“سنهاجم ونفتك”.. ماذا يريد ترامب من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/07 الساعة 15:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/07 الساعة 15:07 بتوقيت غرينتش
ترامب يوقع على الأمر التنفيذي الذي ينصر على تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب الأمريكية - رويترز

في قرار مفاجئ أثار انتباه الإعلام العالمي٬ وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم السبت 6 سبتمبر/أيلول 2025 أمرًا تنفيذيًا يُوجّه وزارة الدفاع الأمريكية بتغيير اسمها إلى "وزارة الحرب". حيث تُعيد هذه الخطوة اسماً كانت تحمله الوزارة آخر مرة في أربعينيات القرن الماضي، ووفقاً لنص القرار الذي وقع عليه ترامب٬ فإن الهدف من هذا الأمر هو "إظهار القوة والعزيمة الأمريكية".

لم يُعلن البيت الأبيض بعد عن تكلفة إعادة تسمية الوزارة، لكن وسائل الإعلام تتوقع أن تصل تكلفة إعادة تصميم مئات الوكالات والشعارات وعناوين البريد الإلكتروني والزي الرسمي إلى مليار دولار. وستستخدم الوزارة الاسم الجديد في البداية "كلقب ثانوي" بينما تسعى الإدارة للحصول على موافقة الكونغرس لجعل هذا التغيير دائماً.

ورغم أن خطة تغيير اسم الوزارة كانت متوقعة منذ فترة طويلة كما تقول وسائل إعلام أمريكية، فإنها تأتي في أعقاب كشف الصين عن مجموعة من الأسلحة الجديدة والطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات العسكرية في عرض عسكري ضخم فسره كثيرون على أنه رسالة تحد واضحة للولايات المتحدة وحلفائها.

"وزارة الحرب" الأمريكية بدلاً من "الدفاع".. ماذا وراء قرار ترامب المثير للجدل؟

1- تأسست "وزارة الحرب" الأمريكية على يد أول رئيس للولايات المتحدة جورج واشنطن، إلا أن اسمها تغيّر بعد الحرب العالمية الثانية. وتُشرف وزارة الدفاع الأمريكية (DoD) على القوات المسلحة الأمريكية٬ التي أصبحت خليفة وزارة الحرب، التي تأسست على مستوى وزاري عام 1789 واستمرت حتى عام 1947 مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وطرح ترامب مرارًا فكرة تغيير الاسم، مجادلًا بأن للولايات المتحدة "تاريخًا لا يُصدق من الانتصارات" في الحربين العالميتين تحت الاسم السابق.

2- ينص الأمر التنفيذي الذي وقع عليه ترامب على أن "اسم 'وزارة الحرب' يُعبّر عن استعداد وعزيمة أقوى مقارنةً باسم 'وزارة الدفاع'، الذي يُركّز فقط على القدرات الدفاعية". وقال ترامب في المكتب البيضاوي يوم الجمعة: "أعتقد أنه اسم أنسب بكثير، في ضوء الوضع الراهن في العالم"، مضيفًا أنه "يُرسل رسالة نصر". وأضاف نص القرار: "يُعدّ الجيش الأمريكي أقوى وأشدّ القوات القتالية فتكًا في العالم، ويرى الرئيس أن لهذه الوزارة اسمًا يعكس قوتها واستعدادها الفائقين لحماية المصالح الوطنية".

3- تزامنت هذه المبادرة مع حملة شاملة يقودها ترامب لإعادة تشكيل الصورة الذهنية للجيش الأمريكي، عبر التشديد على دور "القوة العسكرية" بدلًا من الاستراتيجية الدفاعية التقليدية. خلال حفل التوقيع٬ سعى ترامب وهيغسيث إلى إعادة تركيز الوزارة على "القتال" و"روح المحارب". وجادلا بأن البنتاغون أصبح مُركزًا بشكل مفرط على برامج التنوع والمساواة والشمول و"أيديولوجية اليقظة". 

4- اعتبر مؤيدو ترامب "صريحًا وقويًا"، في حين وصفه المنتقدون بأنه "سخيف"، ويمثل تراجعًا عن القيم الأميركية المعاصرة. وقال السيناتور الديمقراطي آندي كيم من نيوجيرسي إن إعادة التسمية فكرة طفولية، مضيفًا: "الأمريكيون يريدون منع الحروب، لا الترويج لها". 

وأصر الرئيس الجمهوري على أن تصريحاته وقراراته هذه لا تتعارض مع حرصه على الاعتراف بجهوده الدبلوماسية، لكنه قال "إن السلام يجب أن يُصنع من موقع قوة". وادّعى ترامب الفضل لنفسه في حل النزاعات بين الهند وباكستان، ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأرمينيا وأذربيجان، من بين دول أخرى.  وقلل ترامب من أهمية الاقتراحات المتعلقة بالسعي للحصول على جائزة نوبل للسلام. وقال لشبكة سي بي إس نيوز: "كل ما يمكنني فعله هو إخماد الحروب. لا أسعى لجذب الانتباه. أريد فقط إنقاذ الأرواح"٬ على حد تعبيره.

5- يرى مراقبون أن الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب يحمل بعدًا رمزيًا متجاوزًا للواقع القانوني؛ لأنه ينطوي على تجاوز لسلطة الكونغرس التي هي وحدها المخولة قانونيًا بتعديل الاسم الرسمي للقسم الفيدرالي. حيث قد تسهم هذه الخطوة في ترسيخ ولاء القاعدة الانتخابية الترامبية المتعطشة لرموز القوة والهوية القومية‫،‬ وتلعب على وتيرة الخطاب القومي والعسكري.

6- من جهته٬ يقول وزير الدفاع بيت هيجسيث الذي سيُعيّن "وزيراً للحرب"٬ إن "هذا التغيير في الاسم لا يقتصر على إعادة التسمية فحسب، بل يشمل أيضًا استعادة ما كان عليه"، مضيفًا أن "الكلمات هنا مهمة"٬ وقال هيجسيث: "سنُهاجم، لن يقتصر الأمر على الدفاع٬ سنستخدم أقصى درجات الفتك. سنُمارس العنف، لا الصواب السياسي والقانونية الفاترة". وأضاف: "سنُنشئ محاربين، لا مُدافعين فحسب"٬ على حد تعبيره.

وعلى الفور٬ تم وضع لافتة جديدة على باب مكتب الوزير الأمريكي كتب عليها: "بيت هيغزيث، وزير الحرب". كما تغير موقع البنتاغون الإلكتروني إلى war.gov مع عنوان رئيسي في الصفحة الأولى هو "وزارة الحرب الأمريكية".

7- يجادل البعض بأن رسالة إدارة ترامب للعالم: "السلام عبر القوة"٬ ويرى البيت الأبيض أن استخدام اسم أكثر حدة مثل "وزارة الحرب" يعكس قدرة الولايات المتحدة على الهيمنة وفرض مصالحها، ويبعث برسالة واضحة للخصوم المحتملين بأن أمريكا مستعدة لخوض الحرب إذا لزم الأمر في أي لحظة كانت ولن تكتفي بالدفاع. ويعتبر البعض أن هذا الأمر لا يقتصر على تغيير شكلي، بل يعكس توجهاً أعمق، وقد يشير إلى انتقال الولايات المتحدة من موقف الدفاع إلى استراتيجية "هجومية".

8- ينتقد ترامب مصطلح "Defense" واصفًا إياه بأنه "ضعيف" وأقل جرأة وهذا لا عبر عن روح أمريكا في اللحظة الراهنة؛ إذ يرى أنه يعطي انطباعاً بأن الجيش محصور في الدفاع فقط، بينما يريد التأكيد على الطابع الهجومي والاستباقي التفوقي الأمريكي. وقد تم اختيار اسم "وزارة الدفاع" للإشارة إلى أن الولايات المتحدة في العصر النووي تركز على منع الحروب، وفقا للمؤرخين.

9- يرى خبراء أن توقيت التوقيت ملفت٬ حيث يأتي في أعقاب استعراض الصين العسكري في 3 سبتمبر/أيلول بحضور الرئيس الصيني ونظيريه الروسي والكوري الشمالي "ضد الهيمنة الأمريكية".  واعتبروا أن التوقيت يظهر استعداد واشنطن للرد على أي تهديد. ويشير البعض إلى وجود انتقادات أمريكية داخلية مفادها أن الصين نجحت في استعراضها العسكري الأخير، وأن أمريكا فشلت في استعراضات القوة، وكان آخرها في ألاسكا، خلال لقاء ترامب بالرئيس الروسي بوتين، حيث لم يعط اللقاء انطباعاً بالقوة بل أظهر أن الولايات المتحدة دولة مرتبكة.

تحميل المزيد