يشهد هذا الأسبوع جولة آسيوية مرتقبة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تمتد 5 أيام وتشمل ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية التي سيلتقي فيها أيضاً الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في محاولة للتوصل إلى اتفاق مع بكين يُخفف من حدة التوترات التجارية بين البلدين.
وتأتي جولة الرئيس الأمريكي، وهي أول رحلة له إلى المنطقة خلال ولايته الثانية، في وقت تصاعدت فيه التوترات التجارية مع العديد من الدول الآسيوية بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ضد الحلفاء والشركاء الدوليين في أبريل/نيسان الماضي، وفي وقت يسعى فيه إلى إظهار أن واشنطن لا تزال تحظى بنفوذ في جنوب شرق آسيا، وهي المنطقة التي تتمتع فيها بكين بنفوذ متزايد.
ولطالما سعت بكين إلى عرض صفقات تجارية واستثمارات على جيرانها، مع تعزيز نفوذها في المنطقة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة الراغبة والقادرة على مواجهة إدارة ترامب، وفق تقارير.
BREAKING: Donald Trump says open to meeting North Korean leader Kim Jong Un during Asia visit but nothing is scheduled so far.
— Al Jazeera Breaking News (@AJENews) October 25, 2025
Read more: https://t.co/pc7i9USI1s pic.twitter.com/zxwPD9b1lH
وأشارت تقارير أمريكية عدة إلى أن جولة ترامب تهدف إلى عقد صفقات تجارية تُسهم في تحرير موارد المنطقة لبناء سلاسل توريد أكثر موثوقية للصناعات، والمساهمة في النمو العالمي، وجذب المزيد من الاستثمارات إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن حضوره حفل توقيع اتفاق ينهي الصراع الحدودي بين كمبوديا وتايلاند في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وحمل تقرير مجلة بوليتيكو الأمريكية بشأن الجولة الآسيوية لترامب عنوان: "ترامب يبحث عن المال والسلام في آسيا"، ووصف تقرير آخر للمجلة الجولة بكونها "أخطر رحلة خارجية لترامب".
يأتي ذلك بينما أعلن ترامب، قبيل مغادرته الجمعة 24 أكتوبر/تشرين الأول، العاصمة الأمريكية متوجهاً إلى ماليزيا، عن انفتاحه أيضاً على لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون.
في هذا التقرير نستعرض الدول التي ستشملها جولة ترامب الآسيوية، والأهداف التي يسعى لتحقيقها خلال الجولة.
أولاً: ماليزيا (جنوب شرق آسيا)
في أول زيارة يقوم بها ترامب إلى جنوب شرق آسيا منذ عام 2017، سيزور العاصمة الماليزية كوالالمبور يوم الأحد. ويلتقي رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، ويأمل أن يوقّع اتفاقية تجارية مع ماليزيا.
ومن المقرّر أيضاً أن يلتقي مع ما لا يقل عن 10 من زعماء الدول الإقليمية الذين يجتمعون لحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وبالنسبة للولايات المتحدة، تُعدّ منطقة جنوب شرق آسيا ذات قيمة كبيرة، ليس فقط لحجم سوقها، بل أيضاً لأهميتها الاستراتيجية كحصن منيع في وجه الصين.
كما تُعدّ المنطقة مركزاً مهماً لسلسلة التوريد للعديد من الشركات الأمريكية التي انتقلت من الصين، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

في المقابل، تُمثل الولايات المتحدة سوقاً مهماً بالنسبة لجنوب شرق آسيا، فهي الوجهة التصديرية الرئيسية لفيتنام، والفلبين، وتايلاند، وكمبوديا. ويتطلع الكثيرون إلى اتفاقية التجارة المحتملة مع ماليزيا بحثاً عن مؤشرات على شكل اتفاقياتهم.
ومع ذلك، لا تزال دول المنطقة تعاني من سياسة ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، والتي ترى حكومات عديدة أنها كانت عشوائية. وقد فُرضت على معظم دول جنوب شرق آسيا رسوم جمركية تراوحت بين 19% و20%، مما شكّل ضربةً قاصمةً للعديد من اقتصاداتها.
كما سيشهد ترامب في العاصمة الماليزية كوالالمبور حفل توقيع اتفاق يُنهي الصراع الحدودي بين كمبوديا وتايلاند.
ثانياً: اليابان
ومن ماليزيا، سيتوجّه ترامب إلى اليابان، حيث سيلتقي الزعيمة الجديدة للبلاد، ساناي تاكايتشي، أول امرأة تشغل منصب رئيسة الوزراء.
وتُركّز اليابان على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة.
وفي يوليو/تموز الماضي، تلقّت اليابان تعريفة جمركية شاملة بنسبة 15% على صادراتها، مقابل التزامها بضخّ 550 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي.
ورغم أن البلدين نجحا مؤخراً في حل العديد من جوانب الغموض في اتفاقية التجارة، فإن نقطة خلاف كبيرة لا تزال قائمة، وتتعلق بتفاصيل ضخ اليابان لهذه الاستثمارات، والضمانات التي ستحصل عليها.

وكانت تاكايتشي، التي انتُخبت رئيسةً للوزراء الأسبوع الماضي، قد ألمحت خلال حملتها الانتخابية إلى أنها قد تتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه واشنطن. لكنها اتخذت مؤخراً موقفاً أكثر تصالحية، متعهدةً بالعمل على الحفاظ على اتفاقية التجارة.
وأعلنت تاكايتشي، الجمعة، أن اليابان ستنفق حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد على الدفاع بحلول الربيع المقبل، أي قبل عامين من الموعد المحدد. وتتوقّع اليابان مطالب من إدارة ترامب بزيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير.
ومن المرجّح أيضاً أن تُثير مخاوف بشأن تنامي القوة العسكرية والاقتصادية للصين في آسيا. ومن المتوقع أن تسعى للحصول على تعهد جديد من ترامب بمواصلة الولايات المتحدة دعم تحالفها العسكري والاقتصادي مع اليابان، الذي لطالما شكّل عائقاً أمام نفوذ الصين في المنطقة، بحسب نيويورك تايمز.
ومن المقرّر أيضاً أن يُلقي ترامب كلمة من على متن حاملة الطائرات الأمريكية جورج واشنطن في القاعدة البحرية الأمريكية في يوكوسوكا، وفق تقرير لموقع إن بي آر.
ثالثاً: كوريا الجنوبية
وستكون قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في جيونججو هي أكبر تجمع دولي يستضيفه الرئيس الكوري الجنوبي، لي جاي ميونج، بحضور ترامب، منذ توليه منصبه في يونيو/حزيران الماضي.
ويتركّز معظم الاهتمام في كوريا الجنوبية على ما إذا كان لي قادراً على تسوية النزاع بشأن التعريفات الجمركية مع ترامب خلال الزيارة.
وفي يوليو/تموز الماضي، توصّلت كوريا الجنوبية إلى اتفاق شامل لتجنّب الرسوم الجمركية المرتفعة على الصادرات الكورية، ووعدت بتقديم حزمة استثمارية بقيمة 350 مليار دولار للولايات المتحدة.
لكن المفاوضات الرامية إلى وضع التفاصيل طال أمدها، مما جعل صناعة السيارات الرئيسية في كوريا الجنوبية خاضعة لرسوم جمركية بنسبة 25%، ووضعها في وضع غير مواتٍ مقارنةً بمنافسيها اليابانيين والأوروبيين.

ولطالما كانت سيول وواشنطن حليفتين وثيقتين منذ الحرب الكورية في أوائل خمسينيات القرن الماضي، وقد وسّعتا شراكتهما الثلاثية مع اليابان في السنوات الأخيرة في جهد مشترك لكبح النفوذ الصيني في المنطقة. كما تستضيف كوريا الجنوبية أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخارج، وهي ميزة أراد البنتاغون استخدامها لردع كوريا الشمالية والصين أيضاً.
لكن اقتصاد كوريا الجنوبية، القائم على التصدير، يعتمد اعتماداً كبيراً على التجارة مع الصين. وعلى عكس سلفه المحافظ، لا يرغب لي في إثارة غضب الصين. وسيكون اجتماع جيونججو اختباراً لقدرات لي الدبلوماسية.
رابعاً: الصين
ويأتي اللقاء المرتقب لترامب مع الرئيس الصيني أبرز اللحظات التي تترقبها كافة الأسواق العالمية خلال جولة الرئيس الأمريكي الآسيوية، خاصة مع مرور الحرب التجارية بين البلدين بمنعطفات هامة خلال الفترة الماضية.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن ترامب أنه ابتداءً من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين؛ وسيُقيّد صادرات الولايات المتحدة من البرمجيات الحيوية إلى الصين.
ويجتمع كبار المسؤولين الاقتصاديين من الولايات المتحدة والصين في كوالالمبور، السبت، في محاولة لخفض التوتر التجاري بينهما، ولمحاولة صياغة تفاصيل ما يمكن أن يتفق عليه ترامب وشي جين بينغ عند لقائهما في جيونججو، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
Trump heads to Asia to build alliances, cut trade deals, go eye-to-eye with China's Xihttps://t.co/IxHBwMzzn4 pic.twitter.com/I1wVGTjrdx
— The Washington Times (@WashTimes) October 24, 2025
وبينما تضغط بكين على واشنطن لخفض رسومها الجمركية على المنتجات الصينية ورفع قيودها على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، يريد ترامب من الصين شراء المزيد من فول الصويا الأمريكي وطائرات بوينغ، وبذل المزيد من الجهود للقضاء على المواد الكيميائية الصينية الصنع المستخدمة في صنع مادة الفنتانيل.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار إن الرئيس ترامب سيسعى إلى توقيع صفقات معادن حيوية مع شركاء تجاريين خلال رحلته إلى آسيا، في الوقت الذي تتحرك فيه الإدارة لزيادة الضغوط على الصين، بحسب وكالة بلومبرغ.
من جانبه، يبدأ الزعيم الصيني المحادثات وهو يتمتع بنفوذ كبير، إذ سيكون قادراً على الإشارة إلى احتكار الصين شبه الكامل للمعادن الأرضية النادرة التي تُشكّل عنصراً أساسياً في التصنيع العالمي.
وقالت نيويورك تايمز إن موقف شي جين بينغ يتعزز بفضل القوة الصناعية الصينية، وسيطرتها على سلاسل التوريد الحيوية، واستعدادها لإظهار عضلاتها الاقتصادية.
ويخشى بعض المتشددين تجاه الصين أن يكون ترامب يائساً للغاية في إقناع الصين باستئناف مشترياتها من فول الصويا وتخفيف القيود على المعادن النادرة، لدرجة أنه قد يُقدّم تنازلات مثل إزالة ضوابط التصدير على الرقائق ومعدات تصنيع أشباه الموصلات، والتراجع عن قيود الاستثمار التي تهدف إلى الحد من تدفّق التكنولوجيات المتقدّمة إلى الخارج.
وقالت ليزا توبين، التي شغلت منصب مديرة مجلس الأمن القومي لشؤون الصين خلال إدارة ترامب الأولى، لمجلة *بوليتيكو*: "أسوأ سيناريو بالنسبة للولايات المتحدة هو أن يتنازل ترامب عن الكثير".
وإلى جانب التجارة، من المتوقع أن يُناقش الزعيمان قضية تايوان وروسيا، حليفة الصين، التي تخضع الآن لعقوبات أمريكية موسّعة بسبب الحرب في أوكرانيا.