كشفت بريطانيا مؤخراً عن سلاح جديد يوظف شعاع الراديو لإسقاط أسراب الطائرات المسيرة المحلقة في السماء، حيث يقوم قاتل المسيرات الجديد هذا بتفجير نبضة كهربائية يمكن أن تؤدي لتعطيل إلكترونيات المسيرات، ومن ثم إسقاطها.
ويختلف قاتل المسيرات الجديد عن السلاح الذي أعلنت عنه بريطانيا قبل فترة والمعروف باسم نيران التنين "DragonFire" والذي هو عبارة عن إشعاع ليزر قادر على إحراق الأهداف الجوية مثل المسيرات عبر تسخينها بسرعة فائقة.
ويعد سلاح الطاقة الموجه بالترددات الراديوية (Radio Frequency Directed Energy Weapon) المعروف اختصاراً (RFDEW) جزءاً من سياسة الحكومة البريطانية للاستجابة للوضع الجيوسياسي المتغير، في ظل صعود الطائرات المسيرة كما ظهر من حرب أوكرانيا، وتشمل الاستراتيجية البريطانية نشر أشعة الليزر وأسلحة الطاقة الموجهة الأخرى.
كيف يعمل سلاح الطاقة الموجه بالترددات الراديوية (RFDEW)؟
قاتل المسيرات الجديد "RFDEW" الذي تقول المصادر الغربية إنه سيغير قواعد اللعبة، ستستخدمه القوات المسلحة البريطانية لتعطيل الأجهزة الإلكترونية للأعداء وتدمير عدة طائرات بدون طيار في وقت واحد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة the Sun نقلاً عن وزارة الدفاع البريطانية.
يفترض أن قاتل المسيرات هذا يطلق موجات راديوية لتعطيل أو إتلاف التهديدات عبر الأرض والجو والبحر لمسافة تصل إلى كيلومتر واحد – على الرغم من أنه من المأمول إجراء المزيد من التطوير لجعل نطاقه أوسع.
وقال مات كورك، رئيس برنامج عرض أسلحة الطاقة الموجه في مختبر بورتون داون الحكومي السري البريطاني، إن السلاح اللاسلكي يمكن أن يدمر "غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر أو مقسم الهاتف".
وهو يفعل ذلك عن طريق إطلاق نبض كهرومغناطيسي يؤدي إلى زيادة التحميل الكهربائي للهدف.
وأضاف: "أي شيء تتدفق الكهرباء من خلاله، يمكنك تعطيله".
وهذه التكنولوجيا قيد التطوير حالياً، ومن المتوقع أن تستخدمها القوات المسلحة البريطانية في السنوات المقبلة، مما يوفر للمملكة المتحدة "ميزة تشغيلية حاسمة".
قاتل المسيرات الجديد يسقطها دون تدمير وبتكلفة زهيدة
رغم أن سلاح (RFDEW) ليس أول سلاح قاتل للمسيرات، ولكن لدى قاتل المسيرات الجديد ميزة رئيسية كبرى أن تكلفته شديدة الانخفاض، حيث تتكلف الطلقة نحو بنسات بريطانية، أي نحو 13 سنتاً أمريكاً، وهي فعالة بنفس قدر، رغم أنها أرخص بكثير من الصواريخ التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات والتي تم تصميمها لتحل محلها.
كما أن سلاح الليزز "DragonFire" المضاد للمسيرات أكثر تكلفة؛ حيث يبلغ 10 جنيهات إسترلينية للطلقة الواحدة، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً للنشر بحلول عام 2027 على أبعد تقدير.
على سبيل المثال، صاروخ Sea Viper البريطاني الفرنسي الإيطالي تبلغ تكلفته 1.3 إلى 2.5 مليون دولار أمريكي وتم استخدامه للقضاء على طائرة مسيرة بقيمة 20 ألف دولار أمريكي، وفقاً لما أورده موقع Navy Lookout.
الأمر الذي يجعل استخدام الصواريخ ضد هجمات الطائرات المسيرة أمراً غير عملي على الإطلاق.
كما أن مخزونات الصواريخ تميل إلى أن تكون صغيرة جداً، ويمكن لأسراب من الطائرات المسيرة أن تستنزفها بسهولة، حسبما ورد في تقرير لموقع newatlas.
وتتغلب أسلحة الطاقة على هذه المشكلات، لأنه على الرغم من أن تصنيع السلاح نفسه يكلف أموالاً، إلا أن تكلفة تشغيله رخيصة إلى حد مذهل، وبما أنها تطلق الطاقة بدلاً من الطلقات الصلبة، فمن المحتمل أن تطلق عدداً لا نهائياً من المرات طالما بقيت الطاقة متوفرة.
قاتل المسيرات RFDEW يجرى تطويره كجزء من مشروع Ealing الخاص بأسلحة الطاقة، ومن المقرر أن يتم اختباره من قبل مجموعة الدفاع الجوي السابعة إلى جانب سلاح الليزر DragonFire في سبتمبر/أيلول المقبل سيتم استخدام النتائج لتقييم الأنظمة وتحديد التحسينات الممكنة.
وأصدرت وزارة الدفاع البريطانية منتصف مايو/آيار 2024، صوراً لنظام أسلحة الطاقة الموجهة بترددات الراديو (RFDEW) الجديد في المملكة المتحدة.
قادر على إسقاط أسراب المسيرات ويمكن أن يوضع على متن شاحنة
إن قاتل المسيرات الجديد RFDEW يفترض أنه يمكن تشغيله بواسطة شخص واحد، ويمكنه اكتشاف تهديدات متعددة وتتبعها والاشتباك معها على مدى يصل إلى كيلومتر واحد، ويمكن أيضاً تثبيته على كل شيء بدءاً من السفينة الحربية وحتى الجزء الخلفي من الشاحنة.
وستستخدم هذه التكنولوجيا مصدر طاقة متنقلاً لإنتاج نبضات من طاقة الترددات الراديوية.
سيكون الهدف الرئيسي هو الطائرات المسيرات أو إلكترونيات الطائرات، حيث سيتم تفجيرها بدفعة من الإشعاع الكهرومغناطيسي.
ويفترض أن يكون النظام قادراً على اكتشاف مركبات العدو وتتبعها والاشتباك معها، مما يتسبب في توقفها بشكل كبير أو سقوطها من السماء.
سيكون شعاع RFDEW قادراً على إسقاط "أسراب الطائرات بدون طيار الخطيرة بتأثير فوري"، وفقاً لوزارة الدفاع البريطانية.
ويمكنه التعامل مع تهديدات متعددة في وقت واحد بنفس حزمة شعاع الراديو، أو يمكن لإطلاق الاشعة عبر طلقات متسلسلة أن يضرب أهدافاً فردية.
بريطانيا تعطي أولوية للأسلحة المضادة للمسيرات بعدما أشادت بتجربة تركيا
وعلى عكس الولايات المتحدة الأمريكية لم تحقق الدول الأوروبية الكبرى ثورة في مجال الطائرات المسيرة، التي ساهمت فيها دول من خارج القارة مثل تركيا والصين وإيران، تعد تقليدياً قوى أقل تقدماً من الدول الأوروبية الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وسبق أن امتدح وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس مقاربة تركيا في مجال الطائرات المسيرة، مطالباً بأن تقتدي بها لندن.
ويبدو في مواجهة صعود قوى عسكرية غير تقليدية في مجال الطائرات المسيرة فإن بريطانيا تستثمر بكثافة في مجال الدفاع ضد الطائرات المسيرة.
ويأتي الكشف عن نظام RFDEW بعد أن أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك عن زيادة ميزانية الدفاع في المملكة المتحدة إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
ويأمل خبراء الدفاع البريطانيون أن تعمل التكنولوجيا الجديدة على حماية الأصول والقواعد الحيوية للمملكة المتحدة والدفاع عنها.
وقال وزير المشتريات الدفاعية، جيمس كارتليدج: "نحن بالفعل قوة لا يستهان بها في مجال العلوم والتكنولوجيا، والتطورات مثل RFDEW لا تجعل أفرادنا أكثر فتكاً وحماية أفضل في ساحة المعركة فحسب، بل تحافظ أيضاً على المملكة المتحدة رائدة عالمياً في مجال الدفاع".
ويقول المسؤولون البريطانيون: "لقد أظهرت الحرب في أوكرانيا أهمية نشر أنظمة غير مأهولة، ولكن يجب أن نكون قادرين على الدفاع ضدها أيضاً".
ولمَّح وزير الدفاع غرانت البريطاني شابس، الشهر الماضي، إلى أن بلاده قد تصدر نظام الليزر DragonFire "(نيران التنين)" إلى كييف في وقت أقرب من دخوله الخدمة المحتمل لدى لندن في 2027، إذ يريد البريطانيون أن يجعلوا أوكرانيا حقل تجارب للسلاح قبل أن يصبح "مثالياً بنسبة 100 في المئة".
وسلاح DragonFire للاختراق هدفه ويمكنه ضربه بسرعة الضوء، ومصمم لإسقاط الطائرات الهجومية بدون طيار والصواريخ والطائرات وحتى الأقمار الصناعية بشعاعه الذي تبلغ قوته 50 كيلووات – ويمكنه التعامل مع أي هدف مرئي صغير مثل عملة معدنية واحدة.
ويمكن لأشعة الليزر تسخين أهدافها إلى أكثر من 3000 درجة مئوية في لحظة، بينما تعمل أسلحة الراديو عن طريق تفجير نبضة من الطاقة تؤدي إلى احتراق الدوائر الكهربائية؛ مما يتسبب في سقوط الطائرات بدون طيار من السماء.
تم تطوير كلا النظامين في مختبر بورتون داون الحكومي السري للغاية في ويلتشير، وكان من المقرر أن يتم تجربتهما من قبل قوات من مجموعة الدفاع الجوي السابعة، ومقرها في جزيرة ثورني، هانتس.
ومن المقرر تركيب نسخة من السلاح اللاسلكي على شاحنة عسكرية واختبارها هذا الصيف، قبل أن يتم اختبار سلاح الليزر من قبل المدفعية الملكية في الخريف.
تم بالفعل إطلاق سلاح الليزر، المعروف باسم DragonFire، من سفينة حربية تابعة للبحرية الملكية.
وقالت وزارة الدفاع إن قاتل المسيرات DragonFire سيتم تركيبه على السفن الحربية التابعة للبحرية الملكية بحلول عام 2027 على أبعد تقدير، أي قبل خمس سنوات من الموعد المحدد.