انتشرت في خريف العام 2023 تقارير تقول إن الصين أحرزت تقدماً كبيراً في تطوير الجيل التالي من غواصاتها ذات الصواريخ الباليستية، لدرجة أن القوى العسكرية الغربية قد تضطر لـ"إعادة النظر" في استراتيجياتها البحرية داخل منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وذلك من أجل مواكبة القدرات المتزايدة لبحرية جيش التحرير الشعبي. وقد تكون مهمة تتبع الغواصة الجديدة من طراز تايب 096 أكثر صعوبة، ما سيعزز القدرات النووية الصينية تحت الماء.
تقول مجلة The National Interest الأمريكية، من المتوقع تسليح الغواصة بصواريخ جي إل-3 الباليستية، التي تُطلق من الغواصات، والتي دخلت الخدمة للمرة الأولى عام 2022 على متن غواصات من طراز تايب 094. ويُقدر مدى صاروخ جي إل-3، الذي جرى اختباره للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، بأكثر من 10 آلاف كيلومتر، ويمكنه حمل ثلاثة رؤوس حربية دفعة واحدة.
الغواصة النووية الصينية تايب 096 مزيج من التخفي والمدى الطويل
تُعد غواصات الصواريخ الباليستية النووية الصينية قابلة للمقارنة مع الغواصات الروسية المعاصرة، وذلك من حيث التخفي وأجهزة الاستشعار والأسلحة. وتشير التكهنات إلى أن قدرات تايب 096 تعتبر كبيرةً عند مقارنتها بالنسخ السابقة، كما يُعتقد أنها تتمتع بإمكانية قلب موازين القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وقد تدخل الغواصات الجديدة الخدمة بنهاية العقد الجاري، وربما في وقت أبكر من غواصات فئة كولومبيا الخاصة بالبحرية الأمريكية، التي من المتوقع أن يبدأ تشغيلها عام 2031.
حيث قالت إيما ساليزبوري، الزميلة المشاركة في مركز أبحاث Council on Geostrategy، لمجلة Newsweek الأمريكية، في أكتوبر/تشرين الأول: "ستكون غواصات تايب 096 أكبر عدداً، وأكثر تخفياً، وربما تكون قادرة على تغطية مدى أوسع. وتقتضي كل هذه الجوانب إعادة النظر في القدرات الأمريكية وانتشارها". ولا شك أن مزيج التخفي مع المدى الطويل سيزيد صعوبة تتبع تلك الغواصات بواسطة الولايات المتحدة وحلفائها.
التشغيل الصامت
تنفذ البحرية الصينية دوريات ردع نووي كاملة التسليح بواسطة غواصات تايب 094 بالفعل، وذلك قبالة سواحل جزيرة هاينان في بحر الصين الجنوبي، وفقاً لتصريحات البنتاغون، في نوفمبر/تشرين الثاني. وتتشابه هذه الدوريات مع تلك التي تنفذها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا، وفرنسا منذ سنوات.
لكن غواصات تايب 094 النووية، التي تحمل صواريخ جي إل-3 سالفة الذكر، تُعد صاخبةً نسبياً بحسب وكالة Reuters البريطانية، وهذه نقطة ضعف كبيرة بالنسبة للغواصات العسكرية.
وتستخدم بكين حالياً 6 غواصات نووية من طراز تايب 094 فئة جين. ولم يتضح عدد غواصات تايب 096 التي تنوي الصين تصنيعها، لكنها تعمل على زيادة حجم بحريتها بشكلٍ كبير، ويقترح الخبراء أن البحرية الصينية ستمتلك ما يصل إلى 10 غواصات نووية بحلول مطلع ثلاثينيات القرن الجاري، ومن المحتمل أن تبدأ الإحلال التدريجي لغواصات تايب 096 الأهدأ، في محل غواصات تايب 094.
تغيير للسياسة النووية؟
تشير زيادة أعداد الغواصات النووية ذات الصواريخ الباليستية إلى تغيير في سياسة بكين، رغم أن قدرات تايب 096 لا تزال مجهولةً إلى حدٍّ كبير.
إذ التزمت الصين لفترةٍ طويلة بسياسة الحد الأدنى من الردع، والتي تحافظ بموجبها على قوة نووية صغيرة نسبياً، وقادرة على توجيه ضربة انتقامية تالية، وذلك بحسب رابطة الحد من الأسلحة.
لكن توسيع الصين لقدراتها النووية مؤخراً يشير إلى أنها ربما تعتبر مستوى ردعها النووي الحالي غير كافٍ، وأنها تنوي تحقيق التكافؤ الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وربما امتلاك 1000 رأس نووي في الخدمة بحلول 2030.
وتعد الجهود السرية الأمريكية لتعقب غواصات الصواريخ الباليستية الصينية العاملة بالطاقة النووية والمسلحة، والمعروفة باسم SSBNs، أحد الدوافع الأساسية لزيادة عمليات النشر والتخطيط للطوارئ من قِبل البحرية الأمريكية والجيوش الأخرى عبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ومن المتوقع أن يتكثف هذا المحرك عندما يدخل النوع 096 الخدمة.