"أقوى مقاتلة في العالم"، تتنافس على هذا اللقب الطائرة سوخوي 57 الروسية الصنع، والمقاتلة الأمريكية إف 22، التي يُنظر لها على أنها محتكرة هذه المكانة، ولكن الروس يرون أن مقاتلتهم سوخوي 57 أقوى من نظيرتها الأمريكية وكذلك من شقيقتها إف 35.
وفي الوقت الحالي يوجد 4 مقاتلات شبحية في العالم دخلت الخدمة الفعلية، وهي إف 22، إف 35 الأمريكيتين، الطائرة سوخوي 57، والصينية J-20، وهي كلها تتنافس بشكل أو بأخر على لقب أقوى مقاتلة في العالم.
في هذا التقرير نعرض مقارنة بين الطائرة الشبحية إف 22 المعروفة باسم رابتور(Raptor)، والمقاتلة سوخوي 57، المعروفة لدى الناتو باسم فيلون (Felon)، وكلاهما يمثل درة التاج للبلدين.
وتأتي هذه المقارنة في وقت أعلنت شركة UAC الروسية المنتجة لسوخوي 57 أنها عززت قدرتها على إنتاج الطائرة، وقامت بتحسين خط تجميع الطائرة. لقد أزالت الاختناقات، ليس فقط في ورشة التجميع النهائي، ولكن طوال دورة الإنتاج بأكملها، وسط تكهنات أنها تدخل المعركة في أوكرانيا بقوة مع قدوم طائرات إف 16 الأمريكية الصنع لكييف.
روسيا تقول إنها تعلّمت في تصميم المقاتلة سوخوي 57 من أخطاء أمريكا في الـ"إف 22″
تعرض هذه المقارنة فلسفات التصميم للطائرتين وخصائص الأداء والابتكارات التكنولوجية، مع تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف النسبية لهما.
وتجسد هاتان المقاتلتان من الجيل الخامس قمة التكنولوجيا العسكرية للبلدين الأقوى عسكرياً في العالم.
الطائرة إف-22 رابتور، التي أنتجتها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، هي أول مقاتلة شبحية، ولكن ليست أول طائرة حربية شبحية؛ إذ سبقتها القاذفة الأمريكية إف 117.
ومنذ دخولها الخدمة في عام 2005 شكلت المقاتلة إف 22 حجر الزاوية في الهيمنة الجوية للولايات المتحدة، وهي تتميز بقدرات شبحية متقدمة، وقدرة الطيران الفائق Super cruise أي التحليق بأسرع من الصوت دون تشغيل الحارق اللاحق، وهي ميزة رئيسية في الطائرات الجيل الخامس، تقلل فرص كشفها عبر أجهزة الرصد الحراري، وتمكنها من الطيران بسرعة الصوت لفترة طويلة.
كما تتسم الرابتور بقدرة فائقة على المناورة، وإلكترونيات الطيران المتكاملة، مما يسمح لها بالتفوق الجوي، مع الإفلات النسبي من احتمالات الإسقاط.
في المقابل، تعتبر المقاتلة سوخوي 57، التي طورتها شركة سوخوي، بمثابة الرد الروسي على الريادة الأمريكية في مجال الطائرات الشبحية من الجيل الخامس.
على الرغم من أنها لا تزال في المراحل الأولى من النشر، فإن سوخوي 57، تتميز بخصائصها كالتخفي، وقدرتها على الطيران الفائق، وأنظمة متطورة على متنها، وهي مصممة لتحدي نظيراتها الغربية.
في تصميم Su-57، استشهدت شركة Sukhoi بطائرة Lockheed Martin F-22 كخط أساسي لتطوير مقاتلتها الشبحية فائقة المناورة، لكنها صححت ما اعتبره المكتب قيوداً أو عيوباً بالـ"إف 22″، مثل عدم القدرة على استخدام الدفع الموجّه للعمل في لحظات التدحرج والانعراج، وعدم وجود مساحة لحاويات تخزين الأسلحة الداخلية بين المحركات، مما يؤدي إلى عدم كفاية الحمولة، وأنظمة تدارك الموقف حالة فشل توجيه الدفع.
إليك مقارنة بين المقاتلتين في المجال الأهم.. التخفي
تُعد تقنية التخفي أمراً بالغ الأهمية في القتال الجوي الحديث، وهي السمة الرئيسية للطائرات الشبحية من الجيل الخامس.
وأول أهداف أنظمة التخفي، هو تقليل المقطع العرضي للرادار أو البصمة الرادارية (RCS) وتوقيعات الأشعة تحت الحمراء لتجنب الكشف.
تستخدم الطائرة F-22 مواد متقدمة وأسطحاً مائلة ومخازن أسلحة داخلية تساهم في انخفاض البصمة الرادارية، ويعتقد أنها أعلى مقاتلة في العالم من حيث قدرة التخفي أي إن لديها أقل مقطع راداري من حيث الحجم من بين كل المقاتلات، يعزز ذلك تخزين الأسلحة فيها في حاويات داخلية لمنع رصدها، إذ علقت في جسم الطائرة الخارجي.
في المقابل، تستخدم Su-57 بالمثل مواد مركبة، وحاويات داخلية للأسلحة.
كما تمتص طبقات المواد الماصة للرادار (RAM) انبعاثات الرادار وتقلل من الانعكاس إلى المصدر.
القبة الزجاجية لقمرة قيادة سوخوي 57 مغطاة بطبقات من أكسيد معادن بسمك 70-90 نانومتر مع امتصاص معزز لموجات الرادار لتقليل عودة الرادار إلى قمرة القيادة بنسبة 30% وحماية الطيار من تأثير الأشعة فوق البنفسجية والإشعاع الحراري.
كما أن تفاوتات الإنتاج أكثر صرامة بكثير من المقاتلات الروسية السابقة من أجل تحسين خصائص التخفي.
لإخفاء بصمة الرادارية الكبيرة لوجه محرك سوخوي 57، تم طلاء جدران قنوات الدخول بمواد تحجب معظم وجه ضاغط المحرك ودوارات توجيه المدخل؛ ويتم إخفاء وجه المحرك المكشوف المتبقي بواسطة شبكة مانعة مائلة وهي مشابهة من حيث المبدأ للطريقة المستخدمة في الطائرة الأمريكية F/A-18E/F.
أدى التطويرات في التصميم إلى تقليل نظام RCS للطائرة إلى قيمة أصغر بثلاثين مرة من قيمة الطائرة Su-27، ولكنه يعتقد على نطاق واسع أن بصمتها الرادارية أكبر من الإف 35 والإف 22 الأمريكيتين.
كما أن سوخوي 57 لها تصميم يركز على التخفي الأمامي، وليس كل الطائرة على الرغم من أنه يقال إنها تحتوي على نظام RCS أعلى مقارنة بالطائرة F-22.
التركيز على التخفي الأمامي على حساب الخلفي، على الأرجح، يعود ليس فقط لقصور تكنولوجي، ولكن نتيجة لخفض التكلفة بالإضافة إلى العقيدة الروسية المتمثلة في تفضيل تشغيل المقاتلات ضمن مظلة ودية من أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة، عكس العقيدة الهجومية الأمريكية.
يعني ذلك على الأرجح تفوق الإف 22 على الأغلب بشكل واضح على السوخوي 57 في مجال التخفي، ويشكك بعض المحللين الغربيين في كون سوخوي 57 طائرة خفية بالمعيار الأمريكي.
وقال مايك دهام، الزميل المقيم الكبير في معهد ميتشل الأمريكي لدراسات الفضاء الجوي، أن روسيا لا تزال متأخرة في سعيها للحصول على التكنولوجيات التي تمنح درجة عالية من التخفي.
وأضاف: "الروس لم يحققوا تقدمهم فيما يتعلق بإنتاج هذه الطائرة". وما زالوا يعملون على حل الأخطاء فيها، وما زالت تخضع لتعديلات جوهرية."، حسبما نقل عنه موقع Business Insider الأمريكي.
المحركات.. أيها أقوى؟
تتميز كل من طائرات F-22 وSu-57 بمحركات قادرة على التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت بدون استخدام الاحتراق اللاحق، وهي الخاصية المعروفة باسم supercruise أو الطيران الفائق.
يتم دفع الإف 22 بمحركين من طراز Pratt & Whitney F119 يوفران قوة دفع فعالة وأداءً استثنائياً، حيث يبلغ دفع كل محرك 116 كيلو نيوتن، بدون حارق لاحق، و156 كيلو نيوتن مع تشغيل الحارق اللاحق.
أما سوخوي 57 مزودة، فهي حالياً مزودة بمحركين من طراز Saturn AL-41F1 الذي يوفر كل واحد منهما دفع قدره 88.3 كيلو نيوتن بدون حارق لاحق، و142.2 كيلو نيوتن مع الحارق اللاحق، و147.1 كيلو نيوتن (33100 رطل) فيما يعرف بقوة الطوارئ.
ولكن هذا المحرك رغم مميزاته، جذوره قديمة نسبياً، فهو تطوير لمحركات عائلة سوخوي 27، خاصة النسخة الأكثر تقدماً منه الخاصة بسوخوي 35، ويعتقد أن هذا المحرك يفتقد لكثير من ميزات محركات المقاتلات الشبحية التي تكون أقل في انبعاث الحرارة لتقليل احتمالات رصدها.
ويجعل ذلك المحركات نقطة تفوق جديدة لـ"إف 22″.
ولكن من المخطط أن يتم تزويد Su-57M (نسخة منتظرة) بمحرك جديد من شركة NPO Saturn يسمى izdeliye 30 أو AL-51F-1.
تم تصميم المحرك بقوة دفع تقدر بـ(107.9 كيلو نيوتن بدون حارق لاحق و167 كيلو نيوتن مع الحارق اللاحق. بالإضافة إلى تحسين الأداء والموثوقية والتكاليف مقارنة بـAL-41F1، سيعمل المحرك AL-51F-1 أيضاً على تقليل البصمتين الرادارية والحرارية للطائرة باستخدام مواد مصنوعة من الألياف الزجاجية وفوهة جديدة ذات لوحات مسننة.
وتعد محركات Saturn izdeliye 30 بأن توفر للمقاتلة سوخوي 57 قدرات مماثلة للإف 22، بل تتمتع بهامش تفوق بسيط بالنسبة للدفع.
القدرة على المناورة.. هل تكون نقطة تفوق الطائرة سوخوي 57؟
تعد القدرة على المناورة جانباً حاسماً في القتال التلاحمي المعروف بالإنجليزية باسم "dogfighting" أي قتال الكلاب.
تستخدم الطائرة F-22 فوهات موجهة للدفع، لتغير اتجاهها بشكل مفاجئ، إلى جانب تصميمها الديناميكي الهوائي، الأمر الذي يوفر لها خفة حركة مذهلة.
على الجانب الآخر، تم تصميم الطائرة سوخوي 57 أيضاً لتوفير قدرة فائقة على المناورة، مع تقنية توجيه الدفع الخاصة بها.
وهنا تظهر أبرز نقاط تفوق السوخوي، وهي أن لديها قدرة توجيه دفع ثلاثي الأبعاد بسبب فوهاتها المتحركة التي يمكنها توجيه الدفع في اتجاهات متعددة، (مقارنة بفوهة الدفع ثنائي الأبعاد لدى الإف 22).
تصميم الطائرة سوخوي 57 يزيد من حالة عدم الاستقرار الثابت الذي يعزز القدرة على المناورة، ولديها وحدات تحكم دوامية متقدمة قابلة للتعديل مصممة للتحكم في الدوامات المولدة ويمكن أن توفر لها قدرة على تنفيذ زاوية عالية للهجوم، بما في ذلك التعافي السريع في حالة فشل نظام توجيه الدفع.
إن الدرجة العالية من عدم الاستقرار الساكن (أو الاستقرار المريح) في كل من حالتي الميل والانعراج، ونظام التحكم في الطيران المتقدم KSU-50، وفوهات توجيه الدفع المائلة تجعل Su-57 قادرة على المناورة بشكل كبير في جميع المحاور وتمكن الطائرة من الأداء زوايا عالية جداً من مناورات الهجوم مثل مناورة الكوبرا ومناورة الجرس.
وقال مايك دهام، الزميل مقيم كبير في معهد ميتشل لدراسات الفضاء الجوي، إن القدرات المعلن عنها والديناميكا الهوائية للطائرة Su-57 – مثل نصف قطر دورانها، ومعدل الصعود، وخفة الحركة – تضفي مصداقية على فكرة أن الطائرة طورت لتكون متفوقة في القتال الجوي التلاحمي المعروف بالإنجليزية باسم "dogfighting" أي قتال الكلاب.
بصفة عامة، توفر كلتا الطائرتين قدرة استثنائية على المناورة مع قدرات توجيه الدفع، على الرغم من أن Su-57 تتمتع بميزة إضافية تتمثل في توجيه الدفع ثلاثي الأبعاد، مما قد يوفر مرونة أكبر.
إلكترونيات الطيران والتسليح
فيما يتعلق بإلكترونيات الطيران، لدى الطائرة F-22 على مجموعات رادار وأجهزة استشعار متقدمة توفر وعياً ظرفياً لا مثيل له، حسب المصادر الغربية وهي مجهزة بمجموعة من الأسلحة، بما في ذلك قدرات جو-جو وجو-أرض مناسبة تماماً للمهام متعددة الأدوار.
بينما تدمج الطائرة سوخوي 57 نظام رادار متطور مصمم للكشف عن الطائرات الشبحية.
ومن المتوقع أن الطائرة سوخوي 57 تحمل مجموعة من الأسلحة الروسية الحديثة، بما في ذلك صاروخ جو-أرض الفرط صوتي Kh-47M2 Kinzhal، وتوفر الصواريخ فرط صوتية نقطة تفوق كبيرة للطائرات الروسية بصفة عامة.
ويعتقد أن مدى سوخوي 57 أطول من الإف 22 بنحو 500 كلم.
سرعة الإف 22 غير معروفة بدقة لأ، ولكن يُعتقد أنها 2.25 ماخ، مع سرعة طيران فائق (supercruise) عالية تبلغ 1.85 ماخ.
بينما يتعقد أن سرعة الطائرة سوخوي 57 تصل إلى 2 ماخ، مع سرعة طيران فائق 1.3 ماخ.
تمتلك سوخوي 57 مدى أسرع من الصوت يزيد على 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، أي أكثر من ضعف مدى سو-27.
التكلفة والتصدير.. من يتفوق في هذا الملف الحاسم؟
الطائرة F-22 Raptor غير متاحة للتصدير بسبب تقنيتها الحساسة. ويبلغ سعر الوحدة الواحدة أكثر من 150 مليون دولار، وهي واحدة من أغلى المقاتلات التي تم بناؤها على الإطلاق.
من ناحية أخرى، فإن تكلفة الطائرة سوخوي 57 أقل بكثير، وقد أبدت روسيا اهتماماً بتسويق الطائرة دولياً، مما قد يؤدي إلى زيادة تأثيرها العالمي.
الخلاصة: أيهما تستحق لقب أقوى مقاتلة في العالم؟
لدى طائرة F-22 سجل خدمة مثبت، في حين تقدم طائرة Su-57 لمحة عن قدرات الجيل التالي في روسيا، ويمكن أن تتطور مع التحسينات التكنولوجية المستقبلية.
تتفوق الإف 22 بشكل واضح في مجال قدرات التخفي، خاصة مع التركيز على التخفي من جميع الجوانب، مقارنة بالتركيز على التخفي الأمامي للطائرة سوخوي 57.
رغم أن إف 22 يُعتقد أنها أكثر شبحية وتقدماً في كثير من النواحي، ولكن سوخوي 57 لديها 3 ميزات مهمة للغاية.
1- القدرة على المناورة التي على الأرجح تتفوق على الإف 35 الأمريكية وJ-20 الصينية، والتي يمكن أن تقترب من الإف 22 أو تضاهيها.
2 – طائرة ذات طابع متعدد المهام أكثر من إف 22، الموجهة أكثر للعمل كمقاتلة هيمنة الجوية.
3- الميزة الأكثر أهمية هي العملية وإمكانية توفير أعداد كبيرة منها، فالإف 22 ببساطة طائرة باهظة ومعقدة لدرجة أن الولايات المتحدة توقفت عن إنتاجها، ومسألة إبقائها متأهبة للقتال عملية معقدة.
في المقابل، سوخوي 57 تستخدم تكنولوجيا أكثر بساطة، وكثير منها مجرب لأنه مطور من سوخوي 35، يعني ذلك أن روسيا يمكن أن تنتج منها أعداداً أكبر بكثير من الأعداد المتوفرة من الإف 22، خاصة أن تكلفة تصنيعها أرخص بشكل لافت.
قد يعني ذلك أنه بينما الإف 22 قد تكون أقوى مقاتلة في العالم، نظرياً، ولكن واقعياً، يمكن للأعداد الكبيرة المحتمل إنتاجها من سوخوي 57 وجاهزيتها المحتملة أن تجعلها أكثر فائدة في القتال الواقعي والمكثف من إف 22 التي وصفها بعض القادة الأمريكيون بـ"ملكة الحظائر المتآكلة".