يُنظر إلى الطائرة الروسية قاذفة القنابل توبوليف-95 على نطاق واسع باعتبارها أنجح قاذفة قنابل أنتجها الاتحاد السوفييتي، وكانت رمزاً دائماً للطائرات السوفييتية البارعة ذات المحركات التوربينية. فما هي هذه الطائرة التي ظلت تثير قلق الأمريكيين على الدوام ولا تزال تخدم في القوات الجوية الروسية؟
ما هي قاذفة القنابل توبوليف-95 الروسية؟
تعتبر توبوليف-95 أو التي يسميها الناتو "بير Bear"، قاذفة قنابل استراتيجية ضخمة ذات أربعة محركات عنيفة من تصميم مكتب توبوليف في الاتحاد السوفييتي. دخلت الخدمة عام 1956 وما زالت تخدم في القوات الجوية الروسية حتى الآن ويتوقع أن تظل في الخدمة حتى عام 2040.
واختار مصممو الطائرة المهيبة توبوليف-95 في خمسينيات القرن الماضي تكوين المحرك التوربيني بدلاً من مجموعة المحركات النفاثة؛ لأن المصممين السوفييت لم يصدقوا أن محركاتهم النفاثة الأصلية يمكنها الوصول بالطائرة إلى الحد الأدنى من مدى 10 آلاف كيلومتر.
وسمحت المحركات التوربينية للطائرة بالتحليق لمسافة تزيد على 13 ألف كيلومتر. وجعلت هذه القدرة الطائرة تشكل تهديداً فعالاً باعتبارها قاذفة قنابل استراتيجية يمكن استخدامها ضد الولايات المتحدة، كما تقول مجلة National Interest الأمريكية.
ودخلت الطائرة توبوليف-95 الخدمة عام 1956، وتواصِل العمل في القوات الجوية الروسية حتى اليوم. وشهدت توبوليف-95 القتال ضد جماعة داعش في عام 2015، حيث قاتلت كجزءٍ من الحملة العسكرية الروسية في سوريا لدعم بشار الأسد. ويعتزم مخططو الحرب الروس إبقاء الطائرة توبوليف-95 في الخدمة لـ16 عاماً آخر كما ذكر.
ورغم أنها صُمِّمَت لتكون قاذفة قنابل، فقد كان أعظم مساهمة لهذه الطائرة في الكتلة الشرقية طوال الحرب الباردة هو أنها كانت بمثابة منصة مراقبة إلكترونية. اليوم، يمكن لطراز توبوليف-95 كيه أن يحمل ويطلق صاروخ كروز النووي الروسي خا-20، ما يجعلها تهديداً فتاكاً للغاية نظراً لمداها وقدرتها على حمل وإطلاق الحمولة.
نظام طائرة توبوليف قديم بالتأكيد ولكن قدراتها لا تزال مرعبة
وفقاً لسيباستيان روبلين، فإن قاذفة القنابل الشهيرة التي تعود إلى الحقبة السوفييتية لا تضاهي الدفاعات الجوية الحديثة. ولا تستطيع هذه الطائرة التعامل مع هجوم من الطائرات الاعتراضية الحديثة.
ولكن هذا هو بالتحديد ما يمكن أن تلعب فيه القدرة على إطلاق صواريخ كروز دوراً حيوياً بالنسبة لطائرات توبوليف-95 اليوم. إنها في الأساس شاحنات صواريخ طويلة المدى يمكنها الاشتباك مع الأعداء من مسافة بعيدة، ما يلغي فاعلية الدفاعات الجوية وتهديد الصواريخ الاعتراضية.
تتواجد طائرة توبوليف-95 اليوم في أنظمة الدفاع الجوي في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية. في عام 2014، وصلت قاذفة قنابل من طراز توبوليف-95 إلى مسافة 50 ميلاً من ساحل كاليفورنيا في 4 يوليو/تموز 2023. وأجرت طائرات القوات الجوية الأمريكية اعتراضاً احترافياً.
وتتعرج الطائرة توبوليف-95 بشكل روتيني بالقرب من ألاسكا. في القطب الشمالي، خصصت روسيا قدراً كبيراً من الموارد والوقت لتتبوأ القوة المهيمنة في أقصى الشمال. ويُعَد نشر طائرات توبوليف-95 ضد ألاسكا نتيجة ثانوية حتمية لهذا التركيز الجديد.
كم عدد قاذفات القنابل توبوليف-95 وما نظيرها لدى الأمريكيين؟
يوجد ما يقرب من 55 طائرة من طراز توبوليف-95 في الخدمة في القوات الجوية الروسية اليوم. وتقول المجلة الأمريكية غالباً ما تُقارَن هذه الطائرة بقاذفة القنابل الأمريكية بي-52 ستراتوفورتريس، نظراً لمهمتها المشابهة في حقبة الحرب الباردة، وقدرة حمولتها الثقيلة، وما لديها من متغيرات متعددة خدمت لعقود من الزمن مع العديد من العقود القادمة من الخدمة.
لكن أحد المجالات التي تختلف فيها الطائرة توبوليف-95 عن الطائرة بي-52 هي مجال الدفاع عن النفس. يوجد قسم للمدفعية الخلفية، تماماً مثل قاذفات القنابل القديمة في الحرب العالمية الثانية، للمساعدة في إبقاء الطائرة الحربية تطير في ساحة معركة متنازع عليها.
صممت لتقذف القنابل النووية
وكنظيرتها الأمريكية، بي-52 ستراتوفورتريس، ما زالت توبوليف-95 تخدم في القوات الجوية الروسية بينما تقاعدت عدة قاذفات أخرى أتت بعدها. ومن أهم أسباب طول عمر الطائرتين هو مواءمتها للظروف وقابليتها للتعديل لتمارس عدة مهام مختلفة.
صممت توبوليف-95 أساسا لتقذف القنابل النووية، ولكن عدلت بعد ذلك لتؤدي عدة مهام، مثل إطلاق صواريخ كروز، الجولات البحرية (التوبوليف تي يو-142)، وحتى عدلت لتكون طائرة ركاب مدنية (التوبوليف تو-114). كما طورت نسخة أواكس (التو-126) من توبوليف تو-114. خلال وبعد الحرب الباردة، تم التغطية على دور التو-95 العسكري باستخدامها كوسيلة ضغط دبلوماسي بشكل أكبر.
ومع ذلك، فإن توبوليف-95 قديمة وصاخبة. ولكنها تنجز المهمات، مثل بعض أفضل منصات الأسلحة الروسية. ومحركات الطائرة بعيدة المدى وقدرتها على حمل كميات هائلة من الذخائر تجعلها سلاحاً عظيماً للروس، بعد عقود من نشر القاذفة لأول مرة. في النهاية، لا ينبغي للأمريكيين ولا الأوكرانيين التقليل من شأن هذه الطائرة الحربية الاستراتيجية المرعبة.