خلال السنوات الأخيرة٬ طورت بحرية الجيش الصيني صواريخ باليستية متقدمة مضادة للسفن٬ مثل الصواريخ DF-21D وDF-26B، القادرة على استهداف حاملات الطائرات الأمريكية وحلفائها وسط البحار.
ويشكل الصاروخ DF-21D، الذي يصل مداه إلى 2150 كيلومترًا، والصاروخ DF-26B، الذي يصل مداه إلى 4000 كيلومتر، تهديدات كبيرة للسفن البحرية العاملة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتؤكد عمليات الإطلاق التجريبية الأخيرة في بحر الصين الجنوبي على نية بكين تحدي الهيمنة البحرية الأمريكية كما يقول تقرير لمجلة National Interest الأمريكية. فباستخدام هذه الصواريخ، تستطيع الصين تحييد حاملات الطائرات الأمريكية، الأمر الذي يستدعي إعادة تقييم استراتيجية للعمليات البحرية الأمريكية في المناطق التي تتمتع بالدفاع الصاروخي.
ما هو الصاروخ الصيني DF-26B القادر على تحييد حاملات الطائرات الأمريكية؟
تملك الصين اليوم الصواريخ اللازمة لإغراق حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية٬ حيث أصبح الجيش الصيني أصبح الآن أكبر قوة بحرية في العالم، ومع ذلك فإن العديد من سفنه لا تستطيع العمل بعيداً عن المياه الإقليمية الصينية٬ كما تقول المجلة الأمريكية.
وتمتلك البحرية الصينية 3 حاملات طائرات وتبني حالياً الرابعة٬ ما يجعلها صاحبة ثاني أكبر قوة حاملات طائرات بعد الولايات المتحدة التي تمتلك 11 حاملة تعمل بالطاقة النووية التابعة للبحرية الأمريكية.
ولكن حتى مع خطط بكين الطموحة لبناء المزيد من حاملات الطائرات، فإنها ستسعى إلى "تسوية" قواعد اللعب في الصراع مع الولايات المتحدة من خلال إغراق حاملات الطائرات الأمريكية٬ وقد طورت الأسلحة اللازمة للقيام بذلك مثل صاروخ DF-26B البالستي.
صاروخ DF-26B.. قاتل حاملات الطائرات الذي تملكه الصين
قبل ثلاثة عقود من الزمان، قدمت الصين صاروخها الباليستي متوسط المدى المتحرك على البر (DF-21D (Dong Feng-21, CSS-5. وقد وُصف بأنه أول صاروخ باليستي مضاد للسفن (ASBM) أو "قاتل حاملات الطائرات" في العالم.
وقد صُمم هذا الصاروخ ليحل محل صاروخ (Dong Feng-2 (CSS-1 القديم، وكان أول صاروخ صيني متحرك على الطرق البرية يعمل بالوقود الصلب. ونظراً لقدرته على نشر حمولة تزن 600 كجم مع مدى أدنى يبلغ 500 كيلومتراً٬ ومدى أقصى يبلغ 2150 كيلومتراً، فمن المرجح أن يكون الرأس الحربي للصاروخ DF-21D قابلاً للمناورة وقد تبلغ دقة الإصابة أو ما يعرف بـ(CEP) لديه 20 متراً.
ومنذ ذلك الحين، طورت بكين عدداً من صورايخ DF-21، بما في ذلك نسخة مزدوجة قادرة على حمل رؤوس نووية/تقليدية (DF-21C) وأخرى مصممة كصاروخ باليستي مضاد للسفن (DF-21D).
وفي عام 2016، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً عن اعتقادها بأن متغيراً نووياً جديدًا، هو صاروخ DF-21E يجري إنتاجه أيضاً لدى الصين. ويمكن لمثل هذا السلاح أن يمنع خصماً محتملاً من الوصول إلى منطقة صراع في المياه التي تسعى بكين إلى السيطرة عليها، ولا سيما بحر الصين الشرقي أو الجنوبي.
الصاروخ الصيني DF-26B.. أعظم تهديد لحاملات الطائرات الأمريكية
وفي حين أنه يمكن استخدام صاروخ DF-21D بالقرب من "المياه المحلية" للصين، فقد طورت بكين أيضاً صاروخاً آخر يشكل تهديداً للسفن الحربية العاملة في معظم أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وهذا هو الصاروخ DF-26B (دونغ فينغ-26)، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب ومكون من مرحلتين، ويُنقل على الطرق البرية، وقد تم الكشف عنه لأول مرة خلال عرض عسكري في سبتمبر/أيلول 2015. ويبلغ مداه المعلن عنه 4000 كيلومتر، ويمكن استخدامه في الضربات التقليدية والنووية ضد الأهداف البرية والبحرية.
يستطيع صاروخ DF-26B حمل رأس حربي نووي أو تقليدي يتراوح وزنه بين 1200 و1800 كيلوجرام، ولأنه قادر على ضرب هدف مثل قاعدة غوام الأمريكية مباشرة في حالة الحرب، فإنه ينبغي اعتباره سلاحاً هائلاً. والأمر الأكثر خطورة أن الصاروخ DF-26B يوصف بأنه قاتل حاملات الطائرات نظراً لإمكانية استخدامه لاستهداف أسطول البحرية الأميركية من حاملات الطائرات العملاقة العاملة بالطاقة النووية من فئتي نيميتز وفورد.
تهديد مباشر لواشنطن
وتقول المجلة الأمريكية إن هذه الصواريخ تشكل تهديداً يجب على واشنطن أن تأخذه على محمل الجد، ومن الواضح أن بكين كانت تعني إرسال هذه الرسالة عندما أجرت عمليات إطلاق تجريبية لكلا المنصتين في بحر الصين الجنوبي في عام 2020. وجاءت الاختبارات بعد يوم واحد فقط من اتهام بكين للولايات المتحدة بإرسال طائرة تجسس من طراز U-2 إلى "منطقة حظر طيران" خلال مناورة بحرية حية لجيش التحرير الشعبي الصيني في بحر بوهاي قبالة الساحل الشمالي للصين.
تم إطلاق أحد صواريخ DF-26B من مقاطعة تشينغهاي الشمالية الغربية؛ بينما تم إطلاق صاروخ آخر وهو DB-21B من مقاطعة تشجيانغ الشرقية. وقال مصدر في الجيش الصيني لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست في ذلك الوقت إن الصاروخين أطلقا على منطقة بين مقاطعة هاينان وجزيرة باراسيل. وكانت مناطق الهبوط ضمن منطقة قالت سلطات السلامة البحرية في هاينان إنها ستكون محظورة بسبب تلك التدريبات العسكرية.
ولن تكون البحرية الأميركية وحدها هي التي قد تجد نفسها في مرمى نيران البحرية الصينية. ذلك أن صواريخ دي بي-21 بي٬ ودي إف-26 بي قد تُستخدم لاستهداف حاملات الطائرات الهندية أو اليابانية أو ضرب السفن الحربية التايوانية إذا ما أقدمت بكين على شن غزو ضد الجزيرة التي تريد الصين إعادة ضمها إليها.
"حماقة القتال" ضد حصن مسلح بصواريخ كالتي تملكها الصين
في مقال رأي في مجلة بريكينج ديفنس في أغسطس/آب 2024، استشهد الباحث ألبرت بالازو من جامعة نيو ساوث ويلز في كانبيرا بأستراليا بقول الأميرال البريطاني هوراشيو نيلسون الشهير: "إن السفينة حمقاء إذا قاتلت ضد حصن".
وفي القرن الحادي والعشرين، اقترح بالازو أن "السفينة ستكون حمقاء إذا قاتلت ساحلاً محمياً بالصواريخ مثل الصين"، وزعم أن القوات البحرية الأمريكية سوف تحتاج إلى إعادة النظر في كيفية عملها. فقد لا تكون السيطرة على البحار كافية بعد الآن. وسوف يحتاج الغازي إلى ترسيخ هيمنته المحلية باستخدام الأصول البرية والجوية والسيبرانية قبل أن تبحر السفن في طريق الخطر.
وهذه نقطة تعلمتها البحرية الروسية بطريقة صعبة في أبريل/نيسان 2022، عندما استخدمت أوكرانيا صواريخ نبتون البرية لإغراق سفينة القيادة التابعة لأسطول البحر الأسود موسكفا. وكانت أكبر سفينة حربية تُفقد في القتال منذ الحرب العالمية الثانية. ومن المؤكد أن البحرية الأمريكية لن ترغب في التفوق على ذلك بخسارة حاملة طائرات من طراز نيميتز بسبب صاروخ بالستي صيني!
واشنطن تعترف بالتهديد الصيني
في شهر يونيو/حزيران 2024 أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريرها السنوي عن القوة العسكرية الصينية إلى الكونجرس، والذي يحلل القوة العسكرية المتنامية لجمهورية الصين الشعبية وقدرتها القتالية.
وأصبحت بكين تملك الآن ما لا يقل عن 500 من قاذفات الصواريخ في الخدمة، ونحو 250 منها قابلة لإعادة التحميل ــ مع وجود صاروخين على الأقل لكل قاذفة. ولا تحتاج الصين إلى الحظ كثيراً لإغراق حاملة طائرات أمريكية بفضل صاروخ DF-26B وغيره من الصواريخ. وهذه ليست أنباد جيدة بالنسبة لأولئك الذين يبحرون على متن حاملة طائرات أمريكية في تلك المنطقة.