أثار افتتاح أول فرع لمطاعم شيك شاك في إسرائيل جدلاً واسعاً، لتنطلق دعوات لمقاطعة سلسلة المطاعم التي تملك فروعاً عدة بدول عربية.
حدث ذلك لسببين؛ الأول أنه تزامن مع حدوث وفيات في غزة جوعاً بينما تستمر الحرب الإسرائيلية، والسبب الآخر أن الافتتاح تم "في صمت"، إذ لم تتم الدعاية له أو لخطط التوسع، رغم أنه الفرع الأول للسلسة الأمريكية في إسرائيل، وربما حدث ذلك بسبب المخاوف من حملات المقاطعة التي تستهدف شركات لها أفرع في إسرائيل أو تدعمها.
افتتاح شيك شاك في إسرائيل في "صمت"
ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن افتتاح أول مطاعم شيك شاك في إسرائيل لم يعلن عنه وظلت سلسلة المطاعم "صامتة بشكل شبه كامل" عن خطة التوسع في إسرائيل.
أشار تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن سلسلة المطاعم الأمريكية وفرعها الجديد في تل أبيب "لم ينشروا أي إعلانات عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول خطط التوسع بعد الإعلان الأصلي".
عملية الافتتاح ظلت "متواضعة بشكل متعمد"، كما وصفتها الصحيفة الإسرائيلية التي حاولت التواصل مع مسؤولي فرع الشركة في إسرائيل لمعرفة السبب، ولكنها رفضت طلبات متكررة لإجراء مقابلة.
يقول موقع Middle East Eye البريطاني إن شيك شاك (Shake Shack) افتتح في تل أبيب في 5 مارس/آذار 2024، وقالت إنه جاء في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وزارة الصحة في غزة أن 18 شخصاً ماتوا نتاج الجوع الذي يعصف بأهالي القطاع المحاصر.
فيما أشارت صحيفة Times of Israel إلى بدء المطعم تقديم وجباته للجمهور قبل أيام من ذلك التاريخ، وتحديداً في 27 فبراير/شباط 2014، الذي وافق تاريخ انتخابات البلدية والتي أُجلت مرتين مع الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد غزة لشهرها الخامس على التوالي.
"افتتح الفرع الأول بجوار مركز (ديزنغوف) في الشارع الحيوي في تل أبيب، حيث توجه الإسرائيليون المؤهلون للتصويت في الانتخابات البلدية"، هكذا أشارت الصحيفة الإسرائيلية حينما تحدثت عن اصطفاف الإسرائيليين لشراء الطلبات من مطعم الوجبات السريعة الجديد.
وجبات شيك شاك في إسرائيل: "أغلى ولا تلائم الشريعة اليهودية"
الصحف الإسرائيلية أشارت إلى الوجبات التي يقدمها سلسلة المطاعم الأمريكية في فرعها الجديد بتل أبيب، والتي شملت برغر الدجاج الذي اعتبروه لا يلائم الشريعة اليهودية.
إذ قالت Times of Israel إن "فرع إسرائيل لا يلبي المتطلبات الغذائية للشريعة اليهودية، ولكنه يقدم خيار البرغر النباتي المصنوع من فطر (شروم بورتوبيللو)".
شملت الوجبات المشار إليها أيضاً برغر اللحم بالجبن والنقانق أو الـ "هوت دوغ"، والبطاطا المقلية، بالإضافة إلى البيرة والنبيذ ومخفوق الحليب والآيس كريم. وقالت الصحف الأمريكية إن القائمة "محدودة" مقارنة بالعروض المقدمة في الفروع بالولايات المتحدة وأماكن أخرى.
قارنت الصحف الإسرائيلية الأسعار أيضاً، معتبرة أنها أغلى في فرع تل أبيب من فرع نيويورك. وقالت إن برغر الجبن في شيك شاك تل أبيب بـ 39 شيكل (10.81 دولار)، بينما سعره في الولايات المتحدة 8.37 دولار.
أما برغر الجبن المزدوج بـ 51 شيكل (14.13 دولار) في تل أبيب مقابل 11.42 دولار في نيويورك.
هل السبب دعوات المقاطعة؟ لكن هذا لم يمنعها على كلٍّ
الصحف الإسرائيلية أشارت إلى توقيع شيك شاك اتفاقية مع هاريل ويزل، الرئيس التنفيذي لمجموعة "فوكس" المحدودة (Fox Ltd) للأزياء ومتاجر البيع بالتجزئة الإسرائيلية، ومشغل مجموعة المطاعم "يرزين سيلا" (Yarzin Sella) لإنشاء وتشغيل مطاعم البرغر في إسرائيل.
قالت أيضاً أنه جاء في خضم إعلان السلسلة التي يقع مقرها في نيويورك، في أبريل/نيسان 2023، عن خطط افتتاح 15 فرعاً في أنحاء العالم.
حتى مع التوقيت الذي أشارت له الصحف الإسرائيلية لتوقيع التعاقد، لكن يبدو أن الافتتاح نفسه لم يأخذ أي زخم يذكر، وأن الشركة فضلت -بشهادة الصحف الإسرائيلية ذاتها- أن يظل الافتتاح محلياً ومحدوداً، وربما يكون السبب في ذلك هو التخوف من حملات المقاطعة التي قد تلحق بالشركة الأم.
إذ تنشط حركة مقاطعة الشركات الإسرائيلية أو الداعمة لإسرائيل في خضم الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة؛ حيث قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 30 ألف فلسطيني، وأصاب ما يتجاوز الـ 72 ألفاً، فيما نزح معظم سكان القطاع.
على سبيل المثال لا الحصر؛ شركة "ماكدونالدز" الأمريكية التي قام فرعها في إسرائيل بتوزيع وجبات طعام مجانية على عناصر الجيش الإسرائيلي خلال العدوان الحالي، تعرضت لحملة مقاطعة وصلت أصداؤها لدول عربية وإسلامية وأوروبية ودعمتها أيضاً حركات المقاطعة الرسمية مثل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS).
وقد كبَّد ذلك الشركة خسائر أقرت بها مؤخراً، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، كريس كيمبزينسكي، إن الحرب الإسرائيلية كانت عاملاً لعدم تحقيق عملاق الوجبات السريعة هدف مبيعاته الفصلي الأول منذ ما يقرب من أربع سنوات.
"طالما أن هذا الصراع، وهذه الحرب، مستمرة… فإننا لا نتوقع أن نرى أي تحسن كبير في هذا الأمر. إن ما يحدث مأساة إنسانية، وأعتقد أن هذا يؤثر على العلامات التجارية مثل علامتنا" – الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز كريس كيمبزينسكي
فيما اعتبر الحرب ذات تأثير "مثبط" على المبيعات في دول الشرق الأوسط وغيرها من الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل ماليزيا وإندونيسيا، وذلك بحسب ما نقلته النسخة الإنجليزية لموقع"الجزيرة".
ومع بدء معرفة خبر افتتاح مطعم شيك شاك في إسرائيل، بدأت دعوات المقاطعة تنطلق على الإنترنت لتشمله أيضاً، خصوصاً أن سلسلة المطاعم الأمريكية تملك أفرعاً في دول عربية ودول بالشرق الأوسط.
تنتشر الأفرع في الإمارات (دبي، وأبوظبي)، والسعودية (الرياض، وجدة)، وقطر (الدوحة)، والبحرين (المنامة)، والكويت، وسلطنة عُمان (مسقط)، وتركيا (إسطنبول)، حسب الموقع الرسمي لـ"شيك شاك".
تعليقات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي طالبت بإغلاق الفروع في العالم العربي مع افتتاح فرع شيك شاك في إسرائيل في وقت تستمر فيه الإبادة الجماعية.
فيما قال مستخدم آخر إن قائمة الفرع الجديد تشمل "مخفوق بدماء الأبرياء" و"برغر الجائعين". بينما دعا مستخدمون عرب وأجانب إلى مقاطعة المطعم الشهير وتجربة بدائل محلية.
بينما تتفاقم المجاعة في غزة..
خصوصاً أن افتتاحه يأتي أيضاً وسط مخاوف منظمات الإغاثة الدولية بشأن خطر المجاعة في غزة، واستخدام إسرائيل للجوع كسلاح وللعقاب الجماعي ضد أكثر من 2.2 مليون فلسطيني.
"أطفال غزة الذين نجوا من القصف الإسرائيلي قد لا ينجون الآن من المجاعة" – المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس
فيما اتهمت وزارة الصحة في غزة إسرائيل بتجويع آلاف الأشخاص في شمال غزة "عمداً"، وقالت في بيان صادر الأربعاء 6 مارس/آذار إن "المجاعة تتفاقم وستودي بحياة الآلاف إذا لم يتوقف العدوان ويتم إدخال المساعدات الإنسانية والطبية على الفور".
إذ قطعت إسرائيل جميع إمدادات الوقود والغذاء والكهرباء والمياه والمساعدات عن غزة، منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما تتعنت في إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، بينما تستمر في قصفها وتوغلها البري.
عن مطعم شيك شاك
يُذكر أن شيك شاك بدأ بعربة نقانق أو "هوت دوغ" في ميدان "ماديسون سكوير بارك" (Madison Square Park) بمدينة نيويورك عام 2001.
لكنه سريعاً ما اكتسب شعبية كبيرة ليفتتح سلسلة مطاعم في الولايات المتحدة وخارجها، إذ يتجاوز عدد أفرعه الـ 60 حول العالم، فيما تخطط للتوسع لـ 400 فرع، بحسب موقع شركة التصميم البريطانية Pentagram.