تأسست المحكمة الجنائية الدولية في 2002 للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم العدوان عندما تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على فعل ذلك بنفسها. ويمكن لهذه المحكمة البت في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي تقع على أراضي الدول الأعضاء بواسطة أطراف أخرى. وهناك 123 دولة عضواً بالمحكمة، وتبلغ ميزانيتها السنوية نحو 150 مليون يورو (180 مليون دولار). وإسرائيل ليست عضواً بالمحكمة، في حين تنتمي السلطة الفلسطينية إلى عضويتها.
ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟
هي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة٬ وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصاً واحداً أسهل من تقديمه لها لقتله مئة ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
وتعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية.
وقد يخلط البعض ما بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والتي تدعى اختصاراً في بعض الأحيان "المحكمة الدولية" (وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول)، لذلك لابد من التنويه إلى أنهما نظامان قضائيان منفصلان.
ما نوع القضايا التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية؟
تحاكم المحكمة الجنائية الدولية الأفراد عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والعدوان، وهي أخطر الجرائم التي تثير قلقاً دولياً. يقع مقر المحكمة بلاهاي، في هولندا، لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان. وتعرف الجنائية الدولية بأنها محكمة الملاذ الأخير. وتمارس المحاكم الوطنية التحقيق والادعاء في الجرائم المرتكبة في البلد. ولا تتدخل المحكمة الجنائية الدولية إلا إذا لم تستطِع دولة التحقيق والادعاء في جرائم أو لم تُرِد ذلك.
هل تمتلك المحكمة جهازاً تنفيذياً؟
ليس عند المحكمة لا جهاز شرطة ولا جيش خاص بها. فهي تعتمد على الدول في القبض على المشتبه بهم وتسليمهم. وتبقى أوامر القبض سارية المفعول مدى الحياة ما لم يقرر قضاة المحكمة خلاف ذلك.
ما عدد الدول التي وقَّعت على نظام روما الذي تقوم عليه المحكمة؟
أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي، وهي وثيقة تأسيسية وقَّعتها الدول الأطراف؛ حيث تعهدت الدول الأطراف بمنع الجرائم وعرض من يتحمل المسؤولية على العدالة. ومنذ 1998، أصبحت 123 دولة دولاً أطرافاً في نظام روما الأساسي والتحقت بالكفاح ضد الإفلات من العقاب.
هل يمكن ممارسة الضغوط على المحكمة الجنائية الدولية من قِبَل أطراف خارجية؟
رغم دعم الكثير من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمحكمة، فإن قوى كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست عضواً بها وترى أنه يمكن استغلالها في محاكمات ذات دوافع سياسية.
وفي القضايا التي تحقق بها المحكمة حول ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي٬ تتعرض الجنائية الدولية لتحذيرات و"تهديدات" قوية من أعضاء في الكونغرس الأمريكي، بعد أن أفادت تقارير بأن المحكمة تنوي إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بارزين، على رأسهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بحسب ما ذكره موقع أكسيوس الأمريكي في 29 أبريل/نيسان 2024.
هذا الأمر سبب قلقاً في أوساط الصف القيادي الأول للحكومة الإسرائيلية، فقد ذكر موقع أكسيوس الأمريكي أن نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكي شخصياً التدخل، من أجل منع المحكمة الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق أي مسؤول إسرائيلي. وما يخشاه المسؤولون الإسرائيليون هو أن المحكمة قد تكون أصدرت مذكرات اعتقال "سراً" ضد قادة حكوميين وعسكريين، و"إنهم ربما لن يواجهوها إلا عند سفرهم إلى دول أوروبية دون سابق إنذار". بحسب موقع أكسيوس الأمريكي، فإن المستهدفين من هذه القرارات هم: نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، ورئيس أركان جيشه هرتسي هاليفي.
وكان رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون -ينتمي للحزب الجمهوري- قد أصدر بياناً، في 29 أبريل/نيسان 2024، وصف فيه أوامر الاعتقال المبلغ عنها بأنها "مشينة" و"خارجة عن القانون"، مؤكداً أن إدارة بايدن إذا لم تتحرك، فإن الجنائية الدولية ستتولى سلطة غير مسبوقة لإصدار أوامر اعتقال ضد القادة السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين. لم يكتفِ جونسون بهذه التصريحات، بل ذهب لأبعد من ذلك، من خلال مطالبة إدارة بايدن بالضغط لـ"تنحي المحكمة الجنائية الدولية"، واستخدام كل أداة متاحة لمنع مثل هذا العمل الذي وصفه بـ"البغيض".
كم عدد القضاة في المحكمة الجنائية الدولية؟
في المحكمة الجنائية الدولية يكون 18 قاضياً، يُنتخبون لمدة تسع سنوات. يضمن القضاة عدالة المحاكمات، ويصدرون أوامر القبض أو أوامر الحضور، ويأذنون للمجني عليهم بالمشاركة، ويأمرون باعتماد إجراءات حماية الشهود، ويحمون حقوق المتهم، إلى غير ذلك من الأمور. ويقرر القضاة مخرجات المحاكمة.
ما الإجراءات القضائية التي تعمل بها المحكمة الجنائية الدولية؟
بعد نقل المشتبه به إلى المحكمة أو بعد مثوله عن طواعية أمام القضاة، سترتب المحكمة مثوله الأول وبعد ذلك جلسة اعتماد التهم؛ حيث إن الهدف من جلسة اعتماد التهم هو معرفة ما إن كانت هناك أدلة كافية لبدء محاكمة.
ويُعهد بكل قضية إلى ثلاثة قضاة في المحكمة. وخلال المحاكمة، يقدم الادعاء أولاً الأدلة ويدعو الشهود. ويمكن لهيئة الدفاع إجراء استجواب مقابل من ناحيتها لأولئك الشهود، وتقديم أدلة، ودعوة شهودها هي. ويمكن للمجني عليهم التعبير عن آرائهم وشواغلهم في قاعة المحكمة. كما يمكن للقضاة دعوة شهود. وبعد تقديم طرفي القضية أدلتهما، يُدعى الدفاع والادعاء إلى تقديم مرافعاتهما الختامية. وتُتاح فرصة الكلام الأخيرة دوماً للدفاع.
أين يحتجز المتهمون؟
يُحتجز المتهمون الذين قُبض عليهم في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة الجنائية الدولية. ويكون الاحتفاظ بالمحتجزين ومعاملتهم وفقاً لأعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ما القضايا التي سبق أن اختصت بها المحكمة؟
أدانت المحكمة خمسة رجال بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، جميعهم من قادة جماعات مسلحة في أفريقيا، من جمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وأوغندا. وتراوحت العقوبات بالسجن بين تسع سنوات و30 عاماً. وأقصى عقوبة يمكن أن تصدرها المحكمة هي السجن مدى الحياة.
تجري المحكمة الجنائية الدولية 13 تحقيقاً رسمياً آخر في قضايا، يتعلق بعضها بفلسطين وأفغانستان وبنغلاديش وميانمار وجورجيا. وهناك 13 تدقيقاً مبدئياً آخر، منها ما يتعلق بفنزويلا والفلبين وأوكرانيا. وتحقق الجنائية الدولية، في العديد من الأحداث التي وقعت منذ الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 وما تلاها حتى اليوم.
وأبرز مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية هو الرئيس السوداني السابق عمر البشير، المطلوب فيما يتصل بجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور. وكان أول رئيس دولة سابق يمثل أمام المحكمة هو لوران جباجبو، رئيس ساحل العاج السابق الذي تمت تبرئته من جميع التهم في 2019 بعد محاكمة استمرت ثلاث سنوات.
وفي يتعلق بالملف الفلسطيني٬ تمت إحالة مسؤول غربي لمحكمة الجنايات الدولية، في مارس/آذار 2024 بسبب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. الإحالة شملت رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، وكبار السياسيين الأستراليين، للتحقيق فيما إذا كانوا قد ساهموا في دعم إسرائيل بجرائم الإبادة الجماعية في غزة. وهذه الإحالة، التي قامت بها شركة المحاماة "Birchgrove Legal" وبتأييد من 100 محامٍ في سيدني، هي المرة الأولى التي تتم فيها إحالة زعيم غربي وقادة سياسيين أستراليين في الخدمة رسمياً إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق، بحسب موقع "Sydney Criminal Lawyers".
أشار مكتب المحاماة إلى جملة من الاتهامات إلى الحكومة الأسترالية، أبرزها تجميد المساعدات إلى وكالة الأونروا، وتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل من الممكن استخدامها في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، والسماح للأستراليين بالسفر إلى إسرائيل للمشاركة في العمليات ضد غزة، وتقديم دعم سياسي "لا لبس فيه" لتصرفات إسرائيل في غزة.