أعلنت أوكرانيا أنها انسحبت من مدينة أفدييفكا الشرقية، وهي مدينة استراتيجية تعرضت لهجمات متكررة من روسيا والموالين لها في العقد الماضي. وإليك ما تحتاج إلى معرفته.
ما أهمية مدينة أفدييفكا الأوكرانية لروسيا؟
تقع أفدييفكا على بعد 15 ميلاً (24 كم) من العاصمة الإقليمية دونيتسك، التي تحتلها روسيا، وهي جزء من منطقة أوكرانية كبيرة حاولت روسيا الاستيلاء عليها بالهجمات المباشرة والهجمات بالوكالة، بحسب صحيفة The Washington Post الأمريكية.
في عام 2014 غزا الانفصاليون الموالون لروسيا مدينة أفدييفكا واستولوا عليها لفترة وجيزة، واستعادت القوات الأوكرانية السيطرة على المدينة وحصّنتها، لكن القتال استمر، وأدى تفاقم العنف عام 2017 إلى التسبب في أزمة إنسانية فيها، واليوم تم تدمير جزء كبير منها. وذكرت وكالة أسوشيتد برس نقلاً عن مسؤولي المدينة أن عدد سكان أفدييفكا قبل الحرب، الذي كان يزيد عن 30 ألف نسمة، تقلّص إلى حوالي 1000 نسمة. وذكرت رويترز أن معظم السكان المتبقين يعيشون تحت الأرض.
تتمتع أفدييفكا بقيمة استراتيجية ولوجستية لموسكو. وقالت وزارة الدفاع الروسية، يوم السبت 17 فبراير/شباط، إن السيطرة على أفدييفكا ستدفع خط المواجهة في الحرب بعيداً عن مدينة دونيتسك، ما سيصعّب على أوكرانيا محاولات استعادتها.
وسيعزز الانسحاب الأوكراني أيضاً الروح المعنوية للروس قبل الذكرى السنوية الثانية للحرب، في 24 فبراير/شباط، وسيعزز المخاوف بشأن تضاؤل الإمدادات العسكرية والأفراد في أوكرانيا.
ما أهمية الحدث في تحديد القوة الدفاعية للطرفين؟
قال معهد دراسات الحرب إن تقدم روسيا في أفدييفكا يسلط الضوء على أهمية الدفاعات الجوية؛ إذ تمكنت روسيا في الأيام الأخيرة من هجومها، من تقديم "دعم جوي قريب" لقواتها على الأرض، بحسب المعهد.
ونقلاً عن مسؤولين عسكريين وجنود أوكرانيين، قال المعهد إن القوات الروسية أطلقت أعداداً كبيرة من القنابل الانزلاقية على أجزاء من المدينة. وهذه القنابل عبارة عن قنابل طائرات معدلة بأجنحة لا تستطيع الدفاعات الجوية مواجهتها، ما يجعل من المستحيل تقريباً إسقاطها بعد إطلاقها.
وكتب معهد دراسات الحرب: "القدرة الروسية على تنفيذ هذه الضربات لعدة أيام في الجزء الأكثر نشاطاً من خط المواجهة تشير إلى أن القوات الأوكرانية لم تكن قادرة على منعها من الوصول إلى المجال الجوي حول أفدييفكا. القوات الروسية على الأرجح أفادت من هذا التفوق الجوي المؤقت، لتسهيل الاستيلاء على جزء كبير من المدينة".
وقال مسؤول أمريكي إن القنابل الانزلاقية "تبعد الروس بأمان نسبياً عن الدفاعات الأوكرانية". وقال المسؤول إن أوكرانيا أسقطت أربع طائرات روسية في اليومين الماضيين، ما يعني أنها حققت بعض النجاح، لكنه يعني أيضاً زيادة في وتيرة العمليات.
وقال وزير الدفاع الأوكراني، رستم عمروف، يوم السبت، إن الخسارة في أفدييفكا تؤكد الحاجة إلى أنظمة دفاع جوي متطورة لمنع القوات الروسية من استخدام القنابل الموجهة.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي حذرت فيه كييف من عواقب امتناع الحلفاء عن تزويد أوكرانيا بما يكفي من الذخيرة والأسلحة. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم السبت، في مؤتمر ميونيخ للأمن، إن "حالة عجز مصطنعة في الأسلحة في أوكرانيا… تسمح لبوتين بالتكيف مع شدة الحرب الحالية".
هل سقطت أفدييفكا بيد الروس بشكل كامل؟
لم يتضح يوم الإثنين 18 فبراير/شباط، إن كانت أي قوات أوكرانية لا تزال موجودة في أفدييفكا أو داخل مصنع فحم الكوك والكيماويات، الذي كان حتى وقت قريب آخر معقل لأوكرانيا هناك. ومساء يوم السبت، قالت وزارة الدفاع الروسية هناك إجراءات تُتخذ "لتطهير المدينة من المسلحين، وحصار الوحدات الأوكرانية التي غادرت المدينة واستقرت" داخل المصنع.
وقال الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد القوات الأوكرانية في منطقة دونيتسك، في بيان يوم الأحد، إن بعض الجنود الأوكرانيين أُسروا أثناء الانسحاب، لكنه لم يحدد عددهم. وأضاف أن أوكرانيا ستطالب بالمعاملة الإنسانية لجنودها عبر المنظمات الإنسانية ودول أخرى.
بماذا علقت أوكرانيا وروسيا على الحدث؟
أدى انسحاب القوات الأوكرانية إلى اندلاع حرب رسائل بين كييف وموسكو، حيث حاول المسؤولون الأوكرانيون إضفاء طابع إيجابي على الانسحاب، وسارع المسؤولون الروس إلى وصفه بانتصار رمزي.
وقال أوليكسندر سيرسكي، القائد العسكري الأوكراني الذي عُين مؤخراً في هذا المنصب، إن الانسحاب سيسمح لكييف "بالانتقال إلى الدفاع على جبهات أهم"، وادعى أن القوات الأوكرانية "ألحقت خسائر كبيرة" بالقوات الروسية خلال العملية. وقال تارنافسكي في بيان يوم الأحد، إنه في الفترة ما بين 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 و17 فبراير/شباط عام 2024، تم تدمير أكثر من 1300 دبابة وطائرة وأنظمة مدفعية ومركبات مدرعة روسية. ولم تتمكن صحيفة The Washington Post من التحقق بشكل مستقل من هذا الادعاء.
وقال زيلينسكي في مقابلة، مساء يوم السبت، إن قرار الانسحاب من أفدييفكا كان "متوازناً"، وإنه ساعد في إنقاذ حياة الجنود الأوكرانيين.
وفي الوقت نفسه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ديمتري بيسكوف إن الرئيس فلاديمير بوتين هنّأ جيش بلاده "على هذا النصر والنجاح المهم" في أفدييفكا. وقال بيسكوف إن بوتين سيكرم شخصياً أفراد القوات الجوية الروسية الذين شاركوا في عملية أفدييفكا.
كيف كان رد الولايات المتحدة؟
يأتي انسحاب أوكرانيا من أفدييفكا في الوقت الذي لا تزال فيه حزمة المساعدات التي اقترحها الرئيس بايدن بقيمة 60 مليار دولار تقريباً عالقة في الكونغرس، بسبب اعتراض الجمهوريين.
وقال البيت الأبيض، في بيان، عقب مكالمة هاتفية بين بايدن وزيلينسكي يوم السبت، إن هزيمة أوكرانيا في المدينة كانت "نتيجة تقاعس الكونغرس".
وقال البيت الأبيض إن بايدن أكد خلال الاتصال "على ضرورة أن يمرر الكونغرس مشروع قانون التمويل التكميلي للأمن القومي بشكل عاجل، لتجديد إمدادات القوات الأوكرانية".