كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، السبت 11 مايو/أيار 2024، عن تقديم السلطة الفلسطينية عروضاً للموظفين المستنكفين في غزة، بمبلغ 3 آلاف دولار شهرياً مقابل العمل مع "جسم حكومي بديل بغزة" يشكله مدير المخابرات ماجد فرج، وذلك في إطار مساعيها لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
"الموظفون المستنكفون" هم موظفو السلطة التابعين لحكومة رام الله في غزة، الذين يتقاضون رواتبهم منها، وتركوا عملهم بعد "الحسم العسكري" في القطاع عام 2007، بعد تسلم حركة "حماس" حكم القطاع وتشكيلها حكومة محلية، ويقدر عددهم بـ80 ألف موظف.
بحسب المصادر، فإن مدير المخابرات ماجد فرج، أمر بتخصيص مبلغ 3 آلاف دولار للموظفين المستنكفين الذين يوافقون على العمل مع الجسم الحكومي الذي يجهز له في غزة، للمشاركة في مهام متعلقة بـ:
- جمع المعلومات.
- إدارة المساعدات الإنسانية.
- التجهز لتشكيل جسم بديل عن الحكومة الحالية، لمرحلة ما بعد الحرب.
كشفت كذلك عن أن العشرات من موظفي السلطة المستنكفين وافقوا على العمل، وأنهم سيستلمون المبالغ المالية بالشيكل، بما قيمته 3 آلاف دولار، وأنه يجري التواصل مع آخرين لتشكيل قوة بشرية قادرة على العمل في المهام الحكومية والوظيفية مستقبلاً.
وقالت إنه جرى الطلب من الذين أبدوا استعدادهم للعمل مع القوة الأمنية التي يشكلها ماجد فرج في غزة، للتجهز في حال استلام السلطة إدارة معبر رفح، وهو ما تطالب به السلطة الفلسطينية، لكن وسط رفض إسرائيلي وأمريكي لذلك.
يذكر أن الموظفين المستنكفين يحصلون على رواتبهم من السلطة الفلسطينية بنسب معينة كل 3 أشهر، إلا أن الحال اختلف معهم منذ عامين، إذ باتوا يشكون من خصومات أكبر على رواتبهم، وتأخير متكرر بالتسليم، حتى أن الكثير منهم ذهب للعمل في أعمال إضافية لتوفير دخل لهم.
تحرك للأجهزة الأمنية ضد تشكيل جسم حكومي بديل بغزة
من جانبه، كشف مصدر أمني مطلع في قطاع غزة، لـ"عربي بوست"، عن أن الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، أوقفت مؤخراً أشخاصاً وصفهم بأنهم "يتبعون لجهات مشبوهة (دون تسميتها)، سعوا إلى تشكيل أجسام أمنية بديلة في القطاع، تتناغم مع مخططات الاحتلال الإسرائيلي".
وقال المصدر، الذي فضل عدم كشف هويته، إن "هناك محاولات من الاحتلال وغيره، خلال الحرب الجارية في غزة، لخلق أجسام بديلة تتعاون معه في إدارة قطاع غزة، تارة من خلال عائلات، وأخرى من خلال شخصيات أمنية (لم يحددها) بهدف تمرير مخططاته، في محاولة منه لتجاوز الأجهزة الحكومية القائمة في قطاع غزة".
وأكد أن "الأجهزة الأمنية في غزة تصدت لمحاولات بعض العابثين، وأوقفت عدداً من الأشخاص الذين يتبعون لجهات مشبوهة، وأحبطت مساعيهم في تشكيل أجسام بديلة في غزة لخدمة الاحتلال".
وأضاف أنه "بعد مرور 7 أشهر على الحرب، نستطيع القول إن مخططات الاحتلال فشلت، ولم يتمكن من تحقيق مبتغاه؛ إذ رفضت العائلات والشخصيات العشائرية التعاون مع الاحتلال بأي شكل من الأشكال".
وشدد المصدر الأمني على أن "الأجهزة الحكومية في غزة هي التي لا تزال تدير الأوضاع داخل القطاع، بالرغم من سعي الاحتلال لاستهداف تلك الأجهزة، واستشهاد عدد كبير من المسؤولين والموظفين في الأجهزة الحكومية، خاصة جهاز الشرطة الفلسطينية، الذي قدم الكثير من الشهداء على مدار شهور الحرب الماضية".
جمع المعلومات
في تفاصيل أخرى عن التواصل مع موظفين مستنكفين في غزة للعمل مع عناصر ماجد فرج هناك، أوضحت المصادر أنه تم الطلب منهم جمع معلومات عن موظفي حكومة غزة وعن عملهم وأماكن سكنهم، وغيرها من المعلومات.
إلى جانب ذلك، فإن من مهامهم أيضا جمع معلومات بما يتعلق بإدارة وتنسيق توزيع المساعدات في رفح، والتواصل مع الهيئات الخيرية العالمية وغيرها.
لا يعد هذا الموضوع سابقة بالنسبة للقوة التي شكلها ماجد فرج في غزة؛ إذ سبق أن اتهمت بجمع معلومات عن مجمع الشفاء الطبي قبل اقتحامه من قوات الاحتلال، وكشفت حينها وزارة داخلية غزة تفاصيل عن ذلك.
وقالت أواخر مارس/آذار 2024، إن الأجهزة الأمنية في القطاع ألقت القبض على ضباط وجنود يتبعون لجهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الفلسطينية، تسللوا إلى غزة بأوامر من رئيس الجهاز ماجد فرج، وبتأمين من الشاباك الإسرائيلي، وأنه تم اعتقال 10 منهم، وإفشال المخطط الذي جاءوا من أجله".
أضافت أن "قوة أمنية مشبوهة دخلت يوم السبت (30 مارس) مع شاحنات الهلال المصري، ونسقت أعمالها كاملاً مع قوات الاحتلال، وأدار اللواء ماجد فرج عمل القوة بطريقة أمنية مخادعة، ضلل فيها الفصائل والعشائر الفلسطينية".
رداً على ذلك، نقلت حينها وكالة أنباء السلطة الفلسطينية "وفا"، عن مصدر رسمي (دون تسميته)، قوله إن "بيان ما يسمى بوزارة داخلية حماس حول دخول المساعدات إلى قطاع غزة أمس لا أساس له من الصحة".
مساعي السلطة لإدارة غزة بعد الحرب
مساعي السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة ومعبر رفح، لم تتوقف منذ بداية الحرب في القطاع، وكان آخرها ما سبق أن كشفه "عربي بوست" في تقرير سابق، عن مطالب رئيس السلطة محمود عباس لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بهذا الخصوص، إلا أن الأخير رفض.
أوضحت المصادر من رام الله، أن عباس غضب بسبب ذلك، وقام بكتابة رد غاضب على بلينكن، إلا أن اللجنة السداسية العربية طلبت منه عدم تسليم رده، خشية التسبب باشتباك سياسي مع الولايات المتحدة.
وكان قيادي في حركة حماس، سبق أن أكد لـ"عربي بوست"، أنه "لا يمكن الحديث إدارة معبر رفح أو القطاع، دون تنسيق مع حكومة غزة، وهذا لم يحصل حتى الآن".
منذ الاجتياح الإسرائيلي لمعبر رفح في 7 مايو/أيار 2024، أثار الاحتلال في وسائل الإعلام العبرية الحديث عن إدارة معبر رفح، وتسليمها إلى "شركة أمريكية"، الأمر الذي لم يُتأكد من صحته بعد.
في حين تطالب السلطة الفلسطينية بتسليم إدارة معبر رفح لها، إلا أن مقترحها الذي قدمته من خلال لجنة السداسية العربية لم يلق قبولاً من بلينكن، كما أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عبر عن معارضته ذلك في مناسبات مختلفة.
قوة أمنية تابعة لماجد فرج لتأمين استلام إدارة معبر رفح
سبق أن كشفت مصادر لـ"عربي بوست"، في تقرير سابق، تفاصيل عن قوة أمنية تابعة للسلطة بقيادة مدير المخابرات ماجد فرج، قام بتشكيلها، وإرسالها إلى منطقة أمنية عازلة بنتها مصر بالقرب من معبر رفح؛ حيث تقوم بتدريبات لها هناك.
وقالت إن "نحو 500 عسكري فلسطيني وصلوا من رام الله إلى المنطقة العازلة مؤخراً، لدعم القوى الأمنية التي قام ماجد فرج بتشكيلها هناك، بطلب من الرئيس محمود عباس".
أوضحت أن مهام هذه القوة الأمنية، تتركز بالإشراف على المنطقة الأمنية العازلة في حال خروج الفلسطينيين من قطاع غزة إليها، بالتنسيق مع الجانب المصري، والإشراف على المساعدات الإنسانية وتوزيعها، والتجهز لتأمين تسلم السلطة إدارة معبر رفح.
يُشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عمدت منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على استهداف مراكز الشرطة ومركباتها في القطاع؛ ما أسفر عن استشهاد المئات منهم، كان آخرهم استشهاد 7 عناصر بعد استهداف طائرات الاحتلال مركبتهم في حي التفاح شرقي مدينة غزة.
ودخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهره الثامن، مخلفاً أكثر من 34 ألف شهيد، و78 ألف مصاب، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن تدمير مئات آلاف الأبنية والمؤسسات، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية والأمم المتحدة.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وصدور حكم من محكمة العدل الدولية يطالب بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة، ومحاكمته بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في القطاع.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.