جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام خطر تعرضه لخسائر استراتيجية في غزة، رغم تحقيقه بعض الانتصارات التكتيكية، حسب صحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية، التي كشفت لماذا لن يستطيع جيش الاحتلال هزيمة حماس.
فرغم التدمير الذي ألحقته إسرائيل بقطاع غزة، يقول تقرير للصحيفة إنه حتى الآن، كل انتصار تكتيكي قد ينتهي به الأمر إلى خسائر استراتيجية.
إذ تزعم أن الجيش الإسرائيلي حقق السيطرة العملياتية على شمال غزة بحلول أوائل يناير/كانون الثاني، وعلى جنوب ووسط غزة (باستثناء رفح وقسم صغير في وسط غزة) بحلول فبراير/شباط.
ولكن حتى قبل ذلك، بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، كان جيش الاحتلال قد استولى على الأجزاء الأساسية من مدينة غزة، بما في ذلك مراكز قيادة رئيسية لحماس.
وبحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول، كان هناك انخفاض حاد في إطلاق الصواريخ الفلسطينية، مع اقتحام جيش الاحتلال جنوب ووسط غزة.
منذ منتصف يناير/كانون الثاني، كان إطلاق الصواريخ متقطعاً، مع عدم إطلاق أي صواريخ على الإطلاق على مدى أيام طويلة. لكن الصواريخ استؤنفت إلى حد ما في الأيام الأخيرة.
نفذ الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع عملية اقتحام ثانية في مستشفى الشفاء، أسفرت عن مقتل 90 شخصاً وأسر 160 مواطناً فلسطينياً أُرسِلوا للخضوع لمزيد من التحقيق.
تتساءل الصحيفة: هل يمكن أن نسمّي هذا تقدماً استراتيجياً؟
لهذه الأسباب لن يستطيع الجيش الإسرائيلي هزيمة حماس
إذا لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من وقف إطلاق الصواريخ بشكل دائم، وإذا عادت حماس حتى لو بعد عدة أشهر من الآن، أو تمكنت من إطلاق النار مرة أخرى وإعادة بناء قواتها، فإن الرسالة ستكون أن "السيطرة العملياتية" لا توقف إطلاق الصواريخ ولا تمنع حماس من الحفاظ على نفسها باعتبارها القوة المهيمنة في غزة.
سوف يظل جيش الاحتلال يتمتع بقوى أكبر من حماس، ولكن إلى متى قبل أن يُرهَق العالم والمجتمع الإسرائيلي من "حرب أبدية" جديدة تترتب عليها مثل هذه الخسائر باهظة الثمن؟
وتقول الصحيفة إنه إذا تابعنا تصريحات الحكومة الإسرائيلية وكبار ضباط جيش الاحتلال، فإن "الحرب الرئيسية" كانت ستنتهي في منتصف يناير/كانون الثاني، وبحلول هذا الوقت كان يزعم جيش الاحتلال أنه سيحقق هدفه بـ"هزيمة حماس" والقضاء عليها.
وتتابع الصحيفة قائلة: "لكن إذا استمرت الصواريخ في الهطول واستمرت حماس في تعبئة نفسها، وإذا لم يكن لدى إسرائيل حتى الآن خطة بشأن الجهة التي ستسلم غزة إليها، فما هي النقطة التي سيقرر عندها الرأي العام الإسرائيلي أن "النصر المطلق"، أو حتى النصر بدون صواريخ، لا يمكن تحقيقه؟
حتى لو قبلت حماس بهدنة وليس وقفاً دائماً لإطلاق النار فإنها ستستعيد عافيتها
وتتعقد هذه المناقشة بسبب صفقة إطلاق الأسرى المحتملة مع وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 40 إلى 45 يوماً. وهذا يعني عدم إطلاق الصواريخ لمدة ستة أسابيع تقريباً.
وهذا يعني وقف إطلاق الصواريخ لمدة شهر ونصف (وعودة بضع عشرات من الأسرى)، ولكن لا توجد دلائل تشير إلى أن حماس على استعداد للتخلّي عن حكمها في غزة (وهو الهدف الذي تجعله إسرائيل مكافئاً لمفهوم هزيمة حماس.
فهل يعني هذا أنه إذا لم توافق إسرائيل على شروط حماس في نهاية الهدنة المؤقتة أن إسرائيل سوف تتلقى ارتفاعاً حاداً في إطلاق الصواريخ إذا انهار الاتفاق، رغم "السيطرة العملياتية" لجيش الاحتلال؟
وتتساءل الصحيفة اليمينية بطريقة يبدو فيها تحريض على رفض صفقة الأسرى: "ألن تتمكن حماس من الاستمرار في إطلاق الصواريخ لفترة أطول، أو لن تتمكن من خوض المزيد من المعارك بعد أن يكون أمامها 40-45 يوماً للتعافي؟".
لا يوجد طرف ثالث لديه الاستعداد لدخول غزة في ظل استمرار قوة حماس
وأيضاً، لماذا يفكر أي طرف ثالث بجدية في دخول غزة لمحاولة إدارتها بشكل أكثر سلمية، عندما يعلمون أن حماس لم يُقضَ عليها وأن إسرائيل لم تستطع هزيمة حماس؟
تزعم الصحيفة أنه ليس هناك شك في حدوث بعض الإنجازات الإسرائيلية، حسب وصفها؛ إذ تتوقع أن حماس لن تكون قادرة على غزو إسرائيل مرة أخرى لفترة من الوقت؛ كما أنها لن تكون قادرة على التهديد بإطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ على إسرائيل في المستقبل المنظور.
لا يوجد نهاية دائمة للصواريخ ولن تتمكن إسرائيل من خلق بديل لحماس
لكن في المقابل، لن يتهم إنهاء إطلاق الصواريخ بشكل كامل خلال فترة زمنية معقولة؛ وخلق اتجاه وزخم لا تستطيع فيه حماس إعادة تشكيل قوات كبيرة بسرعة وأن تقتصر على خلايا صغيرة غير منسقة من المقاتلين.
كما يبدو أنه ليس هناك فرص لنجاح أي محاولة خلق طرف ثالث ليحل محل حماس في مجالات توزيع الغذاء، والسيطرة على القطاع، وكذلك يبدو أن مصير فكرة استئصال زعامة حماس مصيرها الفشل.
ويبدو أن هناك من يتخيل في الجيش الإسرائيلي أن القضاء على البنية التحتية المدنية لحماس من شأنه أن يجعل خيار الحكم الإسرائيلي العسكري لغزة أكثر قبولاً، ولكن يبدو أنهم واهمون، حسبما ورد في تقرير لموقع Mekomit الإسرائيلي.
كانت إسرائيل تريد نقل مسؤولية إدارة الأزمة الإنسانية إلى جهات "غير سياسية" كالعشائر، لكنها تكتشف في الحقيقة أن هذا وهم.
وتقول صحيفة Jerusalem Post في ختام تقريرها في تعليق لها على صعوبة هزيمة حماس "إنه من المؤسف أن إسرائيل ستظل تحاول استئصال الهزيمة من بين فكي النصر".