إنجازات ميدانية هامة، وعين على حلب.. هذه أهداف عملية “ردع العدوان” للمعارضة السورية وأسباب إطلاقها (خرائط)

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/28 الساعة 15:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/28 الساعة 15:12 بتوقيت غرينتش
أطلقت المعارضة السورية عملية "ردع العدوان" ضد مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري شمال شرق سوريا/ الجبهة الوطنية للتحرير على تويتر

تمكنت المعارضة السورية من تحقيق إنجازات ميدانية على الأرض على حساب النظام السوري، بعد إطلاقها عملية ردع العدوان في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لتسيطر على 32 نقطة وقرية في ريف حلب.

تستمر المعركة لليوم الثاني على التوالي، بمساحة 245 كيلومتراً مربعاً، لتقترب قوات المعارضة السورية من مدينة حلب بمسافة 5 كيلومترات فقط. 

أسباب عملية ردع العدوان

سبقت هذه العملية، تهديدات متكررة من فصائل المعارضة السورية بتنفيذ عملية موسّعة في حلب وإدلب، لاستعادة المناطق التي خسرتها عام 2020.

إلا أن عملية "ردع العدوان"، ووفق ما تحمله من مسمى، فإنها لم تأت لتحقيق الهدف المذكور أعلاه، وإنما للرد على مجازر ارتكبها النظام السوري مؤخراً، كان آخرها استهدافه معهداً لتحفيظ القرآن في إدلب، راح ضحيته 3 أطفال والعديد من المصابين.

وركز النظام السوري والمليشيات الموالية له، مؤخراً، استخدام مسيرات انتحارية، تهاجم المناطق المدنية التابعة للمعارضة في شمالي سوريا.

على إثر ذلك، أعلنت المعارضة السورية عملية "ردع العدوان"، بهدف "تحقيق الردع أمام مجازر النظام السوري" التي تصاعدت وتيرتها مؤخراً، بحسب ما أعلنته غرفة العمليات العسكرية، التي تقود المعركة من جانب المعارضة، في بيان رسمي لها، بعد إطلاق العملية.

"الفتح المبين".. غرفة عمليات المعارضة لقيادة المعركة

تقود المعركة من جانب المعارضة السورية، غرفة عمليات "الفتح المبين"، التي تضم هيئة تحرير الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، وفصائل معارضة أخرى.

من جانبه، أكد المقدم حسين محمد عبد الغني، القيادي في غرفة عمليات "الفتح المبين"، لـ"عربي بوست"، أن من أسباب انطلاق المعركة: "الحشود العسكرية للنظام المجرم على تخوم المناطق المحررة، التي تهدد أمن المنطقة وسكانها".

وشدد على أن "من واجب غرفة العمليات، الدفاع عن أهلنا في وجه هذا الخطر الوشيك، الذي يستهدف وجودهم وأمانهم".

أهداف العملية

أوضح المقدم عبد الغني، أن أهداف العملية تتلخص بـ"كسر مخططات العدو، عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع مليشياته"، على حد قوله.

وقال إن "الدفاع عن أهالي المناطق المحررة ليس خياراً، وإنما هو واجب علينا، وإن هدف الفصائل الثورية الثابت، إعادة المهجّرين إلى ديارهم".

هدف آخر كشف عنه أسامة حاج حسين، القيادي في فصائل المعارضة، في حديثه لـ"عربي بوست"، قائلاً: "يجب السيطرة على الجزء الممتد من جنوبي سراقب في ريف إدلب شرقاً، وحتى منطقة خان العسل على الأطراف الجنوبية من مدينة حلب، حيث الطريق الدولي (حلب- دمشق)"، أو كما يعرف باسم طريق "M5".

أوضح القيادي المعارض، أن تحقيق ذلك "يضمن قطع إمدادات قوات النظام، وبالتالي، إمكانية التقدم نحو مدينة حلب، والسيطرة عليها".

من جانبه، قال السياسي المعارض محمد خير الدين، من ريف حلب، إنه يرى أن العملية بإمكانها تحقيق أهداف مرتبطة بغايتين رئيستين، هما: 

  1. حماية المناطق المحررة وردع اعتداءات النظام السوري. 
  2. منع إعادة تمركز المليشيات الإيرانية وحزب الله، في محيط مناطق المعارضة.

وأكد أن فصائل المعارضة، "رصدت خلال الفترات الماضية، مضي مليشيات إيرانية وعناصر لحزب الله بالتوسع والاستيطان، في محيط المناطق المحررة، خاصة بعد هروبها من لبنان، ومحاولاتها إعادة تنظيم صفوفها"، وفق قوله.

وقال إن "‏المعركة تأتي في سياق استراتيجي، للحفاظ على استقرار المناطق المحررة، وقطع الطريق أمام مشاريع التمدد الإيرانية في المنطقة".

تفاصيل التقدم ميدانياً لصالح المعارضة

تمكنت المعارضة السورية حتى تاريخ نشر التقرير في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، من تحقيق انتصارات على الأرض، بالسيطرة على عشرات القرى والبلدات في شمال سوريا.

يُعدّ ذلك، أول اختراق للمعارضة السورية لخطوط التماس مع النظام السوري، منذ اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020، بضمانة روسية وتركية وإيرانية.

بالرجوع إلى ما أعلنته فصائل المعارضة، فإنها تُقدّر المساحة التي تقدمت فيها ميدانياً بنحو 245 كيلومتراً مربعاً حتى الآن.

أما أبرز المناطق التي سيطرت عليها، بحسب ما أعلنته المعارضة، فهي تشمل: الهوتة، وأورم الكبرى، وعينجارة، والفوج 46.

خريطة معركة ردع العدوان ومناطق السيطرة في سوريا/ عربي بوست
خريطة معركة ردع العدوان ومناطق السيطرة في سوريا/ عربي بوست

بالإضافة إلى كل من قبتان الجبل، والشيخ عقيل، والقاسمية، وحير الدركل، وعاجل، وعويجل، وأورم الكبرى، وأورم الصغرى، ومنطقة المهندسين، وجمعيات سكنية قريبة من مدينة حلب. 

وتشكل المناطق المذكورة، "الخط الدفاعي الأول والرئيس لقوات النظام السوري في الجهة الغربية لمحافظة حلب".

وأعلنت فصائل المعارضة السورية، أنها تمكنت من الاستحواذ على مستودعات تحوي كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، والآليات العسكرية، بينها دبابات وعربات مصفحة، دون مزيد من التفاصيل.

كذلك قالت إنها تمكنت حتى الآن من أسر 20 عنصراً من قوات النظام السوري.

يأتي ذلك في حين ما تزال فصائل أخرى للمعارضة، تواصل عمليات عسكرية جديدة ضد قوات النظام السوري على محاور وخطوط التماس في ريف إدلب الجنوبي، لتتمكن من السيطرة على قرية داديخ، وقرية الشيخ علي، متجهة صوب جبل الزاوية الاستراتيجي.

أهمية استراتيجية للفوج 46

أعلنت فصائل المعارضة السورية، سيطرتها على منطقة الفوج 46، التي تُعدّ معقلاً رئيساً لقوات النظام السوري، والميليشيات الموالية له، غربي مدينة حلب، إذ يبعد عنها 15 كيلومتراً.

يقع الفوج 46 على تلة مرتفعة قرب مدينة الأتارب، ويُعدّ حلقة وصل بين ريفي إدلب وحلب.

يبعد الفوج عن معبر باب الهوى نحو 20 كيلومتراً، ويختص بالقوات الخاصة لعمليات الإنزال الجوي في جيش النظام السوري.

استعاد النظام السوري السيطرة على الفوج 46 في عام 2020، ضمن عملية واسعة سيطر من خلالها على غربي حلب، بعد انسحاب فصائل المعارضة من هذه المنطقة.

قام النظام السوري بعدها، بتعزيز الفوج 46 براجمات وسرايا مدفعية ودبابات وقواعد مضادة للدروع بعد إعادة السيطرة عليه في عام 2020، وذلك بحسب ما كشفه إعلامية في تقارير إعلامية.

وكانت فصائل المعارضة سيطرت عليه في عام 2012، بعد معارك مع قوات النظام السوري، واستمرت سيطرته عليه لثماني سنوات.

جمعة الحلبي، ناشط ميداني في ريف حلب، أفاد لـ"عربي بوست"، بأن "الفوج 46، من أهم المواقع العسكرية للنظام السوري، إذ يُعدّ مركز عملياته في المنطقة، وكان محصناً بصورة ضخمة، وليس من السهل اختراقه أو السيطرة عليه".

وأكد أنه "بعد سيطرة فصائل المعارضة على 4 مناطق، هي قبتان الجبل، وحير دركل، والقاسمية، والشيخ عقيل، التي تعد الخط الدفاعي الرئيس لدى النظام السوري عن مدينة حلب، كان ينظر إلى منطقة الفوج 46، على أنها هدف هام، تعد السيطرة عليه انتصاراً هاماً، يفتح الطريق باتجاه حلب".

هل مدينة حلب هدف لعملية "ردع العدوان"

لم تعلن فصائل المعارضة السورية حلب هدفاً لها، وإنما أكدت في تصريحاتها الرسمية، أن الهدف من العملية هو "ردع عدوان" النظام السوري.

لكن يكثر حديث الناشطين عن حلب، باعتبار قربها المكاني من الاشتباكات الحالية، إذ باتت المعارضة السورية على مشارفها.

وتكمن أهمية حلب، بأنها ثاني كبرى المحافظات السورية، والعاصمة الاقتصادية للبلاد"، كما أنها تقع ضمن مناطق خفض التصعيد الرابعة، التي كانت فصائل المعارضة تتوعد استعادة السيطرة عليها.

وكانت حدود منطقة خفض التصعيد الرابعة، تم رُسمها في الجولة السادسة من مسار أستانا في سبتمبر/أيلول 2017، وهي تضم محافظة إدلب، ومدينة حلب، ومعها أجزاء من أرياف حلب، وحماة، واللاذقية.

وقالت مصادر عسكرية من المعارضة، إن الزحف نحو الطريق الدولي (M5) الذي يربط محافظة حلب بالعاصمة السورية دمشق، وقطعه، يجعل مدينة حلب في عداد المحاصرة.

وأضاف أنه "في حال تمكنت الفصائل من السيطرة على خان العسل، منطقة خان العسل، التي تقع على أطراف مدينة حلب الجنوبية، فإن ذلك سيقطع إمدادات قوات النظام السوري إلى المدينة، ويمهد للتقدم نحو مدينة حلب والسيطرة عليها".

لكنه شدد على أنه لا قرار عسكرياً حتى الآن بالهجوم على حلب.

المناطق التي خسرتها المعارضة السورية عام 2019/ عربي بوست
المناطق التي خسرتها المعارضة السورية عام 2019/ عربي بوست

الموقف التركي

أفادت مصادر عسكرية من المعارضة، لـ"عربي بوست"، طالبة عدم ذكر اسمها، بأن "الموقف التركي بالنسبة لفصائل المعارضة هو موقف صامت، فلم نر رفضاً أو تأييداً للعملية".

السياسي المعارض محمد خير الدين، رأى في ذلك، أن "الصمت التركي لا يُفسر على أنه ضوء أخضر من تركيا، وموافقتها على العملية، بل إنها سبق أن حذّرت مؤخراً الفصائل من إطلاق أي عملية عسكرية ضد قوات النظام السوري".

وقال: "مما فهمناه من قادة المعارضة أن تركيا تريد المحافظة على خريطة النفوذ والتموضع العسكري لكل الأطراف في سوريا، وعدم جر مناطق شمال غربي سوريا، التي تعد آخر معاقل المعارضة السورية جغرافياً، إلى حالة قتال".

وأشار إلى أن "لدي تركيا مخاوف بهذا الخصوص، مرتبطة بحدوث حالة عدم استقرار جديدة، قد تدفع بأكثر من 4 مليون ونصف المليون مدني إلى النزوح نحو تركيا من جديد، في وقت تدعو فيه إلى العودة الطوعية".

أما عن الموقف الرسمي التركي، فمن جانبها، قالت وزارة الدفاع التركية، إنها تتابع من كثب تحركات فصائل المعارضة كافة في الشمال السوري، والتطورات المتعلقة بها.

وأضافت مصادر في الوزارة التركية لـ"عربي بوست" بشكل مقتضب، بأن "الجيش التركي اتخذ التدابير اللازمة كافة، والاحتياطات الخاصة بقواته العاملة في المنطقة، وأنها تواصل القيام بذلك".

في حين نقلت صحف تركية، عن شهود عيان في المنطقة الحدودية بين تركيا والشمال السوري، عن تحريك الجيش التركي لتعزيزات عسكية تضم مدرعات ومعدات لوجستية عبر بوابة أنجوبينار الحدودية مع سوريا.

وأكدت أن هذه التعزيزات انتشرت في القواعد العسكرية التابعة لها بمنطقة ريف إعزاز.

(خريطة التعزيزات التركية)

ماذا عن روسيا وإيران؟

أكدت فصائل المعارضة السورية، دعم روسيا بالطائرات الحربية لقوات النظام السوري، منذ بدء العملية العسكرية.

وقالت إنه استخدم الطائرات العسكرية لضرب مناطق المدنيين في الشمال السوري، مشيرة إلى أن روسيا وبشكل يدعو للاهتمام، لم توجه ضرباتها الجوية إلى المناطق العسكرية في ريف حلب، حيث تحدث الاشتباكات.

وقال مصدر ميداني لـ"عربي بوست"، إن "روسيا لم تقم بتقديم غطاء جوي للنظام السوري في عمليات تصديه لهجوم الفصائل المعارضة، وإنما كانت هناك ضربات انتقامية في المناطق المدنية داخل المناطق المحررة".

وأرجع سبب ذلك بتقديره، إلى أن "موسكو لا تريد أي تصعيد مباشر يؤثر هلة قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية، التي تقع على مقربة من مناطق المعارضة السورية، بحيث لا تتضرر مصالحها هناك".

خريطة تمركز القوات الروسية في شمال غربي سوريا/ عربي بوست
خريطة تمركز القوات الروسية في شمال غربي سوريا/ عربي بوست

ولطالما دعمت روسيا النظام السوري ضد فصائل المعارضة، وساهمت في سيطرته على مناطق واسعة من المعارضة، إلا أنه يركز منذ عام 2020 على مناطق نفوذها الساحلية في سوريا، وتمارس دور الدولة الضامنة لعدم عودة التصعيد في سوريا.

أما بالنسبة لإيران، فإنها لم تعلق رسمياً بعد على التطورات الميدانية في شمال سوريا، إلا أن لديها مليشيات موالية لها هناك، ومستشارين عسكريين من الحرس الثوري.

وسبق أن رصد "عربي بوست"، في تقرير سابق مناطق نفوذ إيران في سوريا.

خريطة التمركز الإيراني في شمال غربي سوريا/ عربي بوست
خريطة التمركز الإيراني في شمال غربي سوريا/ عربي بوست

ميدانياً، فإن المعارضة السورية تمكنت من الوصول إلى مناطق تبعد بضع كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء، اللتين يوجد فيهما حضور قوي لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران.

كما أن المعارضة هاجمت مطار النيرب شرقي حلب، حيث تتمركز فصائل مسلحة موالية لطهران.

وفي مدينة حلب، تتمركز مليشيات موالية لإيران وعناصر لحزب الله فيها.

يشار إلى أن المناطق التي تتوغل فيها قوات المعارضة في عملية "ردع العدوان"، في ريفي حلب وإدلب، كانت تقع تحت سيطرتها، حتى عام 2020، حين تمكن النظام السوري وبدعم من روسيا وإيران وحزب الله، من السيطرة عليها، ودفع المعارضة إلى الانسحاب إلى إدلب شمالاً.

وكان العقيد مصطفى بكور، القيادي في فصيل "جيش العزة" المعارض، قال لـ"عربي بوست"، في تصريح سابق، إن "الفصائل الثورية تعرضت لضغوط كبيرة من الحاضنة الشعبية للثورة خلال العام الأخير، من أجل تخفيف معاناة المهجّرين، وذلك عن طريق تحرير الأراضي المحتلة من الروس والإيرانيين وقوات الأسد، لضمان عودة آمنة وكريمة لهم".

وقال بكور: "استجابة لرغبة الحاضنة الشعبية، وفي محاولة لاستغلال المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية، بعد انشغال المليشيات الإيرانية وحزب الله، قامت الفصائل الثورية بالإعداد لمعركة تحرير على أكثر من محور". 

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.

تحميل المزيد