تجري انتخابات الرئاسة في تونس في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وسط تساؤلات عن موقف أحزاب المعارضة في تونس من المشاركة أو المقاطعة، في حين تحدثت قيادات منها لـ"عربي بوست"، عن اشتراطها الحصول على "ضمانات للمشاركة بانتخابات تونس"، بحيث لا تكون "مصممة على مقاس الرئيس قيس سعيد".
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أن قبول الترشح للانتخابات الرئاسية يبدأ في 29 يوليو/تموز 2024 ويستمر حتى 6 أغسطس/ آب 2024.
ضمانات للمشاركة بانتخابات تونس
من جانبه، تحدث الأمين العام لحزب "النهضة" العجمي الوريمي، لـ"عربي بوست"، وقال إن "الانتخابات استحقاق وطني ودستوري وجب احترامه، وفق المعايير الديمقراطية".
وأكد أن الحركة تطالب بضمانات متعلقة بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، قائلاً: "ينبغي ضمان حرية الترشح لمن تتوفر فيهم الشروط، وضمان حق الناخب في الاختيار بين المرشحين".
وأضاف أن هناك شروطاً تتمسك بها "النهضة"، وتشترطها جبهة "الخلاص" الوطني -تضم قوى وأحزاب معارضة لسعيّد- وهي: "تنقية المناخ السياسي بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، والكف عن ملاحقة ومضايقة المترشحين".
وعن شرط أساسي آخر، قال: "يجب عدم استخدام إمكانيات وأجهزة وموارد الدولة في المعركة الانتخابية، لأن حياد الدولة شرط أساسي".
وأكد أنه "يجب احترام الديمقراطية الانتخابية، وأن تليق بصورة تونس في الداخل والخارج".
وتوسعت الملاحقات القضائية خاصة لمن أعلنوا نيتهم الترشح للرئاسة، منهم المرشح لطفي المرايحي، وتوجيه دعوة للتحقيق للمرشح عبد اللطيف المكي بعد خمسة أيام من إعلان ترشحه، وفتح العديد من قضايا التحقيق وإصدار بطاقات إيداع ضد المرشحة عبير موسي، مع صدور حكم بسجن المرشح الصافي سعيد، وفتح قضايا ضد المرشح منذر الزنايدي (المقيم في الخارج).
"النهضة" لن تقدم مرشحاً رئاسياً.. و"الخلاص" تشترط
وأكدت قيادات من حركة "النهضة "، لـ"عربي بوست" أنها قررت عدم ترشيح شخصية للتنافس في الانتخابات الرئاسية، وأن الموقف من المشاركة فيها تصويتياً يندرج ضمن التقدير السياسي العام لجبهة "الخلاص"، التي تجمع قوى وأحزاب معارضة للرئيس التونسي قيس سعيد، وإجراءاته الاستثنائية التي أعلن عنها منذ 25 يوليو/تموز 2021، ووصفتها بأنها "انقلاب" على ديمقراطية تونس.
وتتمسك جبهة الخلاص بشروط، هي:
– أن تشرف هيئة مستقلة على الانتخابات.
– إلغاء المرسوم عدد 54 المتعلق بـ"قمع الإعلام" وحرية الصحافة.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي لـ"عربي بوست"، إن "هيئة الانتخابات فاقدة لكل حياد، وهي في خصومة سياسية مع المعارضين، وتقدمت بأكثر من قضية ضد كل من انتقدها"، كما فعلت ضد المرشحة عبير موسي، والسياسي جوهر بن مبارك.
واعتبر الشابي أنه "في ظل غياب جميع شروط المنافسة الحرة، فإن الجبهة لن تشارك في عملية لا تتوفر فيها شروط التنافس".
أما عن المشاركة أو مقاطعة الانتخابات، قال إن "الموقف النهائي سيتم الإعلان عنه قبل انطلاق الحملة الانتخابية".
أحزاب تعلن المشاركة وأخرى تقاطع
وأعلنت مجموعة من الأحزاب في تونس، رسمياً، مرشحيها للاستحقاق الرئاسي، فيما أعلنت أخرى المقاطعة، في حين ما زالت أحزاب تدرس الموقف النهائي بعد اجتماع مكاتبها التنفيذية.
من جانبه، أكد عضو المكتب التنفيذي لحركة "الشعب" -الداعمة للرئيس سعيّد- أسامة عويدات لـ"عربي بوست"، أن حزبه "ما زال لم يجتمع بعد لاتخاذ القرار النهائي، ولكن المؤكد ورغم المناخ العام الذي عليه كثير من التحفظات، فإن الحزب معني بالترشح والتصويت"، وفق قوله.
أما حزب التيار الديمقراطي (ضمن مجموعة من الأحزاب الديمقراطية)، فقال القيادي هشام العجبوني: "سنعقد اجتماعاً وطنياً في أقرب وقت لاتخاذ موقف نهائي، ولكن ما يهمنا أكثر هو المناخ العام بالبلاد، خاصة الحكم الأول في هذه الانتخابات، وهي الهيئة العليا المستقلة، التي هي غير مستقلة، ولا محايدة، ومعينة من الرئيس قيس سعيد".
وأشار العجبوني في حديثه مع "عربي بوست"، إلى أهمية القضاء في الانتخابات، قائلاً "القضاء هو الحكم الثاني، ولكن صراحة لم نعد نتحدث عن قضاء مستقل بالنظر إلى تصريحات سعيّد، وتدخل السلطة في القضاء، وإعفاء عشرات القضاة، ورفض قرار المحكمة الإدارية التي قضت بإيقاف تنفيذ الإعفاء".
ولفت العجبوني إلى "غياب إعلام عمومي حر، بل إعلام تابع، وخاضع لمسار 25 يوليو، وغياب انتخابات حرة، في ظل وجود صحفيين بالسجون، ومناخ من الرعب والخوف مسلّط على السياسة في تونس".
لكنه شدد على أن "الانتخابات فرصة للتخلص بطريقة ديمقراطية مدنية سلمية من حكم قيس سعيد"، مضيفاً: "لكن لا أتصور أيضاً أن الأحزاب يمكن أن تشارك في مسرحية انتخابية، وأرى شخصياً أن المقاطعة هي الحل".
عن الحزب الدستوري الحر، قال عضو المكتب السياسي للحزب كريم كريفة، لـ"عربي بوست"، إن "سنقوم بالطعون المتعلقة بالشروط التي ترفض ترشح عبير موسي (رئيسة الحزب)، خاصة الشروط الإضافية التي أعلن عنها مؤخراً، إذ تُعدّ وثيقة بيد السلطة، تقدم من وزارة الداخلية للحصول على الموافقة لأي مرشح".
اعتبر كريفة أيضاً أن شرط تقديم طلب الترشح بالتعريف بالإمضاء غير معقول، باعتبار أن موسي بالسجن، ولذلك سيقوم الحزب بالطعن على ذلك، مشيراً إلى أن مطلب الترشح يمكن أن يقبل، ولكنه أيضاً مرجح للرفض، مطالباً هيئة الانتخابات بالحياد والمساواة بين جميع المترشحين.
وأعلنت هيئة الانتخابات أنها ستشرع الجمعة 5 يوليو/تموز 2024، في رقابة الفضاء العام في كل ما له علاقة بالشأن الانتخابي، ويفتح باب قبول الترشحات في 29 يوليو/تموز 2024، على أن يغلق في 6 أغسطس/آب 2024، حتى تنظر الهيئة في المطالب، وتعلن عن الترشيحات المقبولة نهائياً في الثالث من سبتمبر/ أيلول 2024.
"انتخابات مفصلية"
من جانبه، أكد الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، أن انتخابات السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024 ستكون "مرحلة مفصلية في تاريخ تونس الحديث، فإما أن تنهي الأزمة في البلاد، أو تفككها، وتعفّن المجتمع"، وفق تعبيره.
واعتبر المرزوقي في فيديو خاص على صفحته في "فيسبوك"، أن "الانتخابات فرصة لإنقاذ البلاد وما يهدد مستقبلها"، لافتاً إلى أنه "في حال لم تتوفر بها الشروط الضامنة لنزاهتها، فإن الحل يكون بالمقاطعة النشيطة بالضغط وحتى بالمظاهرات يوم الاقتراع، وعدم الاعتراف بالنتائج، ومن ثم ثورة سلمية لإنقاذ البلاد".
وتعاني تونس من أزمة سياسية حادة منذ سنوات، تعمقت بإعلان الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، وبلغت ذروتها بحملة الاعتقالات التي طالت عشرات القادة المعارضين وصحفيين ورجال أعمال.
وقال المرشح ورئيس حزب "العمل والإنجاز"، الوزير السابق عبد اللطيف المكي، إن "البلاد تعيش في أزمة خانقة نتيجة خيارات خاطئة، وتفرد واضح بالرأي والقرار".
ورأى المكي في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "الانتخابات تعبير عن الديمقراطية الحقيقية لا المغشوشة، وهي فرصة لبث حالة من الاطمئنان، وليس الصراع".
ولم يعلن الرئيس سعيّد بصفة رسمية عن نيته الترشح، في حين تنتهي فترته الرئاسية التي استمرت خمس سنوات، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، في حين تعرض كل سياسي أعلن نيته الترشح للاعتقال أو رفع دعوى ضده.