أكد الجيش الروسي مؤخراً تدميره منظومة هيمارس M142 HIMARS الصاروخية الأمريكية الصنع في أوكرانيا، يوم 6 مارس/آذار 2024، بواسطة صاروخ إسكندر بالقرب من قرية نيكانوريفكا، في مقاطعة أوبلاست دونيتسك. وقد أثرت منظومة هيمارس الصاروخية، القادرة على توجيه ضربات دقيقة، بشكل كبير، على القوات الروسية خلال الأشهر الماضية من المعارك الطاحنة.
وصوّرت القوات الروسية عملية تدمير منظومة هيمارس الصاروخية متعددة الإطلاق، بواسطة طائرة استطلاع بدون طيار، حيث تم قصفها بعد نقل إحداثياتها للقيادة، بواسطة صاروخ إسكندر الروسي Iskander OTRK، فيما أكد الأوكرانيون تدمير منظومة هيمارس لأول مرة، من خلال قصفها والتفجير الثانوي للذخيرة التي رصدتها طائرة الاستطلاع بدون طيار.
لماذا تعد منظومة هيمارس الأمريكية هدفاً عالي القيمة؟
تقول مجلة The National Interest الأمريكية إنه منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية أحدثت منظومة هيمارس الصاروخية، القادرة على تنفيذ ضربات دقيقة بصواريخها، تأثيراً كبيراً على القوات الروسية، حيث استهدفت مواقع الجنود والمدفعية والدفاع الجوي، ولا شك أن خسارة الراجمة المقدمة من قبل الجيش الأمريكي، من بين 39 راجمةً تسلّمتها أوكرانيا، تُثير التساؤلات حول كيفية رصدها واستهدافها وسحقها.
وتسلّط الخسارة أيضاً الضوءَ على فاعلية الاستخبارات الروسية أيضاً. ورغم ذلك من المستبعد أن تؤدي هذه الخسارة إلى تغيير كبير في مسار الحرب، بالتزامن مع المخاوف حيال توافر الذخيرة لما تبقّى من راجمات هيمارس مستقبلاً، في ظل الجدل التشريعي الأمريكي حول مسألة استمرار الدعم المقدم لأوكرانيا، كما تقول المجلة الأمريكية.
وزعم الكرملين في أكثر من مناسبة أنه دمّر راجمات هيمارس إم142 داخل أوكرانيا. وكانت كافة المزاعم السابقة مشككاً بها من قِبل الأمريكيين، حتى وقوع الحادثة الأخيرة بواسطة صاروخ إسكندر.
وتُعَدُّ راجمة هيمارس من الأهداف عالية القيمة لأسباب منطقية، حيث تقول مجلة Forbes الأمريكية إن منظومة هيمارس استهدفت القوات الروسية أثناء اصطفافها للتفتيش في ثلاث مناسبات خلال أسبوع واحد الشهر الماضي، بعد أن تمركزت ضمن نطاق صواريخ الراجمة الستة من طراز إم30/31، التي يبلغ مداها 91 كلم.
وينشر كل صاروخ من تلك الصواريخ 182,000 كرة "تنجستن" تشبه رصاصات الشوزن العملاقة، حيث أسفرت الضربات السريعة على العروض العسكرية عن مقتل نحو 100 جندي روسي كما تقول المجلة الأمريكية، بالإضافة إلى العديد من ضباطهم. وعلاوةً على تفجير تشكيلات القوات، تستهدف هيمارس كذلك المدفعية ومقرات القيادة ومستودعات الإمدادات الروسية. كما سبق استخدام هيمارس في قصف القواعد الجوية ومواقع الدفاع الجوي الروسية أيضاً.
راجمة هيمارس إم 142- السلاح الذي تكرهه روسيا
تم تطوير راجمة هيمارس لتحمل منصة إطلاق تحتوي على ستة صواريخ موجهة من طراز نظام إطلاق الصواريخ المتعدّد، أو صاروخ واحد من طراز منظومة صاروخ الجيش التكتيكي (أتاكمز). وهي منصة لـ"إطلاق النار ثم الفرار"، أي إنها تستطيع الوصول إلى موقع الإطلاق المُختار لتضرب حمولتها، ثم تتحرك مُبتعدةً قبل أن ينجح العدو في الرد بنيرانه.
وبناءً على نوعية الذخيرة، يتراوح مدى راجمة هيمارس أمريكية الصنع التي تُنتجها شركة Lockheed Martin بين 9 كلم إلى 482 كلم. ويستطيع الطاقم المُدرَّب أن يُعيد تعبئتها بالذخيرة في فترة تتراوح بين 4 و5 دقائق، وذلك بمساعدة الرافعة المدمجة. بينما تحمل شاحنة الإمداد التكتيكية المتوسطة إم كيه-37 صواريخ إعادة التعبئة على متنها وترافق الراجمة. وتنص العقيدة القتالية الحالية على تفريغ فتحات الصواريخ في مواقع مختلفة بطول طريق محدد مسبقاً.
كيف تم استهداف راجمة هيمارس؟
لن تؤدي خسارة منظومة هيمارس واحدة إلى تغيير مسار الحرب، لأن أوكرانيا حصلت على 39 راجمة أخرى، كما تقول مجلة ناشونال إنترست الأمريكية. لكن التساؤلات بدأت تطرح نفسها بالفعل حول كيفية نجاح القوات الروسية في استهداف راجمة هيمارس. إذ تُطلق الراجمة النيران عادةً، ثم تنتقل إلى مواقع جديد لإعادة التعبئة، وهي ممارسة تساعدها في تفادي نيران البطاريات المضادة.
وأسفرت هذه الخسارة عن منح موسكو انتصاراً آخر، حيث جاءت بعد أيامٍ من تدمير ثالث دبابة قتال رئيسية أمريكية من طراز إم1 أبرامز. ودعا رومان كوستينكو، أمين لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني، إلى فتح تحقيق في الحادث.
لكن فرص نجاح روسيا في استهداف منظومة هيمارس أخرى قد تكون محدودة، إذ سيتعامل الأوكرانيون بحذر أكبر أثناء استخدام الراجمة مستقبلاً، كما أن إمداد الذخيرة الخاصة بالمنصة قد تعطّل نتيجة جدل المشرعين الأمريكيين حول استمرار الدعم لأوكرانيا. وبحسب مجلة فوربس، من المرجح أن ذخيرة هيمارس الأوكرانية ستنفد قبل أن تتمكن روسيا من تدمير جميع الراجمات.