كشفت مصادر إيرانية خاصة لـ"عربي بوست"، تفاصيل عن تعديلات أمر بها المرشد الأعلى علي خامنئي، على القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة في إيران بستة مرشحين، التي انسحب منها مرشحان اثنان حتى الآن، ليبقى 4 مرشحين في السباق الرئاسي قبل يوم من الانتخابات.
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران، في 28 يونيو/حزيران 2024، وفقاً للدستور الإيراني الذي يلزم بإجراء الانتخابات خلال 50 يوماً في حالة وفاة الرئيس أو عجزه أو عزله.
وتوفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادثة مفاجئة بعد تحطم مروحيته في 19 مايو/أيار 2024، لتضطر إيران إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، عن موعدها الذي كان مقرراً في ربيع عام 2025.
تعديلات خامنئي على مرشحي الرئاسة
قبل الإعلان الرسمي عن القائمة النهائية لأسماء المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024، اجتمع أعضاء مجلس صيانة الدستور للتشاور مع المرشد الأعلى علي خامنئي لمراجعة الأسماء.
قال مصدر من مكتب المرشد الأعلى، كان حاضراً لهذا الاجتماع لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، إن "القائمة النهائية كانت تضم 5 مرشحين فقط جميعهم من التيار الأصولي، لكن خامنئي رأى أنه من الأفضل تعديل القائمة قليلاً".
أوضح بشأن تعديلات خامنئي على مرشحي الرئاسة، أن "القائمة التي عرضها مجلس صيانة الدستور على خامنئي، كانت لا تتضمن كلاً من مسعود بزشكيان ومصطفي بور محمدي، لكن خامنئي قرر إضافة بزشكيان في اللحظات الأخيرة، وإضافة بور محمدي بدلاً من محمد مهدي إسماعيلي".
محمد مهدي اسماعيلي هو وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في حكومة إبراهيم رئيسي، وكان من الدائرة المقربة من الرئيس الراحل، وجاء سبب رفض خامنئي لترشحه "لأنه رأى فيه أنه سيزيد من انقسام المعسكر المتشدد المحافظ، ويشتت الأصوات المؤيدة لهذا المعسكر".
وقال مصدر من مجلس صيانة الدستور لـ"عربي بوست"، تعليقاً على تعديل خامنئي للقائمة النهائية، مفضلاً عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام: "المرشد الأعلى قلق للغاية من هذه الانتخابات، وصلته تقارير واستطلاعات رأي أجرتها مؤسسات حكومية، تفيد بأن نسبة الإقبال على التصويت ستكون منخفضة للغاية".
وأعلن مجلس صيانة الدستور قائمة أسماء المرشحين الرئاسيين النهائيين في 10 يونيو 2024، وتضم 6 مرشحين فقط، 5 من مختلف الأجنحة في المعسكر الأصولي المحافظ، مقابل مرشح إصلاحي وسطي فقط، في حين انسحب مرشحين اثنين من السباق، هما علي رضا زاكاني وأمير حسين غازي زاده هاشمي.
وكان قد تقدم للتسجيل للترشح في الانتخابات الرئاسية حوالي 80 مرشحاً محتملاً أغلبهم نواب برلمانيون سابقون وحاليون، ووزراء وإداريون في حكومة إبراهيم رئيسي.
ويُعدّ "مجلس صيانة الدستور" الهيئة الدستورية المكلفة بفحص أوراق وأهلية جميع المرشحين في الانتخابات الوطنية العامة، ويتكون من 12 عضواً، 6 منهم رجال دين يتم تعيينهم مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني، و6 آخرين من رجال القانون، يتم تعيينهم من البرلمان الإيراني ويوافق عليهم المرشد الأعلى أيضاً.
الجدير ذكره أن الانتخابات الرئاسية السابقة التي فاز بها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في 2021 شهدت أقل نسبة إقبال على التصويت، ووصلت إلى 45%، وكذلك الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عامي 2020 و 2024.
التيارات السياسية في إيران
قبل التعريف بالمرشحين الستة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يجب التعريف بالتيارات التي ينتمي إليها المرشحون:
التيار المتشدد (الأصولي):
التيار الأصولي هو التيار المهيمن على السياسة الايرانية؛ إذ يسيطر على السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، كما أن أعضاءه يسيطرون على مؤسسات الحكم الأخرى غير المنتخبة.
يؤمن المتشددون الإيرانيون بالسلطة السياسية والدينية الممثلة بالمرشد الأعلى الإيراني، كما يؤمنون باقتصاد المقاومة، وضرورة وصول إيران إلى الاكتفاء الذاتي، ولا يهتمون بالعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران.
الأصوليون في إيران محافظون اجتماعياً، يركزون على خطاب العدالة الاجتماعية بدلاً من معالجة مشاكل الاقتصاد وإدماج إيران في الاقتصاد العالمي، ويؤمنون بسياسة خارجية مناهضة للولايات المتحدة والغرب، وتفضيل تحسين علاقة إيران بالقوى الشرقية ودول الجنوب العالمي، بالإضافة إلى ذلك فهم يؤيدون بشدة سياسات إيران الإقليمية الحالية ودعمها لمحور المقاومة، ويرون أن العمل العسكري أفضل من اللجوء إلى الدبلوماسية.
في السنوات الأخيرة نجح المحافظون في السيطرة على السلطة في إيران، وكان انتخاب إبراهيم رئيسي تتويجاً لهذا النجاح.
التيار الإصلاحي:
يضم التيار الإصلاحي عدداً من الأجنحة، منهم الإصلاحيون المؤمنون بنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكنهم يطالبون بإصلاح النظام، مثل الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، وأيضاً المعتدلين البراغماتيين، مثل الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني والرئيس السابق حسن روحاني.
كما يضم المعسكر الإصلاحي، المحافظين المعتدلين الذين تركوا المعسكر الأصولي المتشدد، واتجهوا نحو الاعتدال؛ مثل رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.
يؤمن الإصلاحيون بضرورة فتح المجال العام، ومنح المزيد من الحريات الاجتماعية للمواطنين، ويفضلون سياسة خارجية أكثر انفتاحاً وأقل عدائية مع الدول الغربية، كما أنهم يؤمنون بأن العمل الدبلوماسي افضل بكثير من العمل العسكري، ولا يؤيدون دعم إيران لمحور المقاومة.
من هم مرشحو الرئاسة في إيران؟
أما بالنسبة للمرشحين الأربعة في الانتخابات الرئاسية، بعد انسحاب كل من علي رضا زاكاني وأمير حسين غازي زاده هاشمي، فهم كالآتي:
–محمد باقر قالیباف (محافظ تقليدي/معتدل)
سياسي محافظ، من مواليد عام 1961، وتولى مناصب هامة عدة داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، منها رئاسة مقر خاتم الأنبياء، وهي مؤسسة اقتصادية يشرف عليها المرشد الأعلى، بين عامي 1994 و 1997.
تولى كذلك قيادة القوات الجوية التابعة للحرس الثوري بين عامي 1997 و 2000، ورئيس جهاز الشرطة الوطنية من عام 2000 إلى 2005، وعمدة طهران من عام 2005 إلى 2017 وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام من عام 2017 إلى الآن، ويترأس الآن البرلمان الإيراني من عام 2020 حتى الآن.
قاليباف ينحدر من أسرة بسيطة، كان والده يعمل خبازاً، وانضم للحرس الثوري الإيراني وهو في سن التاسعة عشرة، وشارك في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، التي استمرت لثماني سنوات (1980- 1988).
درس الطيران الحربي، ووصل لرتبة عميد في الحرس الثوري، كما حصل على درجة الدكتوراه في الجغرافيا.
لعب دوراً كبيراً في قمع الانتفاضة الطلابية في عام 1999 خلال عهد الرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي، منذ تولي قاليباف منصب عمدة مدينة طهران تم اتهامه في قضايا فساد.
ترشح قاليباف للانتخابات الرئاسية في عام 2005 وخسر، وترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية لعام 2013، وحصل في هذه الانتخابات على المركز الثاني بنسبة 16.6% من أصوات الناخبين.
في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وافق مجلس صيانة الدستور على ترشحه أمام حسن روحاني وإبراهيم رئيسي، لكن قاليباف انسحب قبل يومين فقط من إجراء التصويت لصالح إبراهيم رئيسي.
من الممكن وصف قاليباف بأنه محسوب على الجناح المعتدل في المعسكر الأصولي، وشنّ أنصار الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، حملة واسعة ضده، واتهموه بالفساد المالي، بعد تسريب صور لعائلته وابنته وهم عائدون من تركيا ويحملون الكثير من الحقائب لتجهيز حفل استقبال مولود ابنته.
ويقول معارضوه إن "قاليباف من أقرباء زوجة خامنئي"، بالرغم من نفي مؤيديه لهذا الأمر.
وكشف مصدر مقرّب من قاليباف، لـ"عربي بوست"، عن تواصل أعضاء الحملة الانتخابية لقاليباف مع عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين والحكومات الغربية، ضمن خطته للترويج لنفسه.
وقال المصدر: "هذه الاتصالات مع الأوروبيين كان غرضها التأكيد على أن قاليباف هو الوحيد بين المرشحين القادرين على تحسين علاقة إيران بالغرب، وخفض الصراع مع واشنطن".
في المناظرات الرئاسية المتلفزة، ركز قاليباف بكثرة على أن إيران تريد رئيساً "قوياً"، أكثر من مرة، واعترف بتأثير العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني، مؤكداً أن لديه خطة لحل المشاكل الاقتصادية لإيران، وتحسين علاقاتها بالقوى العالمية.
لكن المقابلة التلفزيونية التي أذيعت على التلفزيون الحكومي لابنته مريم قاليباف، التي التي تم تصويرها في المطار وهي عائدة من تركيا ببضائع تقدر بآلاف الدولارات لحفل استقبال مولودها، أعادت النقاش الساخن حول اتهامات الفساد المالي المحيطة بوالدها، التي كشفها عدد من الصحفيين من بينهم صحفي من التيار المحافظ، وتم اعتقالهم بشكل مفاجئ وسريع، بعد إعلان اسم قاليباف في القائمة النهائية للمرشحين.
يقول أحد أعضاء الحملة الانتخابية لقاليباف لـ"عربي بوست": "هدفنا من المقابلة المتلفزة مع مريم قاليباف وظهورها على التلفزيون، دحض الشائعات والاتهامات المتعلقة بوالده، من خلال نفيها".
-سعيد جليلي (أصولي متشدد)
ولد عام 1965، وهو ابن معلم في مدرسة ثانوية، وشارك في الحرب العراقية الإيرانية في عمر 21 عاماً، وانضم للحرس الثوري الإيراني، وفقد ساقه اليمنى في الحرب.
في عام 1987 انضم سعيد جليلي إلى وزارة الخارجية، وتدرج في المناصب الدبلوماسية حتى وصل إلى منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الأمريكية والأوروبية، وقاد المفاوضات النووية الإيرانية مع القوى العالمية في عهد الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد.
حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق، الجامعة التي تعد المركز الرئيسي لتدريب وتعليم النخب السياسية المتشددة في إيران. وكانت أطروحته للدكتوراه بعنوان "نموذج الفكر السياسي في الإسلام".
شغل سعيد جليلي مناصب عدة هامة، فانضم إلى مكتب المرشد الأعلى من عام 2000 إلى 2007، وشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهي المؤسسة التي تشكل قرارات السياسات الخارجية والنووية لإيران، من عام 2007 إلى 2013.
يقول مقربون من جليلي لـ"عربي بوست"، إن فترة وجود جليلي في وزارة الخارجية كانت من أسوأ الفترات على الوزارة؛ إذ إنه كان لا يمكن لأي أحد أن يتولى أي منصب داخل الوزارة بدون موافقة جليلي.
كما أنه عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام من عام 2013 وحتى الآن؛ إذ يحظى أعضاؤها بثقة المرشد الأعلى.
ترشح جليلي للانتخابات الرئاسية عام 2013، واحتل المركز الثالث بنسبة 11% من الأصوات، كما أنه ترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2017 لكنه انسحب، وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2021 وافق مجلس صيانة الدستور على ترشحه، وانسحب لصالح إبراهيم رئيسي.
لكن الدور المهم الذي لعبه سعيد جليلي في السنوات القليلة الماضية، كان وقوفه خلف حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
يقول سياسي أصولي مقرب من سعيد جليلي لـ"عربي بوست": "جليلي كان المنظر الرئيسي وراء حكومة إبراهيم رئيسي و98% من قرارات إبراهيم رئيسي كان يقف خلفها سعيد جليلي"، على حد قوله.
كان جليلي هو العقل المدبر وراء قرارات إبراهيم رئيسي، فنجح في تمرير خطة لزيادة القيود المفروضة على الإنترنت في البلاد، ودفع بخطة "العفة والحجاب" لمواجهة لتطبيق الحجاب الإلزامي بشكل صارم.
في المناظرات الرئاسية، اعترف جليلي بأنه قدم حلولاً لحكومة رئيسي لبيع النفط الإيراني، للتهرب من العقوبات، وتباهى بأن مبيعات النفط زادت إلى مليون ونصف المليون برميل يومياً بسبب توجيهاته.
وأضاف المصدر: "إذا نظرت إلى الوزراء في حكومة إبراهيم رئيسي، ومن تولوا المناصب العليا، ستجد أن غالبيتهم من مؤيدي جليلي، فلقد بنى جليلي إمبراطورية كاملة في حكومة إبراهيم رئيسي".
قاد جليلي المفاوضات النووية الإيرانية في الفترة ما بين عامي 2007 إلى 2013، مع الولايات المتحدة والقوى الغربية، ووصلت هذه المفاوضات إلى طريق مسدود، وفي عام 2010 تم تصعيد القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ ما أدى إلى إصدار 3 قرارات مدعومة من روسيا والصين، التي وضعت إيران تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو التصنيف المخصص للحكومات التي تُشكل أفعالها تهديداً للسلم والأمن العالميين.
في هذا الصدد، يقول دبلوماسي إيراني سابق كان ضمن فريق سعيد جليلي، لـ"عربي بوست": "جليلي كان يفاوض من أجل التفاوض، وليس بهدف الوصول إلى حلول، فهو يكره التفاوض مع الغرب والأمريكيين، ويرى أنه من حق إيران امتلاك برنامج نووي قوي".
في المناظرات الرئاسية، قلل سعيد جليلي من تأثير العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وقال إن حل المشاكل الاقتصادية في إيران هو الاستقلال الاقتصادي وتطبيق الاقتصاد الإسلامي، وقال إن حل التضخم في إيران هو تطبيق اقتصاد المقاومة.
يرى جليلي أن الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها بلاده جزء من الحرب الناعمة المفروضة على إيران، وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن هذه الصعوبات الاقتصادية مفيدة.
وقال في إحدى المقابلات معه: "المصاعب الاقتصادية تساعد الناس على البكاء والذهاب إلى الله"، كما يؤمن جليلي باقتصاد البركة والمقاومة ويقول إن التقدم الاقتصادي ينتج عن رعاية الله وإرادته.
–مصطفى بور محمدي (محافظ معتدل)
مصطفى بور محمدي من مواليد عام 1960، وهو رجل الدين الوحيد بين المترشحين الستة للانتخابات الرئاسية، تلقى تعليماً دينياً، وأصبح قاضياً في المحاكم الثورية، وهو في العشرين من عمره.
في عام 1987 تولى منصب مدير مكتب مكافحة التجسس التابع لوزارة الاستخبارات.
مثل إبراهيم رئيسي، شارك مصطفى بور محمدي فيما يطلق عليها اسم "لجنة الموت"، التي أصدرت أحكام بإعدام الآلاف من السجناء السياسيين في صيف عام 1988، قبل انتهاء مدة سجنهم بفترة وجيزة.
دافع بور محمدي عن هذا الأمر كثيراً، وفي إحدى المقابلات قال: "التصرف في ذلك الأمر كان يشبه وقوف الجندي على الخطوط الأمامية، لديه سلاحه وأمامه عدوه، فكيف تريده أن يتصرف؟".
شغل بور محمدي منصب رئيس المكتب السياسي والاجتماعي في مكتب المرشد الأعلى من عام 2002 إلى 2005، وتولى منصب وزير الداخلية في عام 2005 إلى 2008، وحينها خاض معارك ضد محمود أحمدي نجاد، انتهت بتقديم استقالته، ثم في عام 2013 عينه الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني وزيراً للعدل حتى عام 2017.
ويتولى مصطفى بور محمدي منصب الأمين العام لجمعية رجال الدين المقاتلين المحافظة منذ عام 2018 وحتى الآن.
في عام 2015، منعه مجلس صيانة الدستور من الترشح لانتخابات مجلس خبراء القيادة، المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى الإيراني القادم، والإشراف على عمل المرشد الأعلى الحالي، كما أنه يمتلك صلاحيات عزل المرشد الحالي.
بالرغم من تاريخه المتشدد، يقدم نفسه على أنه محافظ معتدل، وفي المناظرات التلفزيونية وعد الناخبين بسحب قانون العفة والحجاب الصارم من البرلمان، الذي قدمته حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، فور فوزه في الانتخابات.
– مسعود پزشكيان (إصلاحي وسطي)
من مواليد 1954، يبلغ من العمر 70 عاماً ويعدّ أكبر المرشحين الستة سناً، ولد في عائلة عادية في مدينة أذربيجان الغربية وشارك في الحرب العراقية الإيرانية.
في عام 1994، تولى منصب رئيس جامعة تبريز للعلوم الطبية، وهو جراح قلب.
تولى منصب نائب وزير الصحة في عام 2000 إلى 2001، وبعد ذلك عينه الرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي وزيراً للصحة من عام 2001 إلى 2005.
كما أنه عضو في مجلس الأعلى للثورة الثقافية، ونائب في البرلمان لخمس فترات من عام 2008 إلى الآن.
ترشح بزشكيان السياسي الإصلاحي الوسطي للانتخابات الرئاسية لعام 2013، لكنه انسحب من السباق. وعاد وترشح مرة أخرى في عام 2021 لكن مجلس صيانة الدستور استبعده من الترشح.
يظهر بزشكيان كمرشح بارز في الانتخابات الرئاسية الحالية ليس لقوته السياسية، بل لأنه المرشح الإصلاحي الوحيد الذي نجح في عبور بوابة مجلس صيانة الدستور بأمر من المرشد الأعلى، كما أشارت المصادر لـ"عربي بوست" سابقاً.
يتمتع بزشكيان بدعم كبير من العرق الاذري، إذ يقول سياسي إيراني رفيع المستوى من التيار المعتدل لـ"عربي بوست"، "بزشكيان رجل طيب الخلق والسمعة، فقد عاش لتربية أبنائه بمفرده بعد أن ماتت زوجته في حادثة، ولم يتزوج بعدها، وهذا يزيد من رصيده لدى الناس، كما أن جميع أبنائه تعلموا ويعيشون في إيران، بالإضافة إلى نظافة يده، فهو لم يتهم بالفساد ولا المحسوبية من قبل".
في الماضي، قال بزشكيان في مقابلة له في عهد الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد: "المسؤولون الحاليون يعملون لمدة يومين فقط في الشهر، وبالرغم من ذلك يحصلون على ما يكفي لشراء منازل فخمة وحدائق وسيارات وإرسال أبنائهم للدراسة في الخارج.. كنت أعتقد أننا لم نتولَّ المسؤولية لكسب المال وإنفاقه بهذه الطريقة".
تعرض بزشكيان لردود فعل غاضبة من الإيرانيين المؤيدين للإصلاح بسبب ما قاله في إحدى المناظرات الرئاسية المتلفزة بأنه سيتبع مبادئ الثورة الإسلامية وسيعمل ضمن الإطار والمبادئ التي حددها المرشد الأعلى، كما أنه أصر أكثر من مرة على طاعته الكاملة المرشد الأعلى الإيراني.
وتحدث بزشكيان عن أثر العقوبات الاقتصادية على إيران، وضرورة الاهتمام بالدبلوماسية لتحسين علاقة إيران بالقوى العالمية، وكان انتقاده لتعامل الحكومة مع المظاهرات التي تلت وفاة مهسا أميني موضوع نقاش بين أعضاء مجلس صيانة الدستور، وكبار قادة التيار الأصولي والمرشد الأعلى الإيراني.
فبحسب قيادي سياسي أصولي رفيع المستوى مقرب من المرشد الأعلى، تحدث لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه: "طرحنا مسألة دعم بزشكيان لمظاهرات مهسا أميني وانتقاده لقانون الحجاب الإلزامي أمام المرشد الأعلى واعتراضنا على الموافقة على ترشيحه، لكنه قال إنه يعرف كل هذه الأمور، وغير قلق من بزشكيان وأنه مهما حدث يعرف خامنئي أن بزشكيان مخلص للجمهورية الإسلامية".
لماذا تم استبعاد لاريجاني وأحمدي نجاد؟
قبل الإعلان الرسمي عن القائمة النهائية للمرشحين الرئاسيين الستة، كان يعتقد على نطاق واسع أنه حان الأوان لموافقة مجلس صيانة الدستور على ترشح علي لاريجاني السياسي المعتدل المخضرم، بعد أن تم استبعاده في الانتخابات الرئاسية لعام 2021.
كان علي لاريجاني الرئيس السابق للبرلمان الإيراني (2008- 2020)، وأحد كبار مستشاري خامنئي والذي ينحدر من عائلة سياسية بارزة عُرفت بسيطرتها على أغلب المناصب الهامة في إيران، قد قام بتقديم أوراقه للترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024.
لكن فوجئ الجميع باستبعاده للمرة الثانية؛ ما أثار غضباً واسعاً بين أنصار ومؤيدي التيار المعتدل.
الجدير ذكره، أن علي لاريجاني كان سياسياً أصولياً تحول إلى الاعتدال، وكان على علاقة جيدة بالرئيس السابق المعتدل حسن روحاني، كما أنه لعب دوراً كبيراً في تسهيل عملية توقيع إيران على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، عندما كان رئيساً للبرلمان في تلك الفترة.
قالت ثلاثة مصادر سياسية إيرانية لـ"عربي بوست"، إن لاريجاني بعد وفاة إبراهيم رئيسي طلب مقابلة المرشد الأعلى، وتمت الموافقة على طلبه، وفي هذا اللقاء أعطى خامنئي الضوء الأخضر للاريجاني للترشح للانتخابات الرئاسية.
في هذا الصدد، يقول سياسي معتدل مقرّب من علي لاريجاني لـ"عربي بوست": "طلب لاريجاني من خامنئي السماح له بالترشح للانتخابات، ووافق خامنئي على الفور، ولكن لاريجاني طلب منه معالجة أسباب رفضه في الانتخابات السابقة مع مجلس صيانة الدستور والقضاء، ووافق خامنئي أيضاً، وتم حل المشكلة".
بحسب المصادر الإيرانية، عندما طلب علي لاريجاني معرفة الأسباب التي دفعت مجلس صيانة الدستور رفض أهليته للترشح للانتخابات الرئاسية السابقة عام 2021، قالوا له إنه متورط في قضايا فساد هو وابنه، بأنه أعطاه مشاريع تابعة للبرلمان وقت رئاسته، وأنه "غير مخلص للجمهورية الإسلامية".
وقبل بدء توقيت تقديم الأوراق للترشح للانتخابات الرئاسية الحالية، طلب رئيس السلطة القضائية مقابلة لاريجاني وابنه للتحقيق في اتهامات الفساد الموجهة إليهما، ثم أعلن براءته، وهذا يعني السماح له للترشح للانتخابات.
يقول المصدر المقرب من علي لاريجاني: "كانت الأمور تسير بشكل جيد للغاية، وكان خامنئي يبارك ترشح لاريجاني هذه المرة، وتم حل مشكلة الاتهامات بالفساد، ولكن فجأة تغير كل شي دون أن يتم إبلاغ لاريجاني بالأسباب هذه المرة".
على الجهة المقابلة، يقول مصدر من مكتب المرشد الأعلى ومطلع على الأمر لـ"عربي بوست": "صحيح، أن خامنئي كان موافقاً على ترشح لاريجاني هذه المرة، وكان يؤيد ذلك، لكنه تلقى رسائل غضب من كبار قادة التيار الأصولي، الرافضين ترشح لاريجاني، لأنهم يعلمون أنه من المؤكد سيفوز بالانتخابات الحالية، وهذا يعني ضياع فرصة مرشحيهم سواء سعيد جليلي أو قاليباف".
وبحسب المتحدث؛ وافق المرشد الأعلى على قرار مجلس صيانة الدستور برفض ترشح علي لاريجاني للانتخابات الرئاسية الحالية بالرغم من تبرئته، مقابل تهدئة مؤيديه من الأصوليين المتشددين.
أما بالنسبة للرئيس المحافظ السابق أحمدي نجاد، فقال المصدر من مكتب خامنئي لـ"عربي بوست"، إنه "قبل موعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين ببضعة أيام، تلقى خامنئي تقارير لاستطلاعات رأي سرية تقول إنه إذا ترشح أحمدي نجاد للانتخابات فسوف ينجح في حشد الآلاف من الأصوات".
هذا الكلام أكده سياسي محافظ رفيع المستوى، قال لـ"عربي بوست": "لا أحد يستطيع إنكار شيئين: أولاً علاقته الطيبة ببعض قادة التيار الأصولي، والأمر الثاني شعبيته وسط الطبقات الفقيرة والفلاحين، التي مازال يتمتع بها حتى الآن".
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.