تدرس إسرائيل وحماس الشروط المقترحة لاتفاق يهدف إلى وقف إطلاق النار بغزة في الحرب المستمرة منذ 4 أشهر في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح عشرات الأسرى الذين لا يزالون محتجزين هناك، وإطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وسلّمت "حماس" للوسيطين القطري والمصري، تصوّرها للهدنة المحتملة في القطاع، والذي يقع في 3 صفحات، بينها تعديلات على ورقة "الاتفاق الإطاري"، التي قُدمت لها بعد اجتماع باريس، إضافة إلى ملحق خاص بالضمانات والمطالب الهادفة إلى "وقف العدوان وإزالة آثاره".
وقدمت حماس هذا المقترح بعد التشاور مع الفصائل المقاتلة معها في غزة، في مقدمتها حركة الجهاد، وذلك في إطار وساطة قطرية مصرية مدعومة من الولايات المتحدة، تعد بمثابة أهم مسعى دبلوماسي حتى الآن يهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النارهدنة طويلة.
ولا تزال حماس وإسرائيل متباعدتين بشأن الشروط. ويعمل الوسطاء، قطر ومصر والولايات المتحدة، على سد الفجوات، حسبما ورد في تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
إسرائيل تدرس رفض مقترح حماس برمته أو التفاوض حول بعض شروطه
وأمس الأربعاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حكومته لم تلتزم بأي وعود بشأن الصفقة التي اقترحتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوقف إطلاق النار، لافتاً إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة، ولكن هيئة البث الإسرائيلية، قالت في اليوم ذاته إن نتنياهو أعطى ضوءاً أخضر لوقف إطلاق النار بغزة خلال الفترات الانتقالية التي تفصل مراحل الصفقة المرتقبة مع حركة "حماس"، دون إبلاغ المجلس الحربي مسبقاً بقراره.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز أمس، إن "العديد من المطالب الواردة في اقتراح حماس لوقف الحرب لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف"، مؤكداً للقناة 13 الإسرائيلية أن تل أبيب تناقش ما إذا كان سيتم رفض هذه الصفقة بالكامل، أو الدخول في مزيد من المفاوضات في محاولة للتخفيف من مطالب "حماس".
وبشكل عام تنازلت حماس عن شرطين سابقين مهمّين لها، الأول أنه لا مفاوضات حول الأسرى قبل وقف الحرب، والثاني أنه لا يمكن إنجاز صفقة نهائية إلا بصيغة تضمن أن "الكل مقابل الكل"، أي تبييض السجون الإسرائيلية من السجناء الفلسطينيين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية.
نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل حول صفقة الأسرى وقف إطلاق النار بغزة
تقرير وكالة Associated Press، عرض نظرة على ما يريده كل جانب، وأبرز نقاط الخلاف بشأن صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة.
تريد حماس الحفاظ على سيطرتها على القطاع الساحلي، بينما جعلت إسرائيل من تدمير قدرات حماس العسكرية والحكمية هدفاً رئيسياً في حربها ضد الجماعة المسلحة، التي تحكم غزة منذ عام 2007، وهذه نقطة خلاف جوهرية بين الطرفين.
بعد الهجوم المذهل الذي شنّته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تعهدت إسرائيل بضمان ألا تشكل الجماعة تهديداً للإسرائيليين مرةً أخرى. وتقول أيضاً إنها تريد الحفاظ على سيطرة أمنية مفتوحة على المنطقة بعد انتهاء الحرب.
خلاف حول إطلاق قادة الفصائل الفلسطينية
تريد حماس إطلاق سراح مئات من كبار الناشطين الفلسطينيين المسجونين، تريد إسرائيل إبقاء هؤلاء خلف القضبان.
وتحتجز إسرائيل آلاف السجناء الفلسطينيين بتهم بسيطة أو خطيرة -أو في بعض الحالات دون تهم على الإطلاق. وسبق أن وافقت إسرائيل على إجراء صفقات غير متوازنة مع أسراها في الماضي. ومن بين هذه الصفقات في عام 2011 تحرير الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من أسر حماس مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً. وكان من بين المفرَج عنهم يحيى السنوار، الزعيم الحالي لحركة حماس في غزة، والذي يُنظر إليه على أنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
تريد حماس إطلاق سراح مئات الأسرى، ومن المُتوقع أن تطالب بإطلاق سراح الناشطين الذين يقفون وراء بعض من أعنف الهجمات ضد الإسرائيليين. ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركاؤه في الحكم اليمينيون المتطرفون الذين يعتمد عليهم للبقاء في السلطة صفقة تشمل من يصفونهم بـ"كبار المتشددين" (في إشارة لقادة الفصائل وأجنحتها العسكرية). ومن المرجح أيضاً أن يرفضوا مطلباً بالإفراج عن هذا العدد الكبير من السجناء.
وبينما تزعم إسرائيل أن هؤلاء النشطاء إرهابيون، ينظر الفلسطينيون إليهم كأبطال يحاربون الاحتلال الإسرائيلي. تقريباً كل فلسطيني لديه صديق أو قريب أو معارف تم سجنه.
إسرائيل تريد وقف إطلاق نار مؤقت وحماس تريد إنهاء الحرب
وفي حين تريد إسرائيل استئناف القتال بعد إطلاق سراح الأسرى، تريد حماس الحصول على التزام مسبق، بأن إطلاق سراح جميع الأسرى سيؤدي إلى نهاية الحرب، ووقف إطلاق النار بغزة
ويقول نتنياهو إن إسرائيل ستواصل القتال حتى تحقيق "النصر الكامل" على حماس. وتريد إسرائيل إبقاء قواتها على الأرض في قطاع غزة لمواصلة تفكيك شبكة الأنفاق الواسعة التابعة للحركة، وتحييد منصات إطلاق الصواريخ وقتل المسلحين في إطار هدفها المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحماس.
وقال مصدر قريب من المفاوضات لـ"رويترز"، إن مقترح "حماس" لا يتطلب ضمانة لـ"وقف إطلاق النار بغزة بشكل دائم في البداية، لكنه يجب الاتفاق على نهاية الحرب خلال الهدنة قبل إطلاق سراح آخر المحتجزين.
أطلقت الحرب بالفعل العنان لدمار واسع النطاق، مما ترك أجزاء من غزة غير صالحة للسكن، وتشريد أربعة أخماس السكان وإثارة كارثة إنسانية تركت ربع السكان يتضورون جوعاً.
وتريد حماس أيضاَ بعد إقرار وقف إطلاق النار بغزة تعزيز المساعدات، ثم البدء في عملية إعمار القطاع بعد تحول وقف إطلاق النار بغزة إلى عملية دائمة.
الحركة الفلسطينية تريد وقف اقتحامات الأقصى وعودة الأوضاع به إلى ما قبل عام 2002
كما طالبت حماس وقف اقتحام المستوطنين للأقصى وعودة الأوضاع في المسجد إلى ما قبل عام 2002.
ويعتقد الخبير الفلسطيني محمد هلسة، في تصريح لـ"الجزيرة.نت" إن تجاوب إسرائيل مع هذا المطلب سيكون بمثابة انتحار لحكومة اليمين، التي ترفع شعار اقتحام الأقصى وتحويله إلى مكان "تلمودي توراتي".
ولذا، يرجح محمد هلسة أن يأتي الموقف الإسرائيلي في صيغة لاءات مطلقة، ولكنه قال "المقاومة لديها كلمتها وشروطها، ولا أحد يعرف إلى أين ستذهب الأمور، في سياق التفاوض بين الأطراف المختلفة بهذا الشأن".