يبدو صاروخ خيبر الإيراني السلاح الأبرز والأهم الذي استخدمته طهران في هجماتها الصاروخية والجوية على إسرائيل ليلة السبت 13 أبريل/نيسان 2024، باعتراف المصادر الإسرائيلية.
وشنت إيران خلال الليلة الماضية أول هجوم مباشر على إسرائيل في تاريخها، باستخدام مئات من المسيرات والصواريخ، وجاء ذلك رداً على تعرض قنصلية إيران في دمشق مطلع الشهر الحالي لهجوم صاروخي إسرائيلي أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات أُصيبت، نتيجة للضربة الإيرانية.
اتفاق بين الطرفين على نجاح صواريخ خيبر في الوصول لإسرائيل
وتفاوتت التقديرات بشكل كبير بشأن نتائج الهجمة الصاروخية والجوية الإيرانية على إسرائيل، حيث تقول تل أبيب إنها وحلفاءها اعترضوا 99% من الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية، بينما تقول طهران إن نصف الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل أصابت أهدافها، ولكن كان لافتاً تركيز طهران على أداء صواريخ خيبر التي قالت إنها ضربت قاعدة نفتاليم الإسرائيلية الواقعة في النقب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه في المجمل، أطلقت إيران حوالي 170 طائرة مسيرة وأكثر من 30 صاروخ كروز وأكثر من 120 صاروخاً باليستياً على إسرائيل ليلة السبت، وقال إنه تم اعتراض 99% منها معترفاً بأن من وصل منها إلى إسرائيل هي الصواريخ الباليستية.
وفي تقييمها لهجوم الليلة الماضية، أكدت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية أن نصف الصواريخ التي تم إطلاقها باتجاه إسرائيل أصابت أهدافها بنجاح، وقالت إن القوات الإيرانية استهدفت بنجاح قاعدة جوية إسرائيلية في النقب باستخدام صواريخ "خيبر"، وأشارت إلى أن تلك القاعدة كانت منطلقاً للهجوم على القنصلية الإيرانية بدمشق.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي إن الصواريخ الباليستية التي وصلت إلى إسرائيل سقطت على قاعدة نتافيم الجوية في جنوب إسرائيل، مضيفاً أنها تسببت فقط في أضرار هيكلية طفيفة، مما يؤكد الرواية الإسرائيلية بشأن نجاح صواريخ خيبر في الوصول للقاعدة الإسرائيلية.
وحسب المتحدث الإسرائيلي فإن القاعدة كانت تعمل وتستمر بعملياتها بعد الهجوم، فيما واصلت الطائرات استخدام القاعدة.
وأفاد موقع "روسيا اليوم" نقلاً عن مراسلته بأنه فجر الأحد، دوّت صفارات الإنذار بمناطق في جنوب ووسط إسرائيل، وفي النقب قرب مفاعل ديمونة النووي، كما قال إن مقاطع فيديو تداولتها وسائل إعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أظهرت سقوط صواريخ باليستية إيرانية على أهداف في النقب، وأضاف أنه وفقاً للمعلومات الأولية أصابت الصواريخ القاعدة الجوية الإسرائيلية.
من جانبها قالت صحيفة "يدعوت أحرونوت" الإسرائيلية إنه لم يضرب البلاد سوى عدد صغير من صواريخ خيبر شيكان الباليستية الإيرانية يبلغ عددها 110، وانفجر عدد أقل.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن التحدي الأكبر أمام جيش الاحتلال وحلفائه كان اعتراض الصواريخ الباليستية، حيث لا تظهر هذه الصواريخ على الرادارات، إلا أن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية تمكنت من رصدها وتدميرها. وتم اعتراض الصواريخ الباليستية بواسطة أنظمة الدفاع الجوي Arrow 2 وArrow 3، كما تم اعتراض صاروخ واحد لأول مرة بواسطة نظام David's Sling المضاد للصواريخ، حسب قولها.
إيران لديها أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ باليستي
وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى أن طهران لديها أكثر من 3 آلاف صاروخ باليستي مختلفة الأنواع ومتفاوتة المدى، ويصل مدى "بعضها" إلى إسرائيل.
في المجمل، تشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك تسعة أنواع من الصواريخ ذات المدى الكافي للوصول إلى الأراضي الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، كشفت السلطات الإيرانية في يونيو/حزيران الماضي ما وصفه نظام البلاد بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي.
صاروخ خيبر جزء من عائلة صواريخ خرمشهر ويقال إنه مداه يصل إلى 2000 كلم
ولكن صاروخ خيبر الذي كشفت عنه إيران في مايو/أيار 2023، اكتسب أهمية خاصة بالنسبة لطهران وخصومها، وظهر ذلك في أنه الصواريح الوحيد الذي وصل لأهدافه حسب الرواية الإسرائيلية.
وفي مطلع العام، استخدمت إيران صاروخ خيبر في هجوم ضد هدف لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا، فيما وصفت ساعتها بأنه أبعد الهجمات مسافة في تاريخ ضربات الحرس الثوري الإيراني بالصواريخ الباليستية.
ويعد صاروخ خيبر جيلاً جديداً من صواريخ "خرمشهر" الباليستية الإيرانية ويطلق عليه أحياناً خرمشهر 4 أو خيبر، ومن الواضح أن هناك غموضاً وتداخلاً متعمداً من قبل طهران حول هذه المتغيرات المختلفة لهذه الصواريخ.
ويبلغ مدى صاروخ خيبر 2000 كيلومتر مع رأس حربي وزنه 1500 كيلوغرام، بحسب ما ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، في 25 مايو/أيار 2023، فيما نقل عن اللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية قوله، إن "صاروخ خيبر شكن" يصل مداه إلى 1450 كيلومتراً.
بحسب قناة العالم الإيرانية، فإن صاروخ خيبر أو خورمشهر 4 يعتبر "أكثر الصواريخ تطوراً التي صممها متخصصون في منظمة الجو فضاء التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية".
وأشارت إلى أن صاروخ خيبر مجهز بأحد محركات الوقود السائل الأكثر تقدماً، ومصمم بطريقة يتم فيها وضع المحرك في خزان الوقود؛ ما أدى إلى تقليل طول الصاروخ إلى حوالي 13 متراً".
وعند الإعلان عنه، قال فابيان هينز، وهو زميل باحث في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" البريطاني: "ربما يكون هذا أكثر الصواريخ تقدماً لدى إيران، ويُمكِّنهم مداه من ضرب إسرائيل"، "إلا أن استهداف إسرائيل يعني بطبيعة الحال أن تضع في اعتبارك أنك تواجه مجموعة من أفضل منظومات الدفاع الصاروخية في العالم"، على حد قوله.
مزاعم حول قدرته على المناورة وأن منه نسخة تصل إلى 3000 كلم
ويعتمد الصاروخ نفسه على نسخة إيرانية من منصة كورية شمالية ذات قدرة نووية تُعرف باسم موسودان.
وقامت إيران بتحسين الصاروخ، وتطوير متغير مختلف منه برأس حربي أخف يمكنه التحليق لمسافة تصل إلى 3000 كيلومتر، من المحتمل أن تكون قادرة على ضرب كل أوروبا الوسطى تقريباً، حسب زعم تقرير لصحيفة Politico الأمريكية، ركز على مخاطر الصواريخ الإيرانية على أوروبا وحثها على التحرك لمعاقبة طهران.
وتبنت الصحيفة ما قاله الإيرانيون عن أن الصاروخ يمكنه المناورة في منتصف مسار الرحلة، مما يخلق تحديات للدفاعات الصاروخية، وإذا صحت هذه القدرة ولو جزئياً فإنه يعد تطوراً كبيراً لصناعة الصواريخ الإيرانية.
وتقول إيران إن وزن الصاروخ خيبر يصل إلى ثلث النماذج المماثلة، كما يتم تقليل وقت إعداده وإطلاقه إلى السدس.
وتزعم المصادر الإيرانية أن صاروخ خيبر يصل قبل خروجه من الغلاف الجوي للأرض، إلى سرعة تزيد عن 4-5 ماخ للتقليل من آثار التباطؤ الناتج عن قوة الجاذبية الأرضية، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مدى الصاروخ، وأن سرعته لحظة الارتطام تتراوح بين 2 إلى 3 ماخ.
وتقول صحيفة بوليتيكو الأمريكية إن هناك قلقاً غربياً بشأن المحرك الجديد الذي يعمل بالوقود السائل المخصص لعائلة صواريخ خرمشهر/خيبر، والذي يقال إنه يستخدم وقود الاشتعال الذاتي أو الوقود الفائق والذي يقلل الوقت اللازم للإطلاق، مما يصعب عملية رصده.
وبينما تشكك الصحيفة في ادعاءات إيران بأنها طورت صواريخ فرط صوتية (أسرع من الصوت خمس مرات)، ولكنها ترى أنها تسعى بإصرار لتطوير برنامجها الصاروخي، وتحقق تقدماً مطرداً، هو أمر مقلق لخصوم إيران بالنظر إلى التطور الذي حققته كوريا الشمالية التي تمثل المعلم الأبرز لطهران.