الضفة بعد عامين من حرب الإبادة في غزة.. قتل وتهجير واستيطان وضم

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/07 الساعة 14:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/07 الساعة 14:03 بتوقيت غرينتش
قام جيش الاحتلال بتخريب شوارع وأحياء بالضفة وسحق البنية التحتية في العديد من المناطق/ AA

بينما كانت آلة الحرب الإسرائيلية تواصل إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة على مرأى ومسمع العالم، شنت في الوقت نفسه حربًا موازية خطيرة وغير مسبوقة في الضفة الغربية المحتلة، اتخذت شكل القتل والاعتقال والتهجير والاستيطان الممنهج وهندسة الضم. 

وخلال عامين من حرب الإبادة، استغلت دولة الاحتلال الإسرائيلي انشغال العالم بمشاهد المجازر في غزة لتكثف عدوانها على مدن ومخيمات الضفة وهدمها وتدميرها، حيث تحاول إعادة رسم الجغرافيا بالقوة تحت غطاء "الأمن" و"فرض السيادة" بالقوة.

وتحولت الضفة إلى ساحة قمع مفتوحة، استشهد فيها أكثر من ألف فلسطيني واعتُقل الآلاف، فيما تمددت المستوطنات وتضاعفت الاعتداءات على القرى والمخيمات والتجمعات السكانية. حربٌ صامتة بلا صواريخ ولا أضواء إعلام، لكنها تسير بوتيرة لا تقل فتكًا، تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها وتثبيت واقع استيطاني دائم يكرس الضم الفعلي للضفة الغربية بمباركة أمريكية.

بالأرقام.. الضفة الغربية: الجبهة الثانية في حرب الإبادة الإسرائيلية

  • منذ بدء إبادتها الجماعية بقطاع غزة، صعّدت "إسرائيل" عدوانها على الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، واستثمرت الانشغال الدولي بحرب الإبادة لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية المدفوعة بخرافات دينية وتوراتية تقودها أحزاب الصهيونية الدينية التي تعد الحجر الأساسي في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة.
  • ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت نحو 70 ألف شهيد و170 ألف جريح معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينياً بينهم 154 طفلا، بالإضافة إلى اعتقال آلاف آخرين. فيما قتلت "إسرائيل" في الضفة الغربية 1048 فلسطينيا وأصابت 10 آلاف آخرين واعتقلت أكثر من 11 ألفاً شخص منذ بدء حرب الإبادة، وفق مكتب الاتصال الحكومي الفلسطيني.
  • ونفّذ الجيش الإسرائيلي ومستوطنون 38 ألفًا و359 اعتداء بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 أكتوبر 2023، بينها 7154 نفذها مستوطنون وفق أرقام كشفت عنها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية الرسمية. وتسببت هجمات المستوطنين بقتل 33 فلسطينيًا خلال عامين بدم بارد، وفق الهيئة.
  • وقال رئيس الهيئة مؤيد شعبان في مؤتمر صحفي الأحد، إن "دولة الاحتلال مارست منهجية استعمارية واضحة في استغلال ظروف الحرب (بغزة) من أجل إعادة هندسة الجغرافية الفلسطينية بتلوينات استعمارية تمييزية وفرضت بيئة قهرية طاردة في التجمعات البدوية ونفذت منهجية للعقوبة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".
  • ووفق معطيات الهيئة فإن "إسرائيل" نفذت عمليات مصادرة ممنهجة للأرض الفلسطينية طالت 55 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، منها 20 ألف دونم تحت مسمى تعديل حدود محميات طبيعية، و26 ألف دونم من خلال 14 إعلان أراضي دولة. فيما استولت على 1756 دونماً من خلال 108 أوامر لوضع اليد لأغراض عسكرية هدفت لإقامة أبراج عسكرية وطرق أمنية ومناطق عازلة حول المستعمرات.
  • وذكر شعبان، أن "إسرائيل" بدأت بعد 7 أكتوبر، بإنشاء مناطق عازلة حول المستوطنات بلغ عددها 25 منطقة. وأشعل المستوطنون 767 حريقاً وهجّروا 33 تجمعاً بدوياً يسكنها 455 عائلة تشمل 2853 فرداً من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى وتضررت 48 ألف و728 شجرة، وفق التقديرات الفلسطينية.
  • ولفت شعبان إلى أن المستوطنين بعد بدء الإبادة بغزة وبتوجيهات من المستوى الرسمي أقاموا 114 بؤرة استعمارية جديدة، بينما وصل عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة (بوابات، حواجز عسكرية أو ترابية) 916، منها أكثر من 243 بوابة حديدية أقيمت بعد 7 أكتوبر. كما نفذت سلطات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر عمليات هدم طالت 3679 منشأة، بينها 1288 منزلاً مأهولاً، و244 منزلاً غير مأهول، و962 منشأة زراعية وغيرها.

20 ألف فلسطيني اعتقلوا بالضفة خلال عامين من حرب الإبادة

  • بلغت حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر 2023، أكثر من 20 ألف فلسطيني بالضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، حسب توثيق لنادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي). وتظهر الأرقام أن بين المعتقلين 1600 طفل، ونحو 595 سيدة، بعضعن اعتُقلن من أراضي 48، إضافة لنساء من غزة اعتقلن خلال وجودهن بالضفة أو من داخل غزة. وكان من بين المعتقلين أيضا، 202 صحفي و360 طبيبا.
  • وفق نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، ينفذ الجيش الإسرائيلي خلال حملات الاعتقال "عمليات اقتحام وتنكيل واسعة، واعتداءات وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التحقيق الميداني، وتخريب وتدمير المنازل".
  • ومنذ 7 أكتوبر "استشهد في سجون الاحتلال، ما لا يقل عن 77 أسيراً ممن تم الكشف عن هوياتهم وأعلن عنهم فقط، إلى جانب العشرات الذين تعرضوا لعمليات إعدام ميداني" لم يكشف عن هوياتهم حتى اللحظة بحسب النادي.
  • ويبلغ إجمالي الأسرى والمعتقلين الباقين في سجون "إسرائيل" اليوم أكثر 11 ألفا و100، بينهم 3544 معتقلا إداريا، إضافة إلى 400 طفلا، و53 أسيرة معلوم هوياتهن، بينهن طفلتان. وقبل 7 أكتوبر 2023، كان إجمالي الأسرى في السجون الإسرائيلية أكثر من 5250، وعدد الأسيرات 40، والأطفال 180، والمعتقلين الإداريين نحو 1320.

الاستيطان يعيد رسم جغرافيا الضفة الغربية بالحديد والنار

  • خلال عامين من الإبادة، شرعت السلطات الإسرائيلية في توسيع خططها الاستيطانية لفصل الضفة الغربية عن القدس الشرقية وعزلها عن محيطها الفلسطيني. وضمن مخطط قديم يعرف بـ "E1″، قامت السلطات الإسرائيلية بالموافقة على بناء 3401 وحدة استيطانية قرب مستوطنة معاليه أدوميم، و3515 وحدة في المنطقة المجاورة.
  • ويقول الفلسطينيون إن "E1" من أخطر المشاريع الاستيطانية، ومن شأنه أن يقوض قيام الدولة الفلسطينية، عبر فصل جنوبي الضفة الغربية عن وسطها وشمالها، وعزل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني. ويأتي المشروع ضمن تصاعد الحديث عن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية (الضم).
  • وفي يوليو/ تموز الماضي، أيد الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالأغلبية إعلانا يدعم ضم الضفة، وسط دعوات من وزراء "الليكود" ورئيس الكنيست أمير أوحانا، إلى تنفيذ الضم "فورا".

تدمير المخيمات في الضفة بشكل ممنهج

  • ومنذ بداية الحرب، يواصل جيش الاحتلال عدوانا عسكريا على مخيمات الضفة وخصيصاً شمالها، بدأه بمدينة جنين ومخيمها، ثم توسع لاحقا إلى مخيمي طولكرم ونور شمس. وهجّرت "إسرائيل" خلال هذا العدوان المستمر، أكثر من 50 ألف فلسطيني من مخيمات شمالي الضفة الغربية، وفق مركز الاتصال الحكومي الفلسطيني.
  • وحاز مخيم جنين على نصيب واسع من التدمير، إذ يواصل الجيش تدمير البنى التحتية في المخيم وشق الشوارع على حساب منازل الفلسطينيين ومنع النازحين من العودة إلى ما تبقى منها، وفق اللجنة الإعلامية للمخيم. وذكرت اللجنة أن العدوان الإسرائيلي بالمخيم أدى إلى استشهاد 58 فلسطينيا.
  • كما أدى إلى نزوح قسري متواصل لـ 25 ألف مواطن من المخيم ومحيطه، واعتقال 250 فلسطينيا، وتغيير معالم المخيم عبر فتح وتوسيع الشوارع وهدم الأحياء. وهدم الجيش أكثر من 650 بناية تضم مئات الوحدات السكنية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في البنية التحتية، وتدمير نحو 70 بالمئة من مخيم جنين، ونشوء واقع جغرافي جديد.

التهجير الناعم في الأغوار

  • وخلال عامين من الحرب، حذرت منظمات حقوقية فلسطينية، من "تهجير ناعم وتطهير صامت" تنتهجه "إسرائيل" في الضفة الغربية ضد التجمعات البدوية بالأغوار الشمالية، وطالبت بحماية دولية للمدنيين بالمنطقة. وقالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، في بيان، إن منطقة الأغوار "تشهد تصعيداً خطيراً ضمن سلسلة الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين بحق الفلسطينيين".
  • تقول المنظمة، أن ما تتعرض له التجمعات البدوية في الأغوار يعد "تهجيراً ناعماً وتطهيراً صامتاً" للفلسطينيين بالمنطقة. وأضافت أن اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال "ليست أحداثاً عشوائية، بل جزءاً من سياسة إسرائيلية منهجية تهدف إلى تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين في الأغوار".
  • وتمتد منطقة الأغوار من منطقتي بيسان حتى صفد شمالاً ومن عين الجدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً. وتشكل الأغوار نحو 30% من الضفة، بمساحة إجمالية 720 ألف دونم وتتبع إدارياً ثلاث محافظات: طوباس ونابلس شمالي الضفة وأريحا وسطها، ويقطنها نحو 70 ألف نسمة، وفق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي).
  • وتعد الأغوار من أهم المناطق الزراعية والرعوية في الضفة الغربية، وتشكّل مصدر رزق أساسي لمئات العائلات التي تعتمد على تربية الأغنام والزراعة كمصدر عيش. ويصل عدد التجمعات البدوية في الضفة يصل إلى 212، تم تهجير 64 منها، ويصل تعداد أفرادها المهجرين إلى أكثر من 10 آلاف إنسان.

البوابات والحواجز الأمنية تقطّع أوصال الضفة

  • خلال عامين من الحرب، واصل الاحتلال الإسرائيلي تشديد حصاره على مخارج جميع المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطّع أوصالها بالحواجز الأمنية التي تضاعفت مرات ومرات خلال عامين، وقد تحولت خارطة الضفة إلى مزيج من البوابات الحديدية والكتل الخرسانية، وأكوام ترابية عالية، ويأتي ذلك في إطار تضييق الخناق على الفلسطينيين في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الإسرائيلية إلى ضم المنطقة.
  • وتشكّل مساحة الضفة الغربية نحو 21% من مساحة فلسطين التاريخية، وتشمل 11 محافظة، وهي: الخليل، ورام الله والبيرة، وبيت لحم، ونابلس، وأريحا، وجنين، وطوباس، والقدس، وطولكرم، وسلفيت، وقلقيلية. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شدد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على مخارج القرى الفلسطينية في الضفة، ما أدى في بعضها إلى إغلاق مخارجها المؤدية إلى الطرق التي تربطها بالتجمعات المجاورة.
  • وتذرّع الاحتلال بحصاره للمناطق في الضفة الغربية بمخاوفه من العنف الفلسطيني، ورغم ذلك فقد مرت أشهر أصبحت فيها البوابات الحديدية والحواجز أمراً واقعاً يخدم الخطط الإسرائيلية الهادفة إلى القضاء على الوجود الفلسطيني هناك.
  • وقبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بلغت العوائق الإسرائيلية 645 عائقاً ما بين حواجز دائمة ومتحركة وإسمنتية وبوابات. وبحسب "أوتشا"، فإن الحواجز الدائمة التي وضعها الاحتلال منذ الانتفاضة الثانية بلغت 77 حاجزاً، و191 حاجزاً متحركاً، و304 إسمنتية، و73 بوابة حديدية، حتى 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
  • وبعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بلغ عدد الحواجز الثابتة والطيّارة والبوابات الحديدية والسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية في الضفة الغربية، قرابة 909 حواجز إسرائيلية، بما فيها القدس المحتلة، منها 82 حاجزاً وبوابة جديدة نُصبت منذ بداية عام 2025، وقرابة 150 بوابة حديدية نُصبت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
  • وخلال الأسبوعين الأولين من سبتمبر/ أيلول 2025، قام الاحتلال الإسرائيلي بتركيب ما لا يقل عن 27 حاجزاً وبوابة حديدية، معظمها عند مداخل البلدات والقرى. وقد ساهمت هذه الحواجز والبوابات في تقييد حركة النقل للفلسطينيين، والوصول إلى سبل العيش والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية، كما ترسخ التفتت الإقليمي والاجتماعي. كما أنها تساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية، بما في ذلك تعطيل الوصول إلى الطرق الرئيسية بين المدن، بحسب "أوتشا".
  • ووفقاً للخرائط، فإن البوابات الحديدية منتشرة في أرجاء الضفة الغربية، ولا سيما الطرقات المؤدية إلى المناطق "أ" الخاضعة للسلطة الفلسطينية. وعلى سبيل المثال، فإن الاحتلال الإسرائيلي قام بوضع حواجز وبوابات حديدية على الطريق 60، والذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها. وتقوم قوات الاحتلال خلال الفترة الأخيرة باستبدال السواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية بالبوابات العسكرية، وذلك من أجل بقاء الواقع الحالي من الإغلاقات والحصار لفترة طويلة الأمد.
تحميل المزيد