أعلن تيم والبيرغ، النائب الجمهوري عن ولاية ميشيغان الأمريكية، مؤخراً في قاعة المدينة أن الولايات المتحدة "لا ينبغي لها أن تنفق سنتاً واحداً على المساعدات الإنسانية" في غزة. وفي المقابل قال: "يجب أن تكون مثل ناغازاكي وهيروشيما".
في حين تلقت تعليقات والبيرغ قدراً لا بأس به من التغطية الإعلامية الانتقادية، فإن استجابة زملائه في الكونغرس لم تكن غير الصمت، ما يؤكد المعايير المزدوجة الصارخة في التعامل العام بين أولئك الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، وأولئك الذين يجردونهم من إنسانيتهم، كما يقول تقرير لموقع The Intercept الأمريكي.
كيف حرّض الجمهوريون على الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر؟
في الوقت نفسه، تعرض أعضاء ديمقراطيين من الكونغرس، مثل النائبة رشيدة طليب من ميشيغان، وإلهان عمر من مينيسوتا، وبراميلا جايابال من واشنطن، منذ فترة طويلة للتشهير من جانب زملائهن بسبب تحدثهن علناً ضد معاملة إسرائيل الوحشية للفلسطينيين، في حين استفاض الإعلاميون في التفسيرات السيئة النية لتصريحات الديمقراطيين التقدميين.
أما الجمهوريون الذين يقللون من شأن معاناة الفلسطينيين، أو حتى يحثون على تصعيد هذه المعاناة، فلم يتلقوا عادة مثل هذه الاستجابة المتساوية، ناهيكم عن أن تكون هذه الاستجابة متناسبةً مع تصريحاتهم، كما يقول موقع The Intercept الأمريكي.
بدأ تعطش الجمهوريين للعنف والتدمير بعد أيام فقط من هجوم السابع من أكتوبر في المستوطنات الإسرائيلية. وقد أعلن السيناتور ليندسي جراهام، الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول، في ظهورٍ له على قناة Fox News: "نحن في حرب دينية هنا، وأنا مع إسرائيل. افعلوا ما عليكم فعله بحق الجحيم للدفاع عن أنفسكم" (قال غراهام في وقت لاحق إن أي قدر من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة لن يدفعه إلى التدقيق في سلوك إسرائيل).
وقد ردد السيناتور توم كوتون، الجمهوري من ولاية أركنساس، تعطش غراهام للدماء على Fox News أيضاً في منتصف أكتوبر/تشرين الأول. وقال السيناتور الذي من المعروف أنه دعا إدارة ترامب إلى استخدام الجيش ضد المتظاهرين في ذروة انتفاضة جورج فلويد: "يمكن لإسرائيل أن تحوِّل غزة إلى أنقاض".
الجمهوريون يستمتعون بالحث على مفاقمة معاناة الفلسطينيين
وفي مجلس النواب، كان الجمهوريون يستمتعون بالحث على تصعيد معاناة الفلسطينيين. في 11 أكتوبر/تشرين الأول، انتقد ماكس ميلر، من أوهايو، رشيدة طليب لأنها نصبت علماً فلسطينياً خارج مكتبها في الكونغرس. ورفض الاعتراف بفلسطين كدولة، واصفاً إياها بأنها "منطقة على وشك أن تُنزع أحشاؤها وتختفي قريباً، حيث سنحولها إلى ساحة انتظار للسيارات".
وبعد بضعة أيام، اتخذ زميل ميلر، النائب بريان ماست، الجمهوري من ولاية فلوريدا، خطوةً غير معتادة بارتداء الزي العسكري لدولة أجنبية في قاعات الكونغرس، إذ ارتدى زي الجيش الإسرائيلي الذي حصل عليه أثناء تطوعه العسكري لدى إسرائيل في عام 2015. وبعد ذلك بوقت قصير، قدم تعديلاً من شأنه أن يبطئ المساعدات الإنسانية لغزة. وقال ماست في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بشأن مشروع القانون: "يجب إبطاء أي مساعدة – أي مساعدة".
في أواخر يناير/كانون الثاني، عندما سُئل عن الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في غزة، أجاب ماست ببرود: "هؤلاء ليسوا مدنيين فلسطينيين أبرياء". وفي مواجهة فكرة أن إسرائيل دمرت بنيةً تحتية في غزة أكثر مما دُمِّرَ في دريسدن خلال الحرب العالمية الثانية، قال ماست: "هناك المزيد من البنية التحتية التي يجب تدميرها"، وكرَّر الجملة، متوعِّداً: "سيكون هناك المزيد مما سيتم تدميره".
ففي أواخر فبراير/شباط، قام الجمهوري آندي أوغلز، وهو جمهوري من ولاية تينيسي، بطرد المحتجين الذين اعترضوا على استخدام الضرائب المفروضة عليهم في قتل الأطفال. قال أحد المحتجين: "لقد رأيت لقطات لأجساد الأطفال الممزقة –هذه أموال دافعي الضرائب التي تُستخدَم لقصف هؤلاء الأطفال". أجاب أوغلز: "هل تعلم؟ أعتقد أننا يجب أن نقتلهم جميعاً. إذا كان هذا يجعلك تشعر بتحسن".
انتقاد إسرائيل ممنوع
في أوائل شهر مارس/آذار، صرخ تشاك فليشمان، من ولاية تينيسي أيضاً، في وجه متظاهر أمريكي فلسطيني من غزة فقد حتى الآن أكثر من 100 من أفراد عائلته في الحرب الإسرائيلية. وقال النائب الجمهوري عن إسرائيل التي قالت أعلى محكمة في العالم ومحكمة جزئية أمريكية إنها ربما تكون مذنبة بارتكاب إبادة جماعية في غزة: "إنهم ليسوا مذنبين بارتكاب إبادة جماعية. يمكنك أن تقول للفلسطينيين إنني لن أدعمهم أبداً".
أجاب أحد المتظاهرين: "أنا نفسي فلسطيني". صرخ فليشمان مجدداً: "سأخبرك إذاً أنني لن أدعمك أبداً. أقول لك في وجهك: وداعاً لفلسطين".
في الوقت نفسه، في العام الماضي، تعرضت جايابال للتشهير من قبل الجمهوريين واللوم من قبل زملائها الديمقراطيين لأنها أشارت إلى أن إسرائيل -التي ارتكبت لعقود من الزمن انتهاكات لحقوق الإنسان، وصادرت الأراضي وهدمت المنازل، وتحافظ على دولة عسكرية شرطية ضد الفلسطينيين- هي "دولة عنصرية".
تراجعت جايابال عن تصريحاتها بعد الانتقادات، وخصت بالذكر حكومة بنيامين نتنياهو بممارساتها العنصرية بدلاً من ذلك. ومع ذلك، قدم أوغلز وزملاؤه راندي ويبر وجيف دنكان قراراً يسعى إلى توجيه اللوم إلى جايابال بسبب ما قالوا إنه معاداة للسامية، رغم أن القرار لم يذكر حالةً واحدة لقول جايابال أي شيء سلبي عن اليهود.
أما رشيدة طليب، العضو الفلسطينية الوحيدة في الكونغرس، فقد تعرضت للهجوم العام الماضي بسبب دعمها لفعالية لرفع مستوى الوعي حول النكبة. وتصاعدت حملة التشهير بشكل كبير بعد أن تعرضت لانتقادات شديدة –بمساعدة 22 ديمقراطياً– في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن انتقدت الحكومة الإسرائيلية ودعت إلى تحرير فلسطين.
بعض الديمقراطيين انخرطوا في حملة المعاداة للفلسطينيين
وبالمثل، تعرضت إلهان عمر لتدقيقٍ مستمر من قبل حزبها بسبب انتقاداتها لإسرائيل -رغم أنها كانت تنتقد باستمرار الحكومات الأخرى التي تنتهك حقوق الإنسان، من المملكة السعودية والصين، إلى السلفادور وروسيا. ومهدت تلك الهجمات الطريق أمام الجمهوريين لطردها من لجنة الشؤون الخارجية في فبراير/شباط الماضي، بعد أن استعادوا السيطرة على مجلس النواب.
هذا كله علاوة على الديمقراطيين الذين أدلوا بأنفسهم بتصريحات معادية للفلسطينيين، من النائب براد شيرمان، الديمقراطي عن ولاية إلينوي، الذي اتهم أمريكياً من أصل فلسطيني بـ"محاولة قتل كل يهودي"، إلى النائب دان غولدمان، الديمقراطي عن ولاية نيويورك، الذي تعمَّد تقليص عدد القتلى من الأطفال الذين قضوا نحبهم في غزة.
وبعيداً عن إصرار السيناتور عن ولاية بنسلفانيا جون فيترمان المستمر على دعم حملة القتل الجماعي للمدنيين التي تشنها إسرائيل دون قيد أو شرط، فقد قام مراراً بالتشهير بالمتظاهرين الذين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة أو حشد الناخبين ضد سياسة بايدن في غزة.