أقرت ولاية أوتاراخاند في الهند مؤخراً مشروع "قانون مدني موحد"، يستبدل بالقوانين الدينية أو بقوانين الأحوال الشخصية التي تحكم الزواج والطلاق والتبني والميراث كقانون عام. وقوبلت هذه الخطوة برفض من المسلمين والطوائف الدينية الأخرى في الهند.
ويرى حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي الحاكم في ولاية أوتاراخاند نموذجاً لتطبيق قانون مدني موحد على مستوى البلاد، بينما تدرس الولايات الأخرى التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا تشريعات مماثلة. ومع ذلك، يقول منتقدون إن سن قانون مدني موحد قد يهدد التعددية الدينية في الهند.
ما هو القانون المدني الموحد الذي سيجبر مودي المسلمين وغيرهم عليه؟
تقول مجلة Foreign Policy الأمريكية: كانت فكرة سن قانون مدني موحد مثيرة للجدل، وخاصة بين الأقليات الدينية في الهند، مثل المسلمين، الذين يرون فيها تدخلاً في أعرافهم. ولحزب بهاراتيا جاناتا تاريخ حافل في السعي إلى تحقيق أهداف خلافية، تؤثر سلباً على المسلمين، مثل إلغاء المادة 370 في جامو وكشمير، وبناء معبد هندوسي في أيوديا.
تعود فكرة القانون المدني الموحد إلى فترة استقلال الهند، لكن الحكومات السابقة أحجمت عن نقاشه بسبب الحساسيات الدينية. وانتشار قوانين الأحوال الشخصية المنفصلة لمختلف الطوائف الدينية في الهند يعود تاريخه إلى قوانين العصر الاستعماري التنظيمية. واهتمام حزب بهاراتيا جاناتا المتطرف بقانون مدني موحد يتناقض مع اهتمام حزب المؤتمر الوطني الهندي، الذي كان ملتزماً بالعلمانية، ولكنه لم يتناول هذه القضية.
أجندة قومية هندوسية متطرفة
ويُنظر إلى سعي حزب بهاراتيا جاناتا لسن قانون مدني موحد على أنه محاولة لوصم ديانة معينة تحت ستار حقوق المرأة، وليس اهتماماً حقيقياً بالمساواة بين الجنسين. ورغم أن قانوناً مدنياً موحداً قد يعمل على تعزيز حقوق المرأة كما يزعم مودي، فإن منتقدين يقولون إن دوافع حزب بهاراتيا جاناتا تحركها أجندته القومية الهندوسية المتطرفة.
ويُعد اعتماد ولاية أوتاراخاند لقانون مدني موحد خطوة نحو تحقيق أحد الوعود الانتخابية الرئيسية لحزب بهاراتيا جاناتا وعنصراً أساسياً في بياناته على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وولاية غوا هي الولاية الأخرى الوحيدة التي لديها حالياً قانون مدني موحد، لكنه يعود إلى القرن التاسع عشر، حين كانت الولاية تحت الحكم البرتغالي. ورغم الجهود المبذولة في الولايات الأخرى التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، فسن قانون مدني موحد على مستوى البلاد قد يستغرق بعض الوقت. ومع ذلك، تحدث كل من مودي ووزير الداخلية الهندي أميت شاه عن هذه الفكرة، حيث قال شاه مؤخراً إن حزب بهاراتيا جاناتا "لا يزال متمسكاً بسن قانون مدني موحد".
محو التعددية الدينية في الهند
والمناخ السياسي الحالي في الهند أكثر تقبلاً لفكرة القانون المدني الموحد مقارنة بالماضي. إذ يتمتع مودي وحزب بهاراتيا جاناتا بشعبية كبيرة، وهما، على النقيض من حزب المؤتمر، لا يعتمدان على أصوات المسلمين للفوز بالانتخابات. لكن ما يعقّد الوضع حقيقة أن مجموعات الأقليات الدينية الأخرى مثل السيخ، والسكان الأصليين وطائفة الداليت، تشعر أن هذا القانون قد ينتهك حقوقها الدينية والثقافية. (يُعفي قانون ولاية أوتاراخاند السكان الأصليين في الولاية، الذين يشكلون 3% من سكان الولاية ولكن نسبتهم أكبر في أماكن أخرى).
ونجح حزب بهاراتيا جاناتا في تحقيق أهدافه في كشمير، الخاضعة للإدارة الهندية وفي أيوديا. ويقترب موعد الانتخابات الوطنية في الهند سريعاً، ويبدو أن حكومة مودي ملتزمة التزاماً صارماً بأجندتها القومية الهندوسية. وإذا عادت إلى السلطة هذا الربيع بأغلبية برلمانية حاسمة، فمن المرجح أن يحتل تنفيذ القانون المدني الموحد على مستوى البلاد صدارة أولوياتها السياسية، وهو ما من شأنه أن يمحو ما تبقى من التزام الهند بالتعددية الدينية.