بين حلها والموافقة على دمجها.. ضغوط أمريكية مستمرة لحل الفصائل المسلحة، وخبراء يتناولون سيناريوهات مستقبلها

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/28 الساعة 21:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/28 الساعة 21:17 بتوقيت غرينتش
ضغوط أمريكية من أجل حل الحشد الشعبي في العراق/ رويترز

يثير الحديث عن مطالب خارجية للعراق بحل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة العراقية، على إثر التطورات الأخيرة في الإقليم التي من بينها السعي الأمريكي والإسرائيلي إلى أضعاف إيران، تساؤلات عن مستقبل الفصائل الموالية لها في العراق.

على الرغم من أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد نفى وجود أي ضغوط خارجية على حكومته لحل الفصائل المسلحة الشيعية، إلا أنه أشار إلى وجود رغبة قوية بحصر السلاح المنفلت بيد الدولة.

مصادر سياسية عراقية ومسؤولون حكوميون في حكومة محمد شياع السوداني، اكدوا لـ"عربي بوست"، وجود تلك المطالب الخارجية، والضغوط الأمريكية على حكومة السوداني لحل الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران في العراق، رغم نفي الأخير.

وقالوا إن تلك المطالب تصاعدت بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، والهزيمة الثقيلة التي تعرضت لها طهران وسط التطورات الإقليمية الحالية، لا سيما ما تعرض له حزب الله في لبنان.

مسؤول عراقي مقرب من السوداني قال لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه: "زار بلينكن بغداد بشكل سري قبل تولي ترامب منصبه، واكد على السوداني طلب واشنطن بضرورة حل الفصائل المسلحة المقربة من إيران في العراق، كما أن طلبه حمل تهديداً غير مباشر في حال رفضت هذه الفصائل حلها، وإلقاء سلاحها".

وأضاف: "كان طلب حل الفصائل ليس من قبل إدارة جو بايدن فقط، ولكن قبل تولي دونالد ترامب منصبه بأيام قليلة، إذ تواصل مسؤولون من فريقه للسياسة الخارجية مع الحكومة العراقية، وأكدوا ضرورة حل الفصائل المسلحة في أقرب وقت، منعاً لاستهداف واشنطن لهم". 

أشار كذلك المسؤول الحكومي إلى أن التهديدات الأمريكية تناولت أيضاً فكرة إدراج سياسين شيعة مخضرمين على قوائم الإرهاب الأمريكية. 

وأوضح أن "الأمريكيين هددوا بإدراج شخصيات سياسية بارزة من الإطار التنسيقي، مثل حيدر العبادي ونوري المالكي، وإلى حد إبلاغ واشنطن للسوداني بأنه ليس من المستبعد توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية وأمريكية لقواعد ومخازن أسلحة هذه الفصائل".

قبل الخوض في أسباب رغبة الولايات المتحدة في حل الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، وموقف الحكومة العراقية والنخب السياسية الشيعية المقربة من هذه الفصائل، تجدر الإشارة أولاً إلى ما هي الفصائل المسلحة المقصودة؟ وهل المطالب الحالية بحل هذه الفصائل تشمل وحدات هيئة الحشد الشعبي العراقي أيضاً؟

يضم كيان "المقاومة الإسلامية في العراق" المرتبط بمحور المقاومة الذي تقوده إيران في المنطقة، أربعة فصائل مسلحة كبرى، وهي: كتائب حزب الله، وحركة حزب الله النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق.

بالإضافة إلى مجموعة من الفصائل الصغيرة التي تظهر من حين لآخر، وتتبنى عمليات استهداف للأصول والقوات الأمريكية في العراق، التي تشكلت بشكل أساسي في عام 2020، بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، ونائب رئيس وحدات الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس. 

ضغوط لحل الحشد الشعبي بفتوى دينية بالطريقة ذاتها التي تشكلت بها/ رويترز
ضغوط لحل الحشد الشعبي بفتوى دينية بالطريقة ذاتها التي تشكلت بها/ رويترز

تعد تلك الفصائل الصغيرة تابعة لفصائل المقاومة العراقية السابق ذكرها، وتم تأسيسها لتجنب اللوم على إثر العمليات التي تقوم بها، منها على سبيل المثال: فصيل الوارثين، وألوية الوعد الصادق، وغيرها من الفصائل الصغيرة.

عملت فصائل المقاومة الإسلامية في العراق في سوريا بجانب قوات بشار الأسد منذ عام 2011، بحكم تبعيتها للمحور الإيراني، لكنها تأسست في الأساس في عام 2014 ضمن مؤسسة وحدات الحشد الشعبي (الذي يضم الكثير من الفصائل المسلحة الشيعية الاخرى مثل منظمة بدر)، لمحاربة تنظيم الدولة "داعش" الذي استولي في صيف عام 2014 على الموصل، وعلى عدد كبير من الأراضي العراقية.

أما وحدات الحشد الشعبي، تشكيل عسكري تم الاعتراف به رسمياً في عام 2016 عبر قانون أقره البرلمان العراقي، وتمت هيكلة وحدات الحشد الشعبي ودمجها داخل القوات العسكرية العراقية الرسمية بموجب الأمر الديواني رقم 331 لسنة 2019.

لكن ظلت فصائل المقاومة الإسلامية العراقية ترفض الأمر الديواني السابق ذكره، ولا تتبع أوامر القائد العام للقوات المسلحة العراقية (رئيس الوزراء العراقي)، وظلت تأخذ أوامرها من طهران ومحور المقاومة. 

لذلك، نشطت هذه الفصائل خلال الحرب الاسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقامت باستهداف الاحتلال الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات بدون طيار، لكونها جزءاً مما يطلق عليه "جبهات الإسناد" التابعة لمحور المقاومة.

لماذا تريد واشنطن الآن حل الحشد الشعبي؟

لطالما استهدفت فصائل المقاومة الإسلامية في العراق القوات والأصول الأمريكية في العراق وسوريا. 

وأعلنت تلك الفصائل منذ اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في يناير/كانون الثاني 2020، باستمرار، استهدافها للأصول الأمريكية، إلى حين قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق بشكل نهائي.

جدير بالذكر أنه بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، عادت مرة أخرى إلى العراق مع عدد من القوات الدولية الأخرى بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ضمن عملية "العزم الصلب"، ومن وقتها خفّضت الولايات المتحدة عدد قواتها بشكل تدريجي، لكنها ما زالت تحتفظ بحوالي 2500 جندي في قواعد متفرقة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان العراق.

قامت الولايات المتحدة في كثير من المناسبات باستهداف قادة الفصائل المسلحة العراقية، ومخازن الأسلحة التابعة لهذه الفصائل وباقي فصائل الحشد الشعبي، ولكن بعد سقوط بشار الأسد في سوريا، تُصر واشنطن على حل هذه الفصائل، بحسب المصادر سابقة الذكر.

مسؤول حكومي عراقي آخر، مطلع على النقاشات مع الجانب الأمريكي، قال لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه: "يخشى الأمريكيون من أن تقوم الفصائل العراقية الموالية لإيران بأي أعمال في المستقبل القريب تهدد السلطة السورية الجديدة". 

وقال: "واشنطن تخشى أن تقوم طهران بمحاولة استعادة نفوذها في سوريا مرة أخرى، من خلال إثارة الاضطرابات وزعزعة استقرار الحكم الجديد، وأن تكون الفصائل العراقية جزءاً من الخطة الإيرانية المحتملة".

أكد الأمر ذاته، دبلوماسي أمريكي يعمل في العراق منذ 3 سنوات، قائلا لـ"عربي بوست"، وطالباً عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام: "واشنطن قلقة من الفصائل العراقية التابعة لإيران، إذ يعتقد صناع السياسات في واشنطن أن طهران لا ترى أن الصراع في سوريا قد انتهى، وأنها ستسعى إلى استعادة نفوذها في أي وقت وبأي طريقة". 

وأضاف: "تخشى واشنطن من أن تلعب الفصائل المسلحة العراقية دوراً محورياً في أي سيناريو إيراني محتمل بشأن سوريا الجديدة".

لكن المسؤول الحكومي العراقي المقرب من واشنطن، أشار إلى أن "مخاوف واشنطن مبالغ فيها، إذ لا يمكن للفصائل العراقية أن تتدخل في سوريا الآن ولا في المستقبل، لأنهم يعلمون جيداً أن هذا الأمر سيفتح أبواب الجحيم على العراق، حتى لو خططت طهران لذلك".

وأوضح أن أنه "في الكثير من الأحيان، اتخذت فصائل المقاومة العراقية قراراتها بعيداً عن قرارات طهران، وبالعكس منها أيضاً، لأنها تريد ضمان استقرار العراق، وضمان استمرار مصالحها الاقتصادية والسياسية".

تطالب فصائل هيئة الحشد الشعبي بمغادرة القوات الأمريكية للعراق - رويترز
تطالب فصائل هيئة الحشد الشعبي بمغادرة القوات الأمريكية للعراق – رويترز

الإطار التنسيقي وحل الفصائل: حيرة وقلق

ينظر إلى الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم على أنه حليف لهيئة الحشد الشعبي، والفصائل المسلحة المقربة من طهران، وهو الذي يشكل الكتلة البرلمانية الأكبر الحاكمة في البرلمان الحالي.

بحسب مصادر سياسية من الإطار التنسيقي تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن قادة الإطار "يعيشون حالة من الحيرة والقلق، ولم يقرروا بعد كيف سيتصرفون مع مطالب واشنطن بحل الفصائل المسلحة الشيعية العراقية المدعومة من طهران ونزع سلاحها".

أحد المصادر السياسية من الإطار التنسيقي الشيعي، قال لـ"عربي بوست": "لا يعلم قادة الإطار ماذا يفعلون في هذه الازمة، فمن ناحية هم قلقون للغاية من إدارة ترامب وتصرفاته غير المتوقعة والتهديدات التي جاءت من واشنطن، ومن ناحية أخرى إذا دعموا حل الفصائل فهذا سيعرض البلاد إلى حرب أهلية، كما أنهم يخشون من عودة ظهور داعش، وتأثير ما حدث في سوريا على العراق".

بحسب المصدر ذاته، فإن قادة الإطار التنسيقي الشيعي اجتمعوا أكثر من مرة لبحث هذه المسألة، ولم يتوصلوا إلى أي قرار حتى الوقت الحالي، لكن في مقابل التهديدات الاقتصادية القادمة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإنه يبحثون مسألة دمج فصائل المقاومة الإسلامية في العراق، داخل وحدات الحشد الشعبي بعد هيكلته أيضاً"..

مصدر ثان من الإطار التنسيقي الشيعي، تحدث لـ"عربي بوست" بهذا الخصوص، وهو غير مؤيد لحل الفصائل المسلحة العراقية أو نزع سلاحها وإعادة دمجها في القوات الحكومية، حيث قال: "هذه الخطوة ستؤدي بالتأكيد إلى نقل ما حدث في سوريا إلى العراق".

وحذر من أن "مقاتلي داعش ينتظرون أي تحرك مماثل داخل العراق لإعادة نشاطهم في البلاد، وأن الحشد الشعبي يساهم في حماية العراق منهم"، على حسب قوله. 

في السياق ذاته، عبّر سياسي عراقي مقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي رئيس ائتلاف الدولة في البرلمان وأحد قادة الإطار التنسيقي الشيعي، عن مخاوف قادة الإطار من مطالب واشنطن. 

وقال لـ"عربي بوست": "هناك حيرة كبيرة، فإذا وافق قادة الإطار على حل أو إعادة هيكلة هذه الفصائل، فسوف يعرضون أمن العراق للخطر، واذا رفضوا فإن العراق واقتصاده وهم أنفسهم سوف يكونون في مرمي نيران ترامب، الذي سيقود حرباً اقتصادية ضد العراق، ما سيؤدي أيضاً إلى زعزعة أمن العراق".

ماذا تريد الحكومة العراقية؟

الحكومة الحالية بقيادة محمد شياع السوداني، تشكلت بدعم من الإطار التنسيقي الشيعي المقرب من طهران، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد دخول السوداني تحالفاً مع قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، وهو فصيل مسلح ضمن فصائل المقاومة العراقية.

بحسب المصادر المقربة من الحكومة العراقية الحالية، فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يرى أنه يجب حل هذه الفصائل للابتعاد عن العراق من أن يكون مسرحاً لحروب أخرى بالوكالة بين طهران وواشنطن، لكنه في العلن يبدي موقفاً مختلفاً متوافقاً مع حلفائه.

مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي قال لـ"عربي بوست": "السوداني منذ بداية ولايته وهو يسعى إلى الابتعاد بالعراق عن السيطرة الايرانية، والتقارب مع واشنطن والدول الخليجية".

وقال: "إن السوداني يعلم تماماً أن ترامب ينوي معاقبة طهران في العراق، وشن حرب اقتصادية على بغداد، لكن في الوقت ذاته، لا يستطيع السوداني الوقوف في وجه الفصائل المسلحة في العراق".

لكن المصدر ذاته أشار إلى إمكانية استغلال حكومة السوداني لمعارضة المرجعية الدينية الشيعية العليا علي السيستاني، لهذه الفصائل، ودعوته إلى حصر السلاح بيد الدولة.

وأوضح لـ"عربي بوست" أن "حكومة السوداني لديها فرصة كبيرة خاصة في ظل المعارضة الشعبية لهذه الفصائل ومعارضة السيستاني، ومن الممكن أن تسعى للتنسيق مع المرجعية في النجف، لإيجاد حل لهذه الفصائل يجنب العراق أي مواجهات مع إدارة ترامب".

يرى المصدر المقرب من رئيس الوزراء العراقي، أن "الوقت مناسب أيضاً، مع حالة الضعف التي تمر بها طهران إقليمياً، للتحرك من أجل التخلص من النفوذ الإيراني على العراق، لاستعادة هيبة الدولة العراقية"، على حد تعبيره.

ضغوط أمريكية ومن الحشد الشعبي على السوداني وسط التوتر بين الجانبين/ رويترز
ضغوط أمريكية ومن الحشد الشعبي على السوداني وسط التوتر بين الجانبين/ رويترز

تردد إيراني 

سافر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في وقت مبكر من يناير/كانون الثاني 2025 إلى إيران لطلب المساعدة من المسؤولين الإيرانيين، وبالتحديد المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، لحل أزمة الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من طهران في العراق.

بحسب مصادر عراقية مطلعة علي هذه الزيارة، تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن رئيس الوزراء العراقي ذهب إلى طهران بحيرة وعاد بحيرة أكبر، وفق تعبيره.

وقال: "على ما يبدو، فإن هناك تردد إيراني كبير بشأن مسألة حل الفصائل المسلحة، وإعادة هيكلة هيئة الحشد الشعبي"، دون مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص.

الباحث السياسي العراقي حيدر فضل إحسان، المقرب من طهران، قال لـ"عربي بوست": "ما وصلني أن المرشد الأعلى الإيراني لم يوافق على مسألة حل الحشد، وترك الأمر للقادة العراقيين، واخبر السوداني بأن على القادة العراقيين اختيار الأفضل لبلادهم مع تجنب تعريض العراق للخطر". 

وقال دبلوماسي إيراني عمل في العراق لسنوات طويلة، ومطلع على إدارة الملف العراقي في المؤسسة السياسية الايرانية، لـ"عربي بوست": "هناك تردد إيراني بشأن مسألة حل الفصائل المسلحة العراقية، فمن بين القادة الإيرانيين، هناك من يرى أنه لابد من التعامل ببراجماتية، وإعادة دمج الفصائل المسلحة داخل القوات العسكرية الرسمية لعدم تعريض العراق للخطر، وخسارته مثلما خسرت طهران سوريا". 

أما الفريق الآخر، فيرى أنه "إذا قامت الحكومة العراقية بحل أو إعادة دمج الفصائل العراقية، فإن هذا يعني انصياعاً لأوامر الأمريكيين، وبداية لخسارة إيران حلفاءها في العراق"، بحسب المصدر الدبلوماسي.

وتابع بأن "المؤسسة السياسية في طهران، تخشى تعرض العراق لمصير بشار الأسد ذاته، عندما رفض الإنصات لنصائح طهران بتقوية جيشه وقواته، كما أن خامنئي يخشى من أن حل أو دمج الفصائل المسلحة العراقية دون رغبة قادتها يعرض العراق لسيناريو سوريا ذاته".

محاولات الفصائل للخروج من الأزمة

تواصل "عربي بوست"، مع عدد من المصادر من الفصائل المسلحة العراقية، لمعرفة موقفها من المطالب الأمريكية، فمن جهته قال قيادي من كتائب حزب الله لـ"عربي بوست": "نرفض أي محاولات امريكية أو محاولة من الحكومة العراقية لنزع سلاح الفصائل خاصة في هذا التوقيت".

وأضاف: "ترامب لا يهتم بالعراق، ولا يهتم بأمن العراق، ونحن نرفض الوصاية الأمريكية على بلادنا".

وقال قيادي آخر من كتائب النجباء لـ"عربي بوست": "السياسيون العراقيون يخشون العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي سيفرضها ترامب، ويقولون إن هذا يهدد أمن واستقرار العراق، لكن لا يرون أهمية الفصائل لحماية الأمن القومي العراقي من خطر داعش وما يحدث في سوريا، وهذا أيضاً لا يهم ترامب".

وتابع: "بل لو تعرض العراق لظهور داعش مرة أخرى، فهذا يضمن بقاء القوات الأمريكية في العراق، لذلك نحن لن نخضع لهذه المؤامرة".

وأضاف: "الجميع داخل العراق يعلم أن نزع السلاح لن يوافق قادة الفصائل على نزع سلاحهم طالما الأمريكيون متواجدون في العراق".

لكن في الوقت ذاته، لم ترفض المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست"، إعادة هيكلة الحشد الشعبي ودمج فصائلهم داخل القوات العسكرية الحكومية. 

القيادي من كتائب حزب الله، قال لـ"عربي بوست": "نفكر بالتأكيد في مسألة الدمج داخل القوات المسلحة العراقية، لكن بشروطنا، وبما يتوافق مع وضع الفصائل".

جدير بالذكر أن قيس الخزعلي زعيم فصيل عصائب أهل الحق، قال في لقاء تلفزيوني معلقا على مسألة حل الفصائل المسلحة العراقية: "أمريكا أكثر واقعية إزاء ملف الحشد الشعبي من الأطراف السياسية التي تروج لموضوع حل الحشد.. العراق ليس من أولويات ترامب، والعراق هنا مجرد تفصيلة في سياسة ترامب، ولن يستهدف العراق بعينه وإنما المنطقة". 

سيناريوهات مستقبل الفصائل المسلحة العراقية

المصادر العراقية المختلفة التي تحدثت لـ"عربي بوست"، رأت أنه يمكن الحديث عن سيناريوهين لأزمة الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق.

السيناريو الأول: حل الفصائل المسلحة 

تفترض المصادر العراقية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، في هذا السيناريو أن يتم حل الفصائل المسلحة بعد صراع معها بضغط من الحكومة العراقية، ودعم المرجعية الدينية الشيعية في النجف (على السيستاني)، لذلك.

مع استغلال الحكومة العراقية لضعف محور إيران، وتدهور نفوذها الإقليمي، إلى جانب قلق بغداد والإطار التنسيقي الشيعي الحاكم بشأن العقوبات الاقتصادية والإجراءات العقابية التي من المحتمل أن تتخذها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه العراق.

عبر عن ذلك السيناريو، الباحث السياسي حيدر فضل إحسان، معلقاَ في حديثه لـ"عربي بوست" بالقول: "ستتوقف احتمالية حدوث هذا السيناريو على حجم الضغوط التي ستتخذها إدارة ترامب تجاه العراق، إذ كانت إدارة بايدن على تفاهم جيد مع حكومة السوداني، ولكننا نتوقع أن تقوم إدارة ترامب باتخاذ تدابير عقابية أكبر تجاه الحكومة العراقية للضغط عليها لحل الحشد الشعبي وفصائل المقاومة".

السيناريو الثاني: الموافقة على الدمج

في هذا السيناريو، تتوقع المصادر أن تستجيب الفصائل المسلحة للضغوط والتهديدات الاقتصادية للعراق، خوفاً من تعريض المصالح الاقتصادية لها للخطر.

وأكدت أن ذلك في حال حدوثه، سيؤدي إلى الموافقة لإعادة الهيكلة والدمج داخل القوات المسلحة العراقية بموجب المرسوم الحكومي السابق ذكره رقم 331، الذي أصدره مجلس الوزراء في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

يرى الباحث السياسي المقرب من فصائل الحشد الشعبي، حيدر احسان، أن هذا السيناريو هو الأفضل للجميع، والأقرب إلى موافقة الفصائل المسلحة العراقية، وفق تقديره. 

وقال لـ"عربي بوست": "حدوث هذا السيناريو هو الأكثر توقعاً بالنسبة لي، لأنه سيكون بمثابة الملاذ الأخير للإطار التنسيقي وفصائل المقاومة والحشد الشعبي لحماية العراق من التهديدات الأمريكية بالنسبة لهم".

وأضاف: "هذا السيناريو هو الحل الوسط الذي يبحث عنه قادة الإطار التنسيقي وإيران، لضمان استمرار وبقاء هذه الفصائل، وفي الوقت ذاته ضمان عدم تعريض الاقتصاد العراقي للخطر، لكن هذا السيناريو سيتوقف على مدى جدية تنفيذه من هيئة الحشد والفصائل".

علق القيادي من كتائب حزب الله العراقية على هذا السيناريو، بالقول لـ"عربي بوست": "من المحتمل أن نوافق على هذا السيناريو بشرط التزام الأمريكيين بالخروج من العراق بحلول سبتمبر/أيلول 2025، وإذا لم تنفذ واشنطن هذا الشرط فنحن بالطبع لن نوافق ولن نرضخ لضغوطها".

جدير بالذكر أنه وفقاً لمفاوضات استمرت لمدة عام بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تم الاتفاق على جدول زمني لخروج القوات الأمريكية من العراق.

بحسب هذا الجدول، على الولايات المتحدة أن تقوم بسحب قواتها بشكل تدريجي من القواعد العسكرية في الأنبار وبغداد بحلول نهاية عام 2025. 

وبحلول نهاية عام 2026، تنسحب القوات الأمريكية من قواعدها في أربيل في إقليم كردستان العراق. 

لكن في وقت سابق، قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية، لوسائل الإعلام الغربية، تعليقاً على هذا الجدول الزمني: "إن الانسحاب يخضع للظروف على الأرض والمشاورات بين القادة السياسيين العراقيين والولايات المتحدة". 

وعلق الباحث السياسي العراقي حيدر احسان على هذه المسألة قائلاً: "هذا التعليق من وزارة الدفاع الأمريكية يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالية عدم تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين حكومة السوداني وإدارة بايدن، لأن الظروف الجديدة في سوريا تعني تغييراً في الظروف الأقليمية".

وقال: "ربما ترى واشنطن أن العراق بحاجة إلى دعم أمريكي للحفاظ على أمنه ومنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى".

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.

تحميل المزيد