صرح نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، الأسبوع الماضي بأن واشنطن تدرس طلبًا أوكرانيًا للحصول على صواريخ توماهوك بعيدة المدى، وهي صواريخ قادرة على إحداث فوضى في عمق روسيا، بما في ذلك موسكو. كما ذكرت رويترز أن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية عن أهداف البنية التحتية للطاقة بعيدة المدى في روسيا.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية لم تُسمّهم أن الرئيس ترامب وقّع على هذه السياسة، ربما تمهيدًا لإرسال صواريخ كروز (توماهوك) بعيدة المدى إلى أوكرانيا. فماذا سيحصل لو امتلكت أوكرانيا هذه الصواريخ؟
صواريخ توماهوك.. هل تتغير السياسة الأمريكية تجاه الحرب الروسية – الأوكرانية؟
- منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية٬ اعتمدت الهجمات الأوكرانية ضد البنية التحتية للطاقة الروسية حتى الآن بشكل أساسي على الصواريخ والطائرات المسيرة قصيرة المدى، مع بعض الضربات بعيدة المدى مؤخرًا. مع ذلك، أشار نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس إلى أن إدارة ترامب تدرس طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحصول على صواريخ توماهوك أمريكية بعيدة المدى.
- يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الأمريكي ويليام لوسون في مقال له بمجلة National Interest الأمريكية٬ إنه سبق لترامب أن عارض النقل المباشر للأسلحة بعيدة المدى، بما فيها صواريخ توماهوك، مما دفع زيلينسكي إلى اقتراح تمرير الصواريخ عبر دولة أوروبية تكون المورد المباشر.
- نائب الرئيس الأمريكي دي فانس صرح بأن "هناك خيارات متعددة قيد الدراسة، بما في ذلك دراسة عدد من الطلبات من الأوروبيين". ولم يتضح بعد ما إذا كان الأوروبيون على استعداد لنقل صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا، لكن يبدو أن المضمون واضح٬ وقال دي فانس إن "ترامب سيتخذ القرار النهائي بنفسه".
- يقول لوسون٬ إن صواريخ توماهوك الأمريكية لم تُشارك تاريخيًا مع الدول الأخرى بإسراف٬ بمعنى لم تُصبح اليابان إلا رابع دولة حليفة تُشغّل صواريخ توماهوك إلا منذ فترة قريبة، لتنضم إلى المملكة المتحدة وأستراليا وهولندا. وحتى في ذلك الحين، لا تنشر هذه الدول سوى نسخ تُطلق من السفن أو الغواصات.
- وفي يوليو/تموز 2024 أعلن عن البيت الأبيض والحكومة الألمانية، عن معاودة نشر أنظمة تسليح تقليدية مثل صواريخ توماهوك في ألمانيا٬ على هامش قمة الناتو، يصل مداها إلى عمق الأراضي الروسية، حيث يبلغ مدى صواريخ توماهوك وكروز الأمريكية 'إلى أكثر من 2500 كيلو متر، بينما تبعد موسكو عن برلين 1600 كيلو متر. وكانت تلك هي المرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة واشنطن والمعسكر الشرقي بقيادة موسكو التي تقدم فيها أمريكا على هذه الخطوة، وهو ما أثار رد فعل غاضب من جانب روسيا.
- ووافق ترامب على تبادل معلومات استخباراتية مع أوكرانيا، لكنها ستقتصر على المعلومات المتعلقة بالبنية التحتية الروسية للطاقة بحسب "وول ستريت جورنال". وستأتي هذه المعلومات من وكالات الاستخبارات الأمريكية والبنتاغون. وتشير التقارير إلى أن الإدارة الأمريكية تحث دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) على اتباع النهج نفسه. لا يشير تبادل المعلومات الاستخبارية مع كييف، في حد ذاته، إلى صفقة بشأن صواريخ توماهوك، ولكن لا يمكن إغفال تزامن التوقيت.
- يأتي هذا التطور في الوقت الذي تناقش فيه الوفود الأمريكية والأوكرانية "صفقة طائرات بدون طيار" مدتها خمس سنوات، تشتري بموجبها الولايات المتحدة طائرات أوكرانية بدون طيار ميدانية وتدمج أنظمتها في الجيش الأمريكي. وقد أثار توقيت هذه الصفقة تكهنات بأن تبادل المعلومات الاستخباراتية، وربما صواريخ توماهوك نفسها، قد يكون شكلاً من أشكال الدفع مقابل هذه الأنظمة.

ماذا سيعني امتلاك أوكرانيا صواريخ توماهوك بالنسبة لروسيا؟
- بحسب مجلة "نيوزويك"٬ من الطبيعي أن تعتبر موسكو، والجميع، تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك برية، التي لا تربطها بالولايات المتحدة أي تحالف رسمي، تصعيدًا خطيرًا٬ وأصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيانًا أكد فيه أن روسيا سترد "بشكل مناسب" إذا أرسلت الولايات المتحدة صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا.
- ليس واضحًا ما طبيعة ما يعتبره بوتين "ردًا مناسبًا"، لكن تصعيد نشاط الطائرات الروسية المسيرة مؤخرًا فوق بولندا وألمانيا والدنمارك قد يُقدم بعض المؤشرات على نوايا روسيا. وقد وصف الكرملين دعم الناتو العلني لأوكرانيا بأنه "في حالة حرب" مع روسيا. بدورها، تتهم دول الناتو روسيا بشن "حرب هجينة" ضد أعضائها، مما أدى إلى رفع حالة التأهب وزيادة الدوريات الجوية. وقد أسقطت طائرات الناتو ثلاث طائرات روسية مسيّرة على الأقل في المجال الجوي البولندي في الأسابيع الأخيرة.
- واستعرض ضابط روسي متقاعد الكيفية التي يمكن أن تغيّر بها صواريخ توماهوك الأميركية موازين القوى على الأرض إذا تم تسليمها إلى أوكرانيا، وما الردود المتوقعة من روسيا في مواجهة تحركات الغرب. وقال العميد المتقاعد في قوات الدفاع الجوية الروسية ميخائيل خودارينوك في تقرير له نشرته صحيفة "غازيتا" الروسية إن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي بشأن أوكرانيا، كيث كيلوغ، صرح بأن دونالد ترامب منح أوكرانيا الإذن باستخدام أسلحة بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل العمق الروسي، مؤكّدا أنه "لا توجد أماكن محصّنة في روسيا".
- ويرى خودارينوك أن مجمل تصريحات الأمريكيين في هذا الشأن ما زالت تتسم بالغموض والتناقض، ولا تحمل أي وضوح حاسم. لكن الاستخدام القتالي لصواريخ "توماهوك" يتطلب توافر معلومات استخباراتية عالية الدقة، وهو ما لا تستطيع توفيره سوى الولايات المتحدة. كما أن إعداد برامج الطيران الخاصة بهذه الصواريخ مهمة لا يمكن تنفيذها إلا من قبل متخصصين أميركيين. لذلك٬ يستبعد الكاتب نقل واشنطن تقنيات التشغيل للقوات الأوكرانية خشية تسرب أسرار تكنولوجية حساسة.
- في السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن النقطة الجوهرية في مسألة تسليم صواريخ "توماهوك" تكمن في معرفة من سيشغلها ويحدد أهدافها. وقال بيسكوف: "السؤال كما كان دائما: من يمكنه إطلاق هذه الصواريخ إذا وصلت إلى أراضي النظام في كييف؟ هل سيقوم بذلك الأوكرانيون وحدهم، أم أن العسكريين الأميركيين سيشاركون في عملية الإطلاق؟ ومن الذي يحدد الأهداف؟ الجانب الأميركي أم الأوكرانيون؟".
- ويرى الخبير الأمريكي ويليام لوسون٬ أن صواريخ توماهوك الأوكرانية قد تصل إلى قلب موسكو وغيرها من المراكز السكانية الروسية، مما يثير قلق القادة الروس ووسائل الإعلام. وبدأت المدن في جميع أنحاء روسيا بإجراء تدريبات على الغارات الجوية، والتي شارك فيها معلقون عسكريون روس. كما تساءل المسؤولون الروس عن الجهة التي قد تسيطر على صواريخ توماهوك الأوكرانية. "هل ستمارس أوكرانيا صلاحيات الاستهداف الكاملة، أم ستضطر واشنطن إلى الموافقة، وربما تملك حق النقض"؟
- وسيزيد مدى صواريخ توماهوك الذي يبلغ 2500 كيلومتر ووزن رأسها الحربي أكثر من 450 كيلوغراماً٬ سيزيدان من قدرات كييف بشكل كبير. وبحسب تقارير غربية٬ بدأت أوكرانيا مؤخرًا باستخدام طائرات مسيرة بعيدة المدى مُصنّعة محليًا وصواريخ كروز نبتون أرضية لضرب أهداف روسية، لكن صواريخ توماهوك الأسرع والأكثر دقة ستعزز هذه القدرة.
- وبحسب ويليام لوسون٬ ستُشكل صواريخ توماهوك تهديدًا أكبر بكثير لصناعتي النفط والغاز الروسية، وذلك بتوسيع قائمة الأهداف المحتملة وإلحاق أضرار أكبر، مما قد يؤثر على قدرة موسكو على مواصلة الحرب على عدة مستويات. كما ستُسبب هذه الصواريخ مشاكل حقيقية لمنظومة الدفاع الجوي الروسية المُرهَقة أصلًا، وذلك بإجبارها على زيادة توزيع الموارد الدفاعية. وسيكون هذا الضغط الإضافي دافعًا واضحًا لترامب، الذي أُحبطت جهوده لإنهاء الحرب حتى الآن.
ما مواصفات صواريخ توماهوك الأمريكية؟
- يعد صاروخ توماهوك Tomahawk من أشهر الصواريخ التي استخدمها الجيش الأمريكي على نطاق واسع في حروبه خلال العقود الأخيرة، وهو عبارة عن صاروخ كروز بعيد المدى، يعمل في جميع الأحوال الجوية، بالطاقة النفاثة، ويستخدم بشكل أساسي من قِبل البحرية الأمريكية والبحرية الملكية البريطانية، في عمليات الهجوم البري بالسفن والغواصات.
- وترجع تسمية هذا الصاروخ إلى اسم "فأس" كان يستخدمه سكان أمريكا الأصليون. وبموجب عقد من البحرية الأمريكية تم تصميم أول نسخة من صواريخ توماهوك بواسطة شركة General Dynamics في سبعينيات القرن الماضي، وذلك بهدف صنع صاروخ متوسط إلى طويل المدى ومنخفض الارتفاع يمكن إطلاقه من منصة حربية بحرية، ويتميز بتصميم معياري يستوعب مجموعة متنوعة من الرؤوس الحربية وإمكانيات التوجيه والمدى.
- خلال التسعينيات، كانت شركة McDonnell Douglas Corporation الأمريكية هي المورد الوحيد لصواريخ توماهوك، وأنتجت نسخاً من صواريخ Block II وBlock III وBlock III وBlock IV.
وهذه أبرز مواصفات وخصائص صواريخ توماهوك:
1- يمكن استخدام صاروخ توماهوك في كل الأجواء، ويمكن إطلاقه من السفن والغواصات التابعة للبحرية الأمريكية لتنفيذ هجمات أرضية.
2- يعتبر توماهوك صاروخ هجوم، يستطيع التحليق على ارتفاعات منخفضة، ويمكنه تغيير مساره أثناء التحليق بسرعة لضرب الأهداف المتحركة.
3- تم تطوير صاروخ توماهوك ليعمل ضمن شبكة معلومات مركزية تُمكّنه من استقبال وإرسال البيانات إلى منصات مختلفة عقب الإطلاق بصورة تساعده على تحديد أهدافه بدقة.
4- تبلغ دقته حوالي 5 أمتار، ويتم توجيهه عبر نظام الملاحة GPS. وقد يبلغ مداه 2500 كيلومتر، ويمكنه السفر بسرعة 885 كم في الساعة، ويتجاوز سعر الصاروخ الواحد من التوماهوك 570 مليون دولار أمريكي.
5- يتم تخزين الصاروخ ونقله في عبوات مضغوطة تُستخدم كأنابيب إطلاق من على متن السفن الحربية الأمريكية.