- إليك المناطق الأكثرة إشكالية في نزاع بحر الصين الجنوبي
- ما هو شكل الوجود الصيني في المناطق المتنازع عليها؟
- الولايات المتحدة تزعم أنها غير منحازة لأي طرف ولكنها ترسل سفنها لتحدي مطالبات الصين
- كيف كان رد فعل دول المنطقة على التوسع الصيني؟
- كيف استغلت الولايات المتحدة الأزمة لتعزيز نفوذها في مواجهة الصين؟
- إندونيسيا هي الجائرة الكبرى بالنسبة للولايات المتحدة
يتحول نزاع بحر الصين الجنوبي تدريجياً إلى محور للسياسة الأمريكية تجاه بكين، حيث تشجع واشنطن الدول الآسيوية على تحدي المطالبات الصينية في المنطقة.
ويتصاعد التوتر بسبب نزاع بحر الصين الجنوبي بين بكين وجيرانها وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت تزداد أهمية هذا البحر بالنسبة للتجارة العالمية خاصة الآسيوية، حيث تمر به تريليونات من الدولارات من البضائع سنوياً.
وسيكون نزاع بحر الصين الجنوبي محور القمة الثلاثية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في واشنطن اليوم الخميس.
وتزعم الولايات المتحدة أنها ضمنت طيلة عقود حرية الملاحة في المياه الآسيوية، ونفذت دوريات بحرية بهدف الحفاظ على مبدأ ألا تعاني أي دولة ذات سيادة من تدخلات دولة أخرى.
لكن الصين تتحدى هذا الوضع الراهن بصورةٍ متزايدة، وتستغل قوتها العسكرية المتنامية للضغط من أجل تمرير مطالباتها القديمة ببعض الأراضي والمناطق المجاورة لها، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
ولهذا تتحرك واشنطن من أجل إعادة صياغة تحالفاتها الإقليمية القائمة منذ عقود بهدف إبقاء طموحات بكين تحت السيطرة. وتتجلى التوترات بأقصى قدر من الوضوح في ما يتعلق بتايوان وبحر الصين الجنوبي.
إليك المناطق الأكثرة إشكالية في نزاع بحر الصين الجنوبي
يمتد بحر الصين الجنوبي من الصين في الشمال وصولاً إلى إندونيسيا في الجنوب على مساحة 1.4 مليون ميل مربع (أي 3.6 مليون كيلومتر)، ما يجعله أكبر من البحر الأبيض المتوسط.
والدول المرتبطة بـ"نزاع بحر الصين الجنوبي" مباشرة يقارب عدد سكانها ملياري نسمة (نحو 1.4 مليار في الصين، و675 مليون في منطقة جنوب شرق آسيا).
وهناك مطالبات متضاربة في نزاع بحر الصين الجنوبي مرتبطة بالصخور والشعاب المرجانية والجزر الموجودة داخله.
ونزاع بحر الصين الجنوبي هو أساساً عبارة خلافات حول السيادة على مياه البحر وجزر باراسيل وسبراتلي (التسميتان غربيتان)، وهما سلسلتان من الجزر تدعي عدد من الدول السيادة عليها، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
إضافة لهاتين السلسلتين، هناك العديد من الصخور والشعاب المرجانية والكثبان الرملية التي تتنازع هذه الدول السيادة عليها، مثل شعب سكاربره (وهو اسم غربي).
وتطالب الصين بالسيادة على أكثر من 80% من مساحة بحر الصين الجنوبي.
وتدعم مطالبتها بخريطة من عام 1947 تظهر فيها خطوط متقطِّعة غامضة (أو ما يُعرف بخط القطاعات التسعة)، وتمتد تلك المطالبة وصولاً إلى نقطة تبعد نحو 1,800 كلم جنوب جزيرة هاينان. بينما تُطالب فيتنام والفلبين وبروناي وماليزيا وتايوان بالسيادة على أجزاء من المنطقة البحرية نفسها، وقد تنازعت مع الصين حول شرعية المطالبات بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وتعمل الدول المعنية على وضع مدونة سلوك لحل المنازعات، لكن المحادثات مستمرةٌ منذ عقدين. وفي أغسطس/آب عام 2023، أصدرت الصين خريطةً جديدة تحتوي على "خط القطاعات العشرة"، والتي يبدو أنها وسّعت مطالبات الصين بأراضي ومياه جيرانها.
وبينما تتنازع العديد من الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي، على السيادة على مناطق منه منذ عدة قرون، ولكن التوترات في المنطقة تصاعدت في الآونة الأخيرة.
ما هو شكل الوجود الصيني في المناطق المتنازع عليها؟
عززت الصين ادعاءاتها بالسيادة على أجزاء واسعة من هذا البحر، عن طريق تحويل الشعاب المرجانية إلى جزر اصطناعية.
واستصلحت الصين نحو 3,200 فدان من الأراضي الموجودة على الشعاب أو الصخور في أرخبيل جزر سبراتلي. وبنت عليها موانئ ومنارات ومدارج طائرات، كما وضعت بطاريات صواريخ وغيرها من المعدات العسكرية، التي تمثل مشكلة للبحرية الأمريكية.
الولايات المتحدة تزعم أنها غير منحازة لأي طرف ولكنها ترسل سفنها لتحدي مطالبات الصين
تقول الولايات المتحدة إنها لا تأخذ أي موقف يتعلق بالمطالبات المتعارضة بين الدول. لكن البحرية الأمريكية تنفِّذ "عمليات حرية الملاحة" بانتظام عن طريق إرسال سفن حربية وطائرات بالقرب من المياه المتنازع عليها، وذلك للبرهنة على الحق في الحركة عبر المياه والمجال الجوي الدوليين من وجهة نظرها.
ونفّذت الولايات المتحدة خمس عمليات من هذا النوع في عام 2022 بحسب التقارير، وذلك بعد تنفيذ سبع عمليات في العام الذي سبقه. واحتجت مراراً على ما وصفته بالمناورات الاستفزازية والخطيرة من جانب الصينيين ضد السفن الفلبينية، والتي تضمنت الاصطدام بالسفن، فضلاً عن استخدام المدافع المائية وتصويب أسلحة الليزر العسكرية نحو سفينة فلبينية العام الماضي.
في المقابل تتهم الصين واشنطن بأنها تواصل تعزيز انتشارها العسكري في بحر الصين الجنوبي وتؤدي عمداً إلى تصعيد التوترات الإقليمية.
كيف كان رد فعل دول المنطقة على التوسع الصيني؟
لجأت الفلبين إلى التحكيم الدولي. ففي عام 2013، أعلنت أنها ستحيل الصين إلى محكمة التحكيم الدائمة، وهي هيئة منفصلة كلياً عن محكمة العدل الدولية. وتأسست عام 1899 بأمر من مؤتمر لاهاي الأول للسلام.
وهي ليست "محكمة" بالمعنى الحرفي، بل جهة تقوم بتنظيم لجان تحكيم تبتّ بالخلافات بين دولها الأعضاء التي يبلغ عددها 119.
ولكن الصين أصرت على مقاطعة جلسات المحكمة، قائلة إنها (أي المحكمة) ليست مخولة بالبتّ في الخلاف. وأنها لن تتقيد بما تصدره المحكمة من قرارات.
ودحضت المحكمة والتي توصف أيضاً باللجنة مطالبات الصين عام 2016. وحكمت بعدم وجود أساس قانوني يدعم مطالبة الصين بالحق التاريخي في موارد المياه الموجودة داخل خط القطاعات التسعة. كما توصّلت إلى أن الجزر الصناعية -كتلك التي تبنيها الصين- لا تؤدي إلى استحقاقات بحرية أو مناطق سيادة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
كيف استغلت الولايات المتحدة الأزمة لتعزيز نفوذها في مواجهة الصين؟
تتزايد أعداد النزاعات بالتوازي مع عدد التوغلات القياسية للسفن الصينية في المناطق المتنازع عليها. ففي عام 2022، نفّذ خفر السواحل الصيني دوريات شبه يومية في المياه المحيطة بساحل فانغارد قبالة فيتنام، وهي منطقة معروفة باحتياطيات النفط والغاز.
كما نفّذ خفر السواحل الصيني دوريات بالقرب من ضحضاح توماس الثاني في جزر سبراتلي (الضحضاح هو منطقة مائية ضحلة)، حيث تحتفظ الفلبين بحامية عسكرية.
وفي تصعيد لافت في نزاع بحر الصين الجنوبي بين الصين والفلبين، وقعت مناوشات بحرية بين البلدين في الشهر الماضي، شهدت استخدام خراطيم المياه وسجالات ساخنة. وتتركز الخلافات حول منطقة سكند توماس شول التي تضم عددا صغيرا من القوات الفلبينية المتمركزة على متن سفينة حربية وضعتها مانيلا هناك عام 1999 لتعزيز مطالبها في المنطقة.
واتجهت إدارة بايدن وحليفتها الفلبين لتوسيع التعاون الدفاعي، وأصبحت القوات الأمريكية قادرةً على الوصول إلى بعض المواقع العسكرية في البلاد الآن. وفي أبريل/نيسان.
ويستضيف البيت الأبيض غدا الخميس قمة أمريكية يابانية صينية، حيث يتوقع أن يعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن جهود عسكرية مشتركة جديدة مع الفلبين التي كانت مستعمرة أمريكية لنحو قرن من الزمن، وتشمل الخدد الإنفاق على البنية التحتية البلاد.
كما أجرت الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والفلبين أول مناورة رباعية على الإطلاق في بحر الصين الجنوبي، وقد وصفها السفير الأمريكي باليابان رام إيمانويل بأنها تمثل "عهداً جديداً من الأمن والتعاون الإقليميين".
إندونيسيا هي الجائرة الكبرى بالنسبة للولايات المتحدة
على صعيد آخر، تعمل واشنطن على التقارب مع إندونيسيا أكبر دولة في المنطقة من حيث السكان بعد الصين، حيث تغازل جاكرتا لإبعادها عن بكين وتعمل على إعادتها لسوق السلاح الغربي، بعد أن اتجهت البلاد لسوق السلاح الروسي بسبب العقوبات الأمريكية على تصدير الأسلحة لإندونيسيا التي فرضت في تسعينيات القرن العشرين.
ويقول ليو سورياديناتا، وهو باحث زائر في معهد ISEAS-Yusof Ishak، في ورقة بحثية: "تعد إندونيسيا عقدة حاسمة في استراتيجية الولايات المتحدة بين الهند والمحيط الهادئ. من ثم، لواشنطن مصلحة في اجتذاب جاكرتا بعيداً عن بكين".