كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون يخشون من أن يدفع الهجوم الإسرائيلي في سوريا، يوم الأول من أبريل/نيسان، الذي أدى إلى مقتل عدد من الضباط الإيرانيين، إيران وإسرائيل إلى حافة ما حاول العالم تفاديه لعقود: حرب مفتوحة. ودأبت إيران، على الاستعانة بلحفائها في المنطقة لمهاجمة إسرائيل، في حين تجنّبت تل أبيب شن ضربات جوية على الأراضي الإيرانية، لكن هذا كله تغير في 14 أبريل/نيسان 2024، حين شنَّت إيران هجومها بالمسيرات والصورايخ على إسرائيل. وفيما يلي 6 أسئلة نحاول الإجابة فيها عن شكل الحرب المفتوحة المحتملة بين الطرفين.
كيف سيكون شكل الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل في حال اندلاعها؟
يشير تقييم وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، الذي نُشر في 11 أبريل/نيسان، عن قدرات إيران إلى أن أي هجوم إيراني على إسرائيل من المرجح أن يمزج بين المسيرات والصواريخ.
وقالت الوكالة: "القوة الصاروخية الإيرانية تعززها المسيرات باستمرار، وهي الرادع التقليدي الأساسي للنظام ضد الهجمات على أفراده وأراضيه". وأضافت أن إيران لديها "مخزون كبير" من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، القادرة على ضرب أهداف على بعد 2000 كيلومتر، أي أن إسرائيل في نطاقها.
ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal، تتنامى دقة صواريخ إيران الباليستية باستمرار منذ العقد الماضي، وزودت طهران بعض وكلائها في المنطقة بهذه الصواريخ. وحذّر مسؤولون أمريكيون من أن طهران قد ترسل صواريخ إلى روسيا قريباً. واستخدمت إيران الصواريخ الباليستية لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق عام 2020، بعد أن قتلت غارة جوية أمريكية قاسم سليماني، أقوى مسؤول عسكري إيراني.
واستخدمتها لضرب أهداف في سوريا والعراق، في يناير/كانون الثاني. وفي إطار الاتفاق النووي لعام 2015، انتهت العقوبات الدولية على تجارة إيران في الصواريخ الباليستية ومكوناتها، في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، ما سمح لدول مثل روسيا والصين بتبادلها مع إيران.
كيف سترد إسرائيل على الهجمات الإيرانية الأخيرة؟
من جانبها ذكرت وكالة Bloomberg الأمريكية أنه من المتوقع أن تردّ المقاتلات الإسرائيلية، التي تضم الطائرات الشبحية F-35I Adir والمقاتلات غير الشبحية F-15I بهجمات على أهداف إيرانية.
وعطلت إسرائيل الإشارات الملاحية في تل أبيب استعداداً لهجوم إيراني محتمل، في استعراض لقدراتها. وكررت هذا الإجراء في 13 أبريل/نيسان، رداً على الهجوم الإيراني.
ويظل الاحتمال الأبعد أن توجه إيران وكلاءها لنشر مسلحين على الأرض من سوريا أو لبنان، وكانت السابقة الوحيدة التي هاجمت فيها إيران إسرائيل في عام 2018، حين أطلقت طهران صواريخ من سوريا على مواقع في هضبة الجولان.
والاحتمال الآخر هو الحرب السيبرانية، فمنذ ما يزيد عن عشر سنوات أضر برنامج خبيث يعرف باسم Stuxnet بالعمليات في منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم، فيما يشتبه في أنها عملية أمريكية إسرائيلية. وشنَّت إيران أيضاً هجمات سيبرانية، كان من بينها اختراق حاول شل الحواسيب وشبكة المياه في منطقتين إسرائيليتين، وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية.
ما حجم القدرات العسكرية الإسرائيلية والإيرانية؟
القوات الإسرائيلية تتفوق بدرجة كبيرة على القوات الإيرانية في التكنولوجيا. ومع ذلك، تمتلك إيران مخزونات هائلة من الأسلحة الرخيصة والفعالة في ترسانتها.
فمنذ عام 2022، زوّدت إيران روسيا بأكثر من 1000 مسيرة من طراز شاهد-136، بالإضافة إلى طائرات شاهد-131 ومهاجر-6، لدعم غزوها لأوكرانيا. وفي مايو/أيار، بدأت إيران مساعدة روسيا في بناء منشأة لإنتاج مسيرات شاهد-136 في روسيا، وفقاً لوكالة الاستخبارات الدفاعية. لذلك يمكن الافتراض أن إيران لديها مئات إن لم يكن آلاف المسيرات في مخزونها لمهاجمة إسرائيل.
وستواجه إسرائيل الصواريخ الباليستية بصواريخها الاعتراضية من طراز Arrow، وهجمات المسيرات ربما باستخدام منظومة الدفاع الجوي David's Sling، وربما بنظام Drone Guard الذي أنتجته شركة ELTA Systems، وهي جميعها باهظة التكاليف. حيث تتحدث صحيفة يديعوت أحرونوت أن التقديرات الإسرائيلية لخسائر تكلفة الاعتراضات الجوية في سماء إسرائيل الليلة الماضية تجاوزت مليار دولار.
مَن حلفاء الطرفين وما الأدوار التي قد يضطلعون بها إذا اندلعت حرب مفتوحة؟
أهم حلفاء إيران الميليشيات الشيعية في لبنان والعراق وسوريا واليمن التي تدعمها بالمال والسلاح والتدريب، وسيكون حزب الله اللبناني صاحب الدور الأهم، فقد خاض معارك متكررة مع إسرائيل، ويطلق بانتظام الصواريخ وقذائف الهاون والقذائف الصاروخية على شمال إسرائيل منذ اندلاع الحرب، في أكتوبر/تشرين الأول، بين إسرائيل وحركة حماس. وتحتوي ترسانة حزب الله على أكثر من 70 ألف صاروخ وقذيفة، منها صواريخ بعيدة المدى وصواريخ دقيقة التوجيه، بحسب الاستخبارات الإسرائيلية.
والدولة الحليفة الوحيدة لإيران في الشرق الأوسط هي سوريا. على أنه يُستبعد أن تقدم حكومة الرئيس بشار الأسد على مساعدتها بالنظر إلى الصعوبات التي لا تزال تواجهها في السيطرة على البلاد، بعد اندلاع الحرب عام 2011.
وتتمتع إيران بعلاقات جيدة مع روسيا، رغم أن حربها في أوكرانيا ستحد على الأغلب من قدرتها على المساعدة، ومع الصين، التي اشترت النفط الإيراني رغم العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة وحلفائها.
أما إسرائيل فلديها الولايات المتحدة إلى جانبها، وتعمل الولايات المتحدة بالفعل على تسريع إرسال شحنات الذخائر إلى إسرائيل لمساعدتها في محاربة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى. ومن بين القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط مدمرتان بحريتان انتقلتا إلى شرق البحر المتوسط، في أوائل أبريل/نيسان، وفقاً لمسؤول في البحرية، هما يو إس إس كارني، ويو إس إس أرلي بيرك، وكلتاهما تتمتع بقدرات دفاع جوي.
في بداية الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية نشر البنتاغون حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد ومجموعتها القتالية في شرق البحر المتوسط، لكنها عادت إلى الولايات المتحدة بعد ذلك، والمجموعة الهجومية لحاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي أيزنهاور ستغادر موقعها بعد تنفيذ عمليات ضد الحوثيين. وكلتا الحاملتان مجهزة بطائرات مقاتلة من طراز F/A-18E/F Super Hornet وطائرات متطورة أخرى. وفضلاً عن ذلك وُضع 2000 من مشاة البحرية في حالة تأهب قصوى تحسباً لتعبئة محتملة.
ما ردود فعل الدول العربية المحتملة إذا ما اندلعت حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل؟
اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل قد يضع الكثير من دول المنطقة في موقف صعب، إذ أبرمت أربع دول عربية اتفاقيات تطبيعية مع إسرائيل عام 2020، في إطار ما يسمى باتفاقيات أبراهام. وكان انعدام ثقتها بإيران جزءاً من إقدامها على هذه الخطوة، على أنه يُستبعد أن تقف دول عربية إلى جانب إسرائيل بشكل كامل في مواجهة دولة إسلامية، فضلاً عن دولة قوية مثل إيران، كما تقول وكالة بلومبيرغ.
واستعادت إيران والسعودية العام الماضي العلاقات الدبلوماسية بعد توقف دام سبع سنوات. وتدرس السعودية إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في إطار صفقة أكبر تأمل من خلالها الحصول على ضمانات أمنية أمريكية، ومن المرجح أن تحاول تجنب التورط في هذا الصراع.
ما الخطوة التالية بالنسبة لإسرائيل؟
ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، أنه في الفترة التي سبقت الهجوم الإيراني المتوقع، افترض المسؤولون الأمريكيون هذه النتيجة: أن تسقط الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية في المناطق المفتوحة، وألا تتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية. وتوقع المسؤولون أنه في هذه الحالة ستشجع واشنطن بقوة على ألا تتسرع إسرائيل في ردها.
وقد ترجو إيران هذا الرد الهادئ، ففي رسالة سلمتها من خلال بعثتها في الأمم المتحدة، أعربت طهران عن أملها في أنه في أعقاب ردها الانتقامي "يمكن اعتبار الأمر منتهياً"، لكن إذا عادت إسرائيل لفعلتها فسيكون العقاب أشد بحسب طهران.
وعلى المدى القصير، قد تجد واشنطن ما يطمئنها في بعض العلامات القليلة التي تدل على أن أي رد إسرائيلي لن يكون فورياً على الأقل، إذ طالبت إسرائيل بعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الهجوم، ستعقد في الساعة الرابعة مساء بتوقيت نيويورك، يوم الأحد، وشن هجوم مضاد قبل تلك الجلسة سيكون مفاجئاً.
ومن العلامات المحتملة الأخرى على أن الرد قد يكون هادئاً، محادثة غالانت مع نظيره الأمريكي لويد أوستن بعد الهجمات. فبحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية، أكد غالانت "أن المؤسسة الدفاعية مستعدة لأي محاولات أخرى لمهاجمة دولة إسرائيل"، ولم يشر في تصريحاته إلى إتيان إسرائيل بأي رد.
والعلامة الإيجابية الثالثة في الساعات الأولى من يوم الأحد كانت تطمينات من مسؤول إسرائيلي، نقلتها صحيفة The New York Times، بأن "رد إسرائيل سيكون بالتنسيق مع حلفائها".
في النهاية، أدى الهجوم الجريء على إسرائيل حتى الآن إلى صرف انتباه العالم عن سلوك إسرائيل في الحرب في غزة، وهذا ما يريده نتنياهو المتورط بمشاكل عديدة، ومن المرجح أيضاً أن يبدد الهجوم الإيراني التذمر في الكونغرس الأمريكي، بشأن الحد من إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب غزة. والآن أصبح بوسع أنصار إسرائيل أن يزعموا أن هذه القيود ستترك الحليف الرئيسي لأمريكا في الشرق الأوسط بلا دفاع في مواجهة التهديد الإيراني، كما تقول الصحيفة الأمريكية.