- المعدات الأمريكية باهظة الثمن لم تفلح في وقف هجمات الحوثيين
- قائد أسطول حاملة الطائرات أيزنهاور يعترف بالإخفاق الأمريكي أمام الحوثيين
- هجمات الحوثيين تراجعت ولكنهم قادرون على الاستمرار بالتركيز على المسيرات
- وصناعة الملاحة الدولية تهرب بعيداً
- الحوثيون غيروا تكتيكاتهم وباتوا يهاجمون سفن التحالف مباشرة
- المهمة جديدة بالنسبة للطيارين الأمريكيين.. والحوثيون بارعون في التعامل مع الغارات
- هل تتطور المعركة بين أمريكا والحوثيين إلى حرب برية؟
- لا بوادر على أن إيران ستتوقف عن دعم الحوثيين
- الحوثيون يستعدون للتصدي لأي غزو أمريكي
لقد فقدت البحرية الأمريكية فعلياً الهيمنة المطلقة على البحر الأحمر في مواجهة الحوثيين، هكذا وصف تقرير لموقع the Defense Post شكل المعركة بين أمريكا والحوثيين في الوقت الحالي.
وفسر الموقع المتخصص في الشؤون الدفاعية ذلك بأن بالطريقة الأمريكية الحالية في الحرب التي تنطوي على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار من مواقع بعيدة لها حدودها، حيث يرى كاتب التقرير غاري أندرسون الذي شغل منصب رئيس الخطط (G-5) لقوة مشاة البحرية الأمريكية المسؤولة عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أن الهجمات الجوية ليست كافية للقضاء على قوة مرنة مثل الحوثيين تخفي أصولها العسكرية بشكل جيد، وهو نفس الخطأ الذي حدث للقوات الأمريكية في فيتنام، ويرى أنه لا يمكن الانتصار في هذه المعارك دون تدخل بري، ولكن هل أمريكا قادرة على تنفيذ ذلك ضد اليمن.
المعدات الأمريكية باهظة الثمن لم تفلح في وقف هجمات الحوثيين
على مدار الأشهر الماضية، لم يتغير كثيراً شكل المعركة بين أمريكا والحوثيين، حيث تنطلق صباح كل يوم تقريباً الطائرات المقاتلة من طراز "إف إيه 18 هورنت"، من على سطح حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" في البحر الأحمر، لمواجهة هجوم آخر للطائرات المسيَّرة أطلقته جماعة الحوثيين اليمنية، ثم تعود المقاتلات، التي تبلغ قيمة الواحدة منها 56 مليون دولار إلى قواعدها بعد بضع ساعات، لكن على كثرة ما بُذل من جهود في التصدي لهذه الهجمة وغيرها، فإنه ما يلبث أن يتبعها هجوم حوثي جديد، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
ورغم المعدات والأسلحة الباهظة الثمن التي أرسلتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لمواجهة الحوثيين، فإنها لم تنجح في وقف الهجمات على سفن الشحن والسفن الحربية، التي يقول الحوثيون إنهم يهاجمونها لأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ونتيجة لذلك لا تزال أكبر شركات الشحن في العالم تتجنب إلى حد بعيد هذا المسار البحري، الذي كان يحمل ذات يوم 15% من التجارة العالمية.
وتبدو المعركة بين أمريكا والحوثيين بلا نهاية قريبة، إلا إذا توقف العدوان الإسرائيلي على غزة كما يقول الحوثيون.
قائد أسطول حاملة الطائرات أيزنهاور يعترف بالإخفاق الأمريكي أمام الحوثيين
قالت وكالة Bloomberg الإخبارية الأمريكية إن نجاح جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران في الصمود أمام أكثر الجيوش تقدماً في العالم هو انتكاسة أخرى لمساعي واشنطن، الرامية إلى الحدِّ من توسع الحرب المتواصلة في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى صراع إقليمي.
أسفرت حملة الحوثيين عن تهديد متزايد للاقتصاد العالمي، فقد انخفض عدد السفن المبحرة عبر جنوب البحر الأحمر بنحو 70% عما كانت عليه في بداية ديسمبر/كانون الأول، وتراجع إبحار سفن شحن الحاويات بنسبة 90% تقريباً، وتوقفت ناقلات الغاز عن الإبحار في المنطقة تقريباً، حسب الوكالة الأمريكية.
وقالت شركة "دروري" البريطانية لاستشارات الشحن، إن الإبحار حول جنوب إفريقيا يُطيل زمن رحلة الشحن نحو أسبوعين، لذا ارتفعت تكلفة إرسال الحاوية من شنغهاي إلى روتردام بنحو ضعف ما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي.
هجمات الحوثيين تراجعت ولكنهم قادرون على الاستمرار بالتركيز على المسيرات
رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على انطلاق حملة التأمين البحري التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، أقرَّ الأدميرال مارك ميغيز، قائد أسطول حاملة الطائرات دوايت دي أيزنهاور، بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا بعد من إنجاز مهمة التصدي للحوثيين، وأن الأمر لا يزال يحتاج إلى مزيد من العمل.
ونقلت "بلومبرغ" عن ميغيز قوله: "نعلم أننا استطعنا تقليص قدراتهم"، ولكنه زعم أن الحوثيين لا يزالون يتلقون من إيران الأموال والأسلحة والمعلومات الاستخبارية مباشرة ومن سفينة تجسس إيرانية تبحر على بعد مئات الكيلومترات فقط من حاملة الطائرات الأمريكية، لذا "لا نستطيع أن نحدد موعداً معيناً لإنجاز المهمة".
ويستند الأدميرال الأمريكي في مزاعمه بشأن تقليص قدرات الحوثيين إلى تباطؤ وتيرة الهجمات، وانصرافهم عن الهجمات بصواريخ كروز إلى هجمات الطائرات المسيَّرة، التي توصف بأنها أقل خطورة، لكن هذا ليس كافياً لتهدئة مخاوف شركات الشحن.
وصناعة الملاحة الدولية تهرب بعيداً
قال رولف هابن يانسن، الرئيس التنفيذي لشركة "هاباغ لويد" الألمانية للشحن البحري، في إحاطة أجرتها الشركة هذا الشهر لإطلاع المستثمرين على أرباحها: "إنه وضع لا يحتمل إلا وجهين لا ثالث لهما، إما أن يكون الإبحار آمناً لنا، وإما أنه ليس كذلك، وما دام أنه ليس آمناً فلن نرسل رجالنا للإبحار عبر البحر الأحمر".
ويرجو هابن يانسن أن تنحسر الاضطرابات في الأشهر القليلة المقبلة أو نحو ذلك، لكنه أقرَّ بأن بعض العاملين في مجال الشحن البحري يخشون أن تستمر المعركة بين أمريكا والحوثيين حتى عام 2025.
في غضون ذلك نقلت "بلومبرغ" عن مسؤول غربي توقعات بأن الحوثيين يستطيعون على الأرجح أن يواصلوا شنّ الهجمات على السفن بوتيرة قريبة من الوتيرة الحالية لعدة أشهر قادمة. وأقرَّ الأدميرال الأمريكي ميغيز بأن الاستخبارات الأمريكية لم تكن تعلم شيئاً في بداية الصراع عن عدد الصواريخ التي يملكها الحوثيون في ترسانتهم.
الحوثيون غيروا تكتيكاتهم وباتوا يهاجمون سفن التحالف مباشرة
في غضون ذلك، قال مسؤولون عسكريون على متن حاملة الطائرات أيزنهاور، إن الحوثيين توقفوا عن استخدام الطائرات المسيَّرة للاستطلاع عالي المستوى، وباتوا يطلقون النار على ارتفاع منخفض عبر المياه لتجنب رصدهم، ويهاجمون سفن التحالف مباشرة.
ورداً على ذلك، لجأ الحلفاء إلى استخدام المقاتلات مثل "إف إيه 18" لضرب الطائرات المسيَّرة بصواريخ جو جو، وإبقائها بعيدة عن السفن، والحفاظ على الأسلحة باهظة الثمن التي تستخدمها السفن للدفاع عن نفسها.
وقال الكابتن كولن برايس، الضابط التنفيذي في السفينة: "هدفنا ألا نخسر معدات، وألا نخسر أفراداً"، "إنها مهمة لا مجال فيها للإخفاق".
المهمة جديدة بالنسبة للطيارين الأمريكيين.. والحوثيون بارعون في التعامل مع الغارات
بالنسبة للطيارين على متن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس أيزنهاور" التي تعمل بالطاقة النووية، فإن استهداف الحوثيين يتطلب منهم تكييف تدريباتهم عالية التقنية مع مهمة جديدة غير متوقعة – وربما مزعجة، حسبما ورد في تقرير لـ"NBC News" الأمريكي.
وقال طيار إف 18 على متن الحاملة يدعى ترافيس كيتنغ: "لم نتدرب للقدوم إلى جنوب البحر الأحمر والقيام بما نقوم به حالياً". "عندما جئنا إلى هنا لأول مرة، كان لدينا الكثير من الأشياء المجهولة".
وأوضح أن من أبرز مهام الطيارين في المعركة بين أمريكا والحوثيين في الوقت الحالي هي: تحديد مواقع مستودعات الأسلحة المخفية وتدميرها في اليمن، وهي دولة تشتهر بتضاريسها الجبلية الوعرة.
ويقول محللون عسكريون إن الحوثيين، الذين قاتلوا التحالف الذي تقوده السعودية لسنوات، بارعون في الصمود في وجه الغارات الجوية.
وقال بلال صعب، زميل مشارك في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، لصحيفة The Financial Times البريطانية: "من الصعب للغاية هزيمة جهة فاعلة غير حكومية، سياسية أو عسكرية، متجذرة وقادرة ومرنة مثل الحوثيين. وهي تتمتع بدعم شعبي محليا وإقليمياً".
هناك عامل آخر من المحتمل أن يعمل لصالح الحوثيين وهو التكلفة التي تتحملها قوات التحالف البحرية للحفاظ على وجودها في المنطقة، ويجعل استمرار المعركة بين أمريكا والحوثيين لفترة طويلة مكلفاً بالنسبة للبحرية الأمريكية.
وقال نيك تشايلدز، زميل بارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "ستواجه كل من البحرية الأمريكية والبحرية الملكية البريطانية ضغوطاً شديدة للحفاظ على التزامهما الحالي إلى أجل غير مسمى، كما أن سفنهما منتشرة بشكل ضئيل للغاية".
هل تتطور المعركة بين أمريكا والحوثيين إلى حرب برية؟
يطالب البعض في الولايات المتحدة بالتصعيد، وهو ما قد يغير شكل المعركة بين أمريكا والحوثيين إلى حرب برية، كما يطالب البعض بالتصعيد ضد إيران.
ولكن احتمالات توسيع المعركة بين أمريكا والحوثيين، تمثل إشكالية لواشنطن، خاصةً خيار شن هجوم بري عليهم، والإشكالية لا تنبع فقط من الطابع المرن لـ"قوات الحوثيين العسكرية" التي نجت من حملة قصف استمرت لسنوات من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، ولكن أيضاً من الجغرافيا اليمنية.
إذ يعد اليمن واحداً من أكبر بلدان العالم وعورة، وتتحصن قوة الحوثيين العسكرية بمواقع جبلية وعرة، وأخفق التحالف العربي على مدار أكثر من خمس سنوات في إضعاف قوة الحوثيين العسكرية، رغم أن لديه مجموعة من أفضل المقاتلات الغربية، وكانت الولايات المتحدة تزوده بالذخيرة والوقود، وفي الأغلب بالمعلومات.
وفي حال تحوُّل المعركة بين أمريكا والحوثيين إلى تدخل بري أمريكي، ستواجه البحرية الأمريكية صعوبة شديدة لإنزال لواء مشاة البحرية واحد؛ حيث لم يعد سلاح مشاة البحرية يمتلك الدبابات أو الجسور الهجومية والقدرة على الاختراق لتنفيذ العمليات العسكرية والحفاظ عليها بعيداً عن رأس الجسر الضيق، حسبما قال غاري أندرسون في موقع the Defense Post، والذي يؤيد فيه من حيث المبدأ مثل هذه التدخلات البرية، ولكن يلمح إلى أن قدرات البحرية الأمريكية لم تعد مؤهلة لها حالياً، وبينما تقاعست عن فعل ذلك خلال حرب فيتنام رغم أنها كانت قادرة على القيام بغزو بري لفيتنام الشمالية، الأمر الذي أدى في النهاية للهزيمة الأمريكية.
لا بوادر على أن إيران ستتوقف عن دعم الحوثيين
ومن جهة أخرى، أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أنه لا بوادر على أن إيران -التي يُقال إن الحوثيين لا يستطيعون مواصلة الهجمات من دون دعمها مدة طويلة- جابهت سبباً يدعوها للتوقف عن دعمها، فصادرات النفط الإيرانية لم تتضرر لأنها تستخدم طريقاً آخر في الغالب، والتحذيرات الأمريكية لطهران لم تؤت أكلها حتى الآن.
وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي في 7 مارس/آذار، إن "إيران لم ترتدع عن دعم الحوثيين. ولا بد من أن تدفع طهران ثمناً لذلك"، وزعم أن الحوثيين "لا يسعهم إلا جمع الأشياء وتركيبها"، فهم لا ينتجون أسلحتهم و"لا ينتجون منظومات الملاحة التي تعمل بالقصور الذاتي، ولا يصنعون محركات صواريخ باليستية متوسطة المدى. ولا يحسنون إتمام مراحل إنتاج الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، ولا صواريخ كروز المضادة للسفن".
وتزعم مصادر أمريكية مطلعة على الاستخبارات الميدانية أن القائد الإيراني البارز، عبد الرضا شهلائي، هو الذي أشرف على أولى هجمات الحوثيين من داخل اليمن في أكتوبر/تشرين الأول، وقد أعلنت الولايات المتحدة عن تخصيص مبلغ 15 مليون دولار لمن يقدم معلومات عن شهلائي بعد اتهامه بتدبير هجمات تسببت في مقتل أمريكيين في المنطقة. وزعمت مصادر أخرى أن شهلائي هو القائد الفعلي لقوات الحوثيين المسؤولة عن هجمات الطائرات المسيَّرة والصواريخ.
وقال جون ميلر، القائد السابق للأسطول الخامس الأمريكي، إننا "في مرحلة تتمتع فيها إيران بنفوذ، إن لم تكن سيطرة استراتيجية، على ثلاثة من أبرز مضايق التحكم الاقتصادية الستة في العالم؛ قناة السويس شمال البحر الأحمر، ومضيق باب المندب جنوباً، ومضيق هرمز".
وقال مسؤول عسكري أمريكي إن الولايات المتحدة قادرة على تحمل تكاليف هذه الحملة، لكنها أصبحت باهظة الثمن.
في المقابل، أقرَّت إيران بدعم الحوثيين، لكنها تقول إنها لا تسلحهم، وإنهم يتخذون قراراتهم بأنفسهم.
وعلى الرغم مما يتعرض له الحوثيون من هجمات تكاد تكون يومية على قواعدهم، فقد حظيت الجماعة اليمنية باهتمام عالمي؛ وتصدرت الصفوف الأمامية للمقاومة العربية في مواجهة الحرب الإسرائيلية على غزة؛ وارتفع شأنها لدى الرعاة في طهران، حسب وصف التقرير.
الحوثيون يستعدون للتصدي لأي غزو أمريكي
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الحوثيين أجروا هذا الشهر مناورة عسكرية يُحاكون فيها التصدي لقوات أمريكية وبريطانية برية، وتعهَّد قادة الجماعة بالتصدي لأي هجوم.
ومع ذلك، قالت وكالة "بلومبرغ" إن الهجمات من هذا النوع مستبعدة، إذ تأبى الولايات المتحدة وحلفاؤها الحديث عن أي عمليات إنزال عسكرية في اليمن حتى الآن.
ومع ذلك، نقلت الوكالة الأمريكية عن مسؤولين غربيين قولهم إن الولايات المتحدة ستضطر إلى الرد بقوة إذا أسفرت هجمة للحوثيين عن مقتل قوات أجنبية، وقد يكون المستوى التالي من التصعيد هو اغتيال قادة حوثيين.