أدت احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل؛ بسبب تعرض القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق لهجوم صاروخي إسرائيلي، مطلع إبريل/نيسان، ما أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال البارز محمد رضا زاهدي إلى إثارة الاهتمام بالقوات المسلحة الإيرانية من جديد. وإليكم في ما يلي نظرةً على الجيش الإيراني وقدراته.
لماذا يُعد الجيش الإيراني مهماً في الوقت الراهن؟
بعد أن هاجمت إسرائيل المجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق، ردّت طهران بتهديدٍ بالانتقام لمقتل رجالها العسكريين. وقدّر مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون أن الرد الإيراني سينطلق من أراضيها على الأرجح.
بينما قال محللون لصحيفة New York Times الأمريكية إن خصوم إيران، وخاصةً الولايات المتحدة وإسرائيل، تجنّبوا شنّ ضربات عسكرية مباشرة على إيران طيلة عقود لعدم رغبتهم في الاشتباك مع الجهاز العسكري الطهراني المعقد. وبدلاً من ذلك، دخلت إسرائيل وإيران في حرب ظل طويلة عبر الجو، والبحر، والبر، والهجمات السيبرانية. واستهدفت إسرائيل المنشآت العسكرية والنووية داخل إيران سراً، كما اغتالت قادة وعلماء.
وأوضح أفشون أوستوفار، الأستاذ المساعد في شؤون الأمن القومي بالكلية البحرية للدراسات العليا والخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية: "هناك سبب وجيه لعدم ضرب إيران حتى الآن". ثم أردف: "لا علاقة للأمر بخوف خصوم إيران من إيران، بل لأنهم يدركون أن أي حرب ضد إيران ستكون حرباً خطيرةً للغاية".
ما حجم الجيش الإيراني، وما نوع التهديد العسكري الذي يمثله؟
تُعَدُّ القوات المسلحة الإيرانية من أكبر جيوش الشرق الأوسط بأكثر من 580 ألف فرد نشط في الخدمة، ونحو 200 جندي احتياط مدرب، وينقسم هذا العدد بين الجيش النظامي والحرس الثوري الإيراني، بحسب التقييم السنوي الصادر العام الماضي عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ويمتلك كل من الجيش والحرس الثوري قوات برية وجوية وبحرية نشطة ومنفصلة، بينما يتولى الحرس الثوري مهمة تأمين حدود إيران. وتُنسِّق هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة بين مختلف الأفرع وتضع الاستراتيجية العسكرية الشاملة.
كما يُدير الحرس الثوري فيلق القدس، وهو وحدة نخبوية مُكلَّفة بتسليح وتدريب ودعم شبكة الميليشيات الوكيلة لإيران بطول الشرق الأوسط، والتي تُعرف باسم "محور المقاومة".
أما القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، فهو المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهو صاحب القول الفصل في كل القرارات الكبرى.
ولا تُحتسب الميليشيات الوكيلة ضمن تعداد القوات المسلحة الإيرانية، لكن المحللين يقولون إنها تُعد من القوى الإقليمية الحليفة، وهي جاهزة للقتال ومدججة بالسلاح وتتمتع بولاء أيديولوجي، كما قد تهب لمساعدة إيران حال تعرُّضها للهجوم.
وقال فابيان هينز، خبير الشؤون العسكرية الإيراني في مركز أبحاث International Institute for Strategic Studies ببرلين: "إن مستويات الدعم وأنواع الأنظمة التي قدمتها إيران للأطراف غير الحكومية تُعد غير مسبوقة على صعيد الطائرات المُسيَّرة والصواريخ العادية والصواريخ الجوالة". ثم أضاف: "يُمكن النظر إلى تلك الميليشيات باعتبارها جزءاً من قدرات إيران العسكرية، وخاصةً حزب الله، الذي يتمتع بأوثق علاقة استراتيجية مع إيران".
ما أنواع الأسلحة التي تمتلكها إيران؟
تمحورت الاستراتيجية العسكرية الإيرانية طيلة عقود حول الردع، مع التركيز على تطوير الصواريخ والمُسيَّرات والدفاعات الجوية الدقيقة وبعيدة المدى. وقد بنت أسطولاً كبيراً من الزوارق السريعة وبعض الغواصات الصغيرة القادرة على تعطيل حركة الشحن وإمدادات الطاقة العالمية التي تمر عبر الخليج العربي ومضيق هرمز.
وأوضح أوستوفار أن إيران لديها واحدة من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في الشرق الأوسط. ويتضمن هذا الصواريخ الجوالة، والصواريخ المضادة للسفن، والصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى 2,000 كلم. وتتمتع هذه الصواريخ بالقدرة والمدى اللازمين لضرب أي هدف في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل.
في السنوات الأخيرة، جمعت إيران مخزوناً كبيراً من الطائرات المسيّرة التي يتراوح مداها بين 1,931 و2,494 كلم، وتستطيع التحليق على ارتفاعات منخفضة لتفادي أجهزة الرادار، بحسب خبراء وقادة إيرانيين أجروا مقابلات عامة مع وسائل الإعلام الحكومية. ولم تُخفِ إيران هذا البناء، بل استعرضت مخزون مسيّراتها وصواريخها خلال العروض العسكرية، كما أن لديها طموحات لبناء تجارة تصدير كبيرة للطائرات المسيّرة. وتستخدم روسيا المسيّرات الإيرانية في أوكرانيا الآن، كما ظهرت تلك المسيّرات في الصراع السوداني.
وتنتشر القواعد ومرافق التخزين بشكلٍ متفرق في البلاد، فضلاً عن أنها مدفونة في أعماق الأرض ومحصّنة بالدفاعات الجوية، ما يجعل من الصعب تدميرها بالقصف الجوي وفقاً للخبراء.
من أين تحصل إيران على أسلحتها؟
منعت العقوبات الدولية وصول إيران إلى الأسلحة والمعدات العسكرية عالية التقنية التي يجري تصنيعها في الخارج، مثل الدبابات والطائرات المقاتلة.
وأثناء حرب الثماني سنوات الإيرانية مع العراق في الثمانينيات، لم تكن الكثير من الدول على استعداد لبيع أسلحتها لإيران. وحين أصبح آية الله خامنئي المرشد الأعلى لإيران عام 1989، بعد نهاية الحرب بعام واحد، كلّف الحرس الثوري بتطوير صناعة أسلحة محلية وخصص الموارد لتلك الجهود التي غطتها وسائل الإعلام الإيرانية على نطاق واسع. وقد أراد خامنئي أن يضمن ألا تضطر إيران للاعتماد على القوى الخارجية في احتياجاتها الدفاعية ثانيةً على الإطلاق.
واليوم، تصنع إيران كميةً كبيرة من الصواريخ والمُسيَّرات محلياً، وقد أعطت الأولوية لإنتاجها الدفاعي بحسب الخبراء. وحظيت بنتائج متباينة في محاولاتها لصنع المركبات المدرعة والسفن البحرية الكبيرة. كما تستورد الغواصات الصغيرة من كوريا الشمالية، وتعمل على توسيع وتحديث أسطولها الذي أنتجته محلياً.
كيف تنظر الدول الأخرى إلى الجيش الإيراني؟ وما هي نقاط ضعفه؟
يُنظر إلى الجيش الإيراني باعتباره أحد أقوى جيوش المنطقة من حيث المعدات، والتماسك، والخبرة، وجودة الأفراد. لكن الجيش الإيراني تخلّف كثيراً عن ركب قوة وتطور جيوش الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبعض الدول الأوروبية، وفقاً للخبراء.
وتتمثل نقطة ضعف إيران الكبرى في قواتها الجوية؛ إذ يرجع تاريخ غالبية طائرات البلاد إلى حقبة الشاه محمد رضا بهلوي، الذي حكم إيران بين عامي 1941 و1979. وجرى تفكيك العديد من تلك الطائرات بسبب نقص قطع الغيار. كما اشترت إيران أسطولاً صغيراً من روسيا في التسعينيات بحسب الخبراء.
وتُعَدُّ الدبابات والمدرعات الإيرانية قديمة، ولا تمتلك البلاد سوى عدد قليل من السفن البحرية وفقاً للخبراء. وقال مسؤولون أمريكيون إن سفينتي جمع الاستخبارات في البحر الأحمر، سافيز وبهشاد، قد ساعدتا الحوثيين في التعرف على السفن المملوكة لإسرائيل من أجل استهدافها.