مرّ أكثر من عام وربع على الطوفان دون تشكيل لجنة تحقيق رسمية لمعرفة إخفاقات الدولة.
ولقد شهدت الأسابيع الأخيرة مزيداً من الإشارات إلى حملة منظمة لإقالة "بار"، على أمل أن يختار الاستقالة بمبادرة منه، فيما يرفع الوزراء وأعضاء الكنيست بشكل علني متكرر هذا الطلب، بزعم تحميله وحده مسؤولية "الكارثة".
ويحمّل نتنياهو مسؤولية فشل المفاوضات لـ"بار" شخصياً، مع العلم أن حالة الملاحقة التي يعيشها بار تعود لسياسة نتنياهو المعروفة لتشكيل الوعي العام، وصرف اللوم عن مسؤوليته المباشرة، واختبائه وراء لقب "مسؤول كبير"، وتكرار محاولاته للنأي بنفسه عن الفشل.
רונן בר הזהיר את נתניהו? שקר! הוא אולי התריע בכלליות אבל נתניהו הוא זה שהצביע על הכשל הישיר של השב״כ שהוביל למערכה. כשל ביודעין של ראש שב״כ חתרן. pic.twitter.com/QaDAJSb1py
— David Benjamin (@DDBYPubli) February 23, 2025
تنحية بارنياع
وفيما لا يزال نتنياهو منشغلاً للغاية بتسويق نفسه باعتباره الوحيد القادر على الصمود في وجه الضغوط الدولية، فإنه ما ينفكّ بتصوير الآخرين من داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية بأنهم يشكّلون عقبات كأداء أمام تحقيق الاحتلال لتطلعاته من صفقة تبادل الأسرى مع حماس.
كل هذا بسبب قراراته "السيئة"، وآخرها استبدال رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنياع، الذي يترأس فريق التفاوض الخاص بالصفقة، مما تسبّب بقلق كبير بين عائلات المختطفين، وأثار غضباً في المؤسسة الأمنية، وتحول على الفور، كالعادة، لوقود للمدافع في حرب لا تنتهي بين أنصار نتنياهو ومعارضيه.
القناعة السائدة في أوساط عائلات المختطفين الذين انزعجوا من هذا القرار أن الرئيس الجديد لفريق التفاوض الوزير رون ديرمر ليس أكثر من ختم مطاطي لنتنياهو في مفاوضات لن يكون فيها سوى أداة، وبريد إلكتروني، وفاكس، وحمام زاجل لرئيسه.
يعتبر الإسرائيليون أن تنحية نتنياهو لبارنياع تعتبر بصورة أخرى "إقالة قبيحة"، لشخص يرمز للذراع الطويلة للدولة، ويرأس منظمة استخبارات ساهمت بالحفاظ على أمنها، وتمتد عملياتها إلى قارات العالم الست.
ويقول الإسرائيليون إن الشخص الجديد الذي تقلد المنصب لم يرتدِ زيًا رسميًا قط، وتقتصر مميزاته سواه في المقام الأول لأنه من خلفية أمريكية، ولغته الإنجليزية مصقولة، دون أثر للهجة إسرائيلية، أي أن لغته الأم ليست على المستوى المطلوب، بل إنه غير معروف تقريباً للجمهور الإسرائيلي، الذي يعتقد أنه غير جدير بتولي مهمة ذات أهمية قصوى.
انهيار الدولة
هذه التنحية تحصل في وقت تنهار فيه الدولة، كما يقول معارضو نتنياهو، وجزء كبير من مواطنيها تحت وطأة الحرب عاجزين عن مواجهة حكومة لا يهمّها سوى البقاء على قيد الحياة، حتى ولو كلّف ذلك تعريض حياة المختطفين للخطر، مما يدعو السؤال عن سبب صمت الموساد والشاباك عن هذه القرارات التي تمسّ أمن الدولة؟
ويعتبر الموساد والشاباك الجهازين المسؤولين عن حماية دولة الاحتلال من الانهيار بالإضافة إلى أنهما على دراية بسياسة نتنياهو أمام معارضة غير قادرة على مواجهة رئيس الحكومة وتصرفاته.
وبينما دأب نتنياهو على الاختباء وراء لقب "المسؤول الكبير المطّلع على التفاصيل" الذي يسرّب للإعلام ما يريده من معلومات مضلّلة، فإنه دأب في الوقت ذاته على مهاجمة قادة المؤسسة الأمنية، واتهامهم بالفشل في إدارة مفاوضات الصفقة، مع أنه من قام بتقييدهم، وأملى عليهم نطاق العمل في كل جولة مفاوضات، حتى في أدق التفاصيل، مما يفسح المجال فعلياً لطرح هذا الاستنتاج: "الجميع مسؤولون عن الفشل، إلا نتنياهو"!
لقد أكد نتنياهو في كل جولة محادثات مع الوسطاء نطاق عمل الفريق المفاوض بالتفصيل، وأكثر من مرة، أعرب الأخير عن استيائه من هذا الأسلوب، لكنهم لم يخرجوا للاحتجاج، مما يطرح السؤال عن هوية المُتسبّب بفشل المفاوضات، مع أنه في كل مرحلة من مراحلها يعمد لاستخدام ذات السلاح بمهاجمة الضباط والجنرالات، بهدف توحيد الصفوف حوله، لإشعارهم أنه والحكومة والدولة في خطر.
توبيخ رئيس الاستخبارات
لم يقتصر الأمر على الإقالات والتعيينات، بل إن نتنياهو أوعز لوزير حربه يسرائيل كاتس، الذي أتى به خلفاً ليوآف غالانت الوزير المتمرّد ليكون طوع يديه، لتوبيخ رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، الجنرال شلومي بايندر.
وحذر شلومي من تبعات خطة الرئيس دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، لأنها قد تؤدي لتصعيد فوري في الأراضي المحتلة، وإشعال النار فيها، بل إن وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير دعا كاتس لفصله بايندر فوراً من الجيش.
الغريب أن استنفار نتنياهو وفريقه ضد "بايندر" ليس له مبرّر، فهو لم يتحدث ضد خطة ترامب، بل نقل رسالة مفادها أنها قد تؤدي لتصعيد الوضع الأمني في غزة والضفة، وهذه مهمته بالضبط، لأنه لو لم يفعل ذلك لكان سبباً لفصله من العمل.
الأمر الذي يضع علامات استفهام حول سبب طلب كاتس بتوبيخه، مما يعني أنه يواصل نهج نتنياهو، الذي تجاهل تحذيرات الاستخبارات بشأن خطر هجوم وشيك من حماس، بل اختار أن يدفن نفسه في الرمال كما النعام.
שבוע לפני השבעה באוקטובר
— 🤟🏻🎗️Nadav Oz Salzberger נדב עוז זלצברגר (@NadavSalz) February 22, 2025
רונן בר מציע לנתניהו לחסל את סינוואר
נתניהו מסרב
השאר, היסטוריה pic.twitter.com/dXVQcXE40c
الولاء الشخصي
بصورة لافتة، وإضافة لحالة الاستعداء التي يُظهرها نتنياهو لقادة الأمن والمخابرات، يبدي الأخير سلوكا جديدا غير مسبوق من كل من سبقه من رؤساء حكومات الاحتلال، وهو مطالبة الضباط والجنرالات بأداء "الولاء الشخصي" منهم.
رغم التحذيرات بأن هذه الخطوة تعرّض مهنيّة هذه الأجهزة للخطر، وقد تتسبب بأضرار جسيمة للدولة، لأن اختبار أدائهم لن يكون هو أدائهم المهني، بل درجة ولائهم الشخصي له.
اختبار الولاء هذا يهدّد بتدمير الاستخبارات الإسرائيلية، لأن تقييماتها لن تعتمد على المهنية والموضوعية، بل ستكون منحازة سياسياً له، وصولاً لتنفيذ عمليات "تطهير" فيها من العناصر غير "الموالية"، وربما طرد كبار مسؤوليها غير "المخلصين" بدرجة كافية.
وتتزايد إرهاصات مثل هذا الانقلاب في مستقبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مع تصاعد علاقة التوتر السائدة بين نتنياهو وكبار ضباط الجيش والمخابرات، بل وتزعزعها من قرابة العامين، وصولاً لتوجهه بإنشاء إدارة استخبارات خاصة بمكتبه، ستوفر له تقييمات استخباراتية تلبّي رغباته، وتتفوق على التقييمات الاستخباراتية المهنية للمنظومة الأمنية بأسرها.
إن مثل هذه السلوكيات التي يقوم بها نتنياهو ضد قادة الأمن والجيش تؤكد أن الإسرائيليين أمام فوضى عارمة في قمة الدولة، مع تنامي الاعتبارات الغريبة بين صناع القرار من المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، ومتعلقة بالتحالفات الحزبية، والبقاء في السلطة.
أكثر من ذلك، فإن حالة العداء والمشاحنات السائدة بين نتنياهو وكبار ضباط الجيش والأمن لا تنمّ عن خلافات سطحية يمكن حلّها على فنجان من القهوة، بل إن هناك طبقات عميقة هنا، معظمها نتيجة لما حدث في السابع من أكتوبر.
وما يحصل اليوم من صراعات دامية بين هذه الأقطاب تؤكد وجود حالة من الكراهية العميقة بينها، وجدت طريقها في هذه الخلافات، تتسبب بها حكومة تفتقر للقدرة على الإدارة والتنفيذ، رئيسها ووزراؤها مشتبهون بهم بارتكاب جرائم، ولا يضعون الصالح العام أمام أعينهم، مما يتسبب بعدم الحفاظ على قوة الدولة العسكرية والأمنية الضرورية.
تفكيك منظومة الأمن
ولم يعُد سرّاً رغبة نتنياهو بإطلاق النار على قادة الأمن باعتبارها رسالة للمؤسسة الأمنية والهيئات التي تحدث في مكتب رئيس الوزراء وصولاً لتحويلها إلى أجهزة غير مستقلة، بل تخضع لسلطته الشخصية.
بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على المعلومات التي تأتي إليه، وتخرج من عنده، ولعل حثّ الخطى نحو إقالة "بار" في أقرب وقت ممكن رسالة للمؤسستين الأمنية والعسكرية بأنها لن تتدخل فيما يحدث في مكتب رئيس الوزراء.
في الوقت ذاته، فإن قرار نتنياهو باستبعاد بارنياع من ترؤس طاقم مفاوضات الصفقة ليس فقط صفعة شديدة في وجه المهنيين الذين يقودون هذه المعركة، بل دليل إضافي على حملة نزع الشرعية التي يشنها نتنياهو ضد من يوصفون في إسرائيل بـ"حرّاس البوابة".
ونحن اليوم أمام حدث غير مسبوق، كون الموساد والشاباك الجهازين الرئيسيين اللذين يديران المفاوضات السرية مع حماس والجهات الدولية ويعرفان شركاء التفاوض، وكيف يديرون المفاوضات غير المباشرة مع حماس.
الخلاصة
من سلوك نتنياهو العدائي تجاه قادة الأمن أنه يذهب باتجاه تسييس قراراتها وخطواتها، ويستمر بإضعافهم، ويتجه نحو وضع ينشأ فيه نظام أمني خاضع له، لا يجرؤ على اتخاذ رأي مهني مخالف لتوجهاته، صحيح أنه ليس أول من يحاول تقييد خطوات المؤسسة الأمنية.
لكن يبدو أنه يذهب بها لأقصى الحدود، من خلال سعيه للحدّ من أنشطتها لضمان أن تكون خطواتها متوافقة فقط مع الخط الذي يرغب في قيادته، وهو ما ينبغي أن يكون بمثابة ضوء تحذير، وقد تجد إسرائيل نفسها على منحدر زلق، حيث تحلّ الاعتبارات الشخصية محل الاعتبارات القومية، وتحل المصالح الحزبية محل الاعتبارات الأمنية.
האם באמת יש קרע בין ראש הממשלה נתניהו לראש המוסד דוד ברנע וראש השב"כ רונן בר על רקע מחלוקות על עסקת החטופים או שזה ספין תקשורתי?
— יוני בן מנחם yoni ben menachem (@yonibmen) July 13, 2024
השניים כפופים לראש הממשלה ואחד מהם פישל בגדול ב-7 באוקטובר.
ראש הממשלה חייב לפרסם הודעה רשמית על הטענות האלה בתקשורת! pic.twitter.com/rF02cbKMfD
إعاقة الصفقة
إن جزءاً من هجوم نتنياهو على قادة الأجهزة الأمنية يأتي لكونه لا يسعى فعلاً لإنجاز صفقة التبادل بكل مراحلها، ولا يريد طرحها على الطاولة، فيما مخاوفهم تتركز في انقضاء الوقت، وضياع الفرصة، وعودة من تبقى من المختطفين في توابيت سوداء.
مما يجعلهم يعيشون هوّة واسعة معه، وفيما يتهمهم بالتقاعس، والخضوع لمطالب حماس، فإنهم يلومونه على تعريض من تبقى من المختطفين لخطر الموت في غزة، لأنه يسعى عن سابق إصرار لعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، مما يجعله يشكّل خطرًا على الدولة بأكملها.
أكثر من ذلك، فإن أوساطاً إسرائيلية واسعة الاطلاع تتهم بارنياع وبار وهاليفي، وبجانبهم الجنرال نيتسان ألون ممثل الجيش في المفاوضات، بالكشف عن نوايا نتنياهو الحقيقة بتعطيل الصفقة، ويحذرون من خطر ذلك، وقد حان الوقت للوقوف والتحدث.
ولا يوجد تفسير لامتناعهم عن ذلك إلا أن نتنياهو نجح في إرهابهم، والعذر القائل بأنهم "لا يفعلون ذلك في زمن الحرب" أصبح مستهلكاً، فقد انتهت الحرب فعلياً، وإذا اعتمد الأمر على نتنياهو، فلن يُنهي الصفقة أبداً، وسيبقى يُمدّد المرحلة الأولى حتى إشعار آخر.
كما يطالب الإسرائيليون أن يفعل قادة الأمن والجيش ما كان متوقعاً منهم أن يفعلوه خلال الانقلاب القانوني قبل الحرب على غزة، أن يتحدثوا ويصرخوا، ويسلموا المفاتيح، ويهددوا بالاستقالة، واليوم أصبح لديهم فرصة ثانية، لأنه لن يكون لهم فائدة لمصلحة الدولة إن بقوا في غرفة مغلقة، ويفعلون ما يريده رئيس الوزراء، لأنه سيطردهم على أية حال.
وبينما تتحضر الوفود التفاوضية من حماس وإسرائيل والوسطاء، لإنهاء المرحلة الأولى من الصفقة، وتستعد للمرحلة الثانية، شنّ مسؤول كبير في مكتب نتنياهو، هجوماً لاذعاً على بار وبارنياع، بسبب الطريقة التي يجريان بها المفاوضات حتى الآن، وقد فتح هذا الهجوم معركة حقيقية على قمّة صناع القرار في الدولة.
مما دفع بزعيم المعارضة يائير لابيد للرد على هذا الهجوم بقوله إنه "يثير المخاوف بشأن استقرار الدولة، هذه رسالة جبانة وكذبة كاملة، حيث يواصل نتنياهو إلقاء اللوم على الآخرين في إخفاقاته، ويستمر بإساءة معاملة عائلات المخطوفين من أجل مصالحه السياسية، يجب أن يتوقف عن الاختباء وراء إحاطات مجهولة، ويتأكد من إعادة جميع المخطوفين".
عمق الفجوة
وفيما يخوض نتنياهو حربه "الوجودية" ضد قادة الجيش والمخابرات، فإنه يزعم أن الإقالات التي يوشك إحداثها في صفوفهم ستعمل على تدفّق دماء جديدة فيها، لكن مرور الأيام تكشف عن عمق الفجوة التي لا تطاق بين الجانبين، وشيوع أجواء الغضب والمرارة بينهما، بما يتراكم كلما مرّ مزيد من الوقت.
ويعني أن أزمة الثقة تضخمت لأبعاد غير مسبوقة، زادت في خطورتها إخفاقات حرب غزة، رغم أن مسؤولية فشلها تتحملها كل مستويات الدولة: سياسياً وأمنياً وعسكرياً.
האם באמת יש קרע בין ראש הממשלה נתניהו לראש המוסד דוד ברנע וראש השב"כ רונן בר על רקע מחלוקות על עסקת החטופים או שזה ספין תקשורתי?
— יוני בן מנחם yoni ben menachem (@yonibmen) July 13, 2024
השניים כפופים לראש הממשלה ואחד מהם פישל בגדול ב-7 באוקטובר.
ראש הממשלה חייב לפרסם הודעה רשמית על הטענות האלה בתקשורת! pic.twitter.com/rF02cbKMfD
في الوقت ذاته، لا تُخفي محافل الجيش والأمن توصيفها للهجوم الجاري على كبار قادتها بأن هجوم نتنياهو وفريقه عليهم يشبه "إطلاق النار على الجنود داخل المدرّعة"، لأن التطاول عليه وصل حدّ التجرؤ بوصفهم.
وفي خضم الحرب، بأنه القادة الأكثر فشلاً في تاريخ الدولة، وهذا سلوك صارخ للغاية، وكأن الإسرائيليين أصبحوا على موعد كل يوم يستيقظون على تصريح فاضح آخر لسياسي أو صحفي أو زعيم رأي يهاجم مرتدي الزي العسكري، حتى تحولت الساحة السياسية والحزبية إلى الشكل الأكثر "انحطاطاً وقذارة" على حدّ الوصف الإسرائيلي.