حملة إسرائيلية لتلميع صورتها لدى كنائس أمريكا.. إليك تفاصيل استهداف 4 ملايين مسيحي 

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/15 الساعة 12:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/15 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/الأناضول

في الوقت الذي شهد فيه التأييد العالمي لإسرائيل تراجعاً حاداً على الصعيدين الشعبي والرسمي بسبب حرب الإبادة الجماعية التي شنّتها في غزة، تسعى حكومة الاحتلال لتحسين صورتها أمام العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث كشفت تقارير عن حملة دعائية أطلقتها تل أبيب لاستقطاب دعم كنائس أمريكا.

وكشفت وثائق مسجّلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)، أن شركة أمريكية حديثة النشأة تُدعى "Show Faith by Works" تُشرف على حملة رقمية لصالح الحكومة الإسرائيلية بقيمة 3.2 مليون دولار، تستهدف الكنائس والجامعات المسيحية في غرب الولايات المتحدة بإعلاناتٍ مؤيدةٍ للاحتلال.

وتهدف الشركة إلى تعزيز "الصورة الإيجابية لإسرائيل، وربط الشعب الفلسطيني بالعناصر المتطرفة"، وفق تقرير لمجلة ريسپونسبل ستات كرافت.

والحملة الجديدة هي الأحدث في سلسلة من الحملات الدعائية المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة، وخاصة بعدما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسائل التواصل الاجتماعي بأنها "سلاح جديد" في المعركة الإعلامية، مشيراً إلى أن السيطرة أو التأثير على منصات مثل تيك توك وإكس تُشكّل تأثيراً كبيراً في تشكيل الرأي العام في أمريكا.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على تفاصيل أكثر تتعلق بالحملة الرقمية الإسرائيلية لاستهداف الرأي العام المسيحي في أمريكا، وحجم التأييد الذي تحظى به إسرائيل في أوساط المسيحيين الإنجيليين.

ماذا نعرف عن الحملة الإسرائيلية الرقمية الجديدة؟

  • ستنفذ شركة "Show Faith by Works" الحملة حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتشمل استهداف مرتادي الكنائس بإعلاناتٍ مؤيدةٍ للاحتلال "تحيط بالكنائس الكبرى جغرافياً"، وتوظيف المتحدثين الرسميين المشاهير، فضلاً عن تنظيم جولات ترويجية في الكنائس والجامعات باستخدام مقطورة متنقلة تحمل اسم "تجربة 10/7″، في إشارة إلى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وذلك نيابةً عن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
  • وبحسب إحدى الشرائح في الخطة المقترحة، أدرجت الشركة عدداً من "المتحدثين المسيحيين المشاهير" المحتملين باسم إسرائيل، ومن بينهم الممثلان جون فويت، وكريس برات، ولاعب كرة القدم الأمريكية السابق تيم تيبو، ولاعب كرة السلة ستيف كاري، وعدد من قساوسة الكنائس الكبرى، وفق تقارير.
  • ووفقاً للخطة المقترحة، سيُطلب من الرياضيين والمشاهير "تقديم رسائل مؤيدة لإسرائيل".
  • ورداً على سؤال عمّا إذا كان قد عُرض على الممثل جون فويت العمل كمتحدث باسم إسرائيل، أوضحت سيري غاربر، مديرة العلاقات العامة لغاربر، أنها لم تكن على علم بأي عرض من هذا القبيل.
  • وبشأن ما إذا كان فويت سينظر في مثل هذا العرض، أجابت غاربر: "لا فكرة لدي".
  • وقال تشاد شنيتغر، المسؤول عن عقد شركة "Show Faith by Works"، إنه لم يتم التواصل مع أيٍّ من المشاهير المذكورين في عرض الشرائح حتى الآن.
  • وأضاف: "كانت هذه وثيقة تخطيط أولية تتضمن خيارات متنوّعة نوقشت، ولكن لم يُحسم أي شيء منها".
  • كما اقترحت شركة شنيتغر إنشاء عرض متنقل يحمل اسم "تجربة 10/7" يجوب الكليات والكنائس والفعاليات المسيحية لتسليط الضوء على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسيتضمن العرض "شاشة تلفزيونية مثبتة على الحائط تُعرض عليها معلومات مؤيدة لإسرائيل".
  • وتهدف حملة الشركة إلى الوصول إلى حوالي 3.8 مليون من مرتادي الكنائس. وتُقدّر الشركة أن نسبة من سيوافقون على المشاركة في برامجها أو حضور فعالياتها أو توقيع بطاقات التعهد تتراوح بين 5% و10%.
  • وفي إطار هذه الحملة، ستطلق الشركة إعلانات موجهة مؤيدة لإسرائيل لمرتادي الكنائس، فيما وصفته بأنه سيكون "أكبر حملة رقمية مسيحية لتحديد المواقع الجغرافية على الإطلاق".
  • وتستخدم هذه الحملة تقنية التسويق المبني على الموقع الجغرافي لإرسال الإشعارات والإعلانات. على سبيل المثال، سيرى المستخدمون الذين فعّلوا خدمات الموقع على هواتفهم إعلانات لشركة معيّنة إذا كانوا بالقرب من متجرها.
  • وتعهّدت الشركة بـ"تحديد حدود جميع الكنائس الكبرى في كاليفورنيا، وأريزونا، ونيفادا، وكولورادو، وجميع الكليات المسيحية خلال أوقات العبادة".
  • وقالت الشركة إنها ستواصل تتبع الحضور واستهدافهم بالإعلانات نيابةً عن إسرائيل.

ما هو حجم التأييد الذي تحظى به إسرائيل في أوساط المسيحيين الإنجيليين؟

وتأتي هذه الحملة ضمن جهود "لمواجهة تدنّي تأييد المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين لإسرائيل"، و"مواجهة الرسائل الجديدة والمتطوّرة المؤيدة للفلسطينيين مع تحوّل السرد العالمي"، وفق مجلة ريسپونسبل ستات كرافت.

وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في يوليو/تموز الماضي أن 72% من البروتستانت الإنجيليين البيض لديهم نظرة إيجابية تجاه إسرائيل.

وأشارت بعض الاستطلاعات، بما في ذلك استطلاع أجرته مجموعة بارنا عام 2021 – أي قبل عامين من هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول – إلى تراجع دعم الإنجيليين الأصغر سناً، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، لإسرائيل من 75% إلى 34%.

جدعون ساعر
رئيس الوزراء الإسرائيلي بننيامين نتنياهو ووزير الخارجية جدعون ساعر/ هآرتس

من هي الشخصيات الإسرائيلية التي تشرف على الحملة؟

يُشرف على عمل الشركة إران شايوفيتش، رئيس ديوان وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي يقود "المشروع 545″، وهي حملة لتعزيز جهود إسرائيل في مجال الاتصال الاستراتيجي والدبلوماسية العامة.

وشايوفيتش هو أيضاً نقطة الاتصال مع براد بارسكال، مدير حملة ترامب السابق، الذي يقود جهود نشر مواقع إلكترونية ومحتوى رقمي جديد لتدريب نموذج ChatGPT لصالح إسرائيل.

وكشف عقد قانون فارا أن شركة "Show Faith by Works" ستنسّق عملها مع قنصلية إسرائيلية.

وبينما لم يُحدّد العقد القنصلية الإسرائيلية التي تعمل معها، تجري الشركة هذه الأنشطة في كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا وكولورادو، وهي ولايات تقع ضمن نطاق القنصلية الإسرائيلية في لوس أنجلوس.

وتتضمّن نقاط النقاش التي تطرحها الشركة مجموعتين من الرسائل، إحداهما بعنوان "مؤيدة لإسرائيل" والأخرى بعنوان "ضد الدولة الفلسطينية".

ما هي أبرز الانتقادات التي واجهتها الحملة؟ 

أثارت الحملة انتقادات واسعة بين القساوسة والناشطين في ولايات كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وكولورادو، الذين لم يكونوا على علم بهذه الحملة الدعائية، والذين أعربوا عن مخاوفهم من أساليب إسرائيل في استهداف المسيحيين.

وتواصلت مجلة ريسپونسبل ستات كرافت مع مئات الكنائس في كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وكولورادو، والتي أُدرجت كأهداف محتملة لحملة شركة "Show Faith by Works".

وقال المكتب الصحفي لكنيسة بيت إيل في ريدينغ، في كاليفورنيا: "لم نكن على علمٍ بذلك، لا، أنتم أول من لفت انتباهنا إلى ذلك".

وقالت المجلة إن تقنية التسويق المبني على الموقع الجغرافي لطالما كانت وسيلةً للشركات لجذب الجمهور باستخدام خدمات تحديد المواقع.

وتسمح هذه التقنية للشركات بتسويق منتجاتها باستخدام موقع الأجهزة المحمولة، من خلال إرسال رسائل نصية، أو إشعارات داخل التطبيق، أو إعلانات هاتفية عند دخول المستخدمين حدوداً جغرافية معيّنة.

ووصفَت ميغان إيوريو، المستشارة الأولى في قسم معلومات الخصوصية الإلكترونية، التقنية بأنها "كابوسٌ للخصوصية".

من يُسّلح إسرائيل
قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

وأوضحت إيوريو أن سماسرة البيانات يجمعون البيانات من تطبيقات مختلفة تستخدم خدمات الموقع، ثم يبيعونها لشركات التسويق.

وقالت: "إن شيوع هذه الممارسة، واستخدامها من قِبل الحكومات الأجنبية لحملات تأثير مُستهدفة ودقيقة، يُظهر مدى حاجتنا إلى التنظيم للقضاء عليها. إنها مُتطفلة للغاية ولها تداعيات على الأمن القومي".

وأعرب بعض أعضاء المجتمعات المُدرَجة كأهداف محتملة للحملة الإسرائيلية عن مخاوفهم بشأن استخدام إسرائيل لهذه التقنية التسويقية.

وأجرى ميكا، وهو مهندس ميكانيكي في ولاية كولورادو، اتصالات مع القساوسة والصحف المحلية لزيادة الوعي بأن سبع كنائس محلية مُدرَجة كأهداف لحملة تل أبيب.

وقال ميكا إن خطة الشركة لتوظيف عدد من القساوسة ممّن سيتلقّون منحاً مالية للترويج لإسرائيل "تخلق تضارباً في المصالح المالية، حيث يصبح القادة الدينيون معتمدين مالياً على رسائل الحكومات الأجنبية، مما يُعرّض استقلاليتهم ونزاهتهم للخطر".

وأعرب تيموثي فيلدمان، مهندس برمجيات في ولاية تكساس، عن استيائه من إدراج كنيسته كهدف محتمل للحملة الإسرائيلية.

وقال فيلدمان: "أشعر بالاشمئزاز من محاولة دولة فصل عنصري وإبادة جماعية تبييض فظائعها من خلال الترويج لشعب كنيسة المسيح المتحدة الميثودية الطيّب".

يُذكر أن بعض الولايات اتخذت إجراءات ضد تقنية التسويق المبني على الموقع الجغرافي. وفي يونيو/حزيران الماضي، أقرّت ولاية أوريغون قانوناً يحظر بيع معلومات تحديد المواقع الجغرافية الدقيقة، وذلك بعد قانون مماثل أقرّته ولاية ماريلاند العام الماضي.

تحميل المزيد