تبني السلطات المصرية بوتيرة سريعة، جداراً أمنياً عازلاً داخل أراضيها على الحدود مع غزة، وأنجزت منه حتى تاريخ اليوم الجمعة 16 فبراير/شباط 2024، ما طوله نحو كيلومتر واحد، بحسب ما أظهرته صور أقمار صناعية، حصلت "عربي بوست"، على نسخة منها، وسيحيط هذا الجدار بأرض تمت تسوية تربتها، في خطوة أولى لإقامة منطقة أمنية معزولة، قد تستقبل فيها مصر فلسطينيين من غزة في حال حدوث نزوح جماعي من القطاع.
بناء هذا الجدار الأمني، يأتي بالتوازي مع اشتداد عمليات القصف التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على رفح، والتلويح بعمل عسكري فيها، في وقت تحولت فيه المدينة إلى مركز مكتظ بالنازحين بسبب الحرب المستمرة منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبات يعيش فيها نحو 1.4 مليون نسمة، أي أكثر من نصف سكان غزة.
كان "عربي بوست" قد نشر، أمس الخميس، تفاصيل مدعومة بصور الأقمار الصناعية لموقع المنطقة الأمنية التي تبنيها مصر، ونشرت شركة "ماكسار"، يوم الخميس 15 فبراير/شباط 2024، صوراً جديدة من الأقمار الصناعية للموقع الذي يتم فيه إنشاء الجدار الأمني.
تحليل صور الأقمار الصناعية، يُظهر أن السلطات المصرية رفعت جداراً أمنياً خلال أيام على طول نحو كيلومتر واحد حتى الآن، ويبدأ الجزء الشمالي من الجدار عند نقطة قريبة من الطريق الرئيسي المؤدي إلى معبر رفح، ويتجه نحو الجنوب في خطٍ موازٍ للحدود مع غزة.
تظهر صور الأقمار الصناعية أيضاً، أن مصر تواصل تشييد البناء من جهتيه الشمالية والجنوبية، كما تُظهر وجود شاحنات وجرافات لتسوية التربة في الجهة الشمالية الشرقية لجدار المنطقة الأمنية.
كذلك رصد "عربي بوست"، بالاعتماد على صور الأقمار الصناعية، أعمال بناء لجدار المنطقة الأمنية في موقع يقع مقابل معبر كرم أبو سالم، ويبعد موقع بناء هذا الجدار عن موقع الجدار الذي يتم بناؤه بالقرب من معبر رفح 1.2 كيلومتر.
وعندما تكتمل عملية بناء الجدارين وربطهما ببعضهما سنكون أمام جدار عازل يبلغ طوله 2.3 كيلومتر، فيما يبلغ طول المنطقة التي تعرضت لتسوية تربة وتمهيد للأراضي 3 كيلومترات.
وتُقام المنطقة الأمنية المعزولة، في موقع بين معبري رفح (بين غزة ومصر)، ومعبر "كرم "أبو سالم" (بين غزة والاحتلال الإسرائيلي)، بحسب صور الأقمار فإن البدء في عملية تسوية التربة وتمهيد الأرض، بدأ في 9 فبراير/شباط 2024، وتحديداً في منطقة تبعد عن سياج معبر رفح المصري والجدار الفاصل بين غزة ومصر نحو 3.5 كيلومتر، فيما تبعد المنطقة عن معبر كرم أبو سالم نحو 4 كيلومترات.
وفيما تتكتم مصر على المستوى الرسمي عن عملية إنشاء جدار المنطقة الأمنية على الحدود مع غزة، نقلت رويترز عن 4 مصادر، قولها إن مصر تمّهد منطقة على الحدود يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين، في حال أدى الهجوم إسرائيلي على مدينة رفح بجنوب القطاع إلى نزوح جماعي عبر الحدود، ووصفت المصادر "هذا الإجراء بأنه تحرك طارئ من جانب القاهرة".
من جهته، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية: "هذا ليس له أي أساس من الصحة. قال أشقاؤنا الفلسطينيون وقالت مصر إنه لا يوجد استعداد لهذا الاحتمال".
ورصد "عربي بوست"، من خلال صور الأقمار الصناعية، إزالة أنقاض لعشرات المنازل المُدمرة في المنطقة التي تشهد عمليات إنشاء جدار المنطقة الأمنية، وكانت هذه الأنقاض موجودة في الموقع حتى يوم 4 فبراير/شباط 2023، ولكنها لم تعد موجودة يوم 14 فبراير/شباط 2024.
وتُثير العملية العسكرية الإسرائيلية المُحتملة في رفح قلقاً دولياً، وقال مارتن جريفيث منسق المساعدات في الأمم المتحدة، الخميس 15 فبراير/شباط 2024، إن فكرة انتقال الناس في غزة إلى مكان آمن محض "وهم"، وحذر من احتمال تدفق الفلسطينيين إلى مصر إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية في رفح.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".